عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-09, 04:10 PM   #32
أم جهاد وأحمد
|علم وعمل، صبر ودعوة|
افتراضي

الحديث الثالث والعشرون: عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الهرة‏:‏ (‏(‏إنها ليست بنجس، إنها من الطوّافين عليكم والطّوّافات)‏)[رواه مالك وأحمد وأهل السنن الأربع]‏.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن أبي قتادة وهو الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الهرة: ((إنما ليست بنجس)) والعلة في ذلك: ((إنها من الطوافين عليكم والطوافات)) يعني العلة المنصوصة، الهرة ليست بنجسة، هذا الحكم الشرعي، والعلة في ذلك كونها من الطوافين عليكم والطوافات، فهذه الطوافة من هذه الهرة لا شك أن الطوافة تقتضي مشقة التحرز، وكانت البيوت تعج بمثل هذه الحيوانات، لا يستطيع أحد أن يتحرز منها، الآن خفت في البيوت لإحكام الأبواب، الأبواب محكمة؛ لكن مع ذلك تبقى من الطوافين، والعلة منصوصة، نقول: العلة المنصوصة، والعلل المنصوصة تدور مع الأحكام، فإذا وجدت هذه الطوافة من أي حيوانٍ كان بحيث يشق التحرز منه فإنه يأخذ نفس الحكم بالقياس، منهم من يقول: يأخذ الحكم بعموم العلة، ومنهم من يقول: بالقياس والعلة تجمع بينهما، الرابط العلة، أهل العلم نظروا إلى النص باعتبار أن الطوافة من لازمها المشقة، فإذا كان من يخالط الناس ويطوف عليهم بحيث يشق عليهم التحرز منه تسليةً له، ولذا قالوا: "وسؤر الهرة وما دونها في الخلقة طاهر" كيف نظروا إلى الخلقة؟ يعني لو جاءت فأرة وشربت من ماء نقول: طاهر وإلا نجس؟ طاهر ليش؟ لأنها دون الهرة، ويشق التحرز منها، لماذا لم ينظروا إلى ما هو أعظم من الهرة من الطوافين؟ لأن ما هو أعظم من الهرة لا يشق التحرز منه، يعني الهر لصغر حجمه، وما دونه في الخلقة من باب أولى، يمكن يغالب الناس ويدخل من حيث لا يشعرون؛ لكن حيوان كبير سهل ترده عن دخول البيت، أو عن دخول مكان الطعام سهل التحرز منه، فنظروا إلى أن المشقة في صغار الحجم، وحددوا الحجم بالهرة التي جاءت فيها النص، وقالوا: إن ما فوق الهرة لا يشق التحرز منه، يعني لو كان عند إنسان كلب، كلب وهو فوق الهرة بالحجم، في بيت مرابط له؛ لكن مثل هذا الكلب لا يشق التحرز منه لكبر حجمه، الأبواب ترده، ترده الأبواب، أما الهر لصغر حجمه، وكانت الأبواب ليس فيها من الإحكام مثل أبوابنا الآن، سهل يعني تدخل يدك وتفتح لو ما عندك مفتاح في الأبواب الأولى، وسهل أنه يدخل عليك الباب ولا يتأثر؛ لأن فيها فجوات بحيث تدخل فيها ومعها، والأمور مبنيات على اليسر والسهولة في أمور المسلمين؛ لكن الآن شغل غلق والأبواب بحيث يحجب الهواء ما يدخل، الهواء ما يدخل، وكل شيء له ضريبة، إن قفل على إصبع قطع الأصبع، إن أنقفل على بزر البزر خطر عليه، كل شيء له ضريبة، صحيح أنها نافعة ومفيدة وتمنع الهواء وتمنع الغبار؛ لكن لها ضرائب، نعود إلى الأبواب في الماضي يدخل الهر من تحت، يدخل الهر من عند الكوة سهل، لكن لو جاء أكبر من الهر ما يقدر يدخل، فهم نظروا إلى الحجم من هذه الحيثية؛ لأن ما كان أكبر من الهر يمكن التحرز منه، يعني لو عندهم في الفناء كلب وإلا حمار سهل أن يغلق عنه باب الصالة، بينما الهرة لخفتها وصغر حجمها وقل أسهل منها بالنسبة للفأر، فالمشقة قاعدة عند أهل العلم أنها تجلب التيسير، ما دام يشق التحرز من هذه الأمور خفف فيها، وحكم بطهارتها، ولو حكم بنجاسة الهرة لحصل من المشقة والعنت الشديد ما لا يتصور، هناك أيضاً من الحشرات ما هو طاهر، وهو ما النفس له سائلة، يعني ما فيه دم، الذي ما فيه دم عند أهل العلم طاهر حياً وميتاً، الذباب مثلاً طاهر وش الدليل؟ إذا وقع الذباب في طعام أحدكم أو في شراب أحدكم فليغمسه، إذا كان الطعام حار بيموت، فدليل على طهارة ما له نفس سائلة عند أهل العلم؛ لأن السبب المنجس بعد الموت هو احتقان الدم، وهذه لا دم فيها، وأيضاً لو حكم بنجاستها لوجد العنت والمشقة الموجودة في تنجيس الهرة لو قيل به، جاء الأمر بغسل ما ولغت فيه الهرة مرة واحدة؛ لكنه محمول على الاستحباب عند من يقول بثبوته، وإلا فهي طاهرة، أما الكلاب فقد جاء الأمر بغسل ما ولغ فيه الكلب سبعاً إحداها أو أولاهن أو إحداهن أو أخراهن، أو عفروه الثامنة بالتراب.



توقيع أم جهاد وأحمد
اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص في القول والعمل
أم جهاد وأحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس