عرض مشاركة واحدة
قديم 10-05-11, 05:55 PM   #2
ام محمد الظن
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 06-02-2010
المشاركات: 280
ام محمد الظن is on a distinguished road
t الدرس الأول( حديث إنما الأعمال بالنيات)


الدرس الأول
هذا هو اللقاء الأول بفضل الله U مع الأربعين النووية للسيد الحصور الإمام النووي رحمه الله تعالى، وبدأها بالحديث الأول قال عن أبي حفص عمر بن الخطاب t قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: «إِنَّمَاالأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْكَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُوله فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِوَرَسُوله، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا، أَو امْرأَةيَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد هذا الدين حتى أن بعض أهل العلم كعبد الرحمن بن مهدي وغيره قالوا: ينبغي لمن صنف كتابًا أن يبدأ فيه بهذا الحديث، لماذا ينبغي؟
قالوا: تنبيها للطالب على تصحيح النية حتى أن الإمام أحمد وهذا القول أيضا مأثور عن الشافعي قال إن مدار الإسلام أو مدار أصول الإسلام إنما يدور على ثلاثة أحاديث فذكر منها حديث عمر الذي معنا إنما الأعمال بالنيات، وذكر منها حديث عائشة وهو من أحدث في أمرنا، وسيأتي بإذن الله، وذكر منها حديث النعمان بن بشير الحلال بين، والحرام بين، حتى أن الشافعي قال أن هذا الحديث هو ثلث الإسلام، ثلث الإسلام، وقال الشافعي يدخل في سبعين بابا من الفقه، وقيل هو ربع الإسلام.
إذن مدار كلامنا على هذا الحديث لن ينصرف عن ربع الإسلام ولا عن ثلثه فإذن هو حديث مهم جدًا وهو أصل عظيم جدًا ونافع جدا من أصول الإسلام، قال عن أبي حفص عمر بن الخطاب t، عن أبي حفص هذه كنيته،والكنية هي ما تبدأ بأب أو أم أو غير ذلك، فهنا قال عن أبي حفص، من الذي سماه بهذه الكُنية؟ذكر أن النبي r هو الذي كناه بذلك لقوته وشدته في الحق، وأما معناها :قيل الحفص هو الشبل وهو ولد الأسد فأبو حفص هو الأسد، فإذن أبو حفص عن أبي حفص يقصد الأسد، فأبو حفص اسم من أسماء الأسد أو هو اسم لابنه، وعلى كل فإذن عمر كان أسدًا وكان فاروقا كما لقب أيضًا بذلك، أما عمر فهو عمر بن الخطاب t ابن نُفيل يجتمع نسبه مع نسب النبي r في كعب بن لؤي.
أسلم عمر بن الخطاب t قيل في السنة السادسة من النبوة، وقيل في السنة الخامسة، وتوفي شهيدا t في سنة ثلاثٍ وعشرين من الهجرة، قال سمعت رسول الله r أما الصلاة على النبي r فأرجح الأقوال فيها قول، قول أبو العالية الذي رواه عنه البخاري أن الصلاة هي الثناء عليه في الملأ الأعلى، صلى الله عليه، أي أثنى عليه في الملأ الأعلى، وسلم، هذا دعاء أيضا للنبي r أن يسلم حيا وميتا، فأما حيا فلا يصل إليه أعداؤه ويسلم في بدنه فلا يستطيع أحد أن يغتاله أو يقتله r وهذا ما كان بفضل الله، وكذلك أيضًا ميتا، بأن يسلم جثمانه الشريف وأن تسلم سنته من التحريف، فالسنة الصحيحة هي من الذكر الذي حفظه الله U أيضًا على هذه الأمة.
يقول «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» هذا الحديث أو هذه اللفظة وردت بألفاظ أخرى، منها ما ورد في الصحيح «إنما العمل بالنية» على الإفراد هنا قال إنما الأعمال، في بعضها الروايات في الصحيح قال: «إنما العمل بالنية» وفي بعضها «إنما الأعمال بالنية» والخلاف بين هذه الألفاظ يسير جدًا، فإن المعنى واحد ومفهوم، وهو أن الألف واللام تفيد الجنس، أي إنما جنس الأعمال بالنيات، ولكن ما معنى هذه اللفظة «إنما الأعمال بالنيات»؟هنا وقع خلاف بين أهل العلم في معنى هذه اللفظة، وذلك في تقدير المضاف المحذوف.
القول الأول: إنما الأعمال بالنية، معناه إنما وقوع الأعمال وإيجادها يكون بسبب النية،أي أنه ليس هناك عملا لعامل عاقل مختار إلا إذا كان له قصدا وإرادة في فعل هذا العمل، أي أنك في أي عمل من أعمال حياتك قدمت إلى المسجد لك إرادة فيها وقصد، أكلت لك إرادة في الأكل وقصد و،شربك كذلك، فيقولون: إنما إيجاد الأعمال ، لابد له من نية وقصد لصاحبه فإن النية هي السبب في إيجاد الأعمال، وهنا تكون كلمة الأعمال تفيد الجنس أو الاستغراق، أي كل الأعمال إنما تكون بسبب النية، ولذلك في الحديث وإن كان فيه مقال حديث أبي وهب الجشمي أن النبي r وفيه اللفظة الصحيحة «وأحب الأسماء إلى الله عبد الله، وعبد الرحمن ثم قال r: وأصدقها حارث وهمام» أي أن: ما من إنسان له عقل واختيار إلا فيه هاتين الصفتين أنها حارث يجمع، ويريد على هذه ويحصل هذه وأنه همام أي له همة وله هم يشغله، ولذلك كل إنسان يصدق عليه أنه حارث وأنه همام، هذا المعنى الأول لهذه اللفظة، إنما الأعمال بالنيات، أي إنما إيجاد الأعمال ووقوعها يكون بسبب النية التي قصد صاحب هذه النية إيجاد العمل به، فتكون هنا الأعمال كل الأعمال سواء كانت الأعمال التعبدية أو الأعمال العادية أو غيرها، هذا القول الأول وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في شرحه لهذا الحديث في مجموع الفتاوى.
القول الثاني: إنما الأعمال بالنيات: قالوا أن هنا المحذوف قوله صحة أو قبول أي إنما صحة أو قبول العمل بسبب النية، فإذا كانت النية صحيحة كان العمل صحيحا وإذا كانت النية صحيحة كان العمل مقبولا، وإذا كانت النية صحيحة كان هذا العمل يترتب عليه الأجر والثواب عند الله U.
وهذا القول رجحه كل من اطلعت على شرحه من المتأخرين إلا ابن عثيميين فإنه مال إلى القول الأول، على القول الأول والمسألة ليس فيها كبير خلاف ولا نزاع، فإن الذي سيحل هذه المشكلة أو سيصل بنا إلى المطلوب الحقيقي من هذا الحديث هو قوله r «وإنما لكل امرئ ما نوى» إذن إنما الأعمال بالنيات حصلنا على القول الأول، وهو أن إيجاد العمل ووقوعه إنما يكون إنما بسبب النية، وأن كل إنسان يصدق عليه أن يوصف أنه حارث وأنه همام.
القول الثاني: إنما صحة الأعمال وقبولها إنما يكون بسبب النية فكلمة بالنيات الباء هنا تسمى بباء السببية أي أنه بسبب نيته الصالحة صح عمله الذي تقرب به إلى الله U، على القول الثاني إنما صحة الأعمال يكون المقصود هنا بالأعمال، الأعمال الشرعية التي يشترط لها النية، يعني إذا قلنا إنما الأعمال بالنيات، إنما صحة العمل متوقفة أو بسبب النية الصالحة فإنما نقول أن هذه الأعمال المقصودة على القول الثاني أن الأعمال الشرعية فقط، التي يشترط لها النية، فهل هناك أعمال شرعية لا يشترط لها النية وتقع صحيحة؟، نقول نعم كرد المظالم إنسان أخذ منك قلمك ، وبعد ذلك قال هذا قلم فلان، فقلنا يا فلان خذ قلمك، فهل يؤجر ويثاب علي رد المظالم؟ لا يثاب على رد المظالم إلا إذا كانت نيته التقرب بذلك إلى الله U و، هناك أعمال أخرى لا يشترط لها النية، كإزالة النجاسة إما من على الثوب أو على البدن أو على البقعة التي يصلي فيها الإنسان فإزالة النجاسة شرط لصحة صلاة العبد، فإذا أزال النجاسة لأنها نجاسة بلا نية التقرب إلى الله U، فبذلك أزيلت النجاسة ، ولكن لا يؤجر صاحبها عليها إلا إذا أزالها بنية التقرب إلى الله U إذن إنما صحة الأعمال أو قبولها بالنية أي بسبب النية في الأعمال الشرعية التي يشترط لها النية، أما الأعمال الشرعية التي لا يشترط لها النية كأعمال التروك وكرد المظالم إزالة النجاسة، هذه الأشياء لا يشترط النية في صحتها إنما تشترط النية لتحصيل الأجر بها،.
قال: إنما الأعمال بالنيات، ما هي الأعمال على هذا الحديث؟ يكون إذن على القول الثاني إنما الأعمال هنا كل ما يصدر من المكلف(البالغ العاقل) من قول أو فعل، إنما هذه الأعمال تكون صحيحة ومقبولة عند الله ويؤجر صاحبها عليها بسبب نيته إذن إذا تكلمت بكلمة فينبغي أن تكون لك نية في هذه الكلمة حتى تؤجر عليها وإذا فعلت فعلا ينبغي أن يكون لك نية في هذا الفعل حتى يقع صحيحا وتؤجر عليه، ولذلك يقول أهل العلم أن النية ينبغي فيها شيئا زائدٌ عليها وهي الإخلاص فيقولون أن هناك نية متجهة للعبادة، وهناك نية متجهة إلى المعبود، النية قسمان:
الأول: نية متجهة إلى العبادة.الثانية: نية متجهة إلى المعبود وهي شيء زائد يسمى بالإخلاص.
القسم الأول:فلابد أن يكون له نية متجهة للعبادة، أي أن هذه النية تميز هذه العبادة عن غيرها، مثال ذلك: حينما تدخل إلى صلاة العشاء تصليها أربع ركعات، وتصلي بعدها قيام الليل وليكن أربع ركعات أيضًا، ما الذي يميز قيام الليل بهذه الأربعة عن صلاة العشاء بهذه الأربعة، النية، فالذي يميز بين العبادات بعضها وبعض إنما هو النية، كذلك أيضًا تميز النية بين العبادة وبين العادة، إنسان يفعل شيئا قد تكون صورته هي صورة العبادة، ولكن فعلها من باب العادة، هنا النية تميز فتقول هذه عبادة وهذه عادة، مثال ذلك اغتسل في يوم حار للتبرد فهذا عادة ولكن إذا اغتسل لرفع الحدث ليصلي ،صار هذا الغسل عمل عبادي مشروع، فهنا أيضا النية تميز بين ما هو عبادة، وما هو مباح.
القسم الثاني من النية: أن تكون هذه النية متجهة إلى المعبود، نعم رجل يصلي أو يذكي أو يتصدق أو يقوم الليل نقول له بنية ماذا؟ فإذا قال بنية التقرب إلى الله U قلنا هذا العمل مشروع، وهذا عمل طيب تثاب عليه، فإذا كان قصد الفاعل نية التسميع أو أن يراه الناس أو أن يثنوا عليه بهذا العمل وفقط، نقول له لا أجر لك فيها بل هذا نوع من الشرك الأصغر كما بينه النبي r.
إذن هنا لابد من شيء زائد وهو أن تكون هذه النية متجهة إلى المعبود، هذه النية المتجهة إلى المعبود لم تذكر في القرآن بهذا اللفظ إنما ذكرت بالإخلاص، وذكرت بالابتغاء ﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ [الليل: 20]. وذكرت بإرادة وجه الله ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ فهنا الإرادة بمعنى النية والقصد إلى أن يكون هذا لله U، ولذلك هذه نصيحة اجعل عملك كله لله U لا تشرك فيه أحدا، فإن الله U قال ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الفرقان: 58].
فلا تتوكل على من ليس بحي على جهة الدوام، ولا لا يموت إنما البشر يموتون فاجعل تعلقك واجعل فعلك لله U، وهذا أمر مهم، فاجعل مجيئك الآن إلى هذا المعهد إرادة الله U فإذا سئلت لماذا تذهب إلى المعهد؟ قلت أتعلم العلم الشرعي ابتغاء وجه الله تعالى، كانت هذه النية نية طيبة إنما أتى إلى المعهد ليقال له العالم، أو طالب العلم، أو يقال له فلان مبرز في كذا أو عالم بكذا أو نحرير في كذا أو أصولي وفقيه وغير ذلك أو البحر العُجاج أو يقال له محي السنة أو شيخ الإسلام فكل هذه نيات فاسدة، «فمن راءي راءي الله به، ومن سمّع، سمّع الله به»، وكما قيل:
أن ثوب الرياء يشف ما تحته



فإذا اكتسيت به فإنك عاري


يعني مهما لبس من الملابس التي لا تليق به وليس له فإنه يُسمّع به ويُراءي به أيضا والعياذ بالله، إذن توجه بعبادتك إلى الله U وكن حالك كحال الصديق الذي أثنى الله U عليه فقال: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ [الليل: 17- 20]. أي سوف يرضى من كانت هذه صفته أنه لا يسأل الناس شيئا حتى الثناء ولا الكلام لا يسأله من الناس إنما لو وقع الثناء من الناس دون إرادته فلا يضره إنما لابد أن يكون العبد مخلصًا ومتجهًا ومريدًا ومبتغيا ما عند الله U.
قال: «وإنما لكل امرئ ما نوى»، اللام في (لكل) لام الملك كما في قوله تعالى ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: 39]. أي لا يملك ولا يحصل إلا ما سعاه وفعله، كذلك هنا «وإنما لكل امرئ ما نوى»، أي كل امرئ يملك أجره من العمل على قدر نيته، فإذا نوى نية صحيحة كان العمل صحيحًا، وإذا كان العمل صحيحًا ونوى نية عظيمة كان الأجر على قدر هذه النية العظيمة فكلم عظمت النية كلما عظم الأجر وكلما ضعفت النية كلما ضعف الأجر، «وإنما لكل امرئ ما نوى»وقيل: وإنما لكل امرئ ما نوى كالسابقة في القول الثاني في إنما الأعمال بالنيات، أي إنما صحة عمل كل امرئ بما نواه، وإنما قبول كل امرئ بعمله أو على أجره بما نواه، ولذلك :ينبغي ألا يقصد بعمل الآخرة إلا وجه الله U كما قال النبي r في حديث أبي هريرة: « أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» وفي رواية أيضا عند مسلم قال: « فأنا منه برئ هو للذي فعل» وفي رواية عند ابن ماجة «فأنا منه برئ وهو للذي أشرك»، فالله أغنى الشركاء عن الشرك فينبغي أن تكون العبادة منصرفة لله U وحده لا شريك له، ثم قال النبي r «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله» طبعا ابن تيمية رحمه الله رجح القول الأول وهو إنما الأعمال بالنيات أي إيجادها قال لأن نهاية الحديث ذكر النبي r فيه عملا صالحًا ثم بين أن النية تجعل هذا العمل يؤجر عليه صاحبه وهذه النية لا تجعل لصاحبها أجر ولا ثواب في ذلك العمل، هنا النبي r أتى بالقاعدة «إِنَّمَاالأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، » فصحة العمل وقبوله ووقوع الثواب عليه إنما هو بسبب نية العبد، «وإنما لكل امرئ ما نوى» هذه قاعدة، ثم انتقل النبي r إلى ضرب المثل فضربه بمسألة الهجرة، والهجرة تعني الانتقال والترك، أي أن الإنسان انتقل من مكان إلى مكان ، كأن ينتقل المرء من دار الكفر إلى دار الإيمان، وهذه الهجرة أيضًا أن ينتقل ويترك المرء الأعمال السيئة والمعاصي إلى الحسنات كما في الحديث الذي رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي r قال: «والمهاجر من هجر من هجر ما نهى الله عنه» وهذه الهجرة التي لا انقطاع فيه بفضل الله U وهي أن يهجر المرء الذنوب والمعاصي، هذا هو المهاجر الحقيقي.
يعني القسم الأول الذي هجر دار الكفر إلى دار الإيمان كما سنبين إنما هجرها فارًا بدينه لأنه لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه فترك هذا البلد وإن كان حتى هو وطنه الذي ولد فيه إلى ذلك البلد الآخر لكي يعبد ربه سبحانه وتعالى، فإذن الهجرة «فمن كانت هجرتهأي إلى الله ورسوله- فهجرته إلى الله ورسوله » وهنا تلحظ أن هنا فعل شرط وجوابا لهذا الشرط، والفعل والجواب قد اتفقا في اللفظ، قال«فمن كانت هجرته» ولم يقل فله كذا من الحسنات، وله كذا من الأجر والثواب، إنما قال فهجرته إلى الله ورسوله، فهل هذا من باب التأكيد؟
نقول أن الأصل في الكلام، تأسيس معنى جديد وليس التأكيد، لماذا كررت؟قال أهل العلم أن ذلك لثلاث أقوال أرجحها: أن التغاير يقع تارة باللفظ وتارة بالمعنى ويفهم ذلك من السياق، يعني ممكن أن اللفظ يتغير فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فقد حصل على أجر عظيم، هذا تغير ، باللفظ، فاللفظ الأول في فعل الشرط غير جواب الشرط، أما هنا وقع الاتفاق في اللفظ ولكن التغاير في المعنى، لماذا التغاير في المعنى؟ لأننا قلنا أن الأصل في الكلام هو التأسيس أن يأتي بمعنى جديد وليس التأكيد، فالمعنى: قال أهل العلم : فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدا فهجرته إلى الله ورسوله حكما وشرعا، وبعض أهل العلم قال ثوابا وأجرًا فيكون المعنى الأول مغايرا للمعنى الثاني، ولكن ما الحكمة من أن النبي r كرر اللفظة بلفظها ولم يغاير بين اللفظين، قيل لأن العمل الذي قصده هذا المكلف بالهجرة إلى الله والهجرة إلى رسوله r إنما هو عمل عظيم استغني لبيان جلالته وعظمته عن ذكره، أي عن ذكر الأجر فيه، كما أقول لك إذا حفظت الأربعين فقد حفظتها فالمعنى هنا فقد حفظتها، المعنى هنا قد يقول البعض أنه للتأكيد، والمعنى هنا ليس مستقيما، إذا حفظت الأربعين فقد حفظتها ، كذلك عندما أقول من صام فهو الصائم أو من صام يوم الاثنين فقد صام نقول أن المعنى هنا معنى جديد، من صام وفق الشرع ونيته وقصده لله U فقد صام أي فقد وقع أجره على الله، لماذا لم تقل ذلك؟ فقد وقع أجره أو فله الأجر والثواب من الله U، أقول :لأن صوم يوم الاثنين شديد الحر فكان من يصومه هو الصائم على الحقيقة، فأقول لك أن ذكر الأجر أتينا بنفس اللفظ وبنفس المعنى لبيان عظمة من صام، إنما لو قلت من صام يوم الاثنين فله أجر عظيم مالذي حدث؟ إذا أردت أن أسس هذا المعنى وأعظمه أقول من صام يوم الاثنين فقد صام، وهذا المعنى يعني ستجده في نصوص كثيرة.
إذن «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله» إذا قلنا لا هجرة أو كما قال النبي r «لا هجرة بعد الفتح، وإنما جهاد ونية» نقول لا هجرة بعد الفتح أي لا هجرة من مكة بعد الفتح لأنها صارت دار إسلام، أما الآن فإذا كان الإنسان يعيش في دار كفر فله أحوال في الهجرة أحيانا تجب، وأحيانا تستحب، وأما مكثه في دار الكفر، فنقول له أن لها أحوال أيضا فنذكر الثلاث مراتب من مراتب الهجرة:
القسم الأول وهي الهجرة الواجبة: نقول لهذا الشخص يجب عليك أن تهاجر، من هو هذا الشخص؟ هذا الشخص هو من يقدر على الهجرة ولا يمكنه إظهار دينه لوجوده بين الكفار، إنسان ما يقيم في دولة من دول الكفر، ولا يستطيع أن يظهر شعائر دينه لوجوده بين هؤلاء الكفار وهو قادر على أن يترك هذه البلاد إلى غيرها فنقول له في هذه الحالة يجب عليك أن تهاجر صيانة لدينك اذهب إلى بلاد المسلمين تكثر سوادهم، تعينهم على الدفع عن أنفسهم عن هؤلاء الكافرين لا تكثر سواد الكافرين ولا تجلس معهم فأنت ليس عندك قدرة على إظهار دينك،.
القسم الثاني من لا هجرة عليه: أي لا تجب عليه الهجرة ولا تستحب أيضًا على الراجح وهو العاجز عن الهجرة، مثل المريض إنسان أسلم وهو في بلد كفر، وهو مريض لا يستطيع أن يسافر إلى بلد آخر فنقول هذا عاجز، هل تستحب الهجرة؟ نقول أن هنا رجلا عاجز، فالعاجز لا يوصف لا بوجوب ولا باستحباب وكذلك أيضًا من أكره على الإقامة هو في بلاد الكفر أسلم فقبضوا عليه ووضعوه في السجن، نحن نقول أن هذا لا هجرة عليه، كذلك أيضًا الضعيف كالنساء والأولاد الذين لا يستطيعون حيلة ولا يجدون سبيلا فهؤلاء أيضا لا هجرة عليهم.
القسم الثالث وهو من تستحب له ولا تجب عليه: وهو من يقدر عليها لكنه يتمكن من إظهار دينه حال إقامته في دار الكفر، الذين قالوا بالاستحباب قالوا: لأنه إذا انتقل إلى دار الإسلام فإنه يكثر سواد المسلمين وبتركه للكفار فإنه لا يرى منكرهم ولا يكثر سوادهم فقلنا أنه يستحب له أن يترك هذه البلاد ثم يذهب إلى بلاد المسلمين فهو قادر على الهجرة، وهو قادر على إظهار شعائر دينه فنقول له أن الانتقال يستحب لك وهو أفضل ولكن قد تستحب له الإقامة في ديار الكفر وقد تجب عليه أيضًا ، في حالة إذا كان قادرًا على إظهار شعائر دينه وكذلك إذا كان له مدخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الحفاظ على شعائر الإسلام الظاهرة في هذا البلد ففي هذه الحالة قد نقول أنه يجب عليه أن يقيم لأن المصلحة في بقائه أعلى بكثير في المصلحة من تركه هذه الديار، يعني بشرط أيضًا أن تكون مصلحة عامة وليست مصلحة شخصية.
الشوكاني رحمه الله: في السيل الجرار قال هذا المعنى قال: ( إن كان المصلحة العائدة على طائفة من المسلمين ظاهرة، كأن يكون له مدخل في بعض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو في تعليمه معالم الخير بحيث يكون ذلك راجحًا على هجرته وفراره بدينه ، فإنه يجب عليه ترك الهجرة رعاية لهذه المصلحة الراجحة،) لو إنسان يقيم في أمريكا مثلا، ولكن له مدخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أمريكا عنده قدرة على تعليم الناس في أمريكا الإسلام الصحيح فهو ذهب للدعوة ولنشر هذا الدين فنقول له أن بقاءك هنا ولا تنتقل إلى بلادنا بلاد الإسلام هذا أولى لك قد يجب عليك أو قد يستحب لك،.
الخلاصة أحوال الناس في الهجرات ثلاثة:
الصنف الأول: من تجب عليه وهو من يقدر عليها ولا يمكنه إظهار شعائر دينه في بلد الكفر.
الصنف الثاني: من لا هجرة عليه وهو العاجز عنها لمرض أو إكراه على إقامة أو ضعف من النساء والأولاد وشبههم.
الصنف الثالث: من تستحب له أو قد تجب عليه ولا تجب عليه الهجرة: وهو من يقدر عليها لكنه يتمكن من إظهار دينه وله مدخل في بعض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمصلحة عائدة على طائفة من المسلمين.
هل يجوز أن نسافر إلى بلاد الكفر؟ نحن نتكلم عن الهجرة من بلاد كفر إلى بلاد الإسلام فهل يجوز العكس رجل يريد أن يذهب إلى أمريكا أو إلى النمسا أو إلى هولندا أو إلى أي بلد من هذه البلاد، وهذا البلاد بلاد كفر، طبعًا هذه لفظه كي لا يتهموا السلفيين أنهم يكفروا الناس ويقولون بلاد كفر ، وهي ليست بلاد حرية إنما الحرية عندهم، الحرية الصليبية واعتد بذلك بفعل فرنسا بلد الحرية بحظر المنتقبات أتوا بواحد غريب الأطوار يقول أنا أتعامل مع المرأة ولغة التجاوب بالوجه والعينين هذه لغة مؤثرة يقولون : تعادل 35% من الكلام هو لغة التأثير بتعبير الوجه والعينين يقول فأنت تحجب عني اللغة، أقول له حجبك الله U أو هداك أنت مجرم، وطبعا هذه الشبهة ،تلقفها قبل ذلك وزير الأوقاف الأسبق في كتابه النقاب عادة وليس عبادة، أتى بهذه الشبهة بعينها أنت متخيل لكي تعلم أنهم يعني حذو القزة بالقزة، إذا دخلوا جحر ضب دخلوه وراءهم نفس الكلام ونفس الفلسفة ونفس المعاني،
هل يجوز السفر إلى بلاد الكفر؟
قال أهل العلم: أنه لا يجوز السفر إلى بلاد الكفر إلى بثلاثة شروط.
الشرط الأول أن يكون عنده علم يدفع به الشبهات: فليس من المعقول أن يذهب أحد لبلاد الكفر لا يعلم شيئا ويذهب إلى بلاد الكفر الذين يرسلون إلينا سموم الشبهات وسيقع في كثير من الشبهات ولا يستطيع أن يجيب على ذلك، فنقول له يجب أن يكون عندك علم يندفع به الشبهة.
الشرط الثاني أن يكون عنده دين يحميه من الشهوات: أنت ذاهب في الهواء الطلق المفتوح للشهوات تجد العاريات الخمور الكذا كل هناك الأمور مباحة، واضح فلابد أن يكون عنده دين صلب وإلا لو ذهب إلى هناك لافتتن ، لأن الفتن خطافة لا يقول إنسان أنا قوي وقادر وأنا ديني صلب وأنا تمام نقول لا فر من بلاد الكفر فرارك من الأسد، لا تقول الأسد وأنا قادر على مواجهته من الذي قال قد يضعف الإنسان في لحظة وهذا فيه خطر يقول أنا قادر على كذا قد تضعف في لحظة، والفتن خطافة فاحذر هذا.
الشرط الثالث: أن يكون محتاجًا إلى ذلك: كأن يكون مريضا ، يذهب للتطبب ثم يعود، كأن يكون يحتاج إلى تعلم علم معين لتحتاجه الأمة تخصص نادر من التخصصات، يحتاج إلى أن يذهب ليتعلمه ثم يرجع يسد به فرض الكفاية في هذه
ام محمد الظن غير متواجد حالياً