السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النوع الثالث : وهو خاص بالكلمات التي وقعت فيها اختلاف بين المصاحف ،
وقد جاء على ضربين ، أحدهما : غير متعدد المواضع ، والآخر : متعدد المواضع ،
وإليك بيانها :
الضرب الأول :
وقد جاء في كلمة واحدة في موضع واحد ليس له ثان في القرآن ،وهي :
" لات " مع " حين " في قوله تعالى : { وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ } ص3،
فقد اختلفت فيها المصاحف فرسمت في بعضها بقطع التاء عن كلمة " حين " ورسمت في البعض الآخر بالوصل ، والصحيح قطعها عنها ، وأن " لات " كلمة مستقلة و" حين " كلمة أخرى ، وعليه فتكون " لا " نافية دخلت عليها تاء التأنيث كما دخلت على " رب " و "ثم " فيقال : " ربت " ، و "ثمت " فتكون التاء متصلة بلا حكما ً * ،
وعلى هذا يصح الوقف على التاء عند الاضطرار أو في مقام التعليم أو الاختبار ، ولكن لا يصح الوقف عليها اختياراً والبدء بكلمة " حين " ، بل يجب الابتداء بكلمة " ولات ".
وقيل : إن التاء موصولة بكلمة " حين " وترسم هكذا : " ولا تحين " وهو غير مشهور ، ولا شك أن شهرة الفصل صحيحة اعتباراً بما عليه أكثر المصاحف وهو المعمول به ** .
الضرب الثاني :
وهو متعدد المواضع ، وينحصر في سبع عشرة كلمة جاءت على ثلاث صور :
الصورة الأولى :
جاءت في كلمة واحدة وقعت في أربعة مواضع ،
وهي " أن " مفتوحة الهمزة المخففة النون مع " لو " وهي على قسمين :
القسم الأول : اتفقت المصاحف على قطعه وذلك في ثلاثة مواضع :
1- في قوله تعالى :{ أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ } الأعراف : 100
2- في قوله تعالى :{ أَن لَّوْ يَشَاءُ اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً } الرعد: 31
3- في قوله تعالى : {أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ }سبأ : 14
القسم الثاني : اختلفت المصاحف في قطعه ووصله وذلك في الموضع الرابع وهو قوله تعالى :
{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ }الجن: 16
لقد ذكرت أكثر كتب التجويد أن العمل في هذا الموضع على القطع ، ولكن بنظرة فاحصة إلى أغلب المصاحف التي بين أيدينا ومنها مصحف الأزهر ، ومصحف المدينة النبوية وجد أن العمل على الوصل ، وهذا هو ما اختاره أبو داود سليمان بن نجاح في التنزيل .
الصورة الثانية :
جاءت في سبع كلمات متعددة المواضع *** ، وفيما يلي بيانها بالتفصيل :
الكلمة الأولى :
" إن " مكسورة الهمزة مخففة النون مع " ما " وجاءت على قسمين :
القسم الأول : اتفقت المصاحف على قطعه وذلك في موضع واحد هو قوله تعالى :{وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} الرعد : 40
القسم الثاني : اتفقت المصاحف على وصله وذلك فيما عدا الموضع السابق ،
نحو قوله تعالى : {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ } الأنفال: 57 ،
وقوله تعالى : {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً } الأنفال: 58 ،
وقوله تعالى : {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ } يونس: 46 ،
وقوله تعالى : { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً } مريم: 26 ، وغير ذلك كثير .
الكلمة الثانية :
" عن " مع " ما " الموصولة وجاءت على قسمين :
القسم الأول : اتفقت المصاحف على قطعه ، وذلك في موضع واحد هو قوله تعالى : {فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ } الأعراف : 166 .
القسم الثاني : اتفقت المصاحف على وصله وذلك فيما عدا الموضع السابق ،
نحو قوله تعالى : {وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ } المائدة : 73
وقوله تعالى : {سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } القصص : 68
، وقوله تعالى : {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ }الصافات :180 .
الكلمة الثالثة :
" يوم " مع " هم " وهي على قسمين :
القسم الأول : أن يكون " هم " ضمير منفصل في محل رفع ، وقد اتفقت المصاحف على قطعه ، أي قطع " يوم " عن " هم " وذلك في موضعين :
الأول : قوله تعالى : {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ } غافر:16
، الثاني : قوله تعالى : {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ } الذاريات :13
، وإنما فصلت " يوم " عن " هم " في الموضوعين السابقين لأن يوم ليس بمضاف إلى الضمير وإنما هو مضاف إلى الجملة يعني يوم فتنتهم ، ويوم بروزهم ، فالضمير في موضع رفع على الابتداء وما بعده الخبر ****.
القسم الثاني : أن يكون " هم " ضمير متصل في محل جر وقد اتفقت المصاحف على وصله ،
وذلك نحو قوله تعالى : { حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ }الزخرف: 83 و المعارج: 42
، وقوله تعالى : { حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ }الطور:45
، وإنما وصل " يوم " بــ " هم " فيما تقدم لأن " هم " ضمير متصل مضاف إلى " يوم " فأصبحا كالكلمة الواحدة .
أما إذا كان " يومهم " مكسور الميم والهاء كما في قوله تعالى : {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ } الذاريات:60 فهو موصول أيضا باتفاق المصاحف .
الكلمة الرابعة :
" كي " مع " لا " النافية وهي على قسمين :
القسم الأول : اتفقت المصاحف على قطع " كي " عن " لا " في ثلاثة مواضع :
الأول : قوله تعالى:{ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً } النحل: 70
، والثاني : قوله تعالى : { لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ }الأحزاب: 37
، والثالث : قوله تعالى : { كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ }الحشر: 7 .
القسم الثاني : اتفقت المصاحف على وصله ، وذلك في أربعة مواضع :
الأول : قوله تعالى : {لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ } آل عمران: 153
الثاني : قوله تعالى : {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً } الحج: 5
الثالث : قوله تعالى : { لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ }الأحزاب: 50
الرابع : قوله تعالى :{لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ }الحديد: 23
الكلمة الخامسة :
" أم " مع " من " الاستفهامية وهي على قسمين :
القسم الأول : اتفقت المصاحف على قطع " أم " عن " من " في أربعة مواضع :
الموضع الأول : قوله تعالى : { أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } النساء: 109
الموضع الثاني : قوله تعالى { أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ } التوبة: 109
الموضع الثالث : { أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا } الصافات :11
الموضع الرابع :{ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } فصلت: 40
القسم الثاني : اتفقت المصاحف على وصله ، وذلك في غير المواضع الأربعة السابقة ،
نحو قوله تعالى : { أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ } يونس : 35
، وقوله تعالى : {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } النمل: 62
، وقوله تعالى : {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ } الملك: 20 ، وغير ذلك كثير .
الكلمة السادسة :
" لام الجر " مع مجرورها ، وهي على قسمين :
القسم الأول : اتفقت المصاحف على قطع اللام عن مجرورها في أربعة مواضع :
الموضع الأول : قوله تعالى :{ فَمَالِ هَـؤُلاء الْقَوْمِ } النساء: 78
الموضع الثاني : قوله تعالى : { مَالِ هَذَا الْكِتَابِ } الكهف : 49
الموضع الثالث : قوله تعالى :{ مَالِ هَذَا الرَّسُولِ } الفرقان: 7
الموضوع الرابع : قوله تعالى :{فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } المعارج : 36
وحينئذ يجوز الوقف على ما أو على اللام في حالة الاضطرار أو في مقام الاختبار
كما ارشد صاحب لآلي البيان بقوله :
...... وَقَطْعُ مَالِ فِي النِّسَا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وَسَالَ وَالفُرقَانِ وَالكَهْفِ رَسَا
وَوَقفَهُ بِمَا أَوِ اللامِ اعْلَمَا
ولكن لا يجوز الابتداء باللام ولا بما بعد اللام في هذه المواضع بل يتعين الابتداء بما *****
القسم الثاني :
اتفقت المصاحف على وصله ، وذلك في غير المواضع الأربعة السابقة ،
نحو قوله تعالى : {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }الصافات : 154
، وقوله تعالى : {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ }غافر: 18
، وقوله تعالى : {وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى } الليل : 19 .
الكلمة السابعة :
" إن " المكسورة الهمزة المخففة النون مع " لم " وهي على قسمين :
القسم الأول : اتفقت المصاحف على وصل " إن " بــ " لم " في موضع واحد فقط ، وهو قوله تعالى : {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ }هود: 14 .
القسم الثاني : اتفقت المصاحف على قطع " إن " عن " لم " في غير الموضع السابق حيث جاء في القرآن ،
وذلك نحو قوله تعالى : {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ } البقرة :24
، وقوله تعالى : { وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ } المائدة :73
، وقوله تعالى : { لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا} الأعراف: 149
، وقوله تعالى : {إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً }الكهف : 6 ، وكل ما شابه ذلك .
الصورة الثالثة :
وقد جاءت في تسع كلمات متعددة المواضع أيضا ، وهذه الصورة تحتلف عن الصورتين السابقتين حيث إن كل كلمة من الكلمات التسعة تأتي على ثلاثة أقسام ، أحدهما متفق على قطعه ، والآخر متفق على وصله ، والثالث مختلف فيه بين المصاحف ، وفيما يلي بيان ذلك بالتفصيل :
يتبع بعون الله وتوفيقه
* انظر : نهاية القول المفيد في علم التجويد صــ 198 - 199 بتصرف.
** انظر : هامش هامش لطائف البيان شرح مورد الظمآن 2/ 72
*** هذه الصورة متلفة عن الأولى حيث إن كل كلمة من السبع بعضها متفق على قطعه والبعض الآخر متفق على وصله.
**** انظر : نهاية القول المفيد في علم التجويد صــ 197 بتصرف.
***** انظر : اتحاف فضلاء البشر صـ 106 بتصرف .