عرض مشاركة واحدة
قديم 24-01-08, 01:15 PM   #6
أم معان
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 10-11-2006
الدولة: أحسن الله مجاورتي للنبي عليه الصلاة والسلام
المشاركات: 112
أم معان is on a distinguished road
c5 تابع الفوائد من شرح الواسطية


( وهو الإيمان بالله ... ) إلى قوله : ( بل يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )

الفوائد من شرح الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله وبارك فيه وعليه :
17- بيان غلط من غلط في معنى أهل السنة والجماعة فأدخل في أهل السنة والجماعة الفرق ، بعض الضالة كالأشاعرة والماتريدية .
ومن أمثال من غلط من المتقدمين السَفَّاريني في شرحه (لوامع الأنوار البهية) فقال أهل السنة والجماعة ثلاث فرق :
o الأولى الأثرية أتباع الأثر .
o والثانية الأشعرية أتباع أبي الحسن الأشعري .
o والثالثة الماتريدية أتباع أبي منصور الماتريدي .
وإذا كان كذلك فإنه على هذا الكلام إن الأشعرية والماتريدية وأهل الأثر هم جميعاُ من الجماعة .
وهذا باطل لأن أهل الأثر هم الذين تمسكوا بما كانت عليه الجماعة وأما الأشاعرة والماتريدية فإنهم يقولون قولتهم المشهورة يقولون كلام السلف أسلم ولكن كلام الخلف أعلم وأحكم .
وهذا لا شك أنه فيه افتراق وفرقة وخلافٌ واختلاف عما كانت عليه الجماعة قبل أن يَذِرَ نجم الابتداع في هذه الأمة.
فإذن هذا الكلام من الكلام الذي هو غلط على أهل السنة والجماعة ولم يقل به أحد أئمة أهل السنة الذين يفهمون كلام أهل السنة وكلام المخالفين .

18- الإيمان في الشرع هو القول باللسان ـ يعني بشهادة التوحيد ـ والاعتقاد بالجنان ـ الاعتقاد المفصل الذي سيأتي هنا ـ والعمل بالجوارح والأركان .
فهذا هو معنى الإيمان في النصوص وهو المراد بالايمان عند أهل السنة والجماعة
الإيمان في الشرع هو القول باللسان ـ يعني بشهادة التوحيد ـ والاعتقاد بالجنان ـ الاعتقاد المفصل الذي سيأتي هنا ـ والعمل بالجوارح والأركان .
فهذا هو معنى الإيمان في النصوص وهو المراد بالايمان عند أهل السنة والجماعة
- فالإيمان قول وعمل
قول القلب وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح والأركان ، هذه أربعة أشياء تحتاج إلى تفصيلها .
1- قول القلب هو اعتقاده ، لا بد من أن يكون ثَمَّ قول وهو اعتقاد القلب :
اعتقادات القلب هي أقواله لأنه يحدث بها نفسه قلبا فهو يقولها بقلبه ، فأقوال القلب هي الاعتقادات وهي التي ستأتي مفصلة في هذا الكتاب .
2- قول اللسان بالشهادة لله بالتوحيد ، بقوله لا إله إلا الله محمد رسول الله .
3- ثم عمل القلب ،عمل القلب أوله نيته وإخلاصه ، أنواع أعمال القلوب من التوكل والرجاء والرغب والرهبة والخوف والمحبة والإنابة والخشية ونحو ذلك من أنواع أعمال القلوب .
4- عمل الجوارح بأنواع الأعمال مثل الصلاة والزكاة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك من الأعمال .

19- أما التحريف :
فأصله في اللغة من الانحراف بالشيء عن وجهه وهو صرفه عن وجهه ومعناه إلى غيره .
وهذا تحريف بمعنى التغيير والتبديل ، فإذن يكون معنى التحريف التغيير والتبديل ، حرف أي غير وبدل ، قال جل وعلا عن اليهود ﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾ .
قال المفسرون إن معني قوله ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾ يعني يحرفون ما أُنزِل عليهم عن معانيه اللائقة به ، بل يخترعون له معاني من عندهم ، وسمى الله جل وعلا والتحريف في نصوص الصفات معناه أن تُغَّير و تُبَدّل ألفاظها أو معانيها عن ظواهرها ، فإذا صُرِف ظاهر النص عن معناه اللائق به فإن هذا سواء أكان في اللفظ أو في المعنى فإن هذا تحريف ، لأنه تغيير وتبديل .
هذا منهم تحريفا

20- الأخذ بالمجاز في نصوص الصفات باطل ومن أصول أهل الضلال في الصفات ، أما في غير الصفات يعني في اللغة من غير دخوله في الصفات فهو خلاف أدبي مع أن الصحيح عند المحققين أنه لا مجاز أصلا .

21- الجهمية يحرفون من جهة ، أولا الأسماء الحسنى والصفات العلا :
هم يقولون بها في القرآن لكن يجعلون تفسيرها بمخلوقات منفصلة ، فصفة الله عند الجهمية هي الوجود المطلق فقط ،غيره من الأسماء الحسنى السميع البصير الحي القيوم العليم الحكيم يفسرها الجهمية بمخلوقات منفصلة .
يعني السميع هو من يُسْمَع ، البصير هو من يُبْصَر ، المتكلم هو من يَتكلَم ، يعني مخلوقات الله جل وعلا المنفصلة ، العزيز هو من أعِزّ أو من عَز ، القيوم هو من أقيم أو من قام بأموره وهكذا فيجعلون هذه الأسماء تعلقت بالخلق من آثار صفة الله عندهم الوجود .

22- المعتزلة حرفوا ، حرفوا الغيبيات جميعا في الصفات والأسماء ، في الأمور الغيبية عذاب القبر في الميزان الحوض الصراط ونحو ذلك جميع الأمور الغيبية صرفوها حرفوها عن معانيها ، وهكذا .
يدخل فيه أيضا الأشاعرة فإنهم يحرفون .

23- هل كل تحريف يعد كفرا ؟
الجواب ليس كل تحريف يُعَد كفرا ، فإن أهل السنة لم يكفروا الذين فسروا استوى باستولى
فإن كان التحريف في جميع الصفات كفعل الجهمية فإن هذا يعد كفرا .
و الجهمية عندهم كفار لأنهم حرفوا ونفوا صفات الله جل وعلا .
إن كان التحريف في بعض الصفات رؤي ما هذه الصفة ؟
فإن كانت الدلالة عليها ظاهرة ولا يحتملها وجه ، يعني ليس للتأويل فيها مدخل هنا يُكفّر به كتكفير من نفى رؤية الله جل وعلا ، وتكفير من جعل كلام الله جل وعلا مخلوقا .
وأما غيره مما قد يكون لقائله عذر في تأويله فإنه لا يقال بكفره ولهذا أهل السنة والجماعة لم يكفروا الأشاعرة والماتريدية والكُلابية والسالمية والكرامية وأشباه هؤلاء .

24- وَلاَ تَعْطِيلٍ
الإخلاء هذا هو التعطيل ومعنى قوله الله جل وعلا ﴿وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ﴾ أي خالية من الماء لأنه لم يستفد منها أو لم تحفر ويعتنى بها لإخراج الماء .
تعطيل النصوص ، تعطيل الصفات تعطيل الله جل وعلا عن صفاته هذه بمعنى إخلاء الله جل وعلا عن الوصف عن أوصافه .
يعني نفي الصفات وجعل الله جل وعلا ليس متصفا بالصفات .
والتعطيل عند العلماء أقسام أشهرها ثلاثة والأول بحثه في توحيد الربوبية ، والثاني بحثه في توحيد الأسماء والصفات والثالث بحثه في توحيد الألوهية .
فإذن التعطيل دخل فيه أنواع التوحيد :
فإذا كان تعطيلا للمخلوق عن الخالق صار ذلك نفيا لتوحيد الربوبية
إذا كان تعطيلا للخالق ، لله عن أوصافه صار تعطيلا ونفيا للأسماء والصفات
إذا كان تعطيل للخالق عما يستحقه من عبادته وحده دون ما سواه صار تعطيلا في الألوهية .
هنا المقصود الثاني ، إذن المقصود بالتعطيل أن يُعطل الله جل وعلا عن أوصافه :
يعني أن يصف نفسه بصفة ، أن يصفه رسوله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ بصفة فيخلى الله جل وعلا من هذه الصفة ، يعني كأن لم يصف نفسه بذلك الوصف وكأن لم يصفه رسوله صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ بذلك الوصف .

25- فإذن إيمان المعطل بالنص هل هو حقيقة أم دعوى ؟
هو دعوى ، فالأشعري والماتريدي والمعتزلي والإباضي والرافضي وأشباههم يقولون نؤمن بالنصوص لكنهم يعطلون النصوص عن معانيها ويجعلون هذه المعاني للنصوص في الصفات راجعة إلى الأوصاف التي يثبتونها

26- ولا تكييف :
يعني جعل للصفات كيفية ، وهذا هو التكييف الذي سلكه طائفة من المجسمة ، لأن المجسمة على قسمين :
- مجسمة مكيفة - ومجسمة ممثلة
منهم مجسمة مكيفة جعلوا لله جل وعلا كيفية اخترعوها في أذهانهم ليس لها مثال ، ومنهم من جعله جل وعلا جسما على مثال يعلمونه مثل مخلوق أو نحو ذلك .
هذا معنى التكييف ، ونفيه لا شك أنه من أعظم المعلومات التي يعلمها المؤمن أنه إذا وصف الله جل وعلا يصفه بصفة يؤمن بمعناها ولا يعلم كيفيتها .
ولهذا قرر الإمام مالك هذه القاعدة آخذا لها من قوله جل وعلا ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾، فقال لمن سأله عن الاستواء ، الاستواء معلوم والكيف غير معقول - وهذه أثبت من الرواية الأخرى التي فيها الكيف مجهول - والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة .
(الاستواء معلوم) يعني في اللغة معلوم المعنى وأن معنى الاستواء العلو والارتفاع
(والكيف غير معقول) لا تعقل كيفية استواء الله جل وعلا ، فإيمان المؤمن باستواء الله جل وعلا إيمان معنى لا إيمان كيفية ، لأنه إيمان بما دل عليه ظاهر اللفظ.
أما الكيفية فإن قلب المؤمن قد انقطعت علائقه انقطع طمعه وانقطع طلبه للدرك والإدراك لكيفية الاتصاف ، فإن هذا لا يعلمه إلا الله جل وعلا ، وهذه قاعدة تقولها في كل صفة .

27- فما المراد بالتمثيل ؟
أن يجعل لصفة الله جل وعلا مثالا يعلمه ، يجعل اتصاف الله جل وعلا باليد على نحو اتصاف المخلوق به ، يجعل اتصاف الله جل وعلا بالغضب على نحو اتصاف المخلوق به ، يجعل اتصاف الله جل وعلا بالنزول على نحو اتصاف المخلوق به .
ولهذا تجد أن كل معطل ممثل ، لأنه لم يعطل إلا وقد استحضر التمثيل قبل أن يعطل
ولهذا يقول العلماء كل محرف أو معطل لنصوص الصفات فقد مثل وعطل ، فالممثل والمكيف خير من المعطل لأنه إنما وقع في شر واحد وبدعة واحدة وهي التمثيل والتكييف ، أما المعطل المحرف النافي للصفات فقد مثل باطنا ثم عطل ظاهرا .

28- قال شيخ الإسلام بعد أن ذكر هذا قال (بَلْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ)
بل هذه للإضراب إضراب عما سبق إلى الآن ، والإضراب نوعان :
- قد يكون إضراب لغرض - وقد يكون إضراب للانتقال من كلام إلى كلام .
والذي في القرآن من الإضراب الإضراب الانتقالي

29- نفى بقوله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ وأثبت بقوله ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ .
وهذه قاعدة عظيمة أخبر الله جل وعلا بها ومعنى ذلك أن هذا الدين وأن هذا الايمان بالصفات مبني على النفي والإثبات ،نفيٌ كما نفى الله بقوله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ وإثبات كما أثبت الله بقوله ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾

30- يظهر من الآية أن النفي جاء فيها مجملا وأن الإثبات جاء فيها مفصلا ، فقال سبحانه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ نفي مجمل بدون تحديد هذا النفي .
المبتدعة يعكسون القاعدة فيجعلون النفي مفصلا ويجعلون الإثبات مجملا ، والله جل جلاله جعل النفي مجملا والإثبات مفصلا

31- هنا في قوله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ الكاف هذه مما تكلم فيها العلماء ، ولتقريرها فائدة في العقائد
وذلك أن قوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ (شيء) اسم ليس .
سبك الكلام ليس شيء كمثله .
الكاف هنا هذه ما نوعها ؟ معنى الآية يتوقف على فهم معنى الكاف هنا .
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ ، الكاف هذه لأهل العلم فيها وجهان :
- قال طائفة من أهل العلم إن الكاف هنا صلة وهي الزائدة لإفادة تكرير الكلام والجملة مرتين أو أكثر ، واللغة العربية فيها زيادة الحرف لمزيد تأكيد الكلام كما قال جل وعلا ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ﴾ يعني فبرحمة من الله لنت لهم (ما) هنا مزيدة لتوكيد الكلام ، ما معنى التوكيد هنا
تكرار الجملة لتعظيم شأنها ، قال فبرحمة من الله لنت لهم فبرحمة من الله لنت لهم .
هنا إذن على هذا تكون الكاف صلة يعني زائدة لتأكيد المعنى ، قال ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ يعني ليس مثله شيء ليس مثله شيء ليس مثله شيء وهو السميع البصير .
فالعربي يفهم من هذه الصلة ومجيء الكاف هنا أن الجملة كررت عليه أكثر من مرة وهذا من أسرار اللسان العربي .
قال ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَة﴾ (لا)هذه صلة ، معنى الكلام أقسم بيوم القيامة أقسم بيوم القيامة أقسم بيوم القيامة ، ﴿وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ وأقسم بالنفس اللوامة أقسم بالنفس وهكذا ، فإذن مزيد الحرف لمزيد التأكيد ، فقوله هنا ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ هذه للتأكيد ومجيء الكاف للتأكيد بخصوصها هذا معروف في اللغة ومنه قول الشاعر :
لو كان في قلبي كقدر قلامـة حبا لغيرك ما أتتك رسائلـي
وهنا قال إذن ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ فصار المعنى ليس مثله شيء ليس مثله شيء ليس مثله شيء وهو السميع البصير ، وهذا المعنى وهذا الوجه هو الصحيح وهو الراجح عند العلماء المحققين .
- الوجه الثاني أن تكون الكاف بمعنى مثل ، فيكون المعنى ليس مثلَ مثلِه شيء ـ ما فيها تأكيد ـ وهو السميع البصير .
ونفي مثل المثل فائدته استحالة وجود المثل وليس كما ظُن أن فيه إثبات لوجود المثل .
يعني صُرف النظر عن المثل إلى مثل المثل إبعادا لوجود المثل .
لكن هذا فيه نوع ضعف مع أن كثيرا من العلماء قال به ، ومجيء الكاف بمعنى مثل كثير ومنه قوله جل وعلا في سورة البقرة ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ لما عطف (أشد) على موضع الكاف دلنا على أن الكاف ليست بحرف بل هي اسم لأن الاسم لا يعطف على حرف .

32- ( وهو السميع البصير )
ففيها إثبات السمع والبصر لله جل وعلا .
ما فائدة إثبات السمع والبصر هنا ؟
قال العلماء في هذا حكمة وفائدة عظيمة وهو أنه نفى أولا بقوله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ ثم أثبت هذين الاسمين لله المتضمنين لصفتي السمع والبصر ، وسبب ذلك أن صفة السمع والبصر من الصفات التي تشترك فيها أكثر المخلوقات الحية ذات الروح مهما صغر من فيه حياة من ذوي الأرواح أو عظم فعنده سمع وبصر ، فانظروا إلى النملة عندها سمع وبصر ﴿يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ عندها سمع سمعت وتبصر طريها تبصر أمرها ، البعوضة كذلك لها سمع ولها بصر ، الدواب لها سمع ولها بصر ، الانسان له سمع وله بصر ، فصفتا السمع والبصر من أكثر الصفات اشتراكا بين المخلوقات الحية ذوات الأرواح .
فإذا كان ثم توهم في المماثلة فليكن توهم للماثلة في اتصاف هذه المخلوقات بصفة السمع والبصر .
فهل بصرك أيها الإنسان وسمعك من مثل بصر النملة وسمعها ؟ لا ، أن ثم قدرا مشتركا في السمع بين البعوض والإنسان وفي البصر بين البعوض والإنسان لكن تختلف كيفيته تختلف حقيقته يختلف عظمه وتعلقه ، كذلك السمع الإنسان يسمع من مسافة بعيدة المخلوق الصغير الذباب والبعوض هذا يسمع لأقل وهكذا فإذا كان كذلك دل على أن إثبات السمع والبصر في المخلوقات هو إثبات وجود لا إثبات مساواة وهذا متصل بقوله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ ، فإذن إثبات هاتين الصفتين لله التي عظم اشتراك المخلوقات مع الله جل وعلا في اسم الصفة وفي بعض معناها أن هذا ليس من جهة التمثيل في شيء .
ففيه أعظم رد على الذين توهموا أن إثبات الصفات فيه تمثيل وفيه تجسيم ،

33- هنا تنبيه : وهو أن التمثيل يختلف عن التشبيه ، التمثيل أن يُجعل الشيءُ مماثلا للشيء في صفة كاملة أو في الصفات كلها ، نقول : محمد مثل خالد إذا كان محمد مثل خالد في جميع الصفات أو في صفة كاملة ، محمد مثل خالد في الكرم يعني يماثله تماما .
أما المشابهة فهي اشتراك في بعض الصفة أو في بعض الصفات .
فالمماثلة في صفة كاملة أو المماثلة في الصفات .- وهذا هو المنفي عن الله تعالى -
أما التشبيه الذي هو اشتراك في جزء المعنى فإن هذا ليس مرادا لهم لأنهم يثبتون الاشتراك ، فالله جل وعلا له سمع وللمخلوق سمع وهناك اشتراك في اللفظ وفي جزء المعنى - بين الخالق والمخلوق -
فالسمع معناه معروف في اللغة لكن من حيث تعلقه بالمخلوق يختلف عن جهة تعلقه بالخالق .
ولهذا فإننا نقول في الصفات هنا كما قال ومن غير تكييف ولا تمثيل وإذا قيل من غير تشبيه فإنهم يريدون بالتشبيه التمثيل وهذا مستعمل عند العلماء أنهم ينفون التشبيه ويريدون به التمثيل . أ.هـ
----------
ولفهم هذه المسألة الأخيرةلا بد من الرجوع إلى شرح الشيخ صالح آل الشيخ على الطحاوية وهي مبثوثة كثيرة في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وكتبه كالتدمرية وشروحاتها والتي تعرف عند العلماء " المطلق الكلي أو الإسم العام أو المشترك الذهني أو الكلي ، وهو الذي لا ينفى فيه الإشتراك بين الخالق والمخلوق ولكن ينفى حين الإختصاص والتقييد .

يتبع بإذن الله وحوله
وفني الله وإياكم لكل ما يحب ويرضى وللعلم النافع والعمل الصالح والدعوة إليه على منهج سلف الأمة وبالحكمة والرفق
وجعله لوجه تعالى وتبارك خالصا و نفعني الله واياكم وجزيتن خير على المتابعة
أم معان غير متواجد حالياً