إن شاء الله لي عودة قبل نهاية الموعد-بوركت أم هشام
|
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيد الجادّين المجدين، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: جزى الله خيرا أخواتي على مشاركاتهن ونقولاتهنّ الطيبة الموفقة ، وأسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناتهن و أن ينفع بها من قرأها، . غير أنني أظن ـ والله أعلم ـ أن هذا حيدة عما طرح الموضوع لأجله، وأعتقد أن الأستاذة أم هشام ـ حفظها الله تعالى ونفع بها ـ إنما أرادت من هذا الطرح أن تفجر كوامن الأخوات، وتذكي حرارة النقاش بيننا، وتطلق العنان لألسنتنا للتعبير عما يجول في خواطرنا، وتصوير ماتجود به قرائحنا.... فتسيل الأقلام، وتنهمر الأفكار...وهذه هي بعض ثمار النقاش الأدبي البناء.. فأردت قبل أن يختم النقاش حول هذا الموضوع أن أدلي فيه بدلوي ، وأرمي فيه بسهمي، علّني أوفق لبلوغ المقصود ـ إن شاء الله تعالى ـ فأقول وبالله تعالى أصول وأجول: الجدية من المعاني المطلوبة المفقودة.. الجدية هي أكبرمن أن تناقش في طرح: هل هي مرغوبة أم لا .. فمالنا عن الجدية غنى أو بدّ!!! وهل خلقنا إلا العمل والكدّ والكدح والجِّد؟؟؟.. أرى أن الجدية ليست عنصرا من عناصر النجاح ، ولا عاملا من عوامل التفوق فحسب، بل أرى ـ والله تعالى أعلى وأعلم ـ أن الجديّة هي المقصد من الخلق، الجدية هي الغاية من الحياة. أرى أنّ الجديّة هي تحقيق معاني العبودية التي خلقنا الله لأجلها.. العبودية بمعناها الشامل لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. وأرى أنّ أيَّ شخص لو أطبق أهل البسيطة كلهم على وصفه بالجاد، ولم تكن جديّته خادمة لغاية العبودية ولا محققة لمعانيها، ولا دائرة في فلكها؛أرى أنه كان في جدّه يلهو ويلعب.. وليس له من جده إلاالنصب و التعب. وسوف يعلم ذلك إذا وافاه اليوم الحق الذي لاهزل فيه... ألا ترين معي أختي أنّ الشخص إذا لم يكن جادا في قوله كان هازلا لاغيا.. وإذا لم يكن جادا في عمله؛ كان لاعبا لاهيا.. وإذا لم يكن جادا في تفكيره؛ كان سفيها عيِّيا.. وإذا لم يكن جادا في اعتقاده كان ضالا غويا... وهي أوصاف تظافرت نصوص الكتاب والسنة بذمها وذم من اتصف بها وتعليق الشقاء عليها، قلِّبي صفحات مصحفك...... أو اعرضي ما تحفظنيه على قلبك؛ تدركي صدق ما أقول.. فلا فوز في الدارين إلا بالجديّة.. فليست هي إذا وصفا نادرا لأشخاص موهوبين، ولا سمةً قاصرةً على المبدعين، ولا هي فلسفة الناجحين... بل هي وصف لازم لعباد الله الكيسين الفطنين، علموا أنهم ما خلقوا للَّعب فجدوا فيما خلقوا له إنّ لله عبادا فطــنــا *** طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا نظروا فيها فلمّا علموا***أنها ليست لحي وطنا جعلوها لجة واتخذوا***صالح الأعمال فيها سفنا فالجدية وصف لازم للمؤمن الموحد، فالمؤمن جاد في عبادته .... جاد في معاملته...جاد في طلبه للعلم.... جاد في عمله...جاد في حديثه....جاد في راحته... ( جاء عن بعض السلف: إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي) جاد في في قضاء شهوته.. بل جاد حتى في مزاحه( وفي الحديث : إني أمزح ولا أقول إلا حقا) هذه هي الجدية في حياة المسلم: وصف لازم لا ينفك عنه. أما الجدية عند غيره ممن ساء فهمهم لحقيقة الحياة والغرض منها، الجدية عند هؤلاء وصف نادر قاصر على العباقرة والخارقين، وربما صفة آنية يحتاج إليها لإنجاح مشروع، أو التفوق في امتحان، أو تخطي مرحلة من مراحل الحياة.. ثم يتخلى عنها بعد ذلك...كالمعطف يرتديه في أيام الصقيع ثم يخلعه في الربيع.. أخياتي تأملن قول الحق تبارك وتعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ *مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ *لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ)[ الأنبياء:1/2] وقال تعالى: } وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا )[الأنعام:70] (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ * الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ) [الأعراف: 50ـ 51 ] وقال تعالى: } أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ) [الأعراف:98] وقال تعالى: ( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنتُمْ سَامِدُونَ ) [ النجم: 59،60] وقال عزوجل: ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) [المعارج:42] فلِم صُبَّ على هؤلاء اللوم والعتاب، لماذا حقَّ عليهم العذاب ، لماذا حلَّ عليهم العقاب ؟؟؟ لأنهم كانوا يلهون... كانوا يتمتعون... كانوا يفرحون...كانوا يضحكون...... كانوا يخوضون... كانوا يلعبون....... كانوا مترفين...... كانواسامدين......كانواغافلين... أوصاف كثيرة ونعوت متعددة تنصب في النهاية في وعاء واحد وهو أنهم كانوا غيرَ جادين... غير جادين في فهم الحياة، غير جادين في التزامهم بالدين، غيرجادين في الاستعداد لما خلقوا له. قد خلقت لأمر عظيم لو فطنت له *** فاربأ بنفسك أن ترع مع الهمل هذه هي قناعتي: فالجدية أمر ضروري ومطلب شرعي، وأعتقد أنها قناعة كل واحدة منكن إذا خذت الجدية مأخذ الجدِّ، ونظرت إليها نظرة مقتبسة من مشكاة الوحي ومستقاة من معينه.. إذا تقرر هذا فما هو ضابط الجدية وماهو حدها، وماهو القدر المطلوب منها، وما هي موانعها وعوائقها ؟؟؟ أرجع إلى الجواب ـ إن شاء الله ـ قبل أن يغلق النّقاش ـ إذا أذنتنّ بذلك ـ فإن الوقت الآن لا يسعفني .. وسبحانك اللهم بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغرك وأتوب إليك. |
أحسن الله إليك أخيتي ، ونفع بك كل من على هذه البسيطة ! ولقد أجدت فهم مرادي ، وإن كنت غير عاتبة على من حاد عن فهمي ؛ فالأمر فعلا جاد !!!!!
وأنتظر المزيد ، فبقي لنا يوم وليلتان فقط حتى نحدد الجدية ونختم الموضوع ! |
************* انتهى بحمد الله إبداء الرأي والنقاش في هذه الساعة حول موضوع الجدية ! ******************* ولعلنا نعقَّب على الموضوع ليتحدد المفهوم - إن شاء الله -. |
التعقيب الأخير حول موضوع (((( الجدية )))) ************************************** دلالة المصطلح : أ- لغة : يقول ابن منظور –يرحمه الله- : " الجدُّ : نقيض الهزل . جدّ في الأمر يَجِدُّ ويَجُدُّ بالكسر والضم ، جدًّا ، وأجَدَّ : حقق . وعذابٌ جِدُ : محقق مبالغ فيه ... وجدّ في أمره يجدّ جدًّا وأجدّ حقّق . والجد: الاجتهاد في الأمور ، وفي الحديث : كان الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذا جدّ في السير جمع بين الصلاتين ، أي اهتم به وأسرع فيه . ويقال : جدّ فلان في أمره إذا كان ذا حقيقة ومضاء . ب- اصطلاحاً : الاجتهاد في الأمر والاهتمام به والمبالغة في تحقيقه حتى نصل إلى الهدف . ت- المصطلحات المرادفة : الهمة العالية ، العمل الصالح ، الإيجابية . الأهداف : 1. تأصيل صفة الجدية عند الداعية . 2. تعويد المسلم على حسن استغلاله لأوقاته . 3. تكوين الوعي بأهمية وضع الخطط والبرامج للوصول إلى الأهداف . 4. غرس روح المبادرة للعمل والتسابق فيه بعزم وهمة عالية . 5. التأسي بالجادين من رجال الإسلام والاقتداء بهم . لماذا الحديث عن الجدية ؟ 1- لأن العمر قصير . 2- لأن الجدية صفة من صفات أهل الإيمان . 3- لأن الواجبات أكثر من الأوقات . 4- لأن فئاماً من الدعاة أكثروا من الهزل والضحك . 5- الجد والاجتهاد والحركة الدائبة في ميدان العمل الصالح تجدد للروح حيويتها ونشاطها . 6- لأن الجدية تتأكد في الشباب حيث القوة والعافية والفراغ . 7- لأن القرب من الله – عز وجل – بحسب جد العبد في التقرب إليه . الدعوة إلى الجدية : قال تعالى : ( والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لانضيع أجر المصلحين ) قال الرسول –صلى الله عليه وسلم - : " المؤمن القوي خير وأحب من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير . أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز " المراد بالقوة هنا : عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة . الجدية في طلب العلم . أ – البداية بالمبادئ الأساسية للعلوم الشرعية ، وترتيب الأولويات ، فالأصول قبل الفروع والكليات قبل الجزئيات . ب- الالتزام ببرنامج منهجي يتضمن ما يراد دراسته موزعًا على وحدات زمنية . جـ - الاستفادة من المربين في شحذ الهمم ، ومتابعة المسيرة . د- الاستفادة من أهل العلم في التلقي عنهم والدراسة عليهم . هـ- طلب العلم لا يعني الانقطاع له والعزلة عن الناس والبعد عن المجتمع والواقع بالكلية . مظاهر الجدية : 1- الحرص على اغتنام الأوقات . 2- تنظيم الواجبات والاهتمام بالمسؤوليات . 3- له من كل غنيمة سهم . 4- دائم الارتقاء . 5- يؤثر العمل على الكلام . كيف تكون جاداً : 1- الإقلاع عن الذنوب والمبادرة إلى التوبة . 2-ذكر الله تعالى ، ومن فضله ما يلي : 3- الذكر سبب لزوال عقد الكسل الشيطانية . 4- الذكر سبب لزيادة قوة المرء روحاً وإقداماً . 5- مصاحبة الجادين . 6- فقه السعادة . 7- اكتشاف القدرات وتطوير الذات ، وعدم الرضا بالدون من المهمات والدرجات. 8- تذكر الأجر . 9- المحاسبة . 10- الدعاء . 11-تعلم العلم الشرعي . 12- ذكر الموت وسرعة انقضاء الدنيا . معاول هدم الجدية : · التسويف ، ومن آفاته ما يلي : · أنك لا تضمن أن تعيش إلى الغد . · أنك إن ضمنت حياتك إلى الغد فلا تأمن المعوقات من مرض طارئ أو غيره . · أن لكل يوم عمله ، ولكل وقت واجباته فليس هناك وقت فارغ من العمل . · أن تأخير الطاعات والتسويف في فعل الخيرات يجعل النفس تعتاد تركها . · كثرة الهزل والضحك واللهو . · إضاعة الأوقات وتبديد العمر بما لا ينفع . · مصاحبة البطالين . · الإكثار من المباح . · الركون إلى الزوجة والأبناء . · اتباع الهوى . قواعد يسير عليها الجادون : 1- اتق الله حيثما كنت . 2 - لا تؤجل عمل اليوم إلى غد . 3- أعط حل ذي حق حقه . 4- اعمل .. فإن لم تستطع فأعن غيرك .. فإن لم تستطع فكف شر نفسك . 5- هناك نية وهدف لكل عمل . 6- الأهم ثم المهم [ ترتيب الأولويات ] . مسائل في الجدية : 1-هل اللهو يتناقض مع الجدية . الجواب : إنّ من الجدية أن يكون للمرء وقت يروّح فيه عن نفسه وأهله ورفقائه باللهو المباح ؛ لأن النفوس تمل وتكل . قال علي رضي الله عنه: " روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلب إذا أكره عَمِي " . وقد سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم – عائشة –رضي الله عنها – مرتين ، وأذن لها أن تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم ، وكان يمازح أصحابه ولا يقول إلا حقا . وإنما يتناقض اللهو مع الجدية عندما يتعدى المسلم بلهوه على الحقوق المناطة به فيقصر في حقه ربه أو في رعاية أهله أو في تربية نفسه ونحوها ، أو يغلب عليه فيلهو في مواضع الجد . 2- يلاحظ على بعض الجادين العبوس .. فما رأيكم ؟ لانعني بالجدية أن يكون المسلم عابس الوجه ، مقطِّب الجبين ، فالعبوس ليس من سنّة سيد المرسلين إذا كان البشر يعلو محياه الشريف ، وقال جرير – رضي الله عنه - : " ما رآني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا تبسم في وجهي " فالجاد ودود لطيف ، هين لين ، هاش باش ، ليكون قدوة للناس في جديته وفي أخلاقه وحسن عشرته . المرجع : الرائد دروس في التربية والدعوة / الجزء الثاني – مازن الفريح – دار الأندلس الخضراء . |
جزاك الله خيرا معلمتنا أم هشام و نفع بك الإسلام و المسلمين
أم عبد الرّحيم الجزائرية بارك الله فيك أختي في الله وبارك في قلمك قلت فأبدعت وعبرت فبلغت زادك الله من فضله أختي |
بارك الله فيكن
|
بارك الله فيك أختي أم هشام على الطرح المميز..
واستفاد تي كبيرة منك ومن باقي الأخوات...وعلينا فعلا تكرار قراءة ماتفضلت به من توضيح لمعنى الجدية..واستيعابها جيدا..فيتم التطبيق وتصبح صفة لازمة لنا بإذن الله تعالى.. وفقكن الله،، |
الساعة الآن 09:11 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .