عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-10, 08:01 PM   #94
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث السبعون:







عن أبي ذر الغِفاري -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏يا أبا ذَرٍّ، لا عقل كالتدبير، ولا وَرَع كالكفّ، ولا حَسَبَ كحُسْن الخلق‏))‏ [رواه البيهقي في شعب الإيمان]‏.


وهذا أيضاً حديث أبي ذر جندب بن جنادة حديث فيه كلام لأهل العلم والمرجح ضعفه أيضاً، ((لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق)) يعني جمل أشبه ما تكون بالحكم؛ لأنه ضعيف مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا عقل كالتدبير، التدبير التخطيط، الآن ما هو على مستوى الدول يقولون: التخطيط أساس التنمية، الإنسان إذا كان موظفاً ومرتبه مناسب متوسط قل: أسرة متوسطة راتبهم خمسة آلاف، إذا رتبت ودبرت هذا الراتب، وقسمت على أيام الشهر في يوم كذا، ميزانية، مثل ميزانية الدولة تجده يستمر إلى آخر الشهر بدون حرج؛ لكن بعض الناس يطلع راتبه اليوم ما تغاب شمس اليوم ما عنده من شيء، ويستمر طول الشهر في حكم الفقراء المعدمين، هل هذا من العقل؟ لا عقل كالتدبير هذه حكمة، فعلى الإنسان أن يوازن أموره، يوضب أموره، يقسم أموره، ويحتاط لنفسه، ويجعل لنوائبه ولضيوفه شيئاً يدخره، ولا يقصر على نفسه ولا يبخل ولا يشح، {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} [(9) سورة الحشر] فالناس إما إفراط وإما تفريط، بعض الناس وهذه حاصلة واقعة توفي شخص مدرس، درس أربعين سنة من يوم كذا تاريخ كذا إلى وفاته فوجدت رواتبه من أول شهر، راتب كل شهر مربوط بحبل، كل شهر إلى وفاته، بدون نقص ولا هللة في علب كبيرة مكتوب على كل شهر شهره ويدفن في البيت، يوم توفي والله ما نقص شيء أبد، هل هذا تدبير؟ يعيش يتكفف الناس ويسألهم ولا أسرة، ولا تزوج وعايش في بيت حالته حالة، لا كهرب ولا ماء، ما في عنده شيء، والرواتب كل راتب بحبل مكتوب شهر كذا وفي العلبة، ولما توفي وجدوه، يرثه إخوانه وجدوا الرواتب كلها موجودة، ووجدوا عنده هناك عادات إذا تزوج في الأسرة بنت مثلاً يهدى إلى عمها مشلح، بشت، عباءة، ووجدوا هذه البشوت بشناط مركومة أكلتها الأرضة، بعدد بنات الأخوة، هل هذا يقبله عقل؟ بل هل هذا يتصوره عقل؟ وبالمقابل الثاني: الذي ما تغاب الشمس وعنده من راتبه ريال، ولذلك لا بد من التدبير، لا بد من التنظيم، ولا أفضل من التوجيه الإلهي {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} [(29) سورة الإسراء] ملوم كل يلومك، زملاء اثنين على طرفي نقيض، واحد مبذر وواحد شحيح، المبذر صحيح أنه يستأنس إذا طلع الراتب الأيام اللي حوله، والثاني: صاكٍ على نفسه هذا الشحيح يقول لزميله: والله أنا غابطك مستأنس ومبسوط لا جيت تتسلف تقترض والله أني أرحمك، صحيح هذا واقع كثير من الناس، إما كذا وإما كذا، لكن قلة من الناس الذين لديهم العقل المدبر، تجد أمورهم ماشية، يعني إلى آخر الشهر ما عليه نقص، قد لا يوفر شيء ما يخالف؛ لكن ما يروح يسأل الناس.


((لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف)) لا ورع كالكف، رأيت هذه المادة تدري تأخذها تتركها، هذا جاءك في مسير فيه اسمك، وفيه دارهم مصروفة لك، شاك فيها هل أنت بالفعل عملت مقابل هذا المصروف أو لم تعمل؟ الورع أنك تترك، تكف عن هذا، ولا تؤول نفسك، وتقول: جاء من غير طلب ولا استشراف ولا شيء، هذا غير؛ لأن هذا الذي يأتي في مسير باسمك في مقابل عمل هو مشروط بهذا العمل، لا تقول: جاءني من غير طلب ولا استشراف، لا، هذا يختلف تماماً؛ لأنه مقرون بهذا العمل، فإن كنت قمت بهذا العمل تستحق وإلا فلا، وحينئذٍ الورع الكف.


((ولا حسب كحسن الخلق)) هذا الحسب، هذا الذي يمكن أن يمدح به الشخص، لا يمدح بأنه ابن فلان أو من القبيلة الفلانية أو العلانية وهو ناقص، إنما يمدح بحسن خلقه، وحسن تعامله مع الناس، احترامه للكبار، رحمته للصغار، إنزال الناس منازلهم، تعاملهم مع الناس على قدر عقولهم ومستوياتهم، هذا لا شك أنه هو الذي يمدح به الشخص.







الحديث الحادي والسبعون:





عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "جاء رجل، فقال‏:‏ يا رسول الله، أوصني‏.‏ فقال‏:‏ ((لا تغضب‏)) ثم ردَّدَ مراراً‏،‏ فقال‏:‏ ((لا تغضب‏))‏ [رواه البخاري]‏.


الغضب خلق ذميم يحمل صاحبه على التصرفات التي إذا عاد إلى رشده ندم عليها، وكم من شخص ملكه الغضب فتصرف تصرفاً أوقعه في حرجٍ طيل حياته، تكلم على شخص بكلمة، اعتدى على آخر بضرب، طلق زوجته، أفسد ماله بسبب الغضب، هذه النصيحة الغالية من النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تغضب)) ثم ردده مراراً أوصني فقال: ((لا تغضب)) أوصني يا رسول الله، كأنه ما اقتنع بهذه الوصية، يعني لا تغضب وش غيرها؟ فقال: ((لا تغضب)) [رواه البخاري] لأن الإنسان إذا غضب لا شك أنه يفقد التوازن، ويتصرف تصرف يلام عليه، وقد يتصرف تصرفاً يودي بحياته، فما وجد القتل المقتضي للقصاص إلا بسبب الغضب، ما تجد أحد يقتل آخر وهو يضحك، ما يمكن؛ لكن في حال الغضب وحضور الشيطان يحصل القتل، وقل مثل هذا في الاعتداء بالضرب وغيره، فالغضب خلق ذميم، وصفة قبيحة تجر على صاحبها، أو تجر صاحبها إلى ما لا تحمد عقباه؛ لكن قد يقول قائل: أنا جبلت على هذا ونلاحظ من الناس من هو سريع الغضب؛ لكن عليه أن يكظم، والخلق بالتخلق، والصبر بالتصبر، فإذا جاهد نفسه على هذا أعانه الله -جل وعلا-، والغرائز كلها منها: ما هو جبلي مفطور عليه الشخص لا يستطيع أن يتنصل منه وهو قسم منها كبير مكتسب بالتخلق والتطبع، والله -جل وعلا- يعين الشخص إذا لجأ إليه بصدق.







الحديث الثاني والسبعون:







عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر)) فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً فقال: ((إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس)) [رواه مسلم].


وهذا أيضاً خلق ذميم، مشين، وهو الكبر نسأل الله العافية، حذر منه النبي -عليه الصلاة والسلام- أشد التحذير، ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر)) وهذا من نصوص الوعيد، لا شك أن هذا وعيد شديد بالنسبة لمن داخل قلبه شيء من الكبر، ولا شك أن الكبر قد يصل بالشخص إلى أن يرد الحق، ويبطر الحق عناداً ومحادةً، وحينئذٍ يكون الحديث على بابه، لا يدخل الجنة مثل هذا، ومن الكبر ما هو دون ذلك يخالط قلب الإنسان ويحتقر الناس؛ لكنه لا يصل إلى حدٍ يبطر الحق فيرده بالكلية، هذا أمره أقل مما سبق، وشأنه عظيم أيضاً؛ لأن احتقار الناس يتضمن العجب والغرور، الإعجاب بالنفس، وهذه خصلة ذميمة، وأثره على دين العبد بالغ وكبير.



والعجب فاحذره إن العجب مجترفٌ *** أعمال صاحبه في سيله العرمِ


العجب شأنه كبير، ومن لازم العجب بالنفس احتقار الناس، ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر)) نسأل الله السلامة والعافية، وعموماً الناس كلهم قاطبة يمقتون المتكبر، ولا يطيقون رؤيته، ولا مجالسته، فقال رجل: "إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة" لا شك أن مثل هذا قد يحمل بعض النفوس الدنيئة على الكبر، لبس ثوب حسن وإلا لبس بشت جديد وإلا ركب سيارة فارهة يحتقر الناس، هذا نوع من الكبر؛ لكن قد يلبس ثوباً حسناً ونعلاً حسنة، وبشتاً جميلاً، وسيارة فارهة، وقصراً منيفاً، ومع ذلك لا يتكبر على الناس، ولا يغمط الناس حقوقهم، هذا نعمة المال الصالح للرجل الصالح، ((إن الله جميل يحب الجمال)) فالإخبار عن الله -جل وعلا- بأنه جميل، وبأنه طيب، وبأنه وتر، هل من مقتضى ذلك أن تثبت هذه أسماء لله -جل وعلا-؟ يقال: الطيب؟ الوتر؟ الجميل؟ يعني من الأسماء الحسنى أو نقول: هذه إخبار، ودائرة الإخبار أوسع من أن يثبت فيها وصفاً فضلاً عن كونه يثبت فيها اسم، المسألة من أهل العلم من أثبت هذه الأسماء؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أضافها إلى الله -جل وعلا-، وأثبت من أسمائه الطيب، ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)) فأثبتوه من أسمائه؛ لكن الذي يظهر أنها أخبار عن الله -جل وعلا-، ودائرة الإخبار أوسع، ((الكبر بطر الحق، وغمط الناس)) احتقار الناس، ويلزم من احتقارهم التعدي عليهم بأخذ أموالهم، والاستطالة في أعراضهم وغير ذلك.







الحديث الثالث والسبعون:





عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قد أفلح من أسلم، ورزق كفافاً، وقنّعه الله بما آتاه)) [رواه مسلم].


((قد أفلح من أسلم)) الفلاح هذه الكلمة المفردة لا يوجد غيرها يقوم مقامها ويعبر عنها بكلمةٍ واحدة أبداً؛ لأن الفلاح هو الجامع لخيري الدنيا والآخرة، الأمر الذي يجمع بين خيري الدنيا والآخرة هو الفلاح، كما أنه لا يوجد لكلمةٍ النصيحة بديل تقوم مقامها بكلمةٍ واحدة، كما قرر ذلك أهل العلم، هذا الفلاح هو الجمع بين خيري الدنيا والآخرة ((قد أفلح من أسلم)) والإسلام رأس الأمر؛ لأنه مهما بلغ من أمور الدنيا وحرم الإسلام هذا لن يفلح، ((قد أفلح من أسلم)) يعني انقاد لله -جل وعلا- ظاهراً وباطناً، ودان بالدين الذي لا يرضى الله -جل وعلا- سواه، وهو الإسلام، ((ورزق كفافاً)) يفلح من أسلم بحيث يكون مآله إلى مقر المفلحين {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [(1) سورة المؤمنون] ومقرهم الجنة، فإذا أسلم صار مقره الجنة، ((ورزق كفافاً)) يعني في الدنيا، كفافاً من غير زيادة ولا نقصان، لا يزيد في أموال تشغله، ولا ينقص رزقه عن قدر الحاجة، بحيث يحتاج إلى ما في أيدي الناس، إذا رزق الكفاف الذي يكفي، وبعض الناس عنده من الأموال ما يكفيه، ويكفي نسله إلى قيام الساعة، عنده ملايين، ومع ذلكم يلهث وراءها، وراء الدنيا يبحث عن أخرى، كثير من الناس أموالهم أرقام لا حقيقة لها، لا حقيقة لها أرقام إيش بيستفيد من القدر الزائد عن حاجته؟ إلا إذا سلط هذا المال على هلكته كما سيأتي، أما إذا كان القصد ما يقيم أوده، ويعينه على تحقيق الهدف وهو العبودية، ما زاد على ذلك وبال على صاحبه إلا ما سيأتي أن يقول به: هكذا وهكذا يصرفه.


((وقنعه الله بما آتاه)) رجل يكفيه في الشهر خمسة آلاف، ودخله خمسة آلاف بحيث إذا انتهى الشهر انتهى من غير زيادة ولا نقصان، ثم الشهر الثاني كذلك، والثالث كذلك؛ لكن إن كان يكفيه من غير زيادة ولا نقصان بحيث لا يحتاج إلى الناس؛ لكن الإشكال إذا كان يتبع نفسه أموال الآخرين، هذا عنده مليون، هذا عنده مليونين، وهذا عنده عشرة، وفلان عنده كذا، إذا لم يقنع بما آتاه الله -جل وعلا- هذا فقير؛ لأن الغنى غنا القلب، إذا أودع هذا القلب الغنى وأحس بهذه النعمة يرتاح، وإلا ثم ماذا؟ لو كان من أغنى الناس ويتلهف، أعطي وادي من ذهب ويريد ثاني وثالث؟ وبعدين؟ هذا يستمر فقيراً؛ لأنه يسعى وراء هذه الدنيا ويلهث كلهث الفقير إذاً ما الفرق؟ لا فرق؛ لكن إذا قنع بما آتاه الله هنا يكمل الغنى؛ لأن الغنى غنى القلب.







الحديث الرابع والسبعون:






عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال‏:‏ ‏"‏جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال‏:‏ يا رسول الله، عِظْني وأوجز‏،‏ فقال‏:‏ ((إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودِّع، ولا تَكَلم بكلام تعذر منه غداً، واجمع اليأس مما في أيدي الناس‏)‏) [رواه أحمد]‏.
هذا يطلب موعظة مختصرة من النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع)) صل صلاة مودع، والمودع يقبل على صلاته، لا شك أنه إذا عرف أن هذه الصلاة هي آخر ما يمثل بين يدي ربه -جل وعلا- لا شك أنه سوف يتقنها ويحسنها؛ لأن الأعمال بالخواتيم، فإذا صلى صلاة مودع واستحضر أنه لن يعود إلى الصلاة مرةً أخرى لا شك أن ذلك يبعثه على إحسانها وإتقانها، ((ولا تتكلم بكلامٍ تعتذر منه غداً)) يعني حاسب نفسك، وتأكد من سلامة الكلام الذي تنطق به، بحيث لا تتكلم بكلامٍ لا تحسب له حساب، ثم تضطر غداً إلى أن تعتذر منه، وهذا معروف أنه في الكلام الباطل هو الذي يعتذر منه، وأما الكلام الحق فلا عذر منه، وقل مثل هذا فيما يكتب.





فلا تكتب بكفك غير شيءٍ *** يسرك في القيامة أن تراه


لا تتكلم بكلامٍ إلا أن تحب أن تراه في صحفك، ما تتكلم بكلام ثم إذا دعيت ونوقشت في الحساب قلت: هذا الكلام زلت لسان، هذا كذا ما ينفع، فحاسب نفسك قبل أن تحاسب، ((وأجمع اليأس مما في أيدي الناس)) علق قلبك بربك، وثق به، ولا تلتف إلى ما في أيدي الناس، نعم قد تقول: أن الله -جل وعلا- ما ينزل دراهم وإلا ينزل قوت، ما في شيء مما في أيدي الناس، هؤلاء الناس آلات، والرزق بيد الله -جل وعلا-، هو الذي يصرف القلوب لتعطيك ما تعطيك، أو تكون سبباً في رزقك بالتعامل معها، فالله -جل وعلا- هو المعطي، نعم هؤلاء أسباب، هذا سبب أوصل الله -جل وعلا- إليك هذا المال، وهذا الطعام، وهذا الكساء، وهذا الغداء بسبب هذا الرجل، وكثير من المحتاجين إذا دخل على تاجر فلم يعطه شيئاً لامه، الله -جل وعلا- هو المعطي، الجأ إلى ربك بصدق وسوف يغنيك عن فلان وفلان.
الحديث الخامس والسبعون: عن مصعب بن سعد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ (‏(‏هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم‏؟‏‏)‏) [رواه البخاري]‏.‏
هذا الحديث: ((هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟)) هذا الحديث الصحيح يدل على أن الرزق والنصر الذي يتصوره الأغنياء الأقوياء أنهم هم السبب المؤثر فيه، الحديث على عكس ما يتصورون، وكم من شخص ابتلي بالفقر مدة طويلة فرزق مولوداً معوقاً فانصب الرزق بسببه، تجده طيلة عمره قوي البنية، شديد البأس، يضرب في الأسواق، يحضر الأسواق مع أول الناس ولا ينصرف إلا آخرهم، ومع ذلك يعيش فقيراً، ثم بعد ذلك يرزق بمعتوه أو أبله أو مقعد أو مشلول ثم يرزق، ((هل ترزقون إلا بضعفائكم؟)) فكثير من الناس الآن يعاني من كونه يعول أسرة ضعفاء فيهم كثرة، ويضيق بهم ذرعاً، عنده أسر، وعنده كذا وكذا، ويحتاجون إلى أموال، يا أخي ما تدري وش وضعك لولا هذه الأسرة، يمكن أن الله -جل وعلا- ما ساق لك هذه الأرزاق إلا بسببهم، وكثير من الناس يضيق ذرعاً إذا ولد له ولد مشوه، وكثير من الناس والنساء على وجه الخصوص في حال الحمل تسأل عن الإجهاض إذا تبين لدى الأطباء أن الولد مشوه أو معوق أو ناقص الخلقة، لا يجوز بحال الاعتداء عليه، هو مصيبة من المصائب عليك الصبر والاحتساب، وأن تبذل كل ما تستطيع في إنقاذ حياته كغيره من الأسوياء، وأجرك عند الله -جل وعلا- عظيم، وقد ترزق بسببه، وأيضاً هؤلاء الضعفاء الذين ينظر إليهم الناس نظرة ازدراء، وأن وجودهم في المجتمع وبال، يمكن النصر يكون بسببهم؛ لأن التاجر والقوي، قوي البنية كثيراً ما يصابون بالإعجاب، وينسبون بعض النتائج إلى قوتهم، إلى حولهم وطولهم، لا، لا، ما تدري، لو يصدقون هذا الحديث ((هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟)) نعم الضعيف قريب من الله -جل وعلا-؛ لأنه لا يعتد بقوة، ولا يأوي إلى مال ولا شيء، إنما علاقته وارتباطه بربه، ومثل هذا في الغالب يكون قلبه سليماً بخلاف من دخله غرور القوة والغنى، والغنى في الغالب أنه يطغي صاحبه، وكذلك القوة، ولذا يسأل الإنسان ربه صحة لكن لا تلهيه عن شكر الله -جل وعلا-، وعن عبادته، ويسأله غنى لكن لا يطغيه عن معرفة قدر نفسه، والله المستعان، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



توقيع أم الخطاب78
كيف يكون هذا الود؟ وما هي أسبابه؟ وثمراته؟

أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس