عرض مشاركة واحدة
قديم 07-07-07, 03:00 PM   #10
رقية
معلمة بمعهد خديجة
Lightbulb المجادلة بالباطل في آيات الله

المجادلة بالباطل في آيات الله

ملخص الخطبة
المجادلة في الله بغير علم من أعظم أسباب مقت الله , والآيات في ذلك – صفات المجادلين بالباطل – كيف تواجَه شبه الملحدين في رفضهم التحاكم إلى الشريعة – خطورة المجادلة عن المسرفين وأهل الباطل
-------------------------
الخطبة الأولى
عباد الله: إن من أعظم أسباب مقت الله وغضبه المجادلة في الله بغير حجة من الله والمحاجة في دينه بغير هدى منه سبحانه فتلكم يا عباد الله توجب غضبه سبحانه ومقته وتوجب طبعه على قلب صاحبها فلا يعرف بعد ذلك معروفاً ولا ينكر منكراً وهو الضال الذي ذمه الله بقوله: كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب ثم بين سبحانه وتعالى من هو المسرف المرتاب في الآية التي بعدها: الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم فالمسرف على نفسه المتجاوز قدره الطاغي في شؤونه المرتاب في دينه فلا يقين عنده بوعد الله ووعيده ولا يقين عنده بحكم الله وشرعه ولا يقين عنده بقضاء الله وقدره هم الذين يجادلون في آيات الله الظاهرات البينات التي تتلى من كتابه أو أحاديث رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الثابتة عنه تتلى عليهم فيجادلون فيها بمخاريق من القول وزور من الكلام وهجر من الحديث يجادلون فيها بغير حجة ولا سلطان إلا ما جاء عن الله أو عن رسوله فالحجة والسلطان والبرهان فيهما وكل ما عدا الكتاب والسنة فراجع إليهما ثم يبين سبحانه شدة وعيد من كان هذا شأنه بقوله جل وعلا: كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا أي والله إن الله سبحانه ليمقت على ذلك أشد المقت ويغضب أشد الغضب على من يجادل في آياته البينات الباهرات وحججه الساطعات بموروثات من الأسلاف أو ضغوط من الواقع أو استسلام للعادات وكل هذه ترهات لا يجوز لمسلم أن يجادل بها في آيات الله ثم بين جل وعلا أن من كانت هذه صفته يطبع الله على قلبه فلا يعرف بعد ذلك معروفاً ولا ينكر منكراً ولذلك قال سبحانه: كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار وكم رأينا من ذلك أصنافا ممن يجادل في آيات الله بغير سلطان حتى وصل ببعضهم الحال إلى ما قص الله في كتابه فصار مطبوعاً على قلبه لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكرا فالمعروف عنده هو ما عرفه واشتهاه والمنكر عنده ما كرهه وخالف هواه ولو كان هو مراد الله فالكبر هو الحامل له على إتباع الهوى والمجادلة في آيات الله بلا حجة ولا برهان: إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه .
قال ابن كثير رحمة الله عليه: أي يدفعون الحق بالباطل ويردون الحجج الصحيحة بالشبه الفاسدة بلا برهان ولا حجة من الله فهؤلاء إن في صدورهم إلا كبر عن اتباع الحق واحتقار لمن جاء بالحق وليس ما يرومونه من إخماد الحق وإعلاء الباطل بحاصل لهم بل الحق هو المرفوع وقولهم وقصدهم هو الموضوع انتهى كلامه رحمه الله فقوله جل وعلا: ما هم ببالغيه أي لن يبلغوا مرادهم وقصدهم وهو إزهاق الحق وإعلاء الباطل فهي كقوله جل وعلا: أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون وقوله سبحانه: إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون وقوله سبحانه: ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين وقوله جل شانه: وما كيد الكافرين إلا في ضلال وقوله سبحانه: وما كيد فرعون إلا في تباب أي في خسار وغيروا من الآيات الدالة على أن مجادلتهم بالباطل ليدحضوا به الحق ستبوء بالخسران وتنتهي بالخيبة والعاقبة للتقوى والعاقبة للمتقين.
عباد الله: إن شمس الرسالة إذا سطعت على شبه الملحدين والمضلين أحرقتها وجعلت أهلها في ذهول لا يحرون جواباً فكيف إذا انضاف إلى حجج الله الواضحات وآياته البينات كيف إذا انضاف إليها التطبيق العملي لهذه الشرائع والنموذج الواقعي من ثلة مؤمنة تأخذ بها والامتثال الفعلي لتلك التكليفات عندها تعظم الحجة حيث صارت آية وتطبيقا وحديثا وواقعا يعيشه الناس حين تستجيب أمة من الناس لشريعة الله فتطبقها في واقعها يكون هذا ردا عمليا على من يزعمون أن شريعة الله غير قابلة للتطبيق وأنها مثل عليا لكنها مستحيلة التطبيق في دنيا الناس ولذا كان جرم من يحاج في آيات الله بعد استجابة المؤمنين بها لله جرما عظيما واستحق الغضب من الله والعذاب الشديد إضافة إلى ضحود حجته وبطلانها حيث كذبها الواقع الذي يكذبه من استجابوا لهذه الآيات أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له أي من بعد ما استجاب له فريق من عباده المؤمنين ومع ذلك تجد فريقا من المعاندين المجادلين يحاجون فيها ويزعمون عدم إمكانية الاستجابة لها: والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد .
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه الخير كله وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فيا عباد الله علمنا أن من أعظم أسباب سخط الله ومقته وغضبه المجادلة في آيات الله بعد وضوحها وقيام عباده الصالحين بها واستجابتهم لها وأن ذلك من أسباب العذاب الشديد في الآخرة وضحود الحجة وانكسارها في الدنيا عباد الله إن من الناس فريقا عافاهم الله من هذه الحال فاستجابوا لله في ذواتهم وطبقوا شرعه في أنفسهم ورضوا حكمه في خاصتهم ولكن منهم من باع دينه بدنيا غيره ووقع فيما نهى الله عنه في قوله: ولا تكن للخائنين خصيما فأخذ يخاصم لصالح الخائنين المفسدين في الأرض وبقوله جل شأنه: ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً .
فالنجاة النجاة يا أهل الصلاة ممن وفقكم الله للتمسك بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حذار من المجادلة عن المسرفين في الأرض الذين يبغونها عوجا وقد بغاها الله دينا قيما ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين فالنجاة النجاة يا عباد الله من حال هؤلاء فيا من من الله عليه بالتزام شرعه فليتوج ذلك بمجانبة الزائغين ونصحهم وإرشادهم والأخذ بأيديهم ودلالتهم إلى الطريق المستقيم بدلا من المجادلة عنهم وتبرير واقعهم والتماس المعاذير لهم أو ليلزم نفسه ولا يوردها موارد الهلكة بالمجادلة بالباطل عن من يختانون أنفسهم فيحشر في زمرتهم فالمرء مع من أحب يوم القيامة





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رقية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس