الموضوع
: حفظ
تفريغات للحلية //للـــفائــدة//
عرض مشاركة واحدة
12-12-09, 04:06 PM
#
43
شموخ الهمه
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل: 25-08-2008
المشاركات: 920
تآبع الفصل الخامس ..
..
[
[
وأنواع الدلالة ثلاثة
]
]
..
1/
دلالة المطابقة
2/
دلالة التضمن
3/
دلالة الالتزام.
فدلالة اللفظ على جميع معناه، دلالة مطابقة.
ودلالته على بعض معناه، دلالة تضمن.
ودلالته على لازم خارج، هذه دلالة التزام.
وهذا النوع الثالث من الدلالة هو الذي يختلف فيه الناس اختلافا عظيما، إذ قد يلتزم بعض الناس من الدليل ما لا يلزم، وقد يفوته ما يلزم. وبين ذلك تفاوت عظيم، فلا بد أن يعمل هذه الدلالات حينئذ يصل إلى درجة التفقه واستنباط الأحكام من أدلتها.
ويذكر أن الشافعي رحمه الله نزل ضيفا على الإمام أحمد بن حنبل- وأحمد تلميذ الشافعي وكان يثني عليه عند أهله- فقدم له العشاء فأكله كله ورد الصحفة.
خالية، فتعجب أهل أحمد كيف يأكل الطعام كله، والسنة أن الإنسان يأكل قليلا.
«
حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه
»
. لكن الشافعي أكل كل الطعام. هذه واحدة ثم إن الإمام أحمد انصرف إلى أهله ونام الشافعي فلما كان في آخر الليل قام يتهجد ولم يطلب ماء يتوضأ به، أو أظنه أنه لم يقم يتهجد، ثم أذن الفجر فخرج إلى الصلاة ولم يطلب ماء للوضوء، هذه اثنتان.
فلما أصبح قال أهل الإمام أحمد له كيف تقول في الشافعي ما تقول، والرجل أكل الطعام ونام وقام ولم يتوضأ كيف إذا؟
قال :
«
آتيكم بالخبر ..
»
فسأله. قال: فأما الطعام فلا أجد أحل من طعام الإمام أحمد بن حنبل فأردت أن أملأ بطني منه، أما كوني لم أتهجد فلأن التفكير في العلم أفضل من التهجد، وأنا جعلت أتفكر في العلم واستنبط من قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
«
يا أبا عمير ما فعل النغير
»
. كذا وكذا ما أدري قال: مائة، أو ألف.
أما كوني لم أطلب ماء وأن خارج لصلاة الفجر، فلم أشأ أن أطلب ماء وأنا على وضوء. فذكر ذلك لأهله. فقالوا: الآن !!
فهيا أيها الطالب!
تحل بالنظر والتفكر، والفقه والتفقه، لعلك أن تتجاوز من مرحلة الفقيه إلى (فقيه النفس) كما يقول الفقهاء، وهو الذي يعلق الأحكام بمداركها الشرعية، أو (فقيه البدن) كما في اصطلاح المحدثين.
هناك فقه ثالث ظهر، وهو فقه الواقع الذي علق عليه بعض الناس العلم.
وقالوا: من لم يكن فقيها للواقع فليس بعالم، ونسوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«
من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
».
ثم غفلوا عن كون الإنسان يشتغل بفقه الواقع أن ذلك يشغله عن فقه الدين، بل ربما يشغله عن الاشتغال بالتعبد الصحيح، عبادة الله وحده وانصراف القلب إلى الله والتفكر في آياته الكونية والشرعية. والحقيقة أن انشغال الشباب بفقه الواقع صد لهم عن الفقه في دين الله، لأن القلب إذا امتلأ بشيء امتنع عن الآخر.
فانشغال الإنسان بالفقه في الدين وتحقيق العبادة والدين والإخلاص خيرا له من البحث عن الواقع، وماذا فعل فلان؟ وماذا فعل فلان، وربما يتلقون فقه الواقع من روايات ضعيفة أو موضوعة في وسائل الإعلام المسموعة أو المقرؤة أو المرئية أو يبنون ما يظنون فقه واقع على تقديرات وتخمينات يقدرها الإنسان، ثم يقول هذا فعل لهذا، ويعلل بتعليلات قد تكون بعيدة من الواقع.
أو ينظر إلى أشياء خطط لها أعداؤنا من قبل على واقع معين، تغير الواقع وزال بالكلية فبقيت هذه الخطط لا شيء.
والمهم أن فقه النفس، الذي هو صلاح القلب والعقيدة السليمة ومحبة الخير للمسلمين وما أشبه ذلك هذا ينبني عليه فقد البدن: معرفة هذا القول حلال أم حرام. هذا الفعل حلال أم حرام.
فأجل النظر عند الواردات بتخريج الفروع على الأصول، وتمام العناية بالقواعد والضوابط. وأجمع للنظر في فرع ما بين تتبعه وإفراغه في قالب الشريعة العام من قواعدها وأصولها المطردة، كقواعد المصالح، ودفع الضرر والمشقة، وجلب التيسير، وسد باب الحيل، وسد الذرائع.
لا بد لطالب العلم من أصول يرجع إليها، والأصول الثلاثة: الأدلة من القرآن والسنة والقواعد والضوابط المأخوذة من الكتاب والسنة.
والمهم أن يكون لدى الإنسان علم بالقواعد والضوابط حتى ينزل عليها الجزئيات.
..
[
[
والفرق بين القاعدة والضابط
]
]
..
الضابط
>>
يكون لمسائل محصورة معينة.
القاعدة
>>
أصل يتفرع عليه أشياء كثيرة.
فالضابط أقل رتبة من القاعدة، كما يدل ذلك اللفظ،
الضابط يضبط الأشياء ويجمعها في قالب واحد. والقاعدة أصل تفرع عنه الجزيئات.
قوله:
«
فأجل النظر عند الواردات بتخريج الفروع على الأصوال، وتمام العناية بالقواعد والضوابط
»
هذا من أهم ما يكون، أن الإنسان يجعل نظره أي فكره يتجول بتخريج الفروع على الأصول حتى يتمرن، لأن بعض الناس قد يحفظ القاعدة كما يحفظ الفاتحة ولكن لا يعرف أن يخرج عليها. وهذا لا شك نقص في التفكير. فلا بد من أن يجتهد ويجيل نظره بتخريج القواعد على الأصول.
قوله:
«
وأجمع للنظر في فرع ما بين تتبعه وإفراغه في قالب الشريعة العام...
»
وهذا أيضا مهم عند أهل الحديث. يأتي مثلا نص ظاهرة.
الحكم بكذا لكن إذا تأملت في هذا النص وجدنه مخالفا للقواعد العامة من الشريعة، فما موقفك؟
نقول:
لا بد أن نرجع إلى القواعد، ويحكم على هذا بما تقتضيه الحاجة. وكذلك قال العلماء فيما لو خالف الإنسان الثقة الثبت من هو أرجح منه، فإن حديثه هذا- وإن كان من حيث النظر إلى مجرد الطريق نحكم بصحته- نقول: إن هذا غير صحيح. لماذا؟ لأنه شاذ. والذي أوجب لكثير من المبتدئين في طلب العلم أن يسلكوا مسلكا شاذا هو هذا. أعني عدم النظر إلى القواعد والأصول الثابتة. وهذا أمر مهم، وذلك لأن الشريعة إنما جاءت لجلب المصالح الدينية والدنيوية ولدرء المفاسد أو تقليلها، سواء كانت المفاسد دينية أو دنيوية، ولهذا تجد أن الله عز وجل يقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة شرعا وقدرا.
تنزل الأمطار على الأرض، وهذا رجل تم بنيانه قريبا. هل يضره المطر أو لا؟ نعم يضره، لكن لا عبرة. لأن العبرة بالعموم.
وكذلك تنزل وهذا الرجل قد انتهي من السقي، والمعروف أن الزرع إذا أصابه الماء، مطرا كان أو سقي بعد الانتهاء من سقيه أنه يضره لكن العبرة بالعموم.
فهذه مسائل ينبغي لطالب العلم أن ينتبه لها، ولهذا قال الشيخ بكر رحمه الله ووفقه الله
«
وأصولها المطردة كقواعد المصالح
».
وهنا نقف لنبين أن بعض الأصوليين أتى بدليل خامس:
هو المصالح المرسلة.
فقال:
الأدلة هي القرآن والسنة والقياس الصحيح والمصالح المرسلة.
وهذا غلط لأن هذه المصالح الذين يدعون أنها – مصالح مرسلة – إن كان الشرع قد شهد لها أنها مصالح مرسلة فهي من الشرع داخلة في عموم الشرع: كتاب أو سنة قياس كان أو إجماع، وإن لم تكن فيها مصالح شرعية فهي باطلة فاسدة الاعتبار، وحينئذ لا تؤصل أصلا، دليلا ندين الله بالتعبد به بدون دليل من القرآن والسنة. لأن كونك تؤصل أصلا يعني أنك تبني دينك على هذا.
وعلى هذا فتمسح أو فتنسخ ذكر المصالح المرسلة من الأدلة. لماذا؟ لأننا نقول: إن شهد الشرع بهذه المصلحة فهي ثابتة بالكتاب والسنة بعمومتها وقواعدها، وإن شهد ببطلانها فهي باطلة.
الآن من أهل البدع من ركب بدعته على هذا الدليل. قال: هذا من المصالح المرسلة. فالإنسان يحيي قلبه ويحركه بماذا؟ ببدعة صوفية وما أشبه ذلك وقال: نحن نطمئن الآن إذا أتينا بهذه الأذكار وعلى هذه الصفة ويضرب الأرض حتى تتغبر قدماه. قال: هذه مصلحة عظيمة تحرك القلوب.
ماذا نقول: لو قلنا باعتبار المصالح المرسلة كل واحد يدعي أن هذه المصلحة وأصل النزاع الذي أمر الله فيه بالرد إلى الكتاب والسنة أصله أن كل واحد يرى أن كل ما عليه مصلحة، وربما يماري ليكون قوله المقبول.
المهم
أن قول الشيخ بكر
«
كقواعد المصالح
»
مراده بذلك
المصالح الشرعية، فإن كان هذا مراده فهو حق، وإن كان يريد المصالح المرسلة فهو بعيد، لأنه قال بعد ذلك «ودفع الضرر والمشقة»، إنا كان يشير إلى المصالح المرسلة فقد علمت فساد ما يجعلها دليلا مستقلا.
وقوله :
«
ودفع الضرر
»
أين نجد من القرآن والسنة دفع الضرر؟ كثير، قال الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) (سورة النساء: 29). وهذه الآية تعم قتل النفس مباشرة بأن ينتحر الإنسان أو فعل ما يكون سببا للهلاك، ولهذا استدل عمرو بن العاص رضي الله عنه بهذه الآية على التيمم خوفا من البرد، مع أن البرد قد لا يميت الإنسان، ولكن قد يكون سببا لموته، استدل بها، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وضحك.
هذا من القرآن. وأيضا من القرآن قوله تعالى : (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا) (سورة المائدة: 6). الشاهد قوله : (مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا) لماذا يتيمم وهو مريض، يقدر أن يستعمل الماء؟ لكن لئلا يزاد مرضه أو يتأخر برأه.
ومن دفع المشقة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى زحاما وهو في السفر، ورجلا قد ظلل عليه. فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم. قال:«ليس من البر الصيام في السفر» . مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم وهو مسافر، وهل يفعل غير البر ؟! لا لكن إذا وصلت الحال من المشقة فإنه ليس من البر، وإذا انتفى أن يكون من البر، فهو إما من الإثم وإما أن يكون من لا لك ولا عليك.
شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس عطاش وقد شق عليهم الصيام، لكنهم ينظرون متى، فدعا بماء بعد صلاة العصر ووضعه على فخده الشريفة، وجعل الناس ينظرون إليه، فأخذه وشرب، والناس ينظرون. ثم قيل له إن بعض الناس قد صام. فقال: «أولئك العصاة، أولئك العصاة».
هل ورد نهي أن يبقوا على صيامهم؟ لا، ولكن العموم ( ولا تقتلوا أنفسكم) (سورة النساء: 29). ، (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (سورة الحج: 78).
**
إذا الشرع يراعي قواعد المصالح ودفع الضرر، دفع المشقة
**
قوله :
«
وجلب التيسير
»
كل الإسلام تيسير، لكن هل اليسر هوما تيسر على كل شخص بعينه أو باعتبار العموم؟ باعتبار العموم. ومع ذلك إذا حصل للإنسان ما يقتضي التيسير وجد الباب مفتوحا: «صل قائما..». إذا هذا تيسير، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الدين يسر ولا يشاد الدين أحدا إلا غلبه».
كل الدين يسر، وكان إذا بعث البعوث يقول: «يسروا لا وتعسروا، بشروا ولا تنفروا فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين».
فالحمد لله. هذا الدين للإنسان دين يسر، وبناء على ذلك هل يتعمد الإنسان فعل العبادة على وجه يشق عليه أو أن يفعلها على الوجه الأيسر.
أيهما أقرب إلى مقاصد الشريعة؟
الثاني، ولهذا لو أن رجلا في البرد حانت صلاة الفجر وعنده ماء، أحدهما ساخن والآخر بارد.
فقال أنا أريد أن أتوضأ بالماء البارد حتى أنال أجر إسباغ الوضوء على المكاره.
وقال الثاني أنا أريد أن أتوضأ بالماء الساخن حتى أوافق مراد الله الشرعي، حيث قال: (يريد الله بكم اليسر) (سورة البقرة: 185).
أيهما أصوب؟
الثاني بالإجماع بلا شك هو الموافق للشريعة، لأن إسباغ الوضوء على المكاره ليس المراد منه أن يقتصد الإنسان ما يكره. المراد إذا لم يكن الوضوء إلا بمكروه.. يتوضأ هذا معناه.
وإلا لكان يقول أحجج البيت على قدميك... سر من أفغانستان إلى مكة على قدميك، فإن لم تفعل فعلى سيارة خربة، تمشي قليلا وتقف كثيرا لماذا؟ لأنها أشق.
فإن لم تستطع فعلى طيارة. ليس هذا بصحيح!! أيهما أفضل الطيارة لأنها أسهل وأيسر.
وأول ما خرجت الطيارات كنا نحدث ونحن صغار أن الحج على الطيارة ثمن الحج. وعلى السيارة نصف الحج.
والشاهد على كل حال:
جلب التيسير هو الموافق لروح الدين. من هنا نرى أنه إذا اختلف عالمان في رأي، ولم يتبين لنا الأرجح من قولهما لا من حيث الدليل، ولا من حيث الاستدلال، ولا من حيث المستدل.
وأحدهما أشد من الثاني، فمن نتبع الأيسر أم الأشد؟ الأيسر. وقيل الأشد لأنه أحوط؟ لكن في هذا القول لأننا نقول ما هو الأحوط؟ هل هو الأشد على بني آدم أم هو الموافق للشرع؟ الثاني.... ما كان أوفق للشرع.
ثم قال :
«
وسد الحيل وسد الذرائع
».
إن هذه الأمة اتبعت سنن من كان قبلها في مسألة الحيل، وأشد الناس حيلا ومكرا هم اليهود، وهذه الأمة فيها من تشبه باليهود وتحايلوا على محارم الله.
شموخ الهمه
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها شموخ الهمه