( 1 )
[ كم تقرأ من ساعةٍ ؟ ]
يسألُك أحدُهم : كم يقرأ طالبُ العلمِ من ساعةٍ ؟
وطالبُ العلمِ لا يكونَ محِقًّا في دعواه ، صادقًا في عزمِهِ ، حتى يُنفِقَ وقتَهُ كلَّه في العلمِ ، لا يضَنُّ عليهِ بشيءٍ منهُ ، إلا ما كانَ في طلبِ رزقٍ ، أو حاجةِ أهلٍ ، أو قضاءِ حقِّ ؛ فربَّما صرفَ في اليومِ عشرَ ساعاتٍ أو أكثرَ في القراءةِ ، وربَّما ساعةً أو ساعتينِ . كلُّ ذلكَ بحسَبِ ما يفضُلُ لهُ من الوقتِ بعدَ قضاءِ ما لا بُدَّ من قضائِهِ .
وليسَ لطالبِ العلمِ أن يلهوَ ، أو يشتغلَ بالمباحِ من التَّرفِ ، إلا شيئًا موزونًا ، يجعلُه جمامًا لنفسِهِ ، ومعونةً لها ، وتشجيعًا على الطلبِ ؛ قالَ أبو الدرداءِ : ( إنَّي لأُجِمّ نفسي ببعضِ الباطلِ كراهةَ أن أحملَ عليها من الحقِّ ما يُمِلُّها ) [ الحيوان 3 / 7 ] . وكلُّ ذلكَ - إن كانَ - قليلٌ .
وإنَّما العجبُ من قومٍ ينتسبونَ إلى العلمِ يُمضونَ أوقاتَهم في ما إنْ برئَ صاحبُه من إثمٍ ، لم يبرأ من مثلبةٍ تلحقُه في عرضِهِ ، أو منقصَةٍ تأخذُ في عُمُرِهِ . فمن ذلكَ متابعةُ القنواتِ ، والصُّحفِ ، وكثرةُ الاجتماعاتِ ؛ وخاصةً الاجتماعاتِ الثابتةَ إما أسبوعيًّا ، أو شهريًّا ، إنْ كانت مما لا يُجدِي على صاحبِها نفعًا ، أو يزيدُه علمًا ، أو يَكسبُه مروءَةً وَّشرفًا .