أم البراء
02-02-07, 03:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمت إضافة المحتوى الذي بالمرفق في الموضوع للأخوات اللواتي لا يظهر معن ملف المرفق والحمد لله
نص الدرس السادس لشرح متن ثلاثة الأصول (المكتوب)
م / ( الأصل الثاني / معرفة دين الإسلام بالأدلة ، وهو الاستسلام لله بالتوحيد ، والانقياد له بالطاعة ، والبراءة من الشرك وأهله ) .
لما فرغ المصنف رحمه الله من الأصل الأول , وشرحه وبسطه , شرع في الأصل الثاني من أصول الدين ، وهو معرفة دين الإسلام بالأدلة من الكتاب والسنة .
قوله ( بالأدلة )
تنبيه على أنه لا يسوغ التقليد في ذلك ، فيصير الرجل إمّعة ، بل لا بد أن يكون معه أدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على ما خلق له ، ليكون على نور ، وبرهان ، وبصيرة من دينه .
( وهو ) أي دين الإسلام بالأدلة يقوم على ثلاثة أسس :
الأولى :قوله ( الاستسلام لله بالتوحيد )
أي أن يسلم ويخضع لله بجميع أنواع التوحيد : توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية .
لان من معاني ( أسلم ) أي ذل وخضع .
الثاني : قوله ( والانقياد له بالطاعة )
أي بفعل المأمورات من الطاعات ، وفعل الخيرات ، وترك المنهيات والمنكرات طاعة لله تعالى وابتغاء وجهه ، ورغبة فيما عنده وخوفاً من عقابه .
الثالث : قوله ( والبراءة من الشرك )
فلا بد أن يتبرأ من الشرك ومن أهل الشرك ، في الاعتقاد والعمل والمسكن , بل من كل خصلة من خصالهم , ومن كل نسبة من النسب إليهم ، معادياً لهم أشد معاداة غير متشبه لهم في قول أو فعل .
قال تعالى : ﴿ قد كانت لكم أسـوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برءآو منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده ﴾ .
وقد قسم المؤلف البراءة إلى قسمين :
1. البراءة من العمل وهو الشرك .
2. البراءة من العامل وهو المشرك .
كيفية البراءة من هذين القسمين :
أولاً : البراءة القلبية ، وهي أن تبغض المشركين والشرك بقلبك وتكرههم وتتمنى زوالهم كبغض النصارى واليهود والهندوس .
وحكم هذا القسم فرض لازم ولا يمكن أن يسقط عن المسلم .
والدليل على ذلك حديث أبي مالك الأشجعي : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله تعالى ) . رواه مسلم
ثانياً : براءة اللسان ، وذلك بالتصريح بأنك تبغض الكفار والتصريح أن دينهم باطل وأنهم كفار .
والدليل قوله تعالى : قل يا أيها الكافرون . لا أعبد ما تعبدون قل : أي بلسانك .
وقوله تعالى : وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون .
وهذا القسم واجب مع القدرة لقوله تعالى : فاتقوا الله ما استطعتم ويجب عليه الهجرة إن استطاع .
ثالثاً : براءة الجوارح ، وذلك بمجاهدتهم بالجوارح ، وتكسير معبوداتهم ومساجدهم وقتلهم .
والدليل قوله تعالى : يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ... ) . رواه مسلم
وهذا القسم يجب مع القدرة ويسقط مع العجز .
قوله ( وهو ) أي الإسلام .
قوله ( ثلاث مراتب ) ســبق شرحها .
والمراتب جمع مرتبة وهي المنزلة والمكانة .
والدليل على أنه 3 مراتب :
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جاء جبريل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان ، وبين له ثم قال : ( هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) . رواه مسلم
قوله ( وكل مرتبة لها أركان )
أي وكل مرتبة من مراتب الدين الثلاث ( الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ) لها أركان لا تقوم إلا عليها .
وأركان الشيء أجزاؤه في الوجود التي لا يحصل إلا بحصولها ، وداخلة في حقيقته ، سميت بذلك : تشبيهاً لها بأركان البيت الذي لا يقوم إلا بها ، فمراتب الدين لا تتم إلا بأركانها .
م / ( فأركان الإسلام خمسة : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان , وحج بيت الله الحرام )
دليل ذلك : حديث ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان ) . متفق عليه
والمراد من الحديث :
أن الإسلام مبني على هذه الخمس ، فهي كالأركان والدعائم لبنيانه ، والمقصود تمثيل الإسلام ببنيانه ، ودعائم البنيان هذه الخمس ، فلا يثبت البنيان بدونها ، وبقية خصال الإيمان كتتمة البنيان ، فإذا فقد منها شيء نقص البنيان وهو قائم لا ينقص بنقص ذلك ، بخلاف نقص هذه الدعائم الخمس فإن الإسلام يزول بفقدها جميعها بغير إشكال .
وهذه الأركان قدمها على حسب الأهمية ، فبدأ بقطبها : شهادة أن لا إله إلا الله ، ثم ثنى بشهادة أن محمداً رسول الله ، وكثيراً ما تقرن بها ، ثم إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت الحرام .
فهذه مباني الإسلام التي ابتني وتركب منها . ( وتأتي أدلتها ) .
م / ( فدليل الشهادة قوله تعالى : ﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾ ومعناها : لا معبود بحق إلا الله ، [ لا إله ] نافياً جميع ما يعبد من دون الله . [ إلا الله ] مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته ، كما أنه لا شريك له في ملكه .وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى : ﴿ وإذ قال إبـراهيم لأبيه وقومه إنني بـراء مما تعبدون ، إلا الذي فطرني فإنه سيهدين ، وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون ﴾ ) .
هذا شروع من المؤلف في بيان أدلة أركان الإسلام الخمسة .
والشهادة : خبر قاطع ، وأطلق المؤلف لفظ الشهادة على شهادة أن لا إله إلا الله لأنها أعظم شهادة في الوجود على أعظم مشهود به ، فلا ينصرف الإطلاق إلا إليها .
ودليلها قوله تعالى : ﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط ... ﴾ .
قال ابن كثير : ( شهد تعالى وكفى به شهيداً ، وهو أصـدق الشاهدين وأعدلهم وأصـدق القائلين .
﴿ أنه لا إله إلا هو ﴾ أي المنفرد بالإلهية لجميع الخلائق ، وأن الجميع عبيده وخلقه وفقراء إليه ، وهو الغني عما سواه .
( والملائكة ) أي والملائكة يشهدون أنه : لا إله إلا هو .
( وأولوا العلم ) أي وأولو العلم يشهدون بذلك .
( قائما بالقسط ) أي حال قيامه بالعدل .
( لا إله إلا هو ) تأكيد لما سبق وأخبار بأنه الإله الحق المنفرد .
( العزيز الحكيم ) العزيز : أي عزة القدر ، وعزة القهر ، وعزة الامتناع ( الحكيم ) في أقواله وأعماله .
م / قوله : ومعناها : ( لا معبود بحق إلا الله ) :
أي لا معبود بحق إلا الله , أي أن يعترف الإنسان بقلبه ولسانه بأنه لا معبود بحق إلا الله .
هذا هو المعنى الصحيح لهذه الكلمة .
وبعضهم فسرها بقوله : ( لا خالق ولا مدبر ولا رازق إلا الله ) .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ( وتفسيرها بهذا باطل , لأن هذا التفسير لتوحيد الربوبية فقط , وهذا أقر به المشركون ولكن لم يدخلهم في الإسلام ولم يعصم دماءهم ولا أموالهم )
قوله ( لا إله ) نافياً جميع ما يعبد ، ( إلا الله ) مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له ) .
والتوحيد لا يتم إلا بركنين هما :
1ـ الإثبات .
2ـ النفي .
إذ النفي المحض تعطيل محض , والإثبات المحض لا يمنع المشاركة .
( فلا إله إلا الله ) اشتملت على أمرين هما ركناها : النفي , والإثبات
( فلا إله ) , نافياً وجود معبود بحق سوى الله .
( إلا الله ) , مثبتاً العبادة لله وحده , دون كل من سواه .
والنفي المحض ليس بتوحيد , فلا بد من الجمع بين النفي والإثبات .
قوله ( وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى : ﴿ وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه ... ﴾) .
( وتفسيرها ) أي : تفسير شهادة لا إله إلا الله الذي بينها بياناً تاماً من القرآن , فإنه تعالى بينها في كتابه في غير موضع , ولم يَكِلْ عباده في بيان معناها إلا أحد سواه .
وقوله تعالى : ﴿ وإذ قال إبراهيم ... ﴾
ففي هذه الآية يخبر تعالى عن عبده ورسوله وخليله , إمام الحنفاء , ووالد من بعده من الأنبياء , أنه قال لأبيه آزر , وقومه أهل بابل , وملكهم النمرود ، وكانوا يعبدون الأصنام :
﴿ إنني براء ﴾ أي بريء .
﴿ مما تعبدون ﴾ من الأوثان , وهذا فيه معنى ( لا إله ) .
﴿ إلا الذي فطرني ﴾ أي ابتدأ خلقي وبرأني , وفي هذا معنى ( إلا الله ) .
فدلت الآية على ما دلت عليه ( لا إله إلا الله ) , فالخليل عليه الصلاة والسلام تبرأ من آلهتهم سوى الله , ولم يتبرأ من عبادة الله , بل استثنى من المعبودين ربه .
﴿ وجعلها كلمةً باقية في عقبه لعلهم يرجعون ﴾ أي : وجعل كلمة التوحيد وهـي : ( لا إله إلا الله ) باقية في نسله وذريته يقتدي به فيها من هداه الله من ذريته .
﴿ لعلهم ﴾ لعل أهل مكة وغيرهم ﴿ يرجعون ﴾ إلى دين الخليل .
وقوله تهالى ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ) .
( قل ) أي قل يا محمد لمعشر اليهود والنصاري .
( تعالوا ) هلموا .
( إلى كلمة سواء ) أي إلى كلمة عادلة مستقيمة فيها إنصاف من بعضنا لبعض .
( ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ) وهذا معنى لا إله إلا الله . عبادته سبحانه وترك الشرك .
م / ( ودليل شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى : ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ﴾ .ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله : طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع ) .
الدليل على شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى : ﴿ لقد جاءكم رسول ... ﴾ .
يقول الله ممتناً على المؤمنين بما أرسل إليهم رسولاً من أنفسهم ، أي من جنسهم وعلى لغتهم كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام :
﴿ ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ﴾ .
﴿ عزيز عليه ما عنتم ﴾ أي : يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها .
﴿ حريص عليكم ﴾ أي على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم .
( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) كما قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) وفي الحديث ( نبي الرحمة ) .
ومعنى الشهادة للرسول بالرسالة :
طاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر .
فمن علامات الإيمان بالرسول طاعته في كل أوامر .
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) .
وقال تعالى : ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا ) .
وقد قال تعالى ( وإن تطيعوه تهتدوا ) .
وقال تعالى ( ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) .
وقال تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) .
وقال صلى الله عليه وسلم ( من أطاعني دخل الجنة ) رواه البخاري .
( وأن لا يعبد إلا بما شرع ) .لا بالأهواء والبدع .
فإن الأصل في العبادات التشريع والدليل ، وأي عبادة ليس عليها دليل فيها بدعة .
وقال صلى الله عليه وسلم ( كل بدعة ضلالة ) .
والبدعة تستلزم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الرسالة ، فهي طعن في الرسول ؟
والبدعة تكذيب لقول الله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) .
م / ( ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى : ﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ﴾ .
الصلاة لغة : الدعاء , ومنه قوله تعالى : ﴿ وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ﴾
وشــرعاً : عبادة ذات أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم .
وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين , لحديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وإقام الصلاة ,... ) . متفق عليه
وهي عمود الدين لقوله صلى الله عليه وسلم : ( رأس الأمر الإسلام , وعموده الصلاة , وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ) . رواه الترمذي
وهي أول ما يحاسب عليه العبد لقوله صلى الله عليه وسلم ( أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة ؛ فإن صلحت صلح سائر عمله ، وإن فسدت فسد سائر عمله ) . رواه الطبراني
والدليل على أنها ركن قوله تعالى : ﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصـلاة ويؤتوا الزكاة ﴾ أي ما أمـر الذين كفـروا إلا ليوحـدوا الله ، ويفردوه بالعبـادة ، ﴿ حنفاء ﴾ مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام ، قال تعالى : ﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ﴾ ، وهذا تفسير التوحيــد .
وأمروا أيضاً أن يقيموا الصـلاة المكتوبة بأركانها وواجباتها وفي أوقاتها ، ويؤتوا الزكاة عند محلها ، وهـذا هو دليل الصلاة والزكاة ، وأنهما ركنان من أركان الإسلام ، لا يستقيم بدونها ، وكثيراً ما يقرنهما تعالى في كتابه العزيز .
م / ( ودليل الصيام قوله تعالى : ﴿ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ﴾ )
الصيام لغة : الإمساك .
وشـرعاً : الإمساك بنية عن الأكل والشرب وغيرهما من المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .
والدليل على وجوبه قوله تعالى : ﴿ يا أيها الذين آمنــوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ﴾ .
يقول الله تعالى مخاطباً للمؤمنين من هذه الأمة ، وآمراً لهم بالصيام ، وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع ، بنية خالصة لله عز وجل ، لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة ، وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على من كان قبلهم ، فلهم فيهم أسوة .
وقوله ﴿ لعلكم تتقون ﴾ لأن الصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان ، ولهذا ثبت في الصحيحين :
( يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) .
وفي قوله : ﴿ كما كتب على الذين من قبلكم ﴾ فوائـــد :
• أهمية الصيام ، حيث فرضـه الله عز وجل على الأمم من قبلنا ، وهـذا يدل على محبة الله عز وجل له ، وأنه لازم لكل أمة .
• التخفيف على هذه الأمة ، حيث أنها لم تكلف وحدها بالصيام الذي قد يكون فيه مشقة على النفوس والأبدان .
• الإشارة إلى أن الله تعالى أكمل لهذه الأمة دينها ، حيث أكمل لها الفضائل التي سبقت لغيرها .
م / ( ودليل الحج قوله تعالى : ﴿ ولله على الناس حـج البيت من استـطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴾ ) .
الحج لغة : القصد .
وشـرعاً : قصد مكة لعمل مخصوص في زمن مخصوص .
ودليل الحج وأنه أحد الأركان الخمسة قوله تعالى : ﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ﴾ أي ولله فرض واجب على الناس ﴿ حج البيت ﴾ قصده لأداء النسك على المستطيع من الناس .
والاستطاعة : القدرة بنفسه على الذهاب ، ووجود الزاد والراحلة بعد قضاء الواجبات عليه .
وهذه الآية نزلت في السنة التاسعة من الهجرة , وبها كانت فريضة الحج عند جمهور أهل العلم .
قال ابن كثير في تفسيره : ( وقد وردت الأحاديث المتعددة بأنه أحد أركان الإسـلام الخمسة ودعائمه وقواعده , وأجمع السلمون على ذلك إجماعاً ضرورياً , وإنما يجب على المكلف في العمر مرة واحدة بالنص والإجماع ) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أيها الناس ، قد فرض عليكم الحج فحجوا " فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم " ثم قال : " ذروني ما تركتم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم , فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه " .
م / (المرتبة الثانية : الإيمان , وهو بضـع وسبعـون شعبة ؛ فأعـلاها قول لا إله الله , وأدناها إمـاطة الأذى عن الطـريق , والحياء شعبة من الإيمـان )
(المرتبة الثانية ) : أي من مراتب الدين .
الإيمان لغة : التصديق . قال تعالى : ﴿ وما أنت بمؤمن لهم ﴾ أي : بمصدق .
وشـرعاً : ذهب عامة أهل السنة إلى أن الإيمان الشرعي هو اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح .
وقال الإمام البغوي : ( اتفقت الصـحابة والتابعـون ومن بعدهم من علماء السـنة على أن الأعمال من الإيمان ... وقالوا : إن الإيمان قول وعمل وعقيدة ) .
والنصوص عن الأئمة كثيرة جداً في قولهم : ( أن الإيمان قول وعمل ) , نقل كثير منهما المصنفون في عقيدة أهل السنة من الأئمة المتقدمين كالإمام الالكائي وابن بطة وابن أبي عاصم وغيرهم .
وأجمع أهل السنة على أن الإيمان يتفاضل , وجمهورهم على أنه يزيد وينقص .
# أدلة الزيادة والنقصان :
1) قوله تعالى : ﴿ هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ﴾ .
2) قوله تعالى : ﴿ وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً ﴾ .
3) قوله تعالى : ﴿ ويزداد الذين آمنوا إيماناً ﴾ .
4) قوله تعالى : ﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم عن النساء : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ...) .متفق عليه
قوله ( وهو بضع وسبعون شعبة )
البضع من الثلاثة إلى التسعة , والشعبة الطائفة من الشيء .
قوله ( فأعلاها قول لا إله إلا الله ... )
هذا أصله حديث متفق عليه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة , فأفضلها قول لا إله إلا الله , وأدناها إماطة الأذى عن الطريق , والحياء شعبة من الإيمان ) .رواه مسلم هكذا بالشك , ورواه البخاري بلفظ "بضع وستون" بدون شك .
# فوائـد الحـديث :
1. أن الإيمان شعب كثيرة .
2. أعلى شعب الإيمان قول لا إله إلا الله , لأنها كلمة الإخلاص , وكلمة الإسلام , وهي العروة الوثقى 0
3. أن أصغر شعب الإيمان إماطة الأذى عن الطريق من شوك أو حجر ونحو ذلك مما يتأذى المار به 0
والأحاديث في فضل إماطة الأذى عن الطريق كثيرة منها :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين ) . رواه مسلم
وفي رواية : ( مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال : والله لأُنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم ، فأدخل الجنة ) .
وفي رواية لهما : ( بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له ) .
م / ( وأركانه ستة : أن تؤمن بالله )
وأركانه : أي أركان الإيمان الستة ، وهي أصوله التي تركب منها , والتي يزول بزوالها , ويكون بزوال الواحد من تلك الستة كافراً كفراً يخرج من الملة , وما عداها لا يزول بزواله , لكن منها ما يزول بزواله كمال الإيمان الواجب ، ومنها ما يزول بزواله كمال الإيمان المندوب .
كما في حديث جبريل ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ..... ) .
( الإيمان بالله ) ويتضمن أربعة أمور :
1) ـ الإيمان بوجود الله تعالى .
قد دل على وجوده تعالى ، الفطرة ، والعقل , والشرع ، والحس .
# أما دلالة الفطرة على وجوده : فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم .
# وأما دلالة العقل على وجوده : فلأن هـذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بـد لها من خالق أوجدها ، إذ لا يمكن أن توجِد نفسها بنفسها .
# وأما دلالة الشرع على وجوده : فلأن الكتب السماوية كلها تنطق بذلك , وما جاءت به من الأحكام المتضمنة لمصالح الخلق دليل على أنها من رب حكيم عليم بمصالح خلقه .
# وأما دلالة الحس على وجوده : فإننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين وغوث المكروبين ما يدل دلالة قاطعة على وجود الله تعالى .
قال تعالى : ﴿ ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ﴾ .
2) ـ الإيمان بربوبيته .
أي بأنه وحده الرب لا شريك له ولا معين , قال تعالى : ﴿ ألا له الخلق والأمر ﴾ .
3) ـ الإيمان بألوهيته .
أي بأنه الإلـه الحق لا شريك له .
4) ـ الإيمان بأسمائه وصفاته .
أي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل .
قال تعالى : ﴿ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ﴾ .
م / ( وملائكته )
الملائكة : عالم غيبي مخلوقون عابدون لله تعالى , وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء , خلقهم الله من نور , ومنحهم الانقياد التام لأمره . قال تعالى : ﴿ ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون , يسبحون الليل والنهار لا يفترون ﴾ .
وهم عدد كثير لا يحصيهم إلا الله تعالى , وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه في قصة المعراج أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع له البيت المعمور في السماء يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم .
والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور :
1) ـ الإيمان بوجودهم .
2) ـ الإيمان بما علمنا اسمه منهم كجبريل , ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالاً .
3) ـ الإيمان بما علمنا من صفاتهم كصفة جبريل ، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه على صفته التي خلق عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق .
4) ـ الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله كتسبيحه والتعبد له ليلاً ونهاراً بدون ملل .
وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة , مـثل :
جبريل : الأمين على وحي الله .
ميكائيل : الموكل بالقطر , أي بالمطر والنبات .
إسرافيل : المكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة .
ملك الموت : الموكل بقبض الأرواح عند الموت .
ومثل : الملائكة الموكلين بسؤال الميت إذا وضع في قبره .
م / ( وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ )
الكتب : جمع كتاب بمعنى مكتوب .
والمراد بها هنا : الكتب التي أنزلها تعالى على رسله رحمة للخلق , وهداية لهم .
والإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور :
1) الإيمان بنزولها من عند الله حقاً .
2) الإيمان بما علمنا اسمه منها باسمه , كالقرآن والتوراة والإنجيل , وأما ما لم نعلم اسمه فنؤمن به إجمالاً .
3) تصديق ما صح من أخبارها , كأخبار القرآن , وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة .
4) العمل بأحكام ما لم ينسخ منها , والرضا والتسليم به .
( ورسله )
الرســل : جمع رسول , وهو من أوحي إليه من البشر بشرع وأمر بتبليغه .
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور :
1) الإيمان بأن رسالتهم حق من الله , فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع .
2) الإيمان بما علمنا اسمه منهم باسمه , مثل : محمد , ونوح , وإبراهيم , وعيسى ... وأما ما لم نعلم اسمه منهم فنؤمن به إجمالاً .
3) التصديق بما صح عنهم من أخبارهم .
4) العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمت إضافة المحتوى الذي بالمرفق في الموضوع للأخوات اللواتي لا يظهر معن ملف المرفق والحمد لله
نص الدرس السادس لشرح متن ثلاثة الأصول (المكتوب)
م / ( الأصل الثاني / معرفة دين الإسلام بالأدلة ، وهو الاستسلام لله بالتوحيد ، والانقياد له بالطاعة ، والبراءة من الشرك وأهله ) .
لما فرغ المصنف رحمه الله من الأصل الأول , وشرحه وبسطه , شرع في الأصل الثاني من أصول الدين ، وهو معرفة دين الإسلام بالأدلة من الكتاب والسنة .
قوله ( بالأدلة )
تنبيه على أنه لا يسوغ التقليد في ذلك ، فيصير الرجل إمّعة ، بل لا بد أن يكون معه أدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على ما خلق له ، ليكون على نور ، وبرهان ، وبصيرة من دينه .
( وهو ) أي دين الإسلام بالأدلة يقوم على ثلاثة أسس :
الأولى :قوله ( الاستسلام لله بالتوحيد )
أي أن يسلم ويخضع لله بجميع أنواع التوحيد : توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية .
لان من معاني ( أسلم ) أي ذل وخضع .
الثاني : قوله ( والانقياد له بالطاعة )
أي بفعل المأمورات من الطاعات ، وفعل الخيرات ، وترك المنهيات والمنكرات طاعة لله تعالى وابتغاء وجهه ، ورغبة فيما عنده وخوفاً من عقابه .
الثالث : قوله ( والبراءة من الشرك )
فلا بد أن يتبرأ من الشرك ومن أهل الشرك ، في الاعتقاد والعمل والمسكن , بل من كل خصلة من خصالهم , ومن كل نسبة من النسب إليهم ، معادياً لهم أشد معاداة غير متشبه لهم في قول أو فعل .
قال تعالى : ﴿ قد كانت لكم أسـوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برءآو منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده ﴾ .
وقد قسم المؤلف البراءة إلى قسمين :
1. البراءة من العمل وهو الشرك .
2. البراءة من العامل وهو المشرك .
كيفية البراءة من هذين القسمين :
أولاً : البراءة القلبية ، وهي أن تبغض المشركين والشرك بقلبك وتكرههم وتتمنى زوالهم كبغض النصارى واليهود والهندوس .
وحكم هذا القسم فرض لازم ولا يمكن أن يسقط عن المسلم .
والدليل على ذلك حديث أبي مالك الأشجعي : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله تعالى ) . رواه مسلم
ثانياً : براءة اللسان ، وذلك بالتصريح بأنك تبغض الكفار والتصريح أن دينهم باطل وأنهم كفار .
والدليل قوله تعالى : قل يا أيها الكافرون . لا أعبد ما تعبدون قل : أي بلسانك .
وقوله تعالى : وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون .
وهذا القسم واجب مع القدرة لقوله تعالى : فاتقوا الله ما استطعتم ويجب عليه الهجرة إن استطاع .
ثالثاً : براءة الجوارح ، وذلك بمجاهدتهم بالجوارح ، وتكسير معبوداتهم ومساجدهم وقتلهم .
والدليل قوله تعالى : يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ... ) . رواه مسلم
وهذا القسم يجب مع القدرة ويسقط مع العجز .
قوله ( وهو ) أي الإسلام .
قوله ( ثلاث مراتب ) ســبق شرحها .
والمراتب جمع مرتبة وهي المنزلة والمكانة .
والدليل على أنه 3 مراتب :
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جاء جبريل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان ، وبين له ثم قال : ( هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) . رواه مسلم
قوله ( وكل مرتبة لها أركان )
أي وكل مرتبة من مراتب الدين الثلاث ( الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ) لها أركان لا تقوم إلا عليها .
وأركان الشيء أجزاؤه في الوجود التي لا يحصل إلا بحصولها ، وداخلة في حقيقته ، سميت بذلك : تشبيهاً لها بأركان البيت الذي لا يقوم إلا بها ، فمراتب الدين لا تتم إلا بأركانها .
م / ( فأركان الإسلام خمسة : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان , وحج بيت الله الحرام )
دليل ذلك : حديث ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان ) . متفق عليه
والمراد من الحديث :
أن الإسلام مبني على هذه الخمس ، فهي كالأركان والدعائم لبنيانه ، والمقصود تمثيل الإسلام ببنيانه ، ودعائم البنيان هذه الخمس ، فلا يثبت البنيان بدونها ، وبقية خصال الإيمان كتتمة البنيان ، فإذا فقد منها شيء نقص البنيان وهو قائم لا ينقص بنقص ذلك ، بخلاف نقص هذه الدعائم الخمس فإن الإسلام يزول بفقدها جميعها بغير إشكال .
وهذه الأركان قدمها على حسب الأهمية ، فبدأ بقطبها : شهادة أن لا إله إلا الله ، ثم ثنى بشهادة أن محمداً رسول الله ، وكثيراً ما تقرن بها ، ثم إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت الحرام .
فهذه مباني الإسلام التي ابتني وتركب منها . ( وتأتي أدلتها ) .
م / ( فدليل الشهادة قوله تعالى : ﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾ ومعناها : لا معبود بحق إلا الله ، [ لا إله ] نافياً جميع ما يعبد من دون الله . [ إلا الله ] مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته ، كما أنه لا شريك له في ملكه .وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى : ﴿ وإذ قال إبـراهيم لأبيه وقومه إنني بـراء مما تعبدون ، إلا الذي فطرني فإنه سيهدين ، وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون ﴾ ) .
هذا شروع من المؤلف في بيان أدلة أركان الإسلام الخمسة .
والشهادة : خبر قاطع ، وأطلق المؤلف لفظ الشهادة على شهادة أن لا إله إلا الله لأنها أعظم شهادة في الوجود على أعظم مشهود به ، فلا ينصرف الإطلاق إلا إليها .
ودليلها قوله تعالى : ﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط ... ﴾ .
قال ابن كثير : ( شهد تعالى وكفى به شهيداً ، وهو أصـدق الشاهدين وأعدلهم وأصـدق القائلين .
﴿ أنه لا إله إلا هو ﴾ أي المنفرد بالإلهية لجميع الخلائق ، وأن الجميع عبيده وخلقه وفقراء إليه ، وهو الغني عما سواه .
( والملائكة ) أي والملائكة يشهدون أنه : لا إله إلا هو .
( وأولوا العلم ) أي وأولو العلم يشهدون بذلك .
( قائما بالقسط ) أي حال قيامه بالعدل .
( لا إله إلا هو ) تأكيد لما سبق وأخبار بأنه الإله الحق المنفرد .
( العزيز الحكيم ) العزيز : أي عزة القدر ، وعزة القهر ، وعزة الامتناع ( الحكيم ) في أقواله وأعماله .
م / قوله : ومعناها : ( لا معبود بحق إلا الله ) :
أي لا معبود بحق إلا الله , أي أن يعترف الإنسان بقلبه ولسانه بأنه لا معبود بحق إلا الله .
هذا هو المعنى الصحيح لهذه الكلمة .
وبعضهم فسرها بقوله : ( لا خالق ولا مدبر ولا رازق إلا الله ) .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ( وتفسيرها بهذا باطل , لأن هذا التفسير لتوحيد الربوبية فقط , وهذا أقر به المشركون ولكن لم يدخلهم في الإسلام ولم يعصم دماءهم ولا أموالهم )
قوله ( لا إله ) نافياً جميع ما يعبد ، ( إلا الله ) مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له ) .
والتوحيد لا يتم إلا بركنين هما :
1ـ الإثبات .
2ـ النفي .
إذ النفي المحض تعطيل محض , والإثبات المحض لا يمنع المشاركة .
( فلا إله إلا الله ) اشتملت على أمرين هما ركناها : النفي , والإثبات
( فلا إله ) , نافياً وجود معبود بحق سوى الله .
( إلا الله ) , مثبتاً العبادة لله وحده , دون كل من سواه .
والنفي المحض ليس بتوحيد , فلا بد من الجمع بين النفي والإثبات .
قوله ( وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى : ﴿ وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه ... ﴾) .
( وتفسيرها ) أي : تفسير شهادة لا إله إلا الله الذي بينها بياناً تاماً من القرآن , فإنه تعالى بينها في كتابه في غير موضع , ولم يَكِلْ عباده في بيان معناها إلا أحد سواه .
وقوله تعالى : ﴿ وإذ قال إبراهيم ... ﴾
ففي هذه الآية يخبر تعالى عن عبده ورسوله وخليله , إمام الحنفاء , ووالد من بعده من الأنبياء , أنه قال لأبيه آزر , وقومه أهل بابل , وملكهم النمرود ، وكانوا يعبدون الأصنام :
﴿ إنني براء ﴾ أي بريء .
﴿ مما تعبدون ﴾ من الأوثان , وهذا فيه معنى ( لا إله ) .
﴿ إلا الذي فطرني ﴾ أي ابتدأ خلقي وبرأني , وفي هذا معنى ( إلا الله ) .
فدلت الآية على ما دلت عليه ( لا إله إلا الله ) , فالخليل عليه الصلاة والسلام تبرأ من آلهتهم سوى الله , ولم يتبرأ من عبادة الله , بل استثنى من المعبودين ربه .
﴿ وجعلها كلمةً باقية في عقبه لعلهم يرجعون ﴾ أي : وجعل كلمة التوحيد وهـي : ( لا إله إلا الله ) باقية في نسله وذريته يقتدي به فيها من هداه الله من ذريته .
﴿ لعلهم ﴾ لعل أهل مكة وغيرهم ﴿ يرجعون ﴾ إلى دين الخليل .
وقوله تهالى ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ) .
( قل ) أي قل يا محمد لمعشر اليهود والنصاري .
( تعالوا ) هلموا .
( إلى كلمة سواء ) أي إلى كلمة عادلة مستقيمة فيها إنصاف من بعضنا لبعض .
( ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ) وهذا معنى لا إله إلا الله . عبادته سبحانه وترك الشرك .
م / ( ودليل شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى : ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ﴾ .ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله : طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع ) .
الدليل على شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى : ﴿ لقد جاءكم رسول ... ﴾ .
يقول الله ممتناً على المؤمنين بما أرسل إليهم رسولاً من أنفسهم ، أي من جنسهم وعلى لغتهم كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام :
﴿ ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ﴾ .
﴿ عزيز عليه ما عنتم ﴾ أي : يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها .
﴿ حريص عليكم ﴾ أي على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم .
( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) كما قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) وفي الحديث ( نبي الرحمة ) .
ومعنى الشهادة للرسول بالرسالة :
طاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر .
فمن علامات الإيمان بالرسول طاعته في كل أوامر .
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) .
وقال تعالى : ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا ) .
وقد قال تعالى ( وإن تطيعوه تهتدوا ) .
وقال تعالى ( ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) .
وقال تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) .
وقال صلى الله عليه وسلم ( من أطاعني دخل الجنة ) رواه البخاري .
( وأن لا يعبد إلا بما شرع ) .لا بالأهواء والبدع .
فإن الأصل في العبادات التشريع والدليل ، وأي عبادة ليس عليها دليل فيها بدعة .
وقال صلى الله عليه وسلم ( كل بدعة ضلالة ) .
والبدعة تستلزم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الرسالة ، فهي طعن في الرسول ؟
والبدعة تكذيب لقول الله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) .
م / ( ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى : ﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ﴾ .
الصلاة لغة : الدعاء , ومنه قوله تعالى : ﴿ وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ﴾
وشــرعاً : عبادة ذات أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم .
وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين , لحديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وإقام الصلاة ,... ) . متفق عليه
وهي عمود الدين لقوله صلى الله عليه وسلم : ( رأس الأمر الإسلام , وعموده الصلاة , وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ) . رواه الترمذي
وهي أول ما يحاسب عليه العبد لقوله صلى الله عليه وسلم ( أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة ؛ فإن صلحت صلح سائر عمله ، وإن فسدت فسد سائر عمله ) . رواه الطبراني
والدليل على أنها ركن قوله تعالى : ﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصـلاة ويؤتوا الزكاة ﴾ أي ما أمـر الذين كفـروا إلا ليوحـدوا الله ، ويفردوه بالعبـادة ، ﴿ حنفاء ﴾ مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام ، قال تعالى : ﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ﴾ ، وهذا تفسير التوحيــد .
وأمروا أيضاً أن يقيموا الصـلاة المكتوبة بأركانها وواجباتها وفي أوقاتها ، ويؤتوا الزكاة عند محلها ، وهـذا هو دليل الصلاة والزكاة ، وأنهما ركنان من أركان الإسلام ، لا يستقيم بدونها ، وكثيراً ما يقرنهما تعالى في كتابه العزيز .
م / ( ودليل الصيام قوله تعالى : ﴿ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ﴾ )
الصيام لغة : الإمساك .
وشـرعاً : الإمساك بنية عن الأكل والشرب وغيرهما من المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .
والدليل على وجوبه قوله تعالى : ﴿ يا أيها الذين آمنــوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ﴾ .
يقول الله تعالى مخاطباً للمؤمنين من هذه الأمة ، وآمراً لهم بالصيام ، وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع ، بنية خالصة لله عز وجل ، لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة ، وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على من كان قبلهم ، فلهم فيهم أسوة .
وقوله ﴿ لعلكم تتقون ﴾ لأن الصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان ، ولهذا ثبت في الصحيحين :
( يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) .
وفي قوله : ﴿ كما كتب على الذين من قبلكم ﴾ فوائـــد :
• أهمية الصيام ، حيث فرضـه الله عز وجل على الأمم من قبلنا ، وهـذا يدل على محبة الله عز وجل له ، وأنه لازم لكل أمة .
• التخفيف على هذه الأمة ، حيث أنها لم تكلف وحدها بالصيام الذي قد يكون فيه مشقة على النفوس والأبدان .
• الإشارة إلى أن الله تعالى أكمل لهذه الأمة دينها ، حيث أكمل لها الفضائل التي سبقت لغيرها .
م / ( ودليل الحج قوله تعالى : ﴿ ولله على الناس حـج البيت من استـطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴾ ) .
الحج لغة : القصد .
وشـرعاً : قصد مكة لعمل مخصوص في زمن مخصوص .
ودليل الحج وأنه أحد الأركان الخمسة قوله تعالى : ﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ﴾ أي ولله فرض واجب على الناس ﴿ حج البيت ﴾ قصده لأداء النسك على المستطيع من الناس .
والاستطاعة : القدرة بنفسه على الذهاب ، ووجود الزاد والراحلة بعد قضاء الواجبات عليه .
وهذه الآية نزلت في السنة التاسعة من الهجرة , وبها كانت فريضة الحج عند جمهور أهل العلم .
قال ابن كثير في تفسيره : ( وقد وردت الأحاديث المتعددة بأنه أحد أركان الإسـلام الخمسة ودعائمه وقواعده , وأجمع السلمون على ذلك إجماعاً ضرورياً , وإنما يجب على المكلف في العمر مرة واحدة بالنص والإجماع ) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أيها الناس ، قد فرض عليكم الحج فحجوا " فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم " ثم قال : " ذروني ما تركتم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم , فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه " .
م / (المرتبة الثانية : الإيمان , وهو بضـع وسبعـون شعبة ؛ فأعـلاها قول لا إله الله , وأدناها إمـاطة الأذى عن الطـريق , والحياء شعبة من الإيمـان )
(المرتبة الثانية ) : أي من مراتب الدين .
الإيمان لغة : التصديق . قال تعالى : ﴿ وما أنت بمؤمن لهم ﴾ أي : بمصدق .
وشـرعاً : ذهب عامة أهل السنة إلى أن الإيمان الشرعي هو اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح .
وقال الإمام البغوي : ( اتفقت الصـحابة والتابعـون ومن بعدهم من علماء السـنة على أن الأعمال من الإيمان ... وقالوا : إن الإيمان قول وعمل وعقيدة ) .
والنصوص عن الأئمة كثيرة جداً في قولهم : ( أن الإيمان قول وعمل ) , نقل كثير منهما المصنفون في عقيدة أهل السنة من الأئمة المتقدمين كالإمام الالكائي وابن بطة وابن أبي عاصم وغيرهم .
وأجمع أهل السنة على أن الإيمان يتفاضل , وجمهورهم على أنه يزيد وينقص .
# أدلة الزيادة والنقصان :
1) قوله تعالى : ﴿ هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ﴾ .
2) قوله تعالى : ﴿ وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً ﴾ .
3) قوله تعالى : ﴿ ويزداد الذين آمنوا إيماناً ﴾ .
4) قوله تعالى : ﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم عن النساء : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ...) .متفق عليه
قوله ( وهو بضع وسبعون شعبة )
البضع من الثلاثة إلى التسعة , والشعبة الطائفة من الشيء .
قوله ( فأعلاها قول لا إله إلا الله ... )
هذا أصله حديث متفق عليه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة , فأفضلها قول لا إله إلا الله , وأدناها إماطة الأذى عن الطريق , والحياء شعبة من الإيمان ) .رواه مسلم هكذا بالشك , ورواه البخاري بلفظ "بضع وستون" بدون شك .
# فوائـد الحـديث :
1. أن الإيمان شعب كثيرة .
2. أعلى شعب الإيمان قول لا إله إلا الله , لأنها كلمة الإخلاص , وكلمة الإسلام , وهي العروة الوثقى 0
3. أن أصغر شعب الإيمان إماطة الأذى عن الطريق من شوك أو حجر ونحو ذلك مما يتأذى المار به 0
والأحاديث في فضل إماطة الأذى عن الطريق كثيرة منها :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين ) . رواه مسلم
وفي رواية : ( مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال : والله لأُنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم ، فأدخل الجنة ) .
وفي رواية لهما : ( بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له ) .
م / ( وأركانه ستة : أن تؤمن بالله )
وأركانه : أي أركان الإيمان الستة ، وهي أصوله التي تركب منها , والتي يزول بزوالها , ويكون بزوال الواحد من تلك الستة كافراً كفراً يخرج من الملة , وما عداها لا يزول بزواله , لكن منها ما يزول بزواله كمال الإيمان الواجب ، ومنها ما يزول بزواله كمال الإيمان المندوب .
كما في حديث جبريل ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ..... ) .
( الإيمان بالله ) ويتضمن أربعة أمور :
1) ـ الإيمان بوجود الله تعالى .
قد دل على وجوده تعالى ، الفطرة ، والعقل , والشرع ، والحس .
# أما دلالة الفطرة على وجوده : فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم .
# وأما دلالة العقل على وجوده : فلأن هـذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بـد لها من خالق أوجدها ، إذ لا يمكن أن توجِد نفسها بنفسها .
# وأما دلالة الشرع على وجوده : فلأن الكتب السماوية كلها تنطق بذلك , وما جاءت به من الأحكام المتضمنة لمصالح الخلق دليل على أنها من رب حكيم عليم بمصالح خلقه .
# وأما دلالة الحس على وجوده : فإننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين وغوث المكروبين ما يدل دلالة قاطعة على وجود الله تعالى .
قال تعالى : ﴿ ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ﴾ .
2) ـ الإيمان بربوبيته .
أي بأنه وحده الرب لا شريك له ولا معين , قال تعالى : ﴿ ألا له الخلق والأمر ﴾ .
3) ـ الإيمان بألوهيته .
أي بأنه الإلـه الحق لا شريك له .
4) ـ الإيمان بأسمائه وصفاته .
أي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل .
قال تعالى : ﴿ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ﴾ .
م / ( وملائكته )
الملائكة : عالم غيبي مخلوقون عابدون لله تعالى , وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء , خلقهم الله من نور , ومنحهم الانقياد التام لأمره . قال تعالى : ﴿ ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون , يسبحون الليل والنهار لا يفترون ﴾ .
وهم عدد كثير لا يحصيهم إلا الله تعالى , وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه في قصة المعراج أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع له البيت المعمور في السماء يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم .
والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور :
1) ـ الإيمان بوجودهم .
2) ـ الإيمان بما علمنا اسمه منهم كجبريل , ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالاً .
3) ـ الإيمان بما علمنا من صفاتهم كصفة جبريل ، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه على صفته التي خلق عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق .
4) ـ الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله كتسبيحه والتعبد له ليلاً ونهاراً بدون ملل .
وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة , مـثل :
جبريل : الأمين على وحي الله .
ميكائيل : الموكل بالقطر , أي بالمطر والنبات .
إسرافيل : المكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة .
ملك الموت : الموكل بقبض الأرواح عند الموت .
ومثل : الملائكة الموكلين بسؤال الميت إذا وضع في قبره .
م / ( وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ )
الكتب : جمع كتاب بمعنى مكتوب .
والمراد بها هنا : الكتب التي أنزلها تعالى على رسله رحمة للخلق , وهداية لهم .
والإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور :
1) الإيمان بنزولها من عند الله حقاً .
2) الإيمان بما علمنا اسمه منها باسمه , كالقرآن والتوراة والإنجيل , وأما ما لم نعلم اسمه فنؤمن به إجمالاً .
3) تصديق ما صح من أخبارها , كأخبار القرآن , وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة .
4) العمل بأحكام ما لم ينسخ منها , والرضا والتسليم به .
( ورسله )
الرســل : جمع رسول , وهو من أوحي إليه من البشر بشرع وأمر بتبليغه .
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور :
1) الإيمان بأن رسالتهم حق من الله , فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع .
2) الإيمان بما علمنا اسمه منهم باسمه , مثل : محمد , ونوح , وإبراهيم , وعيسى ... وأما ما لم نعلم اسمه منهم فنؤمن به إجمالاً .
3) التصديق بما صح عنهم من أخبارهم .
4) العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم .