عرض مشاركة واحدة
قديم 15-12-08, 03:24 PM   #24
أم أسماء
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 22-05-2007
المشاركات: 7,201
أم أسماء is on a distinguished road
افتراضي

تفريغ الدرس التاسع عشر:




بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أيها الأحبة حياكم الله مرة أخرة في مجلس من مجالس الجنة أسأل الله عز وجل كما جمعنا وإياكم في مثل هذه المجالس المباركة أن يجمعنا جميعاً ومن يستمع إلينا في الفردوس الأعلى من الجنة .
كنا في الحديث عن المرحلة الثانية المتعلقة بحروف المعاني وقد سمعنا وقرأنا أمثلة على حروف المعاني وعلى أثرها في فهم كتاب الله عز وجل وفي هذه الحلقة نواصل ما كنا بدأناه في ضرب هذه الأمثلة وإن كان هناك من سؤال قبل أن ننتقل إلى بقية الأمثلة أرجو ذلك.
قال أحد الطلبة :
بسم الله الرحمن الرحيم . المثال الرابع في قوله تعالى : ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ[مريم: 25]. الهز تحريك الشيء وفعله يتعدى لنفسه فنقول هز الرمح أو الشجرة ونحو ذلك وفي هذه الآية أعده بإلى ليضمن الهز معنى الإدناء والإماله والتقعيد من فاعل الهز وهي مريم عليها السلام وفي هذا مزيد كرامة لمريهم عليها السلام .
أجاب الشيخ :
أحسنت بارك الله فيك، الآن اكتبوا الآية : ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾. أصل الهز في لغة العرب هو تحريك الشيء وهذا الفعل في اللغة لا يحتاج إلى حرف يتعدى به فأنت تقول لأحد هز الرمح أو تقول هززت الشجرة ونحو ذلك من الكلمات والعبارات لا تحتاج أن تعدي هذا الفعل بحرف فلا تقول هززت إلى الشجرة أو هز إلى الرمح ونحو ذلك لكن هذه الآية الكريمة عدي فيها هذا الفعل بقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ فما سر ذلك وما سببه؟
قال أحد الطلبة :
بيان ذلك أن المنصوص عليه في الآية أنها جاءت إلى جذع نخلة لا إلى نخلة كاملة ومع هذا أمرت أن تهز الجذع وتميله نحوها ومن كرامة الله لها أن الجذع لم يستجيب لهزها فقط بل وسيميل نحوها إجابة لجذبها لها بيديها الضعيفتين غاية الضعف وهذا أبلغ في الإعجاز وأدل على قدرة العزيز الوهاب جل وعلا ثم جاءت الباء في ﴿ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ وهي للإلصاق لتؤكد عليها أن تمكن يديها من الجزع حال هزها غاية ما تستطيع من التمكن وهذا أمر لها بفعل كل ما في وسعها من الأسباب الدنيوية.
أجاب الشيخ :
نعم هذا هو ما يبين لك بعض أسرار هذه الآية الكريمة الله سبحانه وتعالى يقول فيها : ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ كما ذكرنا سابقاً الهز لا يحتاج إلى حرف يتعدى به ولكنها عديت هنا بالباء لقوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ هذه الباء كما ذكرنا أن من معانيها الإلصاق فالمقصود هنا أن تتمسك بهذه الشجرة تمسكاً قوياً شديداً جداً بحيث أنها عندما تمسك بها يكون هذا المسك مسكاً قوياً شديداً متمكناً منها فهذه من جهة الباء ودلالتها على الإلصاق وأيضاً جاء حرف إلى ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ ليكون هذا الهز فيه جر وجذب إليها هذا الجزع وهو جزع فيما يظهر كما قاله جماعة من السلف أنه مجرد جزع لا نخلة كاملة لأن الله عز وجل إنما ذكر جذع نخلة ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ ولم يقل وهزي إليك النخلة وإنما ذكر جذع النخلة قد يقال بأنه ذكر الآن بعض ما يهز من أجل أنه هو المقصود بالمسك والجذب يعني ذكر شيئاً وأراد الكل قد يقال هذا وهذا له وجه صحيح في العربية ولكن ظاهر اللفظ ولا مانع البقاء على ظاهر اللفظ لأنه ليس هناك ما يمنع منه أبداً ظاهر اللفظ إنه إنما هزت جذع نخلة وجذع النخلة لا يكون معه رأس فيها ثمرة وفيه جذوع ولكن هو جذع مجرد من صلب هذه الشجرة وهذا الجذع فيه ما فيه من أنواع اليبس قد يكون ميتاً أصلاً ليس بحي إذا كان جذعاً مجرداً ليس نخلة كاملة فعندئذٍ أمر الله سبحانه وتعالى هذه المرأة الضعيفة التي هي في حال المخاض أمرها أن تهز جذع النخلة وأن يكون هذا الهز في حال كونها ممسكة إمساكاً قوياً شديداً بهذا الجذع وأيضاً كذلك أن تجذب هذا الجذع إليها هذه الأوامر لهذه المرأة الضعيفة في مثل هذه الحال هل هي أوامر مجردة من وقوع الأثر والاستجابة من هذا الجذع لهذه المرأة الضعيفة مثل هذه الحالة التي لا تستطيعه معها المرأة أن تفعل أدنى شيء كيف بأن تهز جذع نخلة كاملة لكنه بدأ أمر من أجل أن نتعلم نحن جميعاً أن المطلوب والمأمور به في شرع الله سبحانه وتعالى أن تفعل ما تستطيع ما تقدر عليه تفعله ما لاتستطيع فلست مطالباً به ولا يطلب منك ولا تؤمر أن تتكلفه أبداً ولكن تفعل ما تستطيع من الأمور ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَ[البقرة: 286]. فالآن هي أمرت أن تفعل ما تسطيع فإذا فعلت ألم يحصل الأثر نعم سيحصل الأثر ألم يحصل ما تقصده سيحصل لها لأن الأمر جاء من الله جل وعلا وهذه الأوامر ليست عبثاً وإنما هي جاءت من الله سبحانه وتعالى لترى هذه المرأة الضعيفة الصالحة قدرة الله سبحانه وتعالى في إنقاذها وفي فعل ما لا يمكن أن يحدث لولا أن الله سبحانه وتعالى قدر ويسره لهذه المرأة إذاً فالقضية في قدرة بالله سبحانه وتعالى أراد أن يظهرها لهذه المرأة الضعيفة أمرها بأوامر فطبقت هذه الأوامر فحصل ما أمر به هذا الجذع من الاستجابة لهذه المرأة الضعيفة ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ﴾ يدنو إليك ﴿بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ هذه كلها أوامر جاءت في حال يكون فيها الإنسان في غاية الضعف فإذا حصل للعبد في هذه الحياة الدنيا شيء من ذلك من حال المسكنة حال الضعف حال قلة الناصر حال الفقر الشديد حال بعد الأحبة والأخوة فإنه عندئذٍ ماذا يفعل الواجب عليك أيها العبد أن تفعل كما فعلت هذه المرأة الصالحة أن تفعل كل سبب تستطيعه من أجل درء هذا البلاء الذي حل بك تفعل ما تسطيع ولا تدخر شيئاً أبداً افعل كل ما تستطيع مما له سبب في دفع هذا البلاء الذي حل بك عندئذٍ سيتولى بقية الأمر ربنا سبحانه وتعالى وسيدرء عنك ما تخشى سواء كان في الحياة الدينا أو الحياة الأخرى.
قال أحد الطلبة :
المثال الخامس قوله تعالى : ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعً[الاسراء: 109]. اللام المفردة لها معاني كثيرة جداً وأصل معانيها الاستفاضة قال ابو السعود في تفسيره لهذه الآية اي يسقطون على وجوههم سجداً تعظيماً لأمر الله تعالى أو شكراً لإنجاز ما وعد به في تلك الكتب من بعثته وتخصيص الأذقان بالذكر للدلالة على كمال التذلل إذ حين إذاً يتحقق الخرور عليها و ... اللام للدلالة على .. الخرور بها كما في قولك فخر سريعاً لليدين وللفم الذقن معروف والمقصود به هنا الوجه.
أجاب الشيخ :
الذقن معروف عند الجميع الله سبحانه وتعالى يصف هؤلاء أنهم ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ سبحان الله هل الخرور يكون للأذقان أم يكون على الجبهه؟ الأصل يكون على الجبهة وعلى الأنف فلما الله سبحانه وتعالى ترك الجبهة هنا ولم يذكرها ترك الأنف لم يذكره هنا وإنما ذكر الذقن فكيف كان الخرور إلى الذقن هذا أمر يحتاج إلى وقفة ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ كيف يخرون للأذقان؟! تأمل معي هذه الآية .
قال أحد الطلبة :
الذقن معروف والمقصود به هنا الوجه كله كما قاله ابن عباس وقتادة وإنما خصت الأذقان بالذكر للدلالة على كمال التذلل وهذا ليس مقصودنا هنا وإنما المقصود أن ذكر اللام هنا عوضاً عن على في قوله : ﴿ لِلْأَذْقَانِ﴾ للدلالة على معنين.
أجاب الشيخ :
أحسنت بارك الله فيك لماذا ليس مقصود هنا؟ لأن الكلام عن الذقن تابع للمرحلة الأولى لأن الأولى الكلام فيها عن دلالة الكلمات وأما هذه المرحلة الثانية الكلام فيها عن دلالة المعاني إذاً الأولى الكلام فيها عن دلالة الكلمات ونحن الآن نتكلم عن دلالة حروف المعاني فليس لها علاقة هنا لما خص ذكر الذقن في الآية ولم الوجه كاملاً هذا ليس محله هنا وإنما محله في المرحلة الأولى عندما تتأمل الكلمات ترجع كلمة الذقن في اللغة وماذا تعني ولما خص الذقن هنا في هذه الآية وترك الكلام عن الوجه كاملاً ولم فسر ابن عباس وقتادة وغيرهم من أئمة أهل التفسير فسروا الأذقان هنا بالوجوه لما فسروه بهذا ليس هذا الموطن لأن الكلام هنا عن حروف المعاني فالكلام هنا عن قوله سبحانه وتعالى ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ عن اللام هنا ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ الأصل يكون الخرور للأذقان أم على الأذقان يكون على الأذقان لأنه يخر عليها لا يخر لها ولذا جاء هنا حرف اللام عن حرف على لدلالة معينة ستذكر لكن حتى لا أشوش عليك الذهن سأذكر لك لما ذكرت الأذقان هنا ولم تذكر الوجوه سر ذلك أيها المبارك أن الخرور عندما يكون للأذقان يكون أشد ما يكون خضوعا وخنوعاً وذلة ومسكنة لله سبحانه وتعالى كيف هذا؟ أنت قد تخر على جبهتك على أنفك لكن هذا الخرور وإن وقع إلا أن بالنسبة للأذقان لا تصل إلى الأرض وهذا هو الأصل تأمل هيئتك وأنت ساجد إذا سجدت ما الذي يصل إلى الأرض وما الذي لا يصل ما الذي يمس الأرض وما الذي لا يمسها الذي يمس الأرض هو الجبهة والأنف هل بالنسبة للذقن يمس الأرض ؟ لا يمس الأرض فإذا خر الانسان خروراً في تعظيم لله سبحانه وتعالى أي فيه تعظيم كامل لله عز وجل فإن هذا الخرور سيكون معه خرور للأذقان إذا الذقن إلى الأرض فما حال الجبهة ما حال الأنف من باب أولى بل إن الخرور عليها سيكون عظيماً جداً بمعنى إنك تخر للأرض فيه تعيظماً كاملاً لله سبحانه وتعالى فيه إجلالاً لله فيه خوفاً من الله فيه خنوع فيه مسكنه كاملة تامة لربك سبحانه وتعالى هذا الخرور إذا للأذقان فإنه يكون أتم وأعظم وأكمل من أن لو كان للوجوه والجباه والأنف واضح الكلام لم تذكر الجبهة والأنف هنا من أجل أن الخرور على الأذقان أو للأذقان هو الأبلغ فعندما ذكر الأبلغ لم يحتاج إلى ذكر ما هو أقل منه في الدلالة على الخضوع والخشية لله سبحانه وتعالى بقي الآن عندنا مسألة وهي محل الكلام هنا فيما يتعلق لما ذكر حرف اللام ولم يذكر حرف على في هذا الموطن.
قال أحد الطلبة :
وإنما المقصود أن ذكر اللام هنا عوضاً عن على في قوله ﴿لِلْأَذْقَانِ﴾ للدلالة على معنين معنى على وهو الاستعلاء لأن الخرور وقع عليها ومعنى الاختصاص أي اختصاصها بالخرور وخصت هذه الأعضاء بالذكر مع أن اليدين والقدمين تخران أيضاً لأنها هي المقصود الأعظم من الخرور لأن كمال الذل والخضوع إنما يكون بها.
أجاب الشيخ :
أحسنت بارك الله فيك حرف اللام هذه اللام لها دلالة في لغة العرب وهذه الدلالة هنا هي الاختصاص وكأنه خص الأذقان بالخرور على الأرض لما جاء لام الاختصاص هنا ولم تأتي على؟ لأن على لو جاءت هنا لدلت على الاستعلاء المجرد دلت على أنك جعلت هذا الذقن مستعلياً على الأرض يعني لامس الأرض مستعلياً عليها في خرورك وسجودك لله سبحانه وتعالى ولكن لم تأتي على هذه لم تأتي بمعنى جديد لم تأتي بمعنى كامل يبين شدة ما وقع لهذا العبد من الخرور وشدة ما وقع له من خشية الله سبحانه وتعالى وإن كان الكلام الآن عن أئمة في دين الله عز وجل مع عباد الله سبحانه وتعالى عندهم كمال خشوع وكمال خشية وكمال خوف لربنا سبحانه وتعالى أثنى الله عليهم في هذه الآية ﴿ويَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ فأثنى عليهم بهذا الخرور فخرورهم ليس كخرور غيرهم من الناس يعني سقوطهم على الأرض في سجودهم لله سبحانه وتعالى ليس كسجود غيرهم وإنما لهم سجود خاص يدل على كمال التعظيم لهم كمال سجود هذا السجود في صفته يدل على عظيم تعظيمهم لله سبحانه وتعالى فلذا ذكر السجود على هذا النحو ﴿ويَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ اي أنهم خصوا الأذقان بالسجود فسجد مع الوجه سجد أيضاً الذقن سجد مع الجبهة والأنف أيضاً كذلك الذقن فكان الخرور على أكمل ما يكون في توجه العبد لله سبحانه وتعالى حال سجوده وسقوطه على الأرض طالباً التقرب إلى الله سبحانه وتعالى هذا هو المقصود من هذه الحروف التي جاءت والتي قبلها.
قال أحد الطلبة :
ومثله ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ[الصافات: 103]. فاللام هنا عوضاً عن على للدلالة عن المعنين السابقين اللذين هما الاستعلاء والاختصاص والمعنى أن إبراهيم عليه السلام صرع ابنه اسماعيل عليه السلام على الأرض كما يفهم من السياق وخص الجبين وهما جانبين الرأس من الأمام وبينهم الجبهة بالذكر هنا ليبين أن هناك صرعاً خاصاً بها واقعاً عليها فإبراهيم عليه السلام حتى لا ينظر في وجه ابنه حال ذبحه فيقع منه رحمة له فيتردد جعل وجه اسماعيل عليه السلام جهة الأرض حال إرادته ذبحاً وهذا ليس بتكلف ولا تقول بل هو الذي دلت عليه الآية بكلماتها وأدواتها وسياقها لذا صرح جماعة من السلف بأن هذه هي الهيئة التي أرادها إبراهيم عليه السلام أن يذبح عليها إسماعيل عليه السلام منهم ابن عباس وقتادة ومجاهد وغيرهم.
أجاب الشيخ :
أحسنت بارك الله فيك انظر إلى هذه الآية وتأمل معي أيها المبارك تأمل معي عظيم فهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكلام ربهم وقبل ذلك سأحكي لك حكاية الآن الآن فيما يتعلق بفهم هذه الآية الله سبحانه وتعالى يقول هنا في هذه الاية العظيمة في سورة الصافات: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ الكلام الآن عن من؟ عن إبراهيم عليه السلام وعن ابنه اسماعيل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَ﴾ أي ابراهيم واسماعيل عليهما السلام وتل ابراهيم الخليل عليه السلام تل ابنه اسماعيل ﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ إذا ذهبت للتفسير في المأثور تنظر مثلاً إلى تفسير ابن جرير رحمه الله فتقف على هذه الآية لتقرأ تفسير ابن عباس لهذه الآية فيقول لك إن ابراهيم الخليل عليه السلام لما أراد أن يذبح ابنه لم يذبحه على الصفة المعهودة الصفة المعهودة أن يوضع هذا الانسان أو كذلك عندما تريد أن تذبح بهيمة ونحو ذلك أن تضع على جنب أليس كذلك على جنب من الجانبين ثم تقوم بالذبح ابراهيم الخليل عليه السلام لما أراد أن يذبح ابنه اسماعيل عليه السلام لما هم بالذبح لم يفعل هذا لم يجعل ابنه اسماعيل على جنب من الجانبين أبداً لا جنبه الأيمن ولا على كذلك جنبه الأيسر وإنما فعل صفة أخرى ما هي هذه الصفة؟ أنه جعل وجه ابنه اسماعيل عليه السلام إلى الأرض ثم لما أراد الذبح أخذ هذه السكين فأدخلها من تحت حلق ابنه اسماعيل عليه السلام وهم بالذبح على هذه الصفة فالوجه الآن وجه اسماعيل عليه السلام على الصفة وابراهيم الخليل يذبح على هذه الصفة ابن عباس لما ذكر هذا الكلام من أين أتى به كثير من طلبة العلم بل كثير من الناس لما يقرأ هذه الآية يظن أن هذا الوصف لهذه العملية التي حصلت قضية ابراهيم انه أراد أن يذبح ابنه اسماعيل أن هذا من ما أخذه ابن عباس من بني إسرائيل وهذا ليس بصحيح أبين ذلك بعد الفاصل .
فاصل تلفزيوني
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين حياكم الله مرة أخرى أيها الأحبة ونعود للكلام عن قوله سبحانه وتعالى: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ هذه الآية التي وصف الله عز وجل بها اسلام إبراهيم الخليل وكذلك ابنه اسماعيل لله عز وجل في هذا الأمر العظيم ذكر هذه الصفة وذكرت أن ابن عباس من معه .. قتادة ومجاهد وغيرهم من الأئمة فسروا هذه الآية وفجعلوا ذبح أو إرادة ذبح ابراهيم الخليل لابنه اسماعيل عليهما السلام على صفة محددة وهي أن ابراهيم الخليل جعل ابنه اسماعيل على جهة يكون فيها الوجه متجهاً إلى الأرض واراد أن يذبحه على هذه الصفة هذا الكلام من ابن عباس ومن وافقه على هذا الأمر لم يأتي من كتب بني إسرائيل ولم يأخذه عن صحف تقدمت من الكتب السابقة صفحة ما جرى بين ابراهيم الخليل وبين ابنه اسماعيل أبداً وإنما أخذه من هذه الآية وهذا ما أريد أن تنتبه له عندما لا تفهم كلام ابن عباس أو كلام ابن مسعود أو كلام أحد من أئمة أهل العلم من الباب لا تجنح كثيراً إلى أن تقول هذا من ما أخذ عن بني إسرائيل وهذا من ما نقله فلان عن الصحف السابقة وعن الكتب التي تقدمت أمة محمد صلى عليه وسلم أبداً لا تجنح في هذا فإنهم رحمهم الله وإن أخذوا عن بني إسرائيل شيئاً مما لا يخالف ما نحن فيه من ديننا إلا أنه أبداً لم يكثروا من هذا مطلقاً وعندما تنظر في تفسيرهم رحمهم الله سواء كان ذلك في الدر المنثور او تفسير ابن جرير أو تفسير ابن كثير أو في تفسير البغوي أو في غير ذلك من التفاسير أكثر ما نقل عنهم رحمهم الله إنما هو تفسير فهموه من كلام الله عز وجل لا يأخذوه عن بني إسرائيل ولا غيرهم وإنما فهموه من الكلام العربي المبين الذي جاء في كتاب الله عز وجل فلا تجنح كثيراً إذا لم تفهم الكلام أن تقول هذا ما أخذ عن بني إسرائيل لا لم يؤخذ عن بني إسرائيل وإنما أخذ من كتاب الله لكن المسألة إنك لم تفقه ما فقهوه من القرآن ولم تفهم ما فهموه هم من القرآن ولم تدرك من كلمات القرآن ودلالتها ومن حروف المعاني ودلالتها ما أدركوه هم الذين هم أخذوا القرآن واستمعوا إليه وفهموه وهم أصحاب لغة يتكلمون بلسان عربي بين واضح لا لبس فيه فلما تقرأ هذه الآية ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ أولاً ابراهيم الخليل عليه السلام أمر بماذا؟ بالذبح المجرد أليس كذلك قال الله عز وجل في حكاية هذا الأمر : ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ[الصافات: 102]. هل أمر أن يذبح على صفة معينة؟ لا إنما أمر أن يذبح ما كيفية الصفة لم يحدد الله عز وجل هذه الصفة هذا النبي الكريم الخليل الذي وصفه الله عز وجل فقال : ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ[التوبة: 114]. ابراهيم كان من الرحمة وكان من الشفقة وكان من الحلم وكان فيه من ما جعله الله عز وجل في قلب هذا النبي من السؤده والرفق بالناس شيء لا يوصف وهذا من كمال وعظمة هذا النبي ولذا كان هو أفضل الأنبياء بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولذا كان نبينا صلوات ربي وسلامه عليه يكثر من ذكر ابراهيم الخليل يكثر من ذكره جداً ويكثر من الثناء عليه يقول إن الله عز وجل هو الذي تولى الثناء على ابراهيم الخليل في كتابه في كثير من المواقف هذا النبي أمر بالذبح ولم يؤمر بكيفية معينة للذبح فقد خيره الله عز وجل في ذلك فاختار صفة ينفذ فيها الأمر الذي جاء من الله عز وجل وأيضاً يجمع بين استجابته لأمر الله وبين رحمته لابنه التي جعلها الله عز وجل في قلبه فجمع بين الأمرين وهذا من كمال تنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى لأنه نفذ الأمرين هو مأمور بأن يرحم ابنه وأن يشفق عليه وأن يكون لطيفاً به مراعياً لجميع أحواله ومأمور أيضاً أن لا يرتكب شيئاً يكون فيه أثر على نفسه ويكون فيه بقية فكر تتعلق بأمر من أوامر الله عز وجل فجمع بين هذا كله بين الرحمة التي جعلها الله في قلبه بل التي أمر الله عز وجل نبيه ابراهيم وأمر غيره أيضاً أن تكون في قلوب الآباء على الأبناء هذه الرحمة الفطرية المغروسة بين الأبن وأبيه هذه موجودة وباقية وهي شرعية وفطرية وكونية موجودة في قلب الخليل إبراهيم لم يبعدها ابراهيم ولم يزلها لما استمع إلى أمر الله سبحانه وتعالى بل نفذ الأمران جميعاً أما الأمر الأول هو أنه سيذبح ولم يرده شيئاً عن أن يقدم ابنه قرباناً لله سبحانه وتعالى استجابة لأمره لم يرده شيء عن ذلك ولكنه أيضاً يجمع مع ذلك الرحمة واللطف والرأفة والشفقة بهذا الابن وبنفسه أيضاً في حاله مع ابنه فجاء على هذه الصفة بأن رمى ابراهيم ابنه اسماعيل على الأرض تله تلاً قوياً شديداً حتى لا يفكر ولا يتردد فتله والتل لا يكون إلا بقوة وشدة ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَ﴾ الجميع أسلم لله عز وجل وأريد أن تتخيل هذا الموقف ايها المؤمن المسألة ليست هينة ليست القضية ذبيحة تذبحها وتقدمها لله عز وجل تشتريها بمبلغ من مال القضية أنها عندك ابنك وهو أحب الناس إليك وما جاءك إلا بعد تعب وجهد وزمن وتحبه محبة شديدة جداً ترى الدنيا كلها في هذا الابن ابن صالح ابن تقي ابن بار بأبيه ابن قد جمع الله عز وجل فيه أنواع من ما يجعل الأب شديد التعلق بهذا الابن شديد المحبة له ولذا قال ابن القيم رحمه الله في كلامه عن هذه الآية وعن تفسيره إن ربنا سبحانه وتعالى لعله اطلع على تعلق ابراهيم الخليل بهذا الابن وشدة محبة الله فأراد أن يخلص محبة الله عز وجل التي قلب ابراهيم الخليل لربه سبحانه وتعالى فلا يخالطها شيء لا يليق بها حتى وإن كانت محبة الأب لابنه وهذا الذي جرى ايضاً لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع ابنه ابراهيم عليهم جميعاً أفضل الصلاة وأتم التسليم فكذلك ابراهيم مع ابنه اسماعيل فأمره هذا الأمر فاستجاب لله سبحانه وتعالى فجعل وجه ابنه اسماعيل إلى الأرض جعل هاتين العينين اللتين قد ينظران إلى ابراهيم الخليل وهو يقدم على ذبح ابنه اسماعيل في هذه الحال الشديدة مع الإسلام الكامل لله سبحانه وتعالى لله سبحانه وتعالى في هذا الموقف العظيم والسكين بيد ابراهيم الخليل وهو يقدم على ذبح هذا الابن الكريم البار الرحيم بل هو نبي من أنبياء الله عز وجل يقدم على هذا الذبح فجعل وجه إلى الأرض وأخذ السكين يريد أن يذبح وقد استجابا جميعاً وأسلما لله سبحانه وتعالى ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ[الصافات: 103، 104]. هذه الصفة كاملة هي التي أشار إليها ابن عباس ومجاهد وقتادة ودلت عليها الآية في حرف من حروف المعنى وهو قوله سبحانه وتعالى: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ أي أن التل كان من جهة الجبين وهذا التل هو الذي أوصل هذا الرأس إلى الأرض والتل كان من جهة الجبين ﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ أي تله تلاً يوصل به جبينه إلى الأرض فوصل الجبين هنا "ال" هذه في الجبين "ال" جنسية بمعنى أنه أوصل كل الجبين فإذا أوصل كل الجبين معناه أنه أوصل طرفي الجبين هذا وذلك أوصله جميعاً إلى الأرض لم يوصل طرفاً واحداً دون طرف وإنما أوصل الطرفين جميعاً طرفي الجبين إلى الله سبحانه وتعالى أوصلهما طاعة لله قرباناً إلى الله فجعلهما يماسان الأرض هكذا من جهته حتى لا ينظر هو إلى عين ابنه اسماعيل حال الذبح فلم يأمره الله سبحانه وتعالى بذلك فلم القسوة ولم الجفاء لم يأمره الله سبحانه وتعالى أن يضع عينيه بعيني ابنه اسماعيل حال ذبحه أبداً لم يأمره بذلك وإنما أمره بالذبح مطلقاً وهذا هو كمال الإيمان وكمال اليقين وكمال الرحمة وكمال الشفقة التي يحبها الله سبحانه وتعالى من عبده حين تنفذ الأمر الذي يأتيك من الله عز وجل وتنفذ معه أيضاً هذا الأمر المعين وتنفذ معه أيضاً الأوامر الأخرى التي جاءتك من الله سبحانه وتعالى بأن شفيقاً رحيماً بالناس من أولهم لآخرهم فأنت عندما تريد أن تنكر منكراً أو تنفذ أمراً تأمر وتنهى وقلبك مليء بالرحمة مليء بالشفقة مليء بالرأفة على هؤلاء الناس الذين تريد انت أن تخرجهم من الظلمات التي هم يعيشون فيها إلى النور الذي أراد الله عز وجل أن يهدي الخلق إليه هذا هو بعض ما يتعلق بهذا الآية ولكني أردت الإشارة فقط إلى حرفين من حروف المعنى في هذه الآية وهو أولاً اللام الموصلة لام الصلة هذه وأل الجنسية في قول ﴿ لِلْجَبِينِ﴾ الكلام واضح .
قال أحد الطلبة :
وهذه أمثلة أخرى أدعها للقارئ الكريم المثال السادس قوله تعالى: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ[الملك: 16]. اتفق أئمة السلف على أن الذي في السماء هو الله جل في علاه.
أجاب الشيخ :
نعم وهذا بلا خلاف بينهم أن الذي في السماء هو الله سبحانه وتعالى وهذه هي عقيدة ليست هي عقيدة أهل السنة والجماعة فقط بل هذه عقيدة المسلمين من أولهم إلى آخرهم حتى دخلت فيهم البدع الله سبحانه وتعالى هو الذي على السماء ولا يكون سبحانه وتعالى إلا على هذه الصفة جل في علاه فالعلو المطلق له سبحانه وتعالى علو الذات وعلو القهر وكل أنواع العلو ثابتة له سبحانه وتعالى ولا ينكر ذلك إلا من فسدت فطرته هو الذي ينكر هذا العلو فتارة يقول إن الله في كل مكان أعاذنا الله سبحانه وتعالى من مثل هذا القول ومنهم من يقول أن الله سبحانه وتعالى لا يوجد في هذا الكون ليس في علو ولا في سفل ولا في يمين ولا في شمال ونحو ذلك مما يقوله بعض الفلسفة فالله سبحانه وتعالى قد أثبت له العلو المطلق في أكثر من ثلاثمائة آية في كتاب الله وفي السنة أحاديث كثيرة في هذا الباب بل إن في ما ترى من أحوال المخلوقات حتى من غير الانسان ما يثبت علو الله سبحانه وتعالى وأنت تنظر إلى البهائم إذا ارادت أن تجرأ وأن تبتهل إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء وأن تتضرع إليه جل وعلى في أمر من الأمور إنما هي أن ترفع رأسها إلى السماء وقد شوهد ذلك النظر في القديم والحديث إذا أرادت أن تستسقي الله سبحانه وتعالى فإنها تستسقي بأن ترفع عينيها ورأسها إلى العلي الكبير سبحانه وتعالى هذه حقيقة ثابتة في الفطرة بل إنها عقيدة ثابتة في قلب الانسان لا يستطيع أحد أن ينكرها مطلقاً عندما تريد أن تدعوا الله أين تتجه في دعاءك إلى ربك سبحانه وتعالى تتجه إلى اليمين تقول هكذا يا رب تتجه إلى الشمال أو إلى الأمام أو الأسفل أو إلى الخلف أين تتجه إذا أردت أن تدعو الله سبحانه وتعالى ليس لك إلا الله وأين الله ؟ الله في العلو المطلق سبحانه وتعالى هذه عقيدة ثابتة هي ثابتة عند المسلمين جميعاً عند الصغار والكبار وقد سألت طفل في الخامسة من عمره كنت معه فقلت إذا أردت أن تدعوا الله ماذا تقول قال أقول يارب "كلمة غير مفهومة) قال ربي فوق والله في الخامسة من عمره .
سألت أخر في السادسة من عمره قلت حبيبي إذا أردت أن تدعوا الله عز وجل كيف تدعو؟ قال أقول يارب أدخل أبي وأمي الجنة قال ربي أنا .
يا سبحان الله يا أخي هذه عقيدة موجودة في الفطرة تريد أن تنكرها من أجل فلسفة وكلام فارغ دعوا هذا عنا جميعاً أيها المسلمون دعوا عنا هذا الكلام الفارغ الذي لا معنى له أن ينكر الانسان علو ربه سبحانه وتعالى فهذه جريمة من أعظم الجرائم ولذا حصل لبعض هؤلاء المبتدعة من بعض هؤلاء الفسقة الفجرة في حق ربهم سبحانه وتعالى عندما أن يسبح ربه يقدس ربه كما سمع .. الريفي وهو ساجد يدعو يقول سبحان ربي الأسفل يقول هكذا سمع وهو يدعو في سجوده يقول سبحان ربي الأسفل لأنه لا يريد أن يثبت العلو الذي أثبته الله لنفسه وهكذا يصل عقل الانسان إلى هذا الحد الأدنى في عدم تعظيمه لله سبحانه وتعالى ينزل الأمر من الله عز وجل بتسبيحه سبحانه وتعالى بأنه الأعلى ويأمرك في حال سجودك في حال أدنى موضع تكون فيه أنت في حال أن يصل هذا الرأس بما فيه من الجبهة والأنف بل حتى الذقن يصل إلى الأرض فتقول سبحان ربي الأعلى تنزه الرب في هذا الموطن لأنه الآن أنت في موطن تحتاج فيه أن تثبت علو ربك سبحانه وتعالى الذي فوق عرشه جل وعلا ثم يقول هذا الخسيس هذا الفاجر ، سبحان ربي الأسفل . وكل مؤمن بل إن رسولنا صلى الله عليه وسلم ومن تبعه بإحسان إلى يومنا هذا لا يقولون إلا سبحان ربي الأعلى هذه العقيدة هي المؤمنة لا أريد أن أدخل في كلام المنطق طويلاً في هذه القضية لكن يكفي بالفطرة التي أورثها الله عز وجل في قلبك إياك إياك أن تتعرض لهذه الفطرة بشيء يفسدها وبشيء يكدرها فإن ربك سبحانه وتعالى هو العلي المتعال سبحانه وتعالى هو العلي المتعال جل في علاه استوى على عرشه وهو يقضي بين خلقه وهو مستوي استواء يليق بجلاله وعظمته سبحانه وتعالى كيف الله أعلم . تريد أن أصف لك استواء الرب كيف يكون هذا من الذي يعلم ذات الرب سبحانه وتعالى وكيفية هذه الذات حتى يستطيع أن يصف استواءه جل وعلا على عرشه لا ندري ولكن نعلم ما معنى الاستواء ونثبت هذا يقيناً وحقاً طاعة لله عز وجل في كتابه وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته واتباعاً لإجماع المسلمين إجماعاً يقينياً قطعياً في هذه المسائل أسأل الله عز وجل أن يهديني وإياكم للتي هي أقوم.
قال أحد الطلبة :
لكنه متفق أيضاً على أن السماء على أي تأويل كانت لا يمكن أن تكون ظرفاً للكبير المتعال سبحانه وتعالى فإذاً ما المراد بـ "في" هذه الآية قيل بمعنى على وهذا حقاً ولكن بقي في معناها بقية فتأمل.
أجاب الشيخ :
نعم أكمل هذه أمثلة للأذهان يعني الإنسان يفكر فيها أو يتأمل وينظر في كلام أهل العلم.
قال أحد الطلبة :
المثال السابع: قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ[الفرقان: 25].
المثال الثامن: قوله تعالى : ﴿ السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ[المزمل: 18].
أجاب الشيخ :
هذه الحروف الباء في ﴿بِالْغَمَامِ﴾ الباء في ﴿ السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ لها دلالة تأملها راجع في كتب التفسير ستجد كلاماً يبين لك المعنى ويوضح لك المراد.
قال أحد الطلبة :
المثال التاسع: الفعل مر – ومروا – ويمرون ، ونحو ذلك في كتاب الله تعالى تارة يتعدى بالباء وتارة يتعدى بعلى كما في قوله تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ[يوسف: 105]. مع قوله تعالى : ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ[المطففين: 30]. فلما عدي في الآية الأولى بعلى ولما عدي في الآية الثانية بالباء .
أجاب الشيخ :
نعم هذه المغايرة لابد أن تنبته لها تارة فعل مر بعلى وتارة يتعدى بالباء فلما هذا لسر وحكمة ممكن أن نطلع على كتب التفسير وعلى ما ذكرنا لك من الكتب المعينة في حروف المعاني ستجد أن هناك فرق في الدلالة السياق كان يناسب هنا أن يأتي حرف الباء وهناك في السياق ما يجعل المناسب في هذا الموطن أن يأتي حرف على تدل الاستعلاء وباء تدل على الملاصقة فتارة المرور يناسب أن يكون بملاصقة وتارة المرور يناسب أن يكون بعلو وهذا من إعجاز كتاب الله سبحانه وتعالى.
قال أحد الطلبة : المثال العاشر التغاير بين العطف بالواو والفاءفي أوائل سورتي المرسلات والنازعات.

أجاب الشيخ :
نعم سبق الكلام عن سورة النازعات بالنسبة لسورة المرسلات تأملها أنت بنفسك وستجد بإذن الله ما يفرج صدرك.
ننتقل بعد ذلك إلى قضية لها علاقة بحروف المعاني نعرضها لها سريعاً وهي ما يسمى بالتضمين هذا المصطلح التضمين مصطلح له علاقة قوية جداً بحروف المعاني لابد أن نعرض له عرضاً سريعاً حتى يتضح لك الأمر بشكل أتم وأكمل فنعرض لمصطلح التضمين الوارد عند البيانيين وعند النحاة بل وعند المفسرين سنعرض لهذا المصطلح ونبين المقصود منه وننقل لك أمثلة يسيرة عليه ثم بعد ذلك ننتقل بإذن من الله سبحانه وتعالى وإعانة إلى المرحلة الثامنة.
قال أحد الطلبة :
التضمين كلمة تدور في كتب اللغة بين العروبيين والأدباء والنحويين والبيانيين ولكل طائفة من هؤلاء معنى خاص يفسرون به التضمين والذي يهمنا من هؤلاء هم طائفة البيانيين وكذلك بعض النحاة فالتضمين الذي نقصده هنا هو إشراب الفعل معنى فعل آخر ليدل الفعل الأول على معناه الأصلى وعلى المعنى الذي دل عليه السياق.
أجاب الشيخ : نعم هذا الدرس سنقف عنده طويلاً بإذن الله عز وجل في حلقة قادمة أسأل الله عز وجل لي ولكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعلنا من أهل الفقه في الدين ومن أهل التأويل اللهم إنا نسألك الفقه في الدين وأن تعلمنا التأويل وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .



توقيع أم أسماء
قال ابن القيم رحمه الله:
(القلب يمرض كما يمرض البدن، وشفاؤه في التوبة والحمية
ويصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه بالذكر
ويعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى
ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة والخدمة)

التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 15-12-08 الساعة 03:44 PM
أم أسماء غير متواجد حالياً