عرض مشاركة واحدة
قديم 13-11-12, 11:08 PM   #23
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

كيف نستقبل العام الهجري الجديد وماذا أعددنا له؟



أهم ما نبدأ به صحيفتنا الناصعة البياض نسيان الماضي فلا نجعل الذنوب والآثام التي مرت في العام الراحل حائلا بيننا وبين استقبال العام القادم، وكما قال ابن تيمية رحمه الله: "ليست العبرة بنقص البدايات ولكن العبرة بكمال النهايات"، ولننسى أحزاننا عسى ربنا يجعلها أفراح، ولنأمل في الله عسى يفرج همومنا وكروبنا ويجعل بعد العسر يسرا.

* التوبة الصادقة: فلا يأس من رحمة الله وغفرانه مع التوبة وخاصة تلك النفحات الروحية الرائعة والمنح الربانية التي خُتم العام بها، الليالي العشر، والنعمة التي أتمها الله على حجاج بيته الحرام، وها هو يبدأ العام بشهر الله المحرم الذي يُستحب الصيام فيه، قال صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل" رواه مسلم في كتاب الصيام[1982]، والترمذي في كتاب الصلاة [438].
وقد ثبت فضل صيام يوم عاشوراء قال صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله" رواه مسلم[1976].
فهيا لاغتنام تلك النفحات والهبات الربانية للتوبة.. والآيات كثيرة تحث على التوبة {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُهَا المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ} [النور: 31].
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّه يُحبُّ التَّوابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِيِنَ} [البقرة: 222].
قال صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس توبوا إلى ربكم، فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة" مسلم [2702]، وأحمد [4/211]، وأبو داود[1515] وغيرهم.
ويتم بشروط التوبة الواجبة، وبالعلم والندم والعزم الصادق.

* المداومة على الاستغفار: قال تعالى: {فَاعلَم أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ واستَغفِر لِذَنبِكَ وِلِلمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ} [محمد: 19].
يقول ابن تيمية: "الاستغفار يُخرج العبد من الفعل المكروه إلى الفعل المحبوب،
ومن العمل الناقص إلى العمل التام، ويرفع العبد من المقام الأدنى إلى الأعلى منه".

* كن ممن تخشع قلوبهم لذكر الله وسماع وتلاوة الكتاب الكريم: {أََلَم يَأَنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَن تَخشَعَ قُلُوبُهُم لِذِكرِ اللَّهِ }[الحديد:16].. أي تلين قلوب المؤمنين عند الذكر والموعظة وسماع القرآن، فتنقاد له وتسمع له وتطيعه. قال ابن مسعود: "ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين". رواه مسلم [8/243].
• توبة الفضيل بن عياض وهذه الآية الكريمة: وقد كان قاطعا للطريق، عشق جارية فبينما هو يرتقي الجدران إليها سمع تاليا يتلو(أَََلَم يَأنِ..) الآية فلما سمعها قال: بلى يارب قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة، فقال بعضهم نرحل، وقال بعضهم: حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا.. قال: ففكرت وقلت أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين ها هنا يخافوني، وما أرى إلا ساقني الله إليهم لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام. فها هو الفضيل العابد يستمع لآية من آيات الله تعالى فيلين لها قلبه وجوارحه وتكون سببا في توبته وخشوعه بين يدي الله تعالى.(نزهة الفضلاء2/660).
قال ميمون بن مهران: "لا خير في الحياة إلا لتائب أو رجل يعمل في الأعمال الصالحة".

* انفرد بنفسك ساعة عند بدء العام الجديد تتدبر فيها أمورك وتراجع نفسك وتتفكر في آخرتك وتصلح بها دنياك ورعيتك ومن تعول، وابك على ما فاتك، عل الدموع من خشية الله تطهر روحك، ودع قلبك ينكسر بين يدي الله، فليس أحب إلى الله تعالى من التذلل إليه والاستسلام والانقياد له، ومناجاته والدعاء بأن يغفر لك ذنوبك وتقصيرك وتهاونك، ولا تنسى أننا نتودد لمن نحب ونتقرب، فهلا توددنا لله وتقربنا إليه.

* اعقد النية على هجران أصحاب السوء، فمن أسباب الذنوب ولهو الحياة والانغماس في الخطايا أصحاب السوء، قال شقيق البلخي : "علامة التوبة البكاء على ما سلف، والخوف من الوقوع في الذنب، وهجران إخوان السوء، وملازمة الأخيار". نزهة الفضلاء [2/711].

* احرص على دوام اتباع الحسنات السيئات: {إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيئَاتِ} [هود:114]، قال صلى الله عليه وسلم: "واتبع الحسنة السيئة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" أخرجه أحمد[5/153]، والترمذي كتاب البر والصلة[1987].
وهناك من يعجز عن التوبة مع يقينه بأهميتها أو أنه يتوب ويعود للذنب، فذاك سبيله أن يتبع السيئة الحسنة {وَآخَرُونَ اعتَرَفُوا بِذُنُوبِهِم خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيهِم إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 102].

* اعرف قيمة وقتك وحياتك، فالفوز كل الفوز أن يشرح الله صدر العبد فيُعرفه قيمة الحياة والأوقات.. فاسأل نفسك: كم من ساعة قربتك إلى الله.. كم من يوم أدناك من الله.. فأيامنا وليالينا.. ساعاتنا ولحظاتنا إما قرب من الله.. وإما بعد من الله..
وقفة مع هذه الحياة التي أصبحت سريعة.. وقفة كي ننظر إلى ليلنا.. إلى نهارنا.. فيم يمضي الليل وفيم يمضي النهار، فإذا كان يمضيه في معية الله ومحبته..
فهل فكر أن يزداد من الصالحات؟ والعكس من كان عن الله بعيدا ومن محبته محروما، فما هي إلا أيام ولحظات حتى يعاين حقيقة قدره عند الله، فليسترجع ويعود لرشده ويتعلق بحبال الله.. ومن رحمة الله تعالى أن خلق جميع الجوارح مسخرة لاغتنام تلك الحياة، والإنسان يحزن ويغتم إذا فقد عزيزا عليه أو بعض ماله، لكنه لا يشعر ولا يحزن بفقد عمره يوما وراء يوم.
قال ابن القيم رحمه الله: "إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها".
قال بعض الحكماء: "كيف يفرح العبد من يوم يهدم شهره وشهره يهدم سنته وسنته تهدم عمره، كيف يفرح من عمره يقوده إلى أجله، وحياته تقوده إلى موته".
وقال البعض الآخر: "من كانت الليالي والأيام مطاياه سارتا به وإن لم يسر".

نسير إلى الآجال في كل لحظة***وأعمارنا تُطوى وهن مراحل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى*** فعمرك أيام وهن قلائل.

أخوتي في الله سأكتفي بتلك النصائح فالباقيات الصالحات كثير.. ويطول سردها وتذكروا أن الإخلاص يُعظم العمل ويكثره، فقد كتب بعض الصالحين إلى صديق له: "أخلص النية في أعمالك يَكفِك القليل من العمل". إتحاف السادة المتقين للزبيدي[13/87].
* فهلا وُلدت قلوبنا من جديد مع مولد العام الجديد؟ هلا بكينا بدموع سخية صادقة تطهر أرواحنا، وتنقي سرائرنا، وتُزهر قلوبنا.. وتبيض صفحاتنا..
"اللهم اكشف السوء عن الأسرى.. واجبر كسرهم.. واكبت عدوهم.. ووحد صفهم وكن للمستضعفين في كل مكان.. واجمع كلمة المسلمين.. وارفع رايتهم وأعزنا بالإسلام وأعز بنا الإسلام.. وارفع بنا راية القرآن".
"اللهم يا من تسبح له السماوات السبع بنجومها وسحابها،والبحار بأمواجها وأسرارها، والأرض بسهولها، والجبال بقممها، اللهم ألن القلوب القاسية وأيقظ الأرواح الغافلة، اللهم اشغل قلوبنا بحبك وألسنتنا بذكرك، وأبداننا بطاعتك، وعقولنا بالتفكر في خلقك.. اللهم اجعل يومنا خيرا من أمسنا.. وخير أعمالنا خواتمها.. وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا".

</b></i>



توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس