عرض مشاركة واحدة
قديم 08-03-16, 08:22 PM   #1
مريم بنت خالد
معلمة بمعهد خديجة
مشرفة التفسير
Icon70 "الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ" | مشاهِد من سوء الظَن بالله | ابن القيّم رحمه الله.


بسم الله الرحمن الرحيم.

قال الله -تعالى-:
’’ ... الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ... ‘‘
[الْفَتْح: 6]

قال الإمام القيّم ابن قيِّم الجوزية -رحمه الله-:

وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ السَّوْءِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِمْ وَفِيمَا يَفْعَلُهُ بِغَيْرِهِمْ،
وَلَا يَسْلَمُ عَنْ ذَلِكَ إلَّا مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَعَرَفَ أَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ، وَعَرَفَ مُوجِبَ حَمْدِهِ وَحِكْمَتِهِ.

فَمَنْ قَنَطَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَأَيِسَ مِنْ رَوْحِهِ، فَقَدْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ.

وَمَنْ جَوَّزَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَذِّبَ أَوْلِيَاءَهُ مَعَ إحْسَانِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ وَيُسَوِّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَعْدَائِهِ، فَقَدْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ.

وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُضَيِّعُ عَلَيْهِ عَمَلَهُ الصَّالِحَ الَّذِي عَمِلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ، وَيُبْطِلُهُ عَلَيْهِ بِلَا سَبَبٍ مِنَ الْعَبْدِ،
أَوْ أَنَّهُ يُعَاقِبُهُ بِمَا لَا صُنْعَ فِيهِ وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ وَلَا قُدْرَةَ وَلَا إرَادَةَ فِي حُصُولِهِ، بَلْ يُعَاقِبُهُ عَلَى فِعْلِهِ هُوَ سُبْحَانَهُ بِهِ،
وَأَنَّهُ يَحْسُنُ مِنْهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى تَعْذِيبُ مَنْ أَفْنَى عُمْرَهُ فِي طَاعَتِهِ فَيُخَلِّدُهُ فِي الْجَحِيمِ أَسْفَلَ السَّافِلِينَ؛ فَقَدْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ.

فَمَنْ ظَنَّ بِأَنَّهُ لَا يَنْصُرُ رَسُولَهُ، وَلَا يُتِمُّ أَمْرَهُ، وَلَا يُؤَيِّدُهُ وَيُؤَيِّدُ حِزْبَهُ، وَيُظْفِرُهُمْ بِأَعْدَائِهِ،
وَأَنَّهُ لَا يَنْصُرُ دِينَهُ وَكِتَابَهُ، وَأَنّهُ يُدِيلُ الشِّرْكَ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْبَاطِلَ عَلَى الْحَقِّ إدَالَةً مُسْتَقِرَّةً يَضْمَحِلُّ مَعَهَا التَّوْحِيدُ وَالْحَقُّ اضْمِحْلَالًا لَا يَقُومُ بَعْدَهُ أَبَدًا؛ فَقَدْ ظَنَّ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ فَمَا عَرَفَهُ وَلَا عَرَفَ رُبُوبِيَّتَهُ وَمُلْكَهُ وَعَظَمَتَهُ،
وَكَذَلِكَ مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ مَا قَدَّرَهُ مِنْ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ لِحِكْمَةٍ..

وَمَنْ ظَنَّ بِهِ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ بِمَا ظَاهِرُهُ بَاطِلٌ وَتَشْبِيهٌ وَتَمْثِيلٌ وَتَرَكَ الْحَقَّ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ،
وَإِنَّمَا رَمَزَ إِلَيْهِ رُمُوزًا بَعِيدَةً، وَأَشَارَ إِلَيْهِ إشَارَاتٍ مُلْغِزَةً لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فَقَدْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ،
فَإِنَّهُ إنْ قَالَ: إنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى التَّعْبِيرِ عَنِ الْحَقِّ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ هُوَ وَسَلَفُهُ؛ فَقَدْ ظَنَّ بِقُدْرَتِهِ الْعَجْزَ،
وَإِنْ قَالَ: إنَّهُ قَادِرٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ، وَعَدَلَ عَنِ الْبَيَانِ وَعَنِ التَّصْرِيحِ بِالْحَقِّ إِلَى مَا يُوهِمُ بَلْ يُوقِعُ فِي الْبَاطِلِ الْمُحَالِ وَالِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ، فَقَدْ ظَنَّ بِحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ ظَنَّ السَّوْءِ،
وَظَنَّ أَنَّهُ هُوَ وَسَلَفُهُ عَبَّرُوا عَنِ الْحَقِّ بِصَرِيحِهِ دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَنَّ الْهُدَى وَالْحَقَّ فِي كَلَامِهِمْ وَعِبَارَاتِهِمْ.

وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَ الْمُتَضَادَّيْنِ، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ فَقَدْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَمَنْ ظَنَّ بِهِ خِلَافَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رُسُلُهُ،
أَوْ عَطَّلَ حَقَائِقَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَوَصَفَتْهُ بِهِ رُسُلُهُ؛ فَقَدْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ.

وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ لَهُ وَلَدًا أَوْ شَرِيكًا، أَوْ أَنَّ أَحَدًا يَشْفَعُ عِنْدَهُ بِدُونِ إذْنِهِ، أَوْ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ وَسَائِطَ يَرْفَعُونَ حَوَائِجَهُمْ إلَيْهِ،
أَوْ أَنَّهُ نَصَبَ لِعِبَادِهِ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ يَتَقَرَّبُونَ بِهِمْ إلَيْهِ وَيَتَوَسَّلُونَ بِهِمْ إلَيْهِ وَيَجْعَلُونَهُمْ وَسَائِطَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ؛ فَقَدْ ظَنَّ بِهِ أَقْبَحَ الظَّنِّ وَأَسْوَأَهُ.

وَمَنْ ظَنَّ بِهِ أَنَّهُ يَنَالُ مَا عِنْدَهُ بِمَعْصِيَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ كَمَا يَنَالُهُ بِطَاعَتِهِ وَالتَّقَرُّبِ إلَيْهِ؛ فَقَدْ ظَنَّ بِهِ خِلَافَ حِكْمَتِهِ وَخِلَافَ مُوجِبِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَهُوَ مِنْ ظَنِّ السَّوْءِ.

وَمَنْ ظَنَّ بِهِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ لِأَجْلِهِ شَيْئًا لَمْ يُعَوِّضْهُ خَيْرًا مِنْهُ، أَوْ مَنْ فَعَلَ لِأَجْلِهِ شَيْئًا لَمْ يُعْطِهِ أَفْضَلَ مِنْهُ؛ فَقَدْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ.
وَمَنْ ظَنَّ بِهِ أَنَّهُ يَغْضَبُ عَلَى عَبْدِهِ وَيُعَاقِبُهُ وَيَحْرِمُهُ بِغَيْرِ جُرْمٍ وَلَا سَبَبٍ مِنَ الْعَبْدِ إلَّا بِمُجَرَّدِ الْمَشِيئَةِ وَمَحْضِ الْإِرَادَةِ؛ فَقَدْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ.

وَمَنْ ظَنَّ بِهِ أَنَّهُ إذَا صَدَقَهُ فِي الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، وَتَضَرَّعَ إلَيْهِ وَسَأَلَهُ، وَاسْتَعَانَ بِهِ وَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُخَيِّبُهُ وَلَا يُعْطِيهِ مَا سَأَلَهُ؛
فَقَدْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ، وَظَنَّ بِهِ خِلَافَ مَا هُوَ أَهْلُهُ.


وَمَنْ ظَنَّ بِهِ أَنَّهُ يُسَلِّطُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْدَاءَهُ تَسْلِيطًا مُسْتَقِرًّا دَائِمًا فِي حَيَاتِهِ وَفِي مَمَاتِهِ، وَابْتَلَاهُ بِهِمْ لَا يُفَارِقُونَهُ،
فَلَمَّا مَاتَ اسْتَبَدُّوا بِالْأَمْرِ دُونَ وَصِيَّةٍ وَظَلَمُوا أَهْلَ بَيْتِهِ، وَسَلَبُوهُمْ حَقَّهُمْ وَأَذَلُّوهُمْ، وَكَانَتِ الْعِزَّةُ وَالْغَلَبَةُ وَالْقَهْرُ لِأَعْدَائِهِ وَأَعْدَائِهِمْ دَائِمًا مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ وَلَا ذَنْبٍ لِأَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ الْحَقِّ،
وَهُوَ يَرَى قَهْرَهُمْ لَهُمْ وَغَصْبَهُمْ إِيَّاهُمْ حَقَّهُمْ وَتَبْدِيلَهُمْ دِينَ نَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى نُصْرَةِ أَوْلِيَائِهِ وَحِزْبِهِ وَجُنْدِهِ،
وَلَا يَنْصُرُهُمْ وَلَا يُدِيلُهُمْ، بَلْ يُدِيلُ أَعْدَاءَهُمْ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، أَوْ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ حَصَلَ هَذَا بِغَيْرِ قُدْرَتِهِ وَلَا مَشِيئَتِهِ،
ثُمَّ جَعَلَ الْمُبَدِّلِينَ لِدِينِهِ مُضَاجِعِيهِ فِي حُفْرَتِهِ تُسَلِّمُ أُمَّتُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ كُلَّ وَقْتٍ كَمَا تَظُنُّهُ الرَّافِضَةُ؛ فَقَدْ ظَنَّ بِهِ أَقْبَحَ الظَّنِّ وَأَسْوَأَهُ،
سَوَاءٌ قَالُوا: إنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَنْصُرَهُمْ وَيَجْعَلَ لَهُمُ الدَّوْلَةَ وَالظَّفَرَ، أَوْ أَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى ذَلِكَ؛
فَهُمْ قَادِحُونَ فِي قُدْرَتِهِ أَوْ فِي حِكْمَتِهِ وَحَمْدِهِ، وَذَلِكَ مِنْ ظَنِّ السَّوْءِ بِهِ،
وَلَا رَيْبَ أَنَّ الرَّبَّ الَّذِي فَعَلَ هَذَا بَغِيضٌ إِلَى مَنْ ظَنَّ بِهِ ذَلِكَ غَيْرُ مَحْمُودٍ عِنْدَهُمْ، وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَفْعَلَ خِلَافَ ذَلِكَ
لَكِنْ رَفَوْا هَذَا الظَّنَّ الْفَاسِدَ بِخَرْقٍ أَعْظَمَ مِنْهُ، وَاسْتَجَارُوا مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ، فَقَالُوا: لَمْ يَكُنْ هَذَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، وَلَا لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى دَفْعِهِ وَنَصْرِ أَوْلِيَائِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَفْعَالِ عِبَادِهِ، وَلَا هِيَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ قُدْرَتِهِ،
فَظَنُّوا بِهِ ظَنَّ إخْوَانِهِمُ الْمَجُوسِ وَالثَّنَوِيَّةِ بِرَبِّهِمْ، وَكُلِّ مُبْطِلٍ وَكَافِرٍ وَمُبْتَدِعٍ مَقْهُورٍ مُسْتَذَلٍّ، فَهُوَ يَظُنُّ بِرَبِّهِ هَذَا الظَّنَّ وَأَنَّهُ أَوْلَى بِالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ وَالْعُلُوِّ مِنْ خُصُومِهِ !


فَأَكْثَرُ الْخَلْقِ بَلْ كُلُّهُمْ إلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ السَّوْءِ،
فَإِنَّ غَالِبَ بَنِي آدَمَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَبْخُوسُ الْحَقِّ نَاقِصُ الْحَظِّ، وَأَنّهُ يَسْتَحِقُّ فَوْقَ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ
وَلِسَانُ حَالِهِ يَقُولُ: ظَلَمَنِي رَبِّي وَمَنَعَنِي مَا أَسْتَحِقُّهُ،
وَنَفْسُهُ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ بِلِسَانِهِ يُنْكِرُهُ، وَلَا يَتَجَاسَرُ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ،
وَمَنْ فَتَّشَ نَفْسَهُ وَتَغَلْغَلَ فِي مَعْرِفَةِ دَفَائِنِهَا وَطَوَايَاهَا؛ رَأَى ذَلِكَ فِيهَا كَامِنًا كُمُونَ النَّارِ فِي الزِّنَادِ،
فَاقْدَحْ زِنَادَ مَنْ شِئْتَ يُنْبِئْكَ شَرَارُهُ عَمَّا فِي زِنَادِهِ،
وَلَوْ فَتَّشْتَ مَنْ فَتَّشْتَهُ لَرَأَيْتَ عِنْدَهُ تَعَتُّبًا عَلَى الْقَدَرِ وَمَلَامَةً لَهُ وَاقْتِرَاحًا عَلَيْهِ خِلَافَ مَا جَرَى بِهِ، وَأَنّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا،
فَمُسْتَقِلٌّ وَمُسْتَكْثِرٌ، وَفَتِّشْ نَفْسَكَ هَلْ أَنْتَ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ؟
فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عظيمَةٍ .:. وَإِلَّا فَإِنِّي لَا إِخَالُكُ نَاجِيًا

فَلْيَعْتَنِ اللَّبِيبُ النَّاصِحُ لِنَفْسِهِ بِهَذَا الْمَوْضِعِ، وَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلِيَسْتَغْفِرْهُ كُلَّ وَقْتٍ مِنْ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ ظَنَّ السَّوْءِ،
وَلْيَظُنَّ السَّوءَ بِنَفْسِهِ الَّتِي هِي مَأْوَى كُلَّ سُوءٍ، وَمَنْبَعُ كُلَّ شَرٍّ الْمُرَكَّبَةِ عَلَى الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ؛
فَهِيَ أَوْلَى بِظَنِّ السَّوءِ مِنْ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ وَأَعْدَلِ الْعَادِلِينَ وَأَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ، الْمُنَزَّهُ عَنْ كُلِّ سَوْءٍ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَسْمَائِهِ؛
فَذَاتُهُ لَهَا الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَصِفَاتُهُ كَذَلِكَ، وَأَفْعَالُهُ كَذَلِكَ، كُلُّهَا حِكْمَةٌ وَمَصْلَحَةٌ وَرَحْمَةٌ وَعَدْلٌ، وَأَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا حُسْنَى.

فَلَا تَظُنَّنَّ بِرَبِّكَ ظَنَّ سَوْءٍ ... فَإِنَّ اللَّهَ أَوْلَى بِالْجَمِيلِ
وَلَا تَظُنَّنَّ بِنَفْسِكَ قَطُّ خَيْرًا .:. وَكَيْفَ بِظَالِمٍ جَانٍ جَهُولِ ؟
وَقُلْ يَا نَفْسُ مَأْوَى كُلِّ سُوءٍ .:. أَيُرْجَى الْخَيْرُ مِنْ مَيْتٍ بَخِيلِ ؟
وَظُنَّ بِنَفْسِكَ السُّوأَى تَجِدْهَا .:. كَذَاكَ وَخَيْرُهَا كَالْمُسْتَحِيلِ
وَمَا بِكَ مِنْ تُقًى فِيهَا وَخَيْرٍ .:. فَتِلْكَ مَوَاهِبُ الرَّبِّ الْجَلِيلِ
وَلَيْسَ بِهَا وَلَا مِنْهَا وَلَكِنْ .:. مِنَ الرَّحْمَنِ؛ فَاشْكُرْ لِلدَّلِيلِ
اهـ.

تنبيه!
الكلام كله لابن القيّم -رحمه الله-
تصرّفتُ فيه بحذفٍ وتقديم وتأخير،
لكن لم أُغيّر في ألفاظه شيئًا، ولم أُدخل عليها ما ليس منها.
وهو في كتابه زاد المعاد [(3/ 205-212)]
لمن أرادت الاستزادة.





توقيع مريم بنت خالد
لا تسألوني عن حياتي فهي أسرار الحياة،
هي منحة .. هي محنة .. هي عالمٌ من أمنيات،
قد بعتها لله ثمّ مضيت في ركب الهداة () *
مريم بنت خالد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس