|علم وعمل، صبر ودعوة|
|
|| المقرر الخامس ||
|| المقرر الخامس ||
بَابٌ مَنْ هَزَلَ بِشَيْءٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ الرَّسُولِ
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ﴾ الْآيَةِ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَقَتَادَةَ; دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضِ أَنَّهُ « قَالَ رَجُلٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنَا هَؤُلَاءِ; أَرْغَبَ بُطُونًا, وَلَا أَكْذَبَ أَلْسُنًا, وَلَا أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ (يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ الْقُرَّاءَ) فَقَالَ لَهُ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ عَوْفٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ فَوَجَدَ الْقُرْآنَ قَدْ سَبَقَهُ, فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اِرْتَحَلَ وَرَكِبَ نَاقَتَهُ, فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَتَحَدَّثُ حَدِيثَ الرَّكْبِ نَقْطَعُ بِهِ عَنَاءَ الطَّرِيقِ" قَالَ اِبْنُ عُمَرَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَعَلِّقًا بِنِسْعَةِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ الْحِجَارَةَ تَنْكُبُ رِجْلَيْهِ, وَهُوَ يَقُولُ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ؟ مَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَمَا يَزِيدُهُ عَلَيْهِ » (1) .
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: وَهِيَ الْعَظِيمَةُ; أَنَّ مَنْ هَزَلَ بِهَذَا فَهُوَ كَافِرٌ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ هَذَا تَفْسِيرُ الْآيَةِ فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَائِنًا مَنْ كَانَ.
الثَّالِثَةُ: الْفَرَقُ بَيْنَ النَّمِيمَةِ وَبَيْنَ النَّصِيحَةِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ.
الرَّابِعَةُ: الْفَرَقُ بَيْنَ الْعَفْوِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ وَبَيْنَ الْغِلْظَةِ عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ.
الخَامِسَةُ: أَنَّ مِنَ الِاعْتِذَارِ مَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ.
،,
بَابٌ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا ﴾ (1) الْآيَةِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: "هَذَا بِعَمَلِي وَأَنَا مَحْقُوقٌ بِهِ".
وَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ: "يُرِيدُ مِنْ عِنْدِي".
وَقَوْلُهُ ﴿ أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾.
قَالَ قَتَادَةُ "عَلَى عِلْمٍ مِنِّي بِوُجُوهِ الْمَكَاسِبِ".
وَقَالَ آخَرُونَ عَلَى عِلْمٍ مِنَ اللَّهِ أَنِّي لَهُ أَهْلٌ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ "أُوتِيتُهُ عَلَى شَرَفٍ".
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ « "إِنَّ ثَلَاثَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى, فَأَرَادَ اللَّهُ أَنَّ يَبْتَلِيَهُمْ, فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا فَأَتَى الْأَبْرَصَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ "لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذَرَنِي النَّاسُ بِهِ" قَالَ "فَمَسَحَهُ, فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرَهُ, فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ الْإِبِلُ أَوْ الْبَقَرُ (شَكَّ إِسْحَاقُ) فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ, وَقَالَ بَارِكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا" قَالَ "فَأَتَى الْأَقْرَعَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ شَعْرٌ حَسَنٌ, وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذَرَنِي النَّاسُ بِهِ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ, وَأُعْطِيَ شَعْرًا حَسَنًا فَقَالَ أَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ الْبَقَرُ أَوْ الْإِبِلُ فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً, قَالَ بَارِكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا فَأَتَى الْأَعْمَى, فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ الْغَنَمُ فَأُعْطِيَ شَاةً وَالِدًا فَأُنْتَجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا, فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الْإِبِلِ وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ, وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ" قَالَ "ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ, فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ قَدْ اِنْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي; فَلَا بَلَاغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ, أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ; بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ بِهِ فِي سَفَرِي فَقَالَ الْحُقُوقُ كَثِيرَةٌ فَقَالَ لَهُ كَأَنِّي أَعْرِفُكَ! أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ, فَقِيرًا, فَأَعْطَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَالَ؟ فَقَالَ إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ" قَالَ "ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ, فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا, وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا, فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا; فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ قَالَ "وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ قَدْ اِنْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي; فَلَا بَلَاغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ, أَسْأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ; شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي, فَخُذْ مَا شِئْتَ, وَدَعْ مَا شِئْتَ فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ فَقَالَ أَمْسِكْ مَالَكَ; فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ; فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ, وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ" » (2) أَخْرِجَاهُ.
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: تَفْسِيرُ الْآيَةِ.
الثَّانِيَةُ: مَا مَعْنَى ﴿ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي ﴾ .
الثَّالِثَةُ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿ أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ .
الرَّابِعَةُ: مَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَجِيبَةِ مِنَ الْعِبَرِ الْعَظِيمَةِ.
،,
بَابٌ قَوْلُ اَللَّهِ تَعَالَى ﴿ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ ﴾ (1) اَلآَيَةَ.
قَالَ اِبْنُ حَزْمٍ : "اِتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ اِسْمٍ مُعَبَّدٍ لِغَيْرِ اَللَّهِ; كَعَبْدِ عَمْرِوٍ وَعَبْدِ الْكَعْبَةِ, وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ, حَاشَا عَبْدِ الْمُطَّلِبِ".
وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِمَا تَغَشَّاهَا آدَمُ; حَمَلَتْ, فَأَتَاهُمَا إِبْلِيْسُ, فَقَالَ إِنِّي صَاحِبُكُمَا اَلَّذِي أَخْرَجَكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ, لَتُطِيعَانِّنِي أَوْ لَأَجْعَلَنَّ لَهُ قَرْنَيْ إِيِّلٍ, فَيَخْرُجُ مِنْ بَطْنِكَ, فَيَشُقُّهُ, وَلَأَفْعَلَنَّ; يُخَوِّفُهُمَا, سَمِّيَاهُ عَبْدَ الْحَارِثِ, فَأَبَيَا أَنْ يُطِيْعَاهُ فَخَرَجَ مَيِّتًا ثُمَّ حَمَلَتْ فَأَتَاهُمَا, فَذَكَرَ لَهُمَا, فَأَدْرَكَهُمَا حُبُّ الْوَلَدِ, فَسَمَّيَاهُ عَبْدَ الْحَارِثِ; فَذَلِكَ
قَوْلُهُ ﴿ جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا ﴾ رَوَاهُ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَلَهُ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ عَنْ قَتَادَة َقَالَ شُرَكَاءُ فِي طَاعَتِهِ, وَلَمْ يَكُنْ فِي عِبَادَتِهِ.
وَلَهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ, فِي قَوْلِهِ ﴿ لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا ﴾ قَالَ أَشْفَقَا أَلَّا يَكُونَ إِنْسَانًا وَذَكَرَ مَعْنَاهُ عَنْ الْحَسَنِ وَسَعِيدٍ وَغَيْرِهِمَا.
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: تَحْرِيمُ كُلِّ اِسْمٍ مُعَبَّدٍ لِغَيْرِ اَللَّهِ.
اَلثَّانِيَةُ: تَفْسِيرُ الْآَيَةِ.
اَلثَّالِثَةُ: أَنَّ هَذَا اَلشِّرْكَ فِي مُجَرَّدِ تَسْمِيَةٍ لَمْ تُقْصَدْ حَقِيقَتُها.
اَلرَّابِعَةُ: أَنَّ هِبَةَ اَللَّهِ لِلرَّجُلِ الْبِنْتَ اَلسَّوِيَّةَ مِنْ اَلنِّعَمِ.
الْخَامِسَةُ: ذَكَرَ اَلسَّلَفُ الْفَرَْقَ بَيْنَ اَلشِّرْكِ فِي اَلطَّاعَةِ وَالشِّرْكِ فِي الْعِبَادَةِ. ،,
--------------------------
للتحميل بصيغة .... في المرفقات
للتحميل بصيغة .... هنـــا
التعديل الأخير تم بواسطة أَمَةُ الله ; 04-09-15 الساعة 12:41 AM
|