سلسلة "مبادئ فهم القرآن" (2)
الشيخ عصام بن صالح العويِّد
[تساؤلات المقصّرين مع القرآن]
وهذه نصوص أسئلة تتابعت أذكرها كما هي، يقول أصحابها:
1-أنا أقرأ القرآن وأقرأ في كتب التفسير ولا أدرك هذا المعنى العظيم الذي تتحدثون عنه في آيات القرآن؟
2-عندي يقين تام بأن القرآن معجز لكن لا أدري أين هذا الإعجاز؟
3-لا أجد لذة عند قراءة القرآن؟
4-هل يمكن أن يحكمنا القرآن في كل قضايانا حتى الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية والإعلامية وغير ذلك؟
5-أخت داعية تسأل وتقول: ندعو الناس إلى الأنفع لهم أو إلى ما يرغبون فيه؟ هل نعلّم الناس الإيمان أو العاطفة؟
6-أخرى تقول: أليست دراستنا لعلم التوحيد أو الفقه أو الحديث هي المقصودة بتدبر القرآن؟
7-الأمة اختلفت في فهم القرآن كثيراً، أما تخشى من هذا؟
8-لماذا القرآن؟ مشكلات الأمة أهم .. السياسة أهم .. الفقه أهم .. الدعوة أهم .. الجهاد أهم .. الاقتصاد أهم ..
والجواب عن هذه كلّها هو جواب واحد:
وهو عدم الفهم الحق لهذا القرآن المنزّل من لدن حكيم عليم؛
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل: 6]
فلا بد من هذا الفهم – بقدر طاقتك – وإلا والرحمنِ الذي أنزل القرآن لن تبلغ مرادَك في الصلاح والإصلاح في الدنيا، ولا في الرفعة والدرجات في الآخرة !!
وأدلة ذلك مبسوطة ستأتي فيما نستقبل –بإذن الله-، ولكن أنبّه هنا أن الفهم الحق الذي لا بد منه نوعان:
1-فهم ذهني معرفي ..
2-فهم قلبي إيماني ..
والفهم الثاني هو الغاية، والأول إنما هو وسيلة.
قال الحسن البصري –رحمه الله-:
"العلم علمان؛ 1- علم في القلب، فذاك العلم النافع. 2- وعلم في اللسان، فتلك حجة الله على خلقه".
فتنبه إلى ذلك –يا أخا القرآن- فإنه سورُ ما بين الفريقين.
فإن قلت: فكيف تحقيق ذلك؟
فالجواب: باتباع منهج الذين قال الله عز وجلّ فيهم:
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} الآية [الفتح: 29].
وقال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم –كما في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".
فلا محيد ولا مناص من اتباع منهجهم في تعلمنا وتعليمنا للقرآن.
فإن قلت: وهل خالفناهم في طريق تعلّمنا أو تعليمنا القرآن؟
فأقول: نعم –غفر الله لي ولك- قد فعلنا شيئاً من ذلك.
فقد كان السلف –رحمهم الله- من عظيم فقههم يتعلمون الإيمان قبل أن يتعلموا القرآن، يتعلمون صغار العلم قبل كباره، يمتثلون قبل أن يستكثروا.
فإن سألت: وكيف نسلك طريقهم؟
فالجواب: يا أخا القرآن، إنما رقمت هذه المراحل من أجل بيان ذلك، فخذها غُنمها وعلى كاتبها غُرمها ولا حول لي ولا قوة إلا بالله.
... يتبع ...
|