عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-11, 02:07 AM   #15
ام محمد الظن
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 06-02-2010
المشاركات: 280
ام محمد الظن is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الأربعون النووية
الدرس[5]
إن الحمد لله تعالى نحمده، ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا أعمالنا وسيئات أعمالنا، فإنها من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
الحديث الخامس
عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِr «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ:«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». هذا الحديث على وجازته ألا أنه أيضا من جوامع الكلم، وهو أصل من أصول هذا الدين تدور عليه أحكامه أيضا وقد عده بعض العلماء كما يقول الشاطبي أنه ثلث الإسلام، ومر معنا قول الإمام أحمد رحمه الله تعالى أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث الأعمال بالنية، ومن أحدث في أمرنا، والحلال بين، .
راوي الحديث :هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها، فهي الصديقة بنت الصديق، الحبيبة بنت الحبيب، الفقيهة العالمة، الزاهدة، الورعة، المبرئة في كتاب الله U، كما ترونا أن كنيته أم المؤمنين أم عبد الله، فأم المؤمنين لأنها زوجة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وهي من أحب الناس إليه كما سأل «من أحب الناس إليك قال عائشة» فهي أحب الناس إليه -صلى الله عليه وآله وسلم- هي أم عبد الله بعض أهل العلم يذكر أنها كان له سقطٌ ولد مات- ولكن هذا لا يصح، والصحيح أنها كنيت بأم عبد الله، عبد الله هذا هو عبد الله بن الزبير بن أختها أسماء، وهي خالته، والخالة بمنزلة الأم كما قال النبي r فكنيت بأم عبد الله لما بينهما من المحرمية وشدة المودة والرحمة رضي الله عنهم أجمعين، تزوجها النبي r بمكة وهي بنت ست سنين قبل الهجرة بثلاثة سنوات، ودخل بها في المدينة وهي بنت تسع سنين، وتوفي -صلى الله عليه وآله وسلم عنها- وهي بنت ثماني عشرة سنة، وتوفيت رضي الله عنها ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة سبع وخمسين من الهجرة وهي بنت ست وستين سنة وصلى عليها أبو هريرة t ودفنت بالبقيع بجوار صاحباتها رضي الله عنهن وأرضاهن أجمعين.
معاني الكلمات
يقول النبي r «من أحدث» أحدث بمعنى أنشأ واخترع من قبل نفسه، لأن الحدوث كون الشيء بعد أن لم يكن، .«في أمرناهذا» أي في ديننا وشرعنا.«ما ليس منه»: أي ما لم يأت به القرآن الكريم ولا السنة الشريفة، ولا يوافق قواعد الدين وأدلته العامة سواء أكان قولا أو فعلا أو اعتقادًا أو تركا.قوله «فهو رد»: كلمة رد بمعنى مردود هذا الوزن الذي هو فعل يأتي بمعنى مفعول، رد، مردود، سد أي مسدود، فمردود أي باطل غير مُعتد به.
المعني الإجمالي للحديث.
أن من جاء بقول أو عمل أو اعتقاد أو ترك وأضاف ذلك إلى الدين، أي أحدثه من عند نفسه أوجده بعدما لم يكن موجودا، سواء كان هذا في القول أو في الفعل، أو في الاعتقاد، أو في الترك وأضافه إلى الدين فهو مردود على صاحبه غير مقبولٍ منه وكذلك أيضا في مجال العقود والأنكحة والبيوع التي تخالف الشرع هي أيضًا باطلة ولا يترتب عليها آثارها،.
تلاحظون أن النبي r وضع لنا في هذا الحديث قيودًا لنعرف بها هل هذا الأمر بدعة شرعية أم ليس بدعة؟ لو تأملنا الحديث لوجدنا هذه القيود، «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ثلاثة قيود:
القيد الأول: هو الإحداث.القيد الثاني: في أمرنا: يضيف المحدث هذا الإحداث إلى الدين، يقول هذا الدين يتقرب به إلى الله U. القيد الثالث: ما ليس منه: يعني ما لم يدل على هذا الذي أتى به دليلٌ سواء كان هذا الدليل عام أو دليل خاص.
القيد الأول الإحداث: الدليل منه في الحديث «من أحدث» الإتيان بالأمر الجديد المخترع الذي لم يسبق إلى مثله، هذا الأمر الجديد المخترع قد يكون محمودًا أو مذمومًا، وقد يكون في الدين أو في غيره،هذا القيد وهو الإحداث، وهو أن يأتي بشيء مخترع يخرج منه ما لا إحداث فيه أصلا، مثل فعل الشعائر الدينية كالصلوات وصيام رمضان، والحج وغيره، لأن هذه الأمور هل هي محدثة؟ ليست محدثة، ليس أمرا مخترعا إنما الشرع هو الذي أمر بها، ويخرج من الأمور الدنيوية ما لا إحداث فيه أصلا، مثل الطعام، وكذلك اللباس وغيره من الأمور المعتادة عند الناس فهذه ليس فيها إحداث.
متى يصير هذا الإحداث بدعة في الدين؟ بالقيدين الثاني والثالث،فالإحداث كلمة عامة؟ إذا قيدنا هذا الإحداث بقولنا في أمرنا ،صار القيد الثاني وهو أن يضاف هذا الإحداث إلى الدين، وطبعا في أمرنا قلنا في ديننا وشرعنا، فالمعنى المقصود في البدعة أن يكون الإحداث من شأنه أن ينسب إلى الشرع ويضاف إلى الدين بوجه من الوجوه، إذن خرج من قولنا من أحدث مع هذا القيد الثاني يخرج الأمور الدنيوية ، لأننا قلنا في أمرنا أي في ديننا وشرعنا، فكلمة إحداث كلمة واسعة، فإذا قلنا في أمرنا ضاقت لأن المقصود به الإحداث في الدين، إذن ضاق الأمر ضاق فخرجت الأمور الدنيوية، .
القيد الثالث: ما ليس منه: أي أنه أتى بشيء مخترع وأضافه إلى الدين وليس له مستند شرعي لا دليل عام، ولا دليل خاص، قال وبهذا القيد تخرج المحدثات المتعلقة بالدين مما له أصلا شرعي عام أو خاص، قال فمما أحدث في الدين وكان مستندا إلى دليل شرعي عام ما ثبت بالمصالح المرسلة، نضرب مثال جمع الصحابة للقرآن هل جمعه النبي r، لا لم يجمعه، فهل هذا الأمر يكون بدعة في الدين نقول أن الصحابة ابتدعوا شيئا وهذا الشيء لم يكن موجودا على عهد النبي r فهم بذلك قد وقعوا في البدعة؟ لماذا لا، نقول لأن للصحابة في جمعهم لهذا القرآن مستندا شرعي، ما هو المستند الشرعي؟ هات لنا دليل من كتاب أو سنة أن لهم مستندا شرعي؟ نقول هنا الدليل ليس دليلا خاصا، وإنما هو دليل عام وهو المصلحة المرسلة، ما هي المصلحة هنا؟ حفظ الديانة، جمعوا القرآن لأن القراء قد اشتط فيهم القتل وخشوا على كتاب الله U فقالوا : كيف نحافظ على كتاب الله U بأي وسيلة؟ قالوا وسيلة الجمع، فجمعوا هذا القرآن،عندنا دليل آخر خاص ولكن أنا ذكرت هنا الدليل العام عليه، الدليل الخاص: هو أن النبي r قال: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» و القرآن جمع في عهد أبي بكر t ومعه كل الصحابة.فإذن هذا لا يعد ابتداعا لأن له مستند شرعي، كذلك أيضا سيأتي معنا .
إشكال والجواب عليه: وهو مسألة صلاة التراويح وجمع عمر للمسلمين على قارئ واحد وإمام واحد، نقول ابتداء هنا أن هناك مستند شرعي لعمر؟ ما هو؟ وهو أن النبي r صلاها في جماعة، نعم هي لم تصلى في عهد أبي بكر ولا عهد عمر، ولكن صلاها النبي r جماعة، والنبي تركها حتى لا تفرض على المؤمنين، فبموت النبي r زال هذا الأمر الذي يخوفه من الاجتماع بالناس ففعلت في جماعة، وسيأتي معنا كيف نرد على قوله نعمت البدعة أو نعم البدعة هذه، إذن إذا استند الأمر إلى مستند شرعي بطريق خاص أو بطريق عام، لا يسمى هذا الأمر بدعة، وقس على ذلك مسألة تقسيم العلوم إلى علم الحديث، وعلم أصول الفقه، وعلم مصطلح الحديث، وعلم النحو، وعلم البلاغة، وعلم كذا، تقسيم هذه العلوم هل هذه بدعة؟ نقول ليست بدعة، يقول هذه لم تكن موجودة؟ نقول نعم هذه لم تكن موجودة إنما لها دليل عام وهو حفظ اللغة التي يقرأ بها القرآن أو حفظ العلوم التي يعلم بها الشرع فهناك مستند عام من المصلحة المرسلة، .
إذن لابد أن يكون لهذه البدعة أو المحدثة حتى نقول أنها ليست بدعة شرعية أن يكون لها مستند وأصل شرعي إما بطريق عام أو بطريق خاص.
مسألة: إذا رفع المأموم رأسه من الركوع فوضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة، بدعة أم لا؟ بعض العلماء من الأكابر قال أنها بدعة ، إنما نقول قد يكون هناك مستند شرعي وهو العموم في قوله: «أمرنا أن نضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة» فطالما أنه له مستند لا أقول فلان مبتدع لأنه يفعل ، فقس على ذلك، .
مسألة:الصلاة في مسجد صغير بعض الإخوة يشتط ويقول أنها بدعة، لماذا بدعة؟ يقول لأن السنة الصلاة في المساجد الكبيرة، نقول نعم سنة، ولكن هذه المساجد الكبيرة والصغيرة هل العبرة بالاجتماع في مسجد كبير وصغير وفقط، لا العبرة في الاجتماع لسماع الموعظة ودين الله U، فإذا كان هناك مسجد كبير جدا وهو أكبر مسجد في المدينة في المكان، هل إذا صلينا في زاوية صغيرة نكون قد ابتدعنا؟ نقول إذا كانت هذه المساجد الكبيرة لا يسمع فيها إلا ما يمرض القلوب ولا يقوم بإمامتها إلا من عين رغما عن أنف الناس، وهو ليس بعالم، وليس بمجتهد، بل نصب أو أسند الأمر لغير أهله فساعتها تكون الصلاة في هذه المساجد من باب حفظ الديانة فلا توصف بالبدعية، ولذلك أنا أقول إياك أن تشتط في قولك بدعة سنة إلا بعد أن ترى هل المسألة فعلا بدعة أم سنة.
التعريف الشرعي للبدعة : ما أُحدث في دين الله وليس له أصلٌ عامٌ ولا خاصٌ يدل عليه، أو بعبارة أوجز نقول ما أُحدث في الدين من غير دليل سواء كان هذا الدليل دليل عام أو دليل خاص، .
س:ما الفرق بين الابتداع والإحداث؟ الإحداث عام هو في كل أمر مخترع محمودا كان أو مذمومًا في الدين أو غيره، أما الابتداع يكون في كل أمر مخترع مذموم في الدين خاصة، أو نقول في الدين خاصة ليس له مستند شرعي، إذن لفظ البدعة غلُب إطلاقه على الأمر المخترع المذموم في الدين خاصة، ولفظ المحدثة غلُب إطلاقه على الأمر المخترع المذموم في الدين كان أو في غيره، فأيهما أعم، وأيهما أخص؟ الإحداث أعم من الابتداع.
كلمة الإحداث في لسان الشرع يدخل فيها المعاصي والذنوب، ما هو الدليل على ذلك؟ الدليل قول النبي r وهو يتكلم عن حرم المدينة يقول: «من أحدث فيها أي في الحرم - حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا: قال ابن حجر أي أحدث معصية، ولذلك المعصية في المدينة، وفي مكة أشد إثما من المعصية في مكان آخر، وكذلك أيضا قال القاضي فيما نقله عنه النووي في شرح مسلم، قال: معناه من أتى فيها إثما، إذن الإحداث أعم من الابتداع.
قد يسأل سائل فيقول مثلا طريقة من الطرق الصوفية المبتدعة اخترعها بعضهم فمات فأتى بعده خلوف يفعلون مثل فعله فذهبت أنت إليه فقلت أيها الشخص لا تبتدع في دين الله U، قال أنا ما ابتدعت، أنت تفعل بدعة، قال: نعم، فقلت أنت له ألم تسمع إلى قول النبي r «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» أنا لست محدثا أنا لم أخترع ولم أنشئ إنما هو يتعبد بطريقة من اخترع قبله كيف نرد على هذا؟ الرد عليه بالرواية الثانية التي عند مسلم وهي قول النبي r: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» نقول له أنت سُبقت، وأنت لم تنشأ ولم تخترع أنت ولكنك فعلت عملا ليس عليه أمر النبي r ليس من دينه ولا من شرعه فهو مردود أيضا أنت عليك .
استشكال آخر :بعض الناس يشبه في بعض الكلام ويقول : عندنا البدعة بدعتان، بدعة حسنة، وبدعة سيئة أو بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، يقول ، هذا المبتدع البدعة جائزة إذا كانت حسنة ، ويستدل على ذلك بأدلة منها قول عمر t «نعمت البدعة» ولفظ البخاري «نعم البدعة هذه» قال: عمر t يستحسن من البدع أشياء فقال نعمت البدعة، إذا استحسنها ،وقول النبي r «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها» قال مستدلا: من سن في الإسلام سنة حسنة، وهذا الرجل الذي فعل هذه البدعة إنما فعلها ليتقرب بها إلى الله U وهي ليست سيئة فقد سنها لغيره يتعبد بعده بها، ويقول لك أن الشافعي قال: البدعة بدعتان، بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، إذن عندنا بدعة محمودة، وعندنا بدعة حسنة،.
ام محمد الظن غير متواجد حالياً