عرض مشاركة واحدة
قديم 29-11-09, 10:09 AM   #3
أثر الخير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

يتبع
ثم النقطة الرابعة : طبعاً لاشك عندما ينشغِل الآباء و الأمهات ،و أيضاً ما في أهداف واضحة ، ثم أيضاً ليس هناك برنامج يومي ، على أي شيء سيتربَّى ؟ على ((وسائل الإعلام)) ، وأصبحت وسائل الإعلام ،وسائل الإعلام سحبت البساط من تحت المؤسسات التقليدية للتربية ،المؤسسات الأساسية للتربية اللى هي : الأسرة : الأب و الأم ، المدرسة ،المسجد ،وسائل الإعلام سحبت البساط ،و صار نظراً لغفلة الآباء و لغياب الأهداف و لغياب البرنامج اليومي ، صار الطفلُ يتربَّى على وسيلة الإعلام ،إما تلفزيون، و الإحصائيات ، معظم الإحصائيات ، يا إخوان نقول لكم واقع وإذا حبيتم إن في مرة أخرى أنا أُلقِي لكم محاضرة في موضوع الإحصائيات عن برامج التلفزيون ، معظم الأطفال لا يُشاهدون من برامج التلفزيون إلا المسلسلات و التمثيليات و البرامج الترفيهية فقط، إذا جاء برنامج ديني طفاه ، إن كان في برنامج ديني بعد موجّه توجيه صحيح! .
أو الفيديو وهو أطم ، و تعرفون مشكلة الفيديو الآن وكيف الآن يقول عنها الآن التربويون ، وهذه مشكله تُشكِّل إشكالية كبيرة في واقع الشباب الآن ،في سعة العنف و الجريمة و الجنس وغير ذلك .

أو يتربَّى أيضاً على الإذاعة ، والإذاعة أيضاً ، وهذا قليل أن يستمع إليها الأطفال، ولكن أيضاً الإذاعة تعرفون أيضاً برامجها، لا يتابع الأطفال فيها إلا برامج- إذا تابعوا- إلا برامج تحمِل نفس الصفة التي ذكرتها.
أو الصُحُف و المجلات .

القضية الخامسة أو النقطة الخامسة في إجابتنا على سؤال ما هو واقع الطفل : أيضاً مرتبطة بنفس القضايا السابقة ، (( أنه يلجأ إلى صُحبةٍ سيئة )):
أصدقائه في الشارع ، أصدقائه في المدرسة ، أقرانه ، يختارُهم و يُحدِّدُهم و يعيش معهم دون أن يعِي الآباء و الأمهات هذا الشيء .
والقرين حقيقةً القرين يعني مُؤثِّر أثر إلى العظم في نفسية الطفل وفي بناء شخصيته وفي إعطاؤه للنماذج الخُلُقية ،إذا لم يُراقِب الآباء الصُحبة ، -وسآتي إلى موضوع الصُحبة في الموضوع الثاني ،في إجابة السؤال الثاني- ، إذا لم يُراقِب الآباء الصُحبة فهي أيضاً تزيد الطين بَلَّه و ينتهي الطفل ، بمجرد وصولِهِ إلى سن الحادية عشر يرفع الأب اليد و الأم استسلاماً ، خلاص ماذا نفعل بهِ؟تربَّى هكذا!!،هكذا تربَّى ماذا نفعل به ؟ !!.
تمضي سنوات الثالثة والرابعة و الخامسة و السادسة والسابعة والثامنة وهم في غفلة ، ثم إذا وصل سن الثالثة عشر أو اثنى عشرة رفعنا أيدينا و قلنا خلاص!! طيب لماذا لم نهتم من قبل؟!!
هذه تتعلق بالإجابة على السؤال الأول: ما هو واقع الطفل؟

####
طيب ننتقل إلى الموضوع الثاني وهو :
@ مَنْ هُــــوَ الطفــل؟
هل نحن نفهم الطفل جيداً أم لا نفهمه ؟
الطفل عالم ،له خصائصه ، وله طابعه ، وله صفاته ، هل أحد من الآباء و الأمهات جلس وفكر؟ أو مثلاً أيضاً مثلاً تتبع حتى لو يعني تتبع لو بعض مثلاً أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم و شاف كيف الرسول صلى الله عليه وسلم يُوجه هذا النشأ و كيف يتعامل معهم ؟
ما ألِفت الطفل لمن يريد ان يُربِّي الطفل أمر ضروري؟ كيف أتعامل مع الطفل ينبني على معرفتي بمن هو الطفل ؟
و سأُلخِّص الإجابة على هذا السؤال في أربع نقاط ، الحقيقة الموضوع واسع ، و الخصائص كثيرة ، ولَكِنِّي سأُركِّز على أربع خصائص أو أربع موضوعات :

الخاصية الأولى بالنسبة للطفل : وربما تكون أحياناً تكون بديهية و لكن لا ننتبه لها ،ما نسميه بـــ((القابلية و الصفاء)):
الطفل صفحة بيضاء ، تنقُش فيها ما أردت ، ما تعمَّق في الأفكار ، ما تعمَّق في العادات ، ما تعمَّق في السلوكيات ، بحيث لا يستطيع ،لايُمكن التغيير فيه ،بالعكس هو في مرحلة البناء ، هو في وقت البناء ، صفحة بيضاء.
القابلية : هذه أول خاصية يجب أن تتذكرها الأم ، ويتذكرها الأب ،أنه قابِل للتشكِيل ، قابِل للتوجيه ، قابِل للتعديل ، قابِل للتعليم ، لا تقُل الأم " أنا ما استطعت أفعل "، ليش التلفزيون يستطيع و أنتِ لا تستطيعين مثلاً؟ لماذا كثير من الشباب المسلمين اليوم لو بعضهم ، كثير منهم في المجتمع الإسلامي تسأله: ما هو الـــ.. ،عِد لي من المُغنين ولا من المُمَثِّلين ؟ يَعِد لك ، ويذكُر لك أوصافهم ، وربما يعرف تاريخ حياتهم أحياناً ، لكن تعال اسأله : من هو الزبير بن العوام ؟ من هو أبو بكر الصديق؟ من هو شيخ الإسلام بن تيميه؟ يمكن ما يعرف شيء.
إذاً (( القابلية )) أول خاصية من خصائص الطفل، (( الصفاء )) ، وكما ورد في الأثر ( العلمُ في الصِغَرِ كالنقشِ في الحجرِ) [1] ، يُؤثِّر ، العلمُ في الصِغَرِ كالنقشِ في الحجرِ ، يمكن كثير منا مَرَّ معه هذا الأثر ، لكن مَن منا جلس يُفكر فعلاً و بناءاً على هذا التكتيك يتم العمل و التربية؟
ولذلك أيضاً يقول المُجرِّبون :
قَدْ يَنفَعُ الأَدَبُ الأَولَادَ فِي صِغَرٍ وَليسَ يَنفَعَهُمْ مِن بَعدِهِ أَدَبُ
إنَّ الغُصُونَ إِذَا عَدَّلْتَهَا اعْتَدَلَتْ وَ لا يَلِينُ وَلَوْ لَيَّنتَهَا الخَشَبُ
مثال بسيط حقيقة ، عندما يكبر و يصير عمره خمسة عشر عاماً أو عشرين تُريد ان تُعَدِّل فيه !! ، وأنت ما حاولت التعديل فيه يوم كان صغير!!.
وَ لا يَلِينُ وَلَوْ لَيَّنتَهَا الخَشَبُ : لما كان أغصان ، لماكان سهل و ممكن إنك تُلَيِّنُه و تُعدِّل و تُشذِّب و تبني ،كان هناك إهمال و إنشغال ، ولا شك أننا سنُسأل عن هذه الرعيَّة ، كما قال صلى الله عليه وسلم :<< كلكم راعٍ و كلكم مسئولٌ عن رعيَّتِهِ >> [2] ، و كلكم مسئولٌ عن رعيَّتِهِ.

الخاصية الثانية : وهي (( المادية في التفكير )) و ((عدم القدرة على التجريد)) :
هذه طبعاً نقطة قد تكون غامضة ، لَكِنِّي أُوضحُها أكثر ، في كثيرٍ من الأحيان قد تُصاب الأم أو الأب بشيء من اليأس أو بشيء من الإستصعاب و الكُلْفَة في تربية الطفل ، وتأتي هذه الصُّعوبة من ضعف قدرات الطفل العقلية ، تُريد أن تُفَهِّمه قضية فلا يفهم هذه القضية ، تُريده أن يستجيب لها في أمر مُعين فلا يستجيب لها بسببٍ من محدودية قُدُراته العقلية ، ودائماً الطفل في المرحلة ما بين الثانية إلى ما يقرُب من التاسعة و العاشرة هو يعيش في جوٍ مادي أكثر مما يعيش في جو تجريدي معنوي ، حتى المفاهيم العامة مثل الصدق أو العدل أو الطاعة كمعنى مُجرد ، هو لا يفهمها في الحقيقة على أساس أنها معاني ، لكن يفهمها كتطبيقات عملية ، ويربُطها بالناحية المادية ، فلا ينبغي أن يُدركنا اليأس في تربية الطفل بسببٍ من هذه الخاصية ، هذه الخاصية من طبيعة نشأة الطفل ،هكذا الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان و جعلهُ ينشأ ، ولذلك أيضاً الإنسان نظراً لهذه المحدودية عندهُ في التفكير لا يُكَلَّفْ إلا في سن الرابعة عشر أو الخامسة عشر، لأن محدودية العمليات العقلية عندهُ وقدرته على الشمولية في التفكير غير موجودة .

فلابد إنطلاقاً من هذه الخاصية أن نتعامل مع الطفل تعاملاً يُناسب قُدُراته ، و يُناسب إمكانيَّاته ، و يُناسب هذه الخاصية اللي هي خاصية (( المادية في التفكير))، فلذلك لابد أن نربُطُه بالجو المادي عندما نُعطيه التوجيهات و التعليمات ،كما سآتي إلى ذلك عند حديثي عن التربية.

لا أُغْرِق دائماً في الوصف ، في الشرح ، في مُجرد الشرح دون أن أربُطُه بالجانب المادي ، بالجانب التطبيقي ، حتى الطفل وان تُعلِّمُه مسائل حساب هناك فرق بين أن تُدرِّس الطفل الذي سنه مثلاً السابعة أو الثامنة و بتقول له: مثلاً خمسة زائد ثلاثة كم يساوي؟ يمكن اللى بيدرس يحتار حتى يجد لكَ الجواب ، لكن تقول له : خمس تفاحات زائد ثلاث تفاحات يجيب لكَ الجواب بسرعة، ربطَّه بشيء مادي ، و إذا جبت له أيضاً الشيء أمامُه يكون هذا أوضح له أكثر ،لأن مثل ما أشرت التجريد عندَهُ ، مُجرد التفكير أو الناحية العقلية عندَهُ غير مُكتملة ، ليست ناضجة .
لذلك عندما أيضاً أنا أُربِّيه ، أُربِّيه على الصدق ، أُربِّيه على الطاعة ، أُربِّيه على الصفات الحميدة و الأخلاق النبيلة ، أُحاول أن أربط هذه الأشياء أيضاً بآثارها العملية ، بتطبيقاتها ، و أربُطها أيضاً بأشياء مادية لكي يتضح لهُ الأمر.
النقطة الثالثة من الخصائص : (( الفَـردِيَّة )) :
الفردية نعني بها أن الطفل يعني إلى سن ما يقرُب من السابعة أو الثامنة ، إلى سن السابعة تقريباً ، تُسيطِر عليه الناحية الفردية ، لا يُدرِك وجهات نظر الآخرين ، يُريد كل شيء لهُ ، عندَهُ شيء مما يسمى أحياناً بالأنانية ، ودائماً لفظة (أنا) كثيراً ما تدور على لسانه .
وهذه الفردية مُرتبطَة أيضاً بالناحية العقلية الموجودة عندَهُ ، ولذلك يجب وجوباً على الأم و على الأب ، على المُرَبِّي عموماً أن يُساعد الطفل في إخراجِهِ من الفردية إلى الجماعية ، في إخراجِهِ من الدوران حول نفسِهِ إلى التعاون ، في إخراجِهِ من الخصوصية إلى أن يُقدِّر و يحترم الآخرين .

[1]عن ابن عباس رضي الله عنه ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:<< حفظ الغلام الصغير كالنقش في الحجر وحفظ الرجل بعدما يكبر كالكتاب على الماء>> تحقيق الألباني : (ضعيف) انظر حديث رقم: 2727 في ضعيف الجامع
ورواية أخرى عن عن أبي الدرداء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم << مثل الذي يتعلم العلم في صغره كالنقش على الحجر ومثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء>>تحقيق الألباني : (موضوع) انظر حديث رقم: 5237 في ضعيف الجامع

[2]قال الألباني : (صـحـيـح) ، انظر الأدب المفرد / الجزء الأول- ص 81 ،حديث رقم 206.
أثر الخير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس