عرض مشاركة واحدة
قديم 10-12-08, 03:46 AM   #322
دعاء عبد الله
~نشيطة~
Icon188 تفريغ من بداية الدرس19 إلى الدقيقة السادسة عشر وتسع عشرة ثانية

تفريغ من بداية الدرس التاسع عشر إلى الدقيقة السادسة عشر وتسع عشرة ثانية

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أيها الأحبة حياكم الله مرة أخرى في مجلس من مجالس الجنة أسأل الله عز وجل كما جمعنا وإياكم في مثل هذه المجالس المباركة أن يجمعنا جميعاً ومن يستمع إلينا في الفردوس الأعلى من الجنة .

كنا في الحديث عن المرحلة الثانية المتعلقة بحروف المعاني وقد سمعنا قرأنا أمثلة على حروف المعاني وعلى أثرها في فهم كتاب الله عز وجل وفي هذه الحلقة نواصل ما كنا بدأناه في ضرب هذه الأمثلة وإن كان هناك من سؤال قبل أن ننتقل إلى بقية الأمثلة أرجو ذلك هل لكم سؤال ؟ أرجو أن يكون الكلام واضح إذن تفضل يا عبد السلام اقرأ .

بسم الله الرحمن الرحيم . المثال الرابع قوله تعالى ( وهزي إليك بجذع النخلة ) في سورة مريم ، الهز تحريك الشيء وفعله يتعدى بنفسه فنقول هز الرمح أو الشجرة ونحو ذلك وفي هذه الآية عداه بـ "إلى" ليضمن الهز معنى الإدناء والإمالة والتقعيد من فاعل الهز وهي مريم عليها السلام وفي هذا مزيد كرامة لمريم عليها السلام .
أحسنت بارك الله فيك، الآن كتبتم الآية اكتبوا الآية ( وهزي إليك بجذع النخلة ) أصل الهز في لغة العرب هو تحريك الشيء وهذا الفعل في اللغة لا يحتاج إلى حرف يتعدى به فأنت تقول لأحد تأمر أحداً فتقول هُزَ الرمح أو تقول هززت الشجرة ونحو ذلك من الكلمات والعبارات لا تحتاج أن تعدي هذا الفعل بحرف فلا تقول هززت إلى الشجرة أو هُزَ إلى الرمح ونحو ذلك لكن هذه الآية الكريمة عدي فيها هذا الفعل لقول سبحانه وتعالى( وهزي إليك بجذع النخلة ) فما سر ذلك وما سببه؟ اقرأ يا عبد السلام :
بيان ذلك أن المنصوص عليه في الآية أنها لجاءت إلى جذع النخلة لا إلى نخلة كاملة ومع هذا أمرت أن تهز الجذع وتميله نحوها ومن كرامة الله لها أن الجذع لم يستجيب لهزها فقط بل وسيميل نحوها إجابة لجذبها لها بيديها الضعيفتين غاية الضعف وهذا أبلغ في الإعجاز وأدل على قدرة العزيز الوهاب جل وعلا ثم جاءت الباء في(بجذع النخلة ) وهي للإلصاق لتؤكد عليها أن تمكن يديها من الجزع حال هزها غاية ما تستطيع من التمكن وهذا أمر لها بفعل كل ما في وسعها من الأسباب الدنيوية.
نعم هذا هو ما يبين لك بعض أسرار هذه الآية الكريمة الله سبحانه وتعالى يقول فيها( وهزي إليك بجذع النخلة ) كما ذكرنا سابقاً الهز لا يحتاج إلى حرف يتعدى به ولكنها عُدِيَت هنا بالباء لقوله سبحانه وتعالى( وهزي إليك بجذع النخلة ) هذه الباء كما ذكرنا أن من معانيها الإلصاق فالمقصود هنا أن تتمسك بهذه الشجرة تمسكاً قوياً شديداً جداً بحيث أنها عندما تمسك بها يكون هذا المسك مسكاً قوياً شديداً متمكناً منها فهذه من جهة الباء ودلالتها على الإلصاق وأيضاً جاء حرف إلى( وهزي إليك بجذع النخلة ) ليكون هذا الهز فيه جر وجذب إليها فيه هز وجر وجذب إليها طيب هذا الجزع وهو جزع فيما يظهر كما قاله جماعة من السلف رحمهم الله أنه مجرد جزع لا نخلة كاملة لأن الله عز وجل إنما ذكر جذع نخلة( وهزي إليك بجذع النخلة ) ولم يقل وهزي إليك النخلة وإنما ذكر جذع النخلة قد يقال بأنه ذكر الآن بعض ما يهز من أجل أنه هو المقصود بالمسك والجذب يعني ذكر شيئاً وأراد الكل ذكر البعض وأرد الكل قد يقال هذا وهذا له وجه صحيح في العربية ولكن ظاهر اللفظ ولا مانع من البقاء على ظاهر اللفظ لأنه ليس هناك ما يمنع منه أبداً ظاهر اللفظ إنها إنما هزت جذع نخلة وجذع النخلة لا يكون معه رأس فيها ثمرة وفيه جذوع ونحو ذلك وإنما هو جذع مجرد فقط يعني صلب هذه الشجرة وهذا الجذع فيه ما فيه من أنواع اليبس قد يكون ميتاً أصلاً ليس بحي إذا كان جذعاً مجرداً ليس نخلة كاملة فعندئذٍ أمر الله سبحانه وتعالى هذه المرأة الضعيفة التي هي في حال المخاض أمرها أن تهز جذع النخلة وأن يكون هذا الهز في حال كونها ممسكة إمساكاً قوياً شديداً بهذا الجذع وأيضاً كذلك أن تجذب هذا الجذع إليها هذه الأوامر لهذه المرأة الضعيفة في مثل هذا الحال هل هي أوامر مجردة من وقوع الأثر والاستجابة من هذا الجذع لهذه المرأة الضعيفة أبداً فالله عز وجل لم يأمرها بهذه الأوامر إلا لكي ترى قدرة الله سبحانه وتعالى وهي في مثل هذه الحالة الضعيفة في مثل هذه الحالة التي لا تستطيعه معها المرأة أن تفعل أدنى شيء فكيف بأن تهز جذع نخلة كاملة لكنه بدأاً أمر من أجل أن نتعلم نحن جميعاً أن المطلوب والمأمور به في شرع الله سبحانه وتعالى أن تفعل ما تستطيع ما تقدر عليه تفعله ما لا تستطيع فلست مطالباً به ولا يطلب منك ولا تؤمر أن تتكلفه أبداً وإنما تفعل ما تستطيعه من الأمور ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) فالآن هي أمرت أن تفعل ما تستطيع فإذا فعلت ألم يحصل الأثر بلى سيحصل الأثر ألم يحصل ما تتطلبه ما تقصده سيحصل لها لأن الأمر جاء من الله عز وجل وهذه الأوامر ليست عبثاً وإنما هي جاءت من الله سبحانه وتعالى لترى هذه المرأة الضعيفة الصالحة قدرة الله سبحانه وتعالى الكاملة في إنقاذها وفي فعل ما لا يمكن أن يحدث لولا أن الله سبحانه وتعالى قدره ويسره لهذه المرأة إذاً فالقضية في قدرة بالله سبحانه وتعالى أراد أن يظهرها لهذه المرأة الضعيفة أمرها بأوامر فطبقت هذه الأوامر فحصل ما أمر به هذا الجذع من الاستجابة لهذه المرأة الضعيفة ( وهزي إليك ) يدنو إليك ( بجزع النخلة ) هذه كلها أوامر جاءت في حال يكون فيها الإنسان في غاية الضعف فإذا حصل للعبد في هذه الحياة الدنيا شيء من ذلك من حال المسكنة حال الضعف حال قلة الناصر حال الفقر الشديد حال بعد الأحبة والأخوة فإنه عندئذٍ ماذا يفعل الواجب عليك أيها العبد أن تفعل كما فعلت هذه المرأة الصالحة أن تفعل كل سبب تستطيعه من أجل درء هذا البلاء الذي حل بك تفعل ما تستطيع ولا تدخر شيئاً أبداً افعل كل ما تستطيع مما له سبب في دفع هذا البلاء الذي حل بك عندئذٍ سيتولى بقية الأمر ربنا سبحانه وتعالى سيتولى الله عز وجل بقية الأمر وسيدرأ عنك ما تخشى سواء كان في الحياة الدنيا أو كان في الحياة الأخرى .
نعم اقرأ المثال الخامس :
المثال الخامس قوله تعالى ( ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوع ) اللام المفردة لها معاني كثيرة جداً وأصل معانيها الاختصاص قال أبو السعود في تفسيره لهذه الآية أي يسقطون على وجوههم سجداً تعظيماً لأمر الله تعالى أو شكراً لإنجاز ما وعد به في تلك الكتب من بعثته وتخصيص الأذقان بالذكر للدلالة على كمال التذلل إذ حين إذاً يتحقق الخرور عليها وإثار اللام للدلالة على اختصاص الخرور بها كما في قولك فخر سريعاً لليدين وللفم الذقن معروف والمقصود به هنا الوجه.
الذقن معروف أليس الذقن معروف ، معروف عند الجميع هذا هو الذقن ، الذقن معروف الله سبحانه وتعالى يصف هؤلاء أنهم( يخرون للأذقان ) سبحان الله هل الخرور يكون للأذقان أم يكون على الجبهه؟ الأصل يكون على الجبهة وعلى الأنف فلما سبحانه وتعالى ترك الجبهة هنا ولم يذكرها ترك الأنف لم يذكره هنا وإنما ذكر الذقن فكيف يكون الخرور للذقن هذا أمر يحتاج إلى وقفة ( ويخرون للأذقان ) كيف يخرون للأذقان؟ كيف يكون هذا تأمل معي هذه الآية ، نعم أكمل :
الذقن معروف والمقصود به هنا الوجه كله كما قاله ابن عباس وقتادة وإنما خصت الأذقان بالذكر للدلالة على كمال التذلل وهذا ليس مقصودنا هنا وإنما المقصود أن ذكر اللام هنا عوضاً عن على في قوله : ( للأذقان ) للدلالة على معنيين.
أحسنت بارك الله فيك لماذا ليس مقصودنا هنا؟ لأن الكلام عن الذقن هذا تابع لأي مرحلة ، للمرحلة الأولى أو الثانية تابع للمرحلة الأولى لأن الأولى الكلام فيها عن ماذا عن دلالة الكلمات وأما هذه المرحلة الثانية الكلام فيها عن دلالة حروف المعاني إذان الأولى الكلام فيها عن دلالة الكلمات ونحن الآن نتكلم عن دلالة حروف المعاني فليس لها علاقة هنا لما خص ذكر الذقن في الآية ولم يذكر الوجه كاملاً هذا ليس محله هنا وإنما محله في المرحلة الأولى عندما تتأمل الكلمات ترجع كلمة الذقن في اللغة وماذا تعني ولما خص الذقن هنا في هذه الآية وترك الكلام عن الوجه كاملاً ولم فسر ابن عباس وقتادة وغيرهم من أئمة أهل التفسير فسروا الأذقان هنا بالوجوه لما فسروه بهذا ليس هذا موطنه لأن الكلام هنا عن حروف المعاني فالكلام هنا عن قوله سبحانه وتعالى( يخرون للأذقان ) عن اللام هنا( يخرون للأذقان ) الأصل أن يكون الخرور هل هو للأذقان أم على الأذقان؟ يكون على الأذقان لأن يخر عليها لا يخر لها وإنما يخر عليها ولذا جاء هنا حرف اللام عن حرف على لدلالة معينة ستذكر لكن حتى لا أشوش عليك الذهن سأذكر لك لما ذكرت الأذقان هنا ولم تذكر الوجوه مع أن هذا ليس في هذه المرحلة وإنما هو في المرحلة الأولى؟ سر ذلك أيها المبارك أن الخرور عندما يكون للأذقان يكون أشد ما يكون خضوعا وخنوعاً وذلً ومسكنة لله سبحانه وتعالى كيف هذا؟ أنت قد تخر على جبهتك على أنفك لكن هذا الخرور وإن وقع إلا أن بالنسبة للأذقان لا تصل إلى الأرض وهذا هو الأصل تأمل هيئتك وأنت ساجد إذا سجدت ما الذي يصل إلى الأرض وما الذي لا يصل ما الذي يمس الأرض وما الذي لا يمسها الذي يمس الأرض هو الجبهة والأنف هل بالنسبة للذقن يمس الأرض ؟ لا لا يمس الأرض فإذا خر الانسان خروراً في تعظيم لله سبحانه وتعالى أي فيه تعظيم كامل لله عز وجل فإن هذا الخرور سيكون معه أيضا ماذا ؟ خرور للأذقان إذا وصل الذقن إلى الأرض فما حال الجبهة ما حال الأنف من باب إيش من باب أولى أليس من باب أولى بل إن الخرور عليها سيكون عظيماً جداً بمعنى إنك تخر للأرض خروراً فيه تعيظماً كاملاً لله سبحانه وتعالى فيه إجلالاً لله فيه خوفاً من الله فيه خنوع فيه مسكنه كاملة تامة لربك سبحانه وتعالى هذا الخرور إذا كان للأذقان فإنه يكون أتم وأعظم وأكمل من أن لو كان للوجوه أو للجباه والأنف واضح الكلام تمام ، فلم تذكر الجبهة والأنف هنا من أجل أن الخرور على الأذقان أو للأذقان هو أبلغ فعندما ذكر الأبلغ هنا لم يحتاج إلى ذكر ما هو أقل منه في الدلالة على الخضوع والخشية لله سبحانه وتعالى بقي الآن عندنا مسألة وهي محل الكلام هنا فيما يتعلق لما ذكر حرف اللام ولم يذكر حرف على في هذا الموطن نعم .
وإنما المقصود أن ذكر اللام هنا عوضاً عن على في قوله ( للأذقان ) للدلالة على معنيين معنى على وهو الاستعلاء لأن الخرور وقع عليها ومعنى الاختصاص أي اختصاصها بالخرور وخصت هذه الأعضاء بالذكر مع أن اليدين والقدمين تخران أيضاً لأنها هي المقصود الأعظم من الخرور لأن كمال الذل والخضوع إنما يكون بها.
أحسنت يا بارك الله فيك حرف اللام هنا هذه اللام لها دلالة في لغة العرب وهذه الدلالة هنا ما هي ؟ هي ماذا ؟ هي للاختصاص وكأنه خص الأذقان بالخرور على الأرض لما جاء لام الاختصاص هنا ولم تأتي على؟ لأن على لو جاءت هنا لدلت على الاستعلاء المجرد دلت على أنك جعلت هذا الذقن مستعلياً على الأرض يعني لامس الأرض مستعلياً عليها في خرورك وسجودك لله سبحانه وتعالى ولكن لم تأتي على هذه ولو أنها هي التي جاءت في هذا الموطن لم تأتي بمعنى جديد لم تأتي بمعنى كامل يبين شدة ما وقع لهذا العبد من الخرور وشدة ما وقع له من خشية الله سبحانه وتعالى وإن كان الكلام الآن عن أئمة في دين الله عز وجل مع عباد الله سبحانه وتعالى عندهم كمال خضوع وكمال خشية وكمال خوف لربنا سبحانه وتعالى أثنى الله عليهم في هذه الآية ( ويخرون للأذقان ) فأثنى عليهم بهذا الخرور فخرورهم ليس كخرور غيرهم من الناس يعني سقوطهم على الأرض في سجودهم لله سبحانه وتعالى ليس كسجود غيرهم وإنما لهم سجود خاص يدل على كمال التعظيم يعني لهم كمال سجود هذا السجود في صفته يدل على عظيم تعظيمهم لله سبحانه وتعالى فلذا ذكر السجود على هذا النحو ( ويخرون للأذقان ) أي أنهم خصوا هذه الأذقان بالسجود فسجد مع الوجه سجد أيضاً الذقن سجد مع الجبهة والأنف أيضاً كذلك الذقن فكان الخرور على أكمل ما يكون في توجه العبد لله سبحانه وتعالى حال سجوده وسقوطه على الأرض طالباً التقرب إلى الله سبحانه وتعالى واضح الكلام هذا هو المقصود من هذه الحروف التي جاءت في هذه الآية والتي من قبلها نعم أكمل يا عبد السلام .
دعاء عبد الله غير متواجد حالياً