عرض مشاركة واحدة
قديم 04-12-09, 02:24 PM   #17
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث الثاني عشر: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏المؤمن القوي خير، وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف‏،‏ وفي كلٍّ خير،‏ احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعْجَز، ‏وإن أصابك شيء فلا تقل‏:‏ لو أني فعلت كذا، كان كذا وكذا، ولكن قل‏:‏ قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لَوْ تفتح عمل الشيطان‏)‏) [رواه مسلم]‏.‏
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)) نعم المؤمن الضعيف فيه خير كثير ينفع نفسه؛ لكن المؤمن القوي ينفع نفسه ويتعدى نفعه إلى غيره، والكل فيه خير، ((المؤمن القوي خير)) وهذه أفعل تفضيل، خير وشر من أفعل التفضيل، وأفعل التفضيل هنا مثلها أحب مستعملة على بابها، أفعل التفضيل مستعمل على بابه، بمعنى أن المؤمن القوي والمؤمن الضعيف في كل منهما خير، يشتركان في هذه الصفة، ويزيد أحدهما وهو المؤمن القوي في هذه الصفة على الثاني وهو المؤمن الضعيف، فهي مستعملة على بابها؛ لكن في مثل قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(24) سورة الفرقان] هل هي على بابها؟ لا، ليست على بابها، لماذا؟ لأنه لا يشترك أصحاب الجنة وأصحاب النار بالخير؛ لأن أصحاب النار لا خير عندهم، ولا خير فيهم، ولا أعد لهم شيء من الخير، بل هم في شر مستمر، فأفعل التفضيل ليست على بابها، وهنا في الحديث أفعل التفضيل على بابها، فالمؤمن القوي فيه خير، والمؤمن الضعيف فيه خير؛ لكن وإن اشتركا في هذه الصفة إلا أن المؤمن القوي أدخل وأعرق في هذه الصفة، وأعظم في هذه الصفة من المؤمن الضعيف لما يترتب على ذلك من قوة وحزم وعزم وإصرار على أفعال الخير اللازمة والمتعدية، المؤمن الضعيف قد يضعف عن بعض ما أوجب الله عليه، وقد تضعف نفسه أمام المغريات فيرتكب بعض ما نهى الله عنه، وقد يضعف أيضاً عن إيصال وتعدية الخير إلى غيره بخلاف المؤمن القوي، وإن كان في الجميع خير؛ لأن الإيمان خير.
((احرص على ما ينفعك)) ما ينفعك في دينك وفي تحقيق الهدف الذي خلقت من أجله وهو العبودية لله -جل وعلا-، ومع ذلك لا تنس نصيبك من الدنيا، احرص على ما ينفعك، كثير من الناس بحاجة إلى هذا الأمر، تجده يضيع وقته من غير فائدة، لا في دينه ولا في دنياه، لا يشغل نفسه بما يرجع إليه بالخير لا في الدنيا ولا في الآخرة، وكثير من الناس بحاجة إلى أن يقال له: لا تنس نصيك من الآخرة، لما يرى من حال كثير من الناس من اللهف وراء الدنيا، أعطوا الدنيا أكبر من حقها، وأخذوها من غير وجوهها، وصرفوها بغير مستحقها.
المقصود أن الناس بحاجةٍ ماسة إلى الحرص على ما ينفع، والهدف الأصلي الذي من أجله خلق الإنسان وأنزلت الكتب، وأرسلت الرسل تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، فلنحرص على تحقيق هذا الهدف وما يعين على تحقيق هذا الهدف، ولذا قال -جل وعلا-: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص]
فاحرص على ما ينفعك في هذا وهذا، والتوازن لا بد منه، أمر مطلوب؛ لأنه لا يمكن أن يقوم الدين إلا بشيءٍ مما يعين عليه من أمور الدنيا.
((واستعن بالله)) احرص على ما ينفعك، ابذل، لكن لا تعتمد على نفسك، وتقول: أني فعلت وعرفت ودرست وخططت والنتائج مضمونة، لا لا ما في، استعن بالله، فالمرء من غير إعانة وعون من الله -جل وعلا- عمله وبال عليه.

ثإذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأول ما يقضي عليه اجتهاده
لا بد من الاستعانة بالله في كل شيء، وإذا أمرنا بطلب الإعانة من الله -جل وعلا- على تحقيق العبودية في كل ركعة من ركعات الصلاة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [(5) سورة الفاتحة] على تحقيق العبودية الجملة التي سبقتها وعلى غيرها مما يعين على تحقيقها، ((استعن بالله)) ارتبط بربك، ثق بربك ولا تعجز، لا تيأس، لا تمل، لا تكل، احرص على ما ينفعك، تعلم، اعمل، ابذل، أأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، ولا تعجز تقول: والله الناس خلاص انتهوا ما فيهم خير، وتيأس وتكسل وتترك الأمر والنهي، لا يا أخي أنت مأمور ببذل السبب والنتائج بيد الله -جل وعلا-.
((وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا.. فإن لو تفتح عمل الشيطان)) بدأت بمشروعٍ تجاري فخلال السنة أرباحك قليلة، لو أني دخلت في العقار كان المكاسب أعظم، لو أني فعلت كذا، لا لا، لو تفتح عمل الشيطان؛ لأنه لا ينتهي، فلا يجوز أن يقول: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، وما يدريك لأنك لو فعلت كذا كان الأمر عليك أشد وأعظم؟ هذا غيب، واحتمال أن يكون اشتغالك بهذا دون هذا خير لك في دينك ودنياك، وأن يكون الله -جل وعلا- صرف عنك من الشرور والبلاء مما لو دخلت في المشاريع الأخرى شيء لا تقدر على تحمله؛ ((ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل)) الله -جل وعلا- هو الذي قدر، وهو الذي أراد أن أعمل هذا العمل، وله المشيئة التامة والقدرة النافذة، لا بد أن ترضى بما قدر الله لك.

وكن صابراً للفقر وادرع الرضا *** بما قدر الرحمن واشكره واحمدِ
أنت أصبت بمصيبة، خسرت، وقعت من أعلى أو من كذا ، أو حصل لك ما حصل من ضرر في بدنك، في مالك، في ولدك، قدر الله وما شاء فعل؛ ولكن قدر الله وما شاء فعل، اصبر على المقدور، كل شيءٍ له أجره إذا رضيت بما قدر الله لك -جل وعلا-، صبرت على القدر {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(10) سورة الزمر].
((فإن لو تفتح عمل الشيطان)) وهذا في أمور الدنيا، لا تقول: لو أني كذا وكذا، النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه قال: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة، ولما سقت الهدي)) هذا في أمور الدين، يعني بإمكانك أن تقول: لو أني صليت في المكان الفلاني ما قلت قدام، يعني تأسف وتندم على ما فات، تلوم نفسك لما حصل لك على تفريطك في أمر الدين؛ لأن بعض الناس إذا كان له مشوار يطلع مع الأذان ويترك المسجد الذي جنبه بناءً على أنه بيدرك الصلاة، وهذا في الغالب مجرب، وأنه في الغالب أنه ما يدرك الصلاة، بهذه الطريقة ما يدرك، فيلوم نفسه، لو أني صليت جنب البيت وما طلعت كان... يلوم نفسه على فوات أمرٍ ديني، أما على أمور الدنيا لا، تفتح عمل الشيطان، وعلى هذا إذا حصل منك نقص في أمر الدين وأسفت عليه كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- تداركت في المستقبل؛ لكن في أمر الدنيا تقول: لو أني دخلت باب العقار مثلاً بدلاً من الأجهزة وما الأجهزة اللي وش تكسب وش تطلع؟ أو الأغذية وش فيها من المكاسب، العقار ما شاء الله، أسفت على ما فعلت وانتقلت من الأغذية أو الأجهزة أو العقار، ثم حصل لها كارثة، جائحة، إيش تستفيد؟ ولا شك أن هذا اعتراض على القدر؛ لكن في أمور الدين جاء ما يدل على جوازه.



توقيع أم الخطاب78
كيف يكون هذا الود؟ وما هي أسبابه؟ وثمراته؟

أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس