الحديث العشرون: عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) [متفق عليه].
الشيخ -رحمه الله تعالى- ينتقل في كتابه وينتقي من الأحاديث الجوامع في جميع أبواب الدين، فمن أبواب العقائد إلى أبواب الآداب إلى أبواب العبادات، يقول -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) [متفق عليه] الطهارة من الحدث شرط لصحة الصلاة، فلا يقبل دليل على الاشتراط، والمراد بنفي القبول هنا نفي الصحة، ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) ((لا يقبل الله صلاةً بغير طهور، ولا صدقةً من غلول)) المراد بنفي القبول هنا نفي الصحة، ويرد نفي القبول ويراد به نفي الثواب المرتب على الصحة، ففي مثل هذا: ((لا يقبل الله..)) إذا صلى من غير طهارة صلاته مردودة وليست بصحيحة، ((لا يقبل الله صلاة حائضٍ إلا بخمار)) نفي القبول ونفي الصحة، على هذا لو صلى من غير طهارة صلاته باطلة تلزمه الإعادة لماذا؟ لأنه أخل بشرطٍ من شروطها، ولو قدر أنه صلى ناسياً من غير طهارة تلزمه الإعادة؛ لأن الله لا يقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ، بينما يأتي نفي القبول في بعض النصوص ويراد به نفي الثواب المرتب على العبادة، ((لا يقبل الله صلاة من في جوفه...)) ((لا يقبل الله صلاة عبدٍ آبق)) الشروط كانت كلها متوافرة فهو في عرف الفقهاء صلاة صحيحة مجزئة مسقطة للطلب؛ لكن ليس فيها ثواب، {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] فحصر القبول على المتقين، ومفهومه أن الفساق لا يتقبل الله منهم، لا يتقبل الله من الفساق، هل معنى هذا نفي للصحة؟ هل من صلى وهو فاسق نقول له: أعد صلاتك؟ من صام وهو فاسق يقال له: أعد صيامك؟ لا، المراد بنفي القبول هنا نفي الثواب المرتب على الصحة، طيب، هذا شخص صلى ثم تذكر أنه ليس على طهارة نسي، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا تلزمه الإعادة وإلا ما تلزم؟ تلزمه الإعادة؛ لأن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ، تلزمه الإعادة وهو ناسي؟ نعم تلزمه الإعادة وهو ناسي، والقاعدة عند أهل العلم: أن النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم؛ لكنه لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، فشخص صلى الظهر ناسياً خمس ركعات، نقول: صلاته صحيحة؛ لأن النسيان ينزل هذه الركعة الزائدة لأنها موجودة بمنزلة المعدود، ولا شيء عليه، صلاتك صحيحة إن ذكرت وأنت في الصلاة أو قريب منها تسجد للسهو وإلا ما عليك شيء إذا طالت المدة، وهنا نقول: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا؛ لكن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، فمن صلى الظهر ثلاث ركعات، يقول: أنا والله نسيت، والله يقول: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا، نقول: لا، لا بد أن تأتي بركعةٍ رابعة، وإن طال الفصل لا بد من إعادة الفصل، لكنك وإن نسيت إلا أن المعدوم لا يمكن أن ينزل منزلة الموجود بسبب النسيان، وهذه قاعدة مضطردة عند أهل العلم، ومن صلى ناسياً الحدث عليه أن يعيد؛ لكن صلى وعلى بدنه نجاسة ناسياً متطهر الحدث مرتفع؛ لكن على بدنه نجاسة ناسياً صلاته صحيحة؛ لأن هذا موجود نزله منزلة المعدوم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما أخبر أن في نعله قذر ما أعاد الصلاة، خلع النعل وانتهى، ولو لم يعلم إلا بعد فراغه من الصلاة ما يلزمه الإعادة، فالطهارة من الحدث هو يشمل الأكبر والأصغر الموجب للغسل والموجب للوضوء أمر لا بد منه شرط من شروط الصلاة، ((لا يقبل الله صلاةً بغير طهور ولا صدقةً من غلول)) والحديث في صحيح مسلم من حديث ابن عمر لما زار ابن عامر فقال له: انصحني أو عضني أو ادع لي، قال: ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقةً من غلول)) وكنت على البصرة، كيف كنت على البصرة؟ يعني كان أمير على البصرة، والولايات مظنة لأن يدخل على الإنسان بعض الشيء بقصدٍ أو بغير قصد، فمثل هذا ينبغي أن يحتاط له، والله المستعان.
|