مشاهدة النسخة كاملة : مُلخص دروس أصول التفسير ..
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هنا إن شاء الله سأنزل تفريغ الدروس لـ
دورة [ تعليقات على كتاب أصول التفسير لابن عثيمين ]
لفضيلة الشيخ / فهد بن عبد الله القضيبي ـ حفظه الله ــ
أبدأ على بركة الله ..
..الدرس الأول ..
.. المقدمة ..
أصول التفسير هي كلمة مركبة من أصول وتفسير
وأصول جمع مفره أصل .. والأصل في اللغة ما يُبنى عليه غيره ُكأساس المنزل وغيره ُ .
لقوله تعالى : (( أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء)) .سورة إبراهيم
وكلمة التفسير مصدر للفعل فسر بمعنى أبان وكشف الغطاء وأزال الستار لفوله تعالى : ((إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا )) .سورة الفرقان
وفي الإصطلاح : الكشف عن معاني القرآن وشرح آياته والإبانة في دقة أساليبه وجمال تركيبه وسمو معانيه .
:: أصول التفسير كما فسره البعض ::
هو عبارة عن قواعد صحيحة والطرق المثلى التي يشرح بها القرآن والتي تكشف عن معانيه وتستطيع عن طريقها التفريق بين الصواب والخطأ وما جاء في أقوال المفسرين .
:: ارتباطه بعلوم القرآن ::
علوم القرآن والتفسير هما بمعنى واحد
ولكن قد يُلمح أن كلمة علوم القرآن أشمل من كلمة أصول التفسير .
وقد عرّف الشيخ مناع القطان المراد بعلوم القرآن فقال : ( العلم الذي يتناول الأبحاث المتعلقة بالقرآن من حيث معرفة أسباب النزول وجمع القرآن وترتيبه ومعرفة المكي والمدني والناسخ والمنسوخ والمُحكم والمُتشابه مما له صلة بالقرآن وقد يسمى هذا العلم بأصول التفسير لأنه يتناول المباحث التي لا بد للمفسر معرفتها للإستناد إليها في تفسير القرآن .
:: نشأة هذا العلم ::
من المعلوم أن كل العلوم في عهد الصحابة كانت محفوظة في الصدور وكان العلم مدموج ثم بعد القرآن الأول أو آخره بدأ التأليف أي الكتابة فكانوا يكتبون العلوم في مكان واحد ، ثم بدأ العلماء يفردون هذه العلوم من التفسير والحديث وغيرها وأصبح كل علم مُستقل بذاته .
:: هل علوم القرآن شيء جديد على الناس أم كان موجود في عهد الصحابة ؟ ::
هو موجود في عهد الصحابة والصحابة رضي الله عنهم
كانوا يعرفون مباحث علوم القرآن ولكن لم يُكتب لأسباب ذكرها بعض العلماء :
السبب الأول : المنع , لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمنع الكتابة خوفا ً من الالتباس بالقرآن ولأن القرآن يُنزل .
كما جاء في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحُهُ " .
السبب الثاني :قوة الحافظة عندهم وذكاء القريحة .
فكانوا يتلقونه بالمشافهة وهذه الطريقة تنتج طالب العلم الحافظ ..
السبب الثالث : لعدم توفر وسائل الكتابة في الزمن الأول ..
وما ورد عن بعض الصحابة من دعوى العلم بكتاب الله تعالى لم يكن من قبيل المباهاة والمفاخرة بالعلم لأن هذا متفقا مع ما عرف عنهم من التقوى والورع وإنما يُحمل ذلك على بيان العلم الذي حملوه يعني نشره بين الناس وخروج من مسؤولية كتمان العلم .
..
:: المؤلفات التي جاءت في إفراد علوم القرآن ::
كل من ألف تقريبا في علوم القرآن مقدمة أطلق عليها " تاريخ علوم القرآن " وبعضهم قال نشئة علوم القرآن " ، " دراسات في علوم القرآن " لبكر إسماعيل فيه لمحة عن التاريخ .
أيضا الشيخ منّاع القطان في " مباحث علوم القرآن "
وهكذا بدأ التفسير أولا ً بالنقل عن طريق التلقي والرواية ثم كان تدوينه على أنه كان من أبواب الحديث ثم دون استقلالا وانفرادا ثم تتابع التفسير بالمأثور ثم التفسير بالرأي أي أنهم كانوا يدخلون علوم القرآن بالتفسير بل بعضهم كان يجعلها مقدمة في تفسيرهم ..
ثم بدأ التأليف ألف علي المديني شيخ البخاري في أسباب النزول ، وأبو عبيد القاسم بن أبي سلام في الناسخ والمنسوخ ، ثم تتابع ابن قتيبة في مُشكل القرآن ، وتتابع العلماء في التأليف .
حتى كان أول من جمع علوم القرآن بأنواعه هو ( الحوفي ) ، ثم تبعه ابن الجوزي في كتابه " فنون الأفنان في عجائب القرآن "
فجاء بدر الدين الزركشي " البرهان في علوم القرآن "
ثم أضاف إليه بعض الزيادات جلال الدين البلقيني في كتاب أسماه " مواقع العلوم في مواقع النجوم "
ثم جاء الإمام جلال الدين السيوطي ، ألف كتابه المشهور " الاتقان في علوم القرآن "
ثم ذكر العلماء أنه بعد السيوطي ضعف وانعدم التأليف في كل العلوم !
بعد عصر السيوطي وهو العصر الحديث في التأليف جاء الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني ألف كتاب " مناهل العرفان في علوم القرآن " ، ثم الشيخ أحمد ع لي " مذكرة في علوم القرآن " كانت عبارة عن محاضرات ، ثم الدكتور صبحي الصالح ألف كتاب في مباحث في علوم القرآن " ثم تبعه الشيخ مناع القطان .
ودراسات في علم القرآن " لبكر اسماعيل والدكتور زاهد الألمعي والشيخ الرومي وغيرهم ..
وأكبر موسوعة في علوم القرآن جمعه كثير من الدكاترة في جامعة الإمام وجامعة الشارقة اسمه " الزيادة والإحسان " يقع في عشرة مجلدات وهي أكبر موسوعة ألفت في علوم القرآن .
والموسوعات الثلاث التي ألفت " البرهان في علوم القرآن " للزركشي ، يقولون ذكر 48 نوع من علوم القرآن ، ثم جاء السيوطي وزاد عليه قبالة الثمانين إلى 100 علما من أنواععلوم القرآن ، ثم جاء ابن عقيلة المكي وزاد عليهم 154 نوعا من علوم القرآن ..
والعجيب أن ابن عقيلة المكي توفي 1150 في القرن الذي قال فيه كثير ممن كتب في علوم القرآن أنه لم يأتي بعد السيوطي أوسع لكتابة والآن خرج هذا الكتاب وكان أنفع من كتاب السيوطي بمراحل بالضعف .
....
رسالة الشيخ راسلة جامعة لطالب العلم أو لمن له اتصال بكتاب الله عز وجل وما جمعه الشيخ قرابة 14 مبحث وقد ركز على أهمها لطالب العلم المبتدئ فهي متعلقة بأصول العلم ومن أهم العلوم الشرعية وهي مقدمة أساسية لكل من يدرس القرآن وأسلوبها سهل ومناسب لطالب العلم ..
..
..
بدأ الشيخ بخطبة الحجة وهو اقتداء بما يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم وهي البسملة والثناء على الله تعالى بعد ذلك سرع في بيان المهم في كل فن وذكر أن المرء لا بد أن يتعلم من كل فن أصول حتى يكون له فهمه وتخريجه " وعلى تلك الاصول حتى تكون على أساس قوية راسخة وقد قيل " من حُرم الأصول حُرم الوصول ، ومن ضبط الأصول ضمن الوصول ، ومن اتقن المتون حاز الفنون " وهذا كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ويبين أهمة ضبط الأصول .
الأصول كأصل الشجرة وأغصانها إذا لم تكن على أصل جيد تذبل وتهلك ، وقال أيضا : الأصول مثل عروق الشجرة والفروع كورق الشجرة .
فالتركيز على الأصول لأنها تجمع الفروع وإذا كان الطالب عنده علم الأصول فإنه يستطيع أن يُخرج الفروع عن الأصول ، فالاصول مثل القواعد والضوابط والكلمات الجامعة . وقد جمعها العلماء في كتبهم والتي تسمى الاصول ، مصل أصول الفقه ، أصول التفسير ، مصطلح الحديث كل هذه قواعد فمن ضبطها ضبط العلم ومن اهتم بالفروع فاته الأصول وأيضا تفوته الفروع وإذا اهتم الطالب بعلم الاصول انفتح له علم كثير ..
..ينصح الشيخ ابن عثيمين ببدء دراسة أصول الطلب بعد ذلك
ينتقل لدراسة مقدمة أصول التفسير ..
:: أقسام رسالة الشيخ ابن عثيمين ::
1_ مقدمة مهمة في علوم القرآن .
2_ موضوعات مهمة في أصول التفسير .
3_ موضوعات متفرقة في علوم القرآن .
وهذه الأقسام لمن يريد أن يدرس هذه الرسالة لأن التقسيمات تُعطيك تصور كامل عن الكتاب ولا بد للقارئ والدارس أن تكون لديه صورة مجملة للكتاب الذي سيدرسه حتى يكون سيره صحيحا ً .
:: ما هو القرآن الكريم ؟ ::
دارس علم التفسير لا بد أن يعرف معنى القرآن الكريم .
لغة : بمعنى تلاوة وأصل التلاوة الإتباع والقراءة بمعنى المقروء
ما معنى اللغة والاصطلاح ؟
اللغة بمعنى لغة العرب أي ما جاء في لغة العرب
وفي الشرع أو الاصطلاح ما اصطلح عليه عُلماءهذا العلم الواحد موافقوا فيه في كلمات أو محترزات هذا التعريف .
مثلا علماء التفسير اصطلحوا على تعريف القرآن ،
وعلماء الاصول اصطلحوا على تعريف الاصول وهكذا .
القرآن في الشرع :
كلام الله المنزل على رسوله وخاتم أنبياءه محمد صلى الله عليه وسلم ،
المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس .
قوله ( كلام الله ) يُخرج قول المعتزلة أنه مخلوق .
قوله ( على رسوله وخاتم أنبياءه محمد صلى الله عليه وسلم ) تخصيصه بالإسم .
قوله ( المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس . )
أيضا يُخرج ما قدر يقال أن في القرآن نقص أو في القرآن زيادة .
ومن يريد الإستزادة موجودة في كتاب الشيخ مناع القطان )
:: التنزيل ::
ذكره الشيخ وقد استدل به لقوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) (الانسان:23) وقال : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف:2) . فهذا فيه دليل على إنزال القرآن وفيه رد على القائلين من المعتزلة بأن القرآن مخلوق وليس مُنزل .
ثم ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله مسألة حماية القرآن وقال وقد حمى الله تعالى القرآن العظيم من التغيير والزيادة والنقصان والتبديل حيث تكفل الله عز وجل بحفظه
ومن يحاول تغيير أو تبديل شيء من كتاب الله هتك الله ستره ..
:: ثم ذكر الشيخ أوصاف القرآن الكريم ::
وهذا من عظمته وبركته وشموله وتأثيره وأنه حاكم على ما قبله من الكتب
فقال الله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر:87).، السبع المثاني على الأرجح أنها الفاتحة لأنه سبع آيات وسمي القرآن العظيم ، والقرآن المجيد ، وسماه مبارك ، كريم ، والقرآن يهدي ، تأثير هذا القرآن (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر:21)
وإذا نزلت سورة إما تزيد إيمان العبد أو تزيده ُ بُعدا ُ
وهو التبيان ومصدق لما بين يديه ..
وهناك لطيفة ذكرها الشيخ صاحب كتاب النبأ العيظ محمد عبد الله دراز
ونقلها الشيخ مناع القطان وهي جميلة ..
قال : وقد غلب من أسماءه القرآن والكتاب " قال الدكتور محمد عبد الله دراز " روعي في تسميته قرءانا كونه متلوا ً بالألسن ، كما روعي في تسميته كتابا ً كونه مدونا ً بالأقلام ، فكلتا التسميتين من تسمية شيء في المعنى الواقع عليه وفي تسميته لهذين الأسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا موضع واحد أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا ً (( أن تضل احداهما فتذكر احداهما الأخرى )) ....
:: بيان أن القرآن مصدر الشريعة الإسلامية ::
يأخذون بالقرآن في كل مصادر الحياة ، وكل هذه الآيات دليل على أن السنة
هي المصدر الثاني بعد كلام الله سبحانه وتعالى ,,,
انتهى الدرس الأول
الدرس الثاني ..
1- نزول القرآن
تعريف النزول فقد ذكر الدكتور زاهر الألمعي في كتابه دراسات في علم القرآن معاني لكلمة النزول فيقول يُطلق النزول في اللغة على معنيين الأول : الانحدار من علو إلى أسفل كما يقال نزل فلان من فوق الجبل ونزل من فوق الدابة وهذا المعنى الأصل في مادة نزل فهي كلمة صحيحة تدل على هبوط شيء ووقوعه .
والثاني : الحلول بالمكان . فيقال نزل فلان بمدينة كذا .
كما قال تعالى : ((وقل ربي أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين )) والمعنيين حقيقان لمعنى النزول لذلك ذكرهما الزمخشري في أساس البلاغة .
ذكر الشيخ بداية النزول القرآن قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر:1) (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ(3)فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ(4) (الدخان:3-4) . (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(البقرة: الآية 185) .
فكيف الجمع بين هذه الآيات ؟
قال في الأولى ليلة القدر ، وفي الثانية ليلة مباركة وفي الثالثة شهر رمضان
ذكر العلماء أن ليلة القدر هي الليلة المباركة التي في شهر رمضان .
الجمع واضح في هذه الآيات الثلاث ،
لكن هنا قال (( أنزلناه )) كلمة أنزلناه
فهل نزل القرآن جُملة أو مُفرق ؟
للعلماء في هذا مذهبان أساسيان ومذهب ثالث لكنه ضعيف ..
المذهب الأول الذي قال به ابن عباس رضي الله عنه وجماعة جمهور العلماء أم المراد بنزول القرآن في تلك الآيات الثلاث نزوله جُملة واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا تعظيما لشأنه عند ملائكته ثم نزل بعد ذلك مُنجما أي ( مفرقا ُ ) ، على رسولنا صلى الله عليه وسلم في 23 سنة حسب الوقائع والأحداث منذ بعثته حتى وفاته صلى الله عليه وسلم حيث أقام في مكة بعد البعثة 13 سنة والمدينة بعد الهجرة 10 سنوات ..
[وهذا المذهب هو الذي جاءت به الأخبار الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنه في عدت روايات]
المذهب الثاني هو الذي روي عن الشعبي " أن المراد بنزول القرآن في الآيات الثلاث ابتداءا نزوله على رسوله صلى الله عليه وسلم فقد ابتدأ نزوله في ليلة القدر في شهر رمضان وهي الليلة المباركة ثم تتابع نزوله بعد ذلك متدرجا مع الوقائع والأحداث في قرابة 23 سنة فليس للقرآن سوى نزول واحد وهو نزوله مُنجم أي مفرق على رسوله صلى الله عليه وسلم أن هذا الذي جاء به القرآن واستدل بأدلة
[بأدلته مع صحته والتسليم بها ولا تعارض مع المذهب ]..
وهناك مذهب ثالث يرى أن القرآن أنزل في 23 ليلة قدر في كل ليلة منها ما يقدر الله به في كل سنة ولا دليل عليه
والراجح أن القرآن الكريم له تنزلان
الأول : له نزوله جملة واحدة في ليلة القدر إلى بيت العزة إلى السماء الدنيا ..
والثاني : نزوله من السماء الدنيا إلى الأرض مفرقا في 23 سنة ..
:: كم كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه القرآن ؟ ::
وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل عليه أربعين سنة على المشهور عند أهل العلم ، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعطاء وسعيد بن المسيِّب وغيرهم . وهذه السِّن هي التي يكون بها بلوغ الرشد وكمال العقل وتمام الإدراك . كما قال سبحانه وتعالى : (( حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ،))[الأحقاف:15] وذكر أن بلوغ الأشد هو تمام الأربعين ..
:: من الذي كان ينزل بالقرآن ؟ ::
والذي نزل بالقرآن من عند الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، جبريل أحد الملائكة المقربين الكرام ، قال الله تعالى عن القرآن: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ(194)بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195) (الشعراء:192- 195) .
:: ما هي صفات الملك الذي أكرمه الله تعالى بإنزال هذا القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم ::
وقد كان لجبريل عليه السلام من الصفات الحميدة العظيمة ، من الكرم والقوة والقرب من الله تعالى والمكانة والاحترام بين الملائكة والأمانة والحسن والطهارة ؛ ما جعله أهلاً لأن يكون رسول الله تعالى بوحيه إلى رسله قال الله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ "(19)ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين(21ٍ) ،مُطاع : بمعنى محترم . ومكين : بمعنى ذو مكانة .
(التكوير:19- 21) . وقال : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى(5) )، الذي هو جبريل ، (( ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى(6) ) ذو مرة أي حسن الهيئة . (( وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى(7) (لنجم:5-7) .
وقال : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:102) وقد بين الله تعالى لنا أوصاف جبريل الذي نزل بالقرآن من عنده
:: علام يدل اختيار جبريل ::
وتدل على عظم القرآن وعنايته تعالى
فإنه لا يرسل من كان عظيما إلا بالأمور العظيمة.
2- أول ما نزل من القرآن
أول ما نزل من القرآن على وجه الإطلاق قطعا ً الآيات الخمس الأولي من سورة العلق، وهي قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1) خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ(3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4) عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5) (العلق:1- 5) .
وهناك قول آخر أن أول ما نزل سورة المدثر لما رواه الشيخان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال سألت جابر بن عبد الله : أي القرآن أنزل قبل ؟ قال : (( يا أيها المدثر )) ، قلت (( اقرأ باسم ربك )) . قال أحدثكم ما حدثني به رسول الله صلى الله عليه وسلم ( جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت ...) فذكر الحديث وفيه : ( فأتيت خديجة فقلت : دثروني ، وصبوا علي ماء بارداً ، وأنزل علي : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1) إلى قوله :(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:1-5) ).
فهذه الأولية التي ذكرها جابر رضي الله عنه باعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحي ، أو أول ما نزل في شأن الرسالة ؛ لأن ما نزل من سورة اقرأ ثبتت به نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وما نزل من سورة المدثر ثبتت به الرسالة في قوله ( قُمْ فَأَنْذِرْ) (المدثر:2)
ولهذا قال أهل العلم : إن النبي صلى الله عليه وسلم نبئ ب(اقْرَأْ) (العلق:1) وأرسل ب الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1)
وآخر ما نزل من القرآن اختلف فيه ولكن آخر ما نزل ((وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ)) .
وقيل آخر ما نزل كان نزول مخصوص وكان في الربا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ*)
وقيل آية الدين ، وقيل آية الكلالة ، وقيل آخر ما نزل ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ)) وقيل يجمع بين هذه الرويات نزلت كتركيبة واحدة ..وهناك نزول ذكره الشيخ نزول اعتباري أي اعتبار مُعين .
أو تسمى في بعض المباحث اوائل موضوعية ,,
:: 3- نزول القرآن ابتدائي وسببي ::
ينقسم نزول القران إلى قسمين :
الأول : ابتدائي : وهو ما لم يتقدم نزوله سبب يقتضيه ، وهو غالب آيات القران، ومنه قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (التوبة:75)
وأكثر القرآن ينزل على أنه بدون سبب كثير من الآيات تنزل ابتداءا ً ..
ذكر الشيخ قصة ثعلبة ابن حاطب وقد قيل أن هذه القصة باطلة وقد أبان العلماء ببطلان هذه القصة أي متنها شرعا وضعف المحققون ضعف سندها
القسم الثاني : سببي : وهو ما تقدم نزوله سبب يقتضيه . والسبب :
1_ إما أن تكون حادثة .. الحادثة أن تكون خصومة كا حدث بين الأوس والخزوج أو يكون خطأ فاحش ، أو تكون أمنية أو سؤال.
2_ أما أن يكون سؤال عن الماضي مثل سؤالهم عن ذي القرنين وعن أهل الكهف .
3_ أما أن يكون سؤال عن الحاضر سؤال عن الأهلة .
4_ إما أن يكون سؤال عن المستقبل مثل سؤال عن الساعة
وما يُعتمد عليه في سبب النزول ؟
العلماء يعتمدون على صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة .
:: ما فوائد معرفة أسباب النزول ::
1_ بيان أن القرآن نزل من الله تعالى وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الشيء فيتوقف عن الجواب أحيانا حتى ينزل عليه الوحي أو يخفي الأمر الواقع فينزل الوحي مبينا ً له .
2_ بيان عناية الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم في الدفاع عنه . قوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) (الفرقان:32) وكذلك آيات الإفك ؛ فإنها دفاع عن فراش النبي صلى الله عليه وسلم وتطهير له عمّا دنسه به الأفاكون .
3_ بيان عناية الله تعالى بعباده في تفريج كرباتهم وإزالة غمومهم . مثال ذلك آية التيمم ، ففي " صحيح البخاري " (9) أنه ضاع عقد لعائشة رضي الله عنها ، وهي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأقام النبي صلى الله عليه وسلم لطلبه ، وأقام الناس على غير ماء ، فشكوا ذلك إلى أبي بكر ، فذكر الحديث وفيه : فأنزل الله أية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن حضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر . والحديث في البخاري مطولاً .
4_ فهم الآية على الوجه الصحيح . مثال ذلك قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)(البقرة: الآية 158) أي يسعى بينهما ، فإن ظاهر قوله : (فَلا جُنَاحَ عَلَيْه)ِ (البقرة: الآية 158 ) أن غاية أمر السعي بينهما ، أن يكون من قسم المباح ، وفي صحيح البخاري " (10) عن عاصم بن سليمان قال : سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن الصفا والمروة ، قال : كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية ، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما ، فأنزل الله تعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ (البقرة: الآية 158) إلى قوله : (أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) (البقرة: الآية 158) وبهذا عرف أن نفي الجناح ليس المراد به بيان أصل حكم السعي ، وإنما المراد نفي تحرجهم بإمساكهم عنه ، حيث كانوا يرون أنهما من أمر الجاهلية ، أما أصل حكم السعي فقد تبين بقوله:(مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )(البقرة:الآية 158)
عموم اللفظ وخصوص السبب :
1_ إما أن يكون السبب عام والمنزل عام .
(( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ... ))
2_ إما أن يكون السبب خاص والمنزل خاص .
3_ إما أن يكون السبب خاص والمنزل عام .
وهذا ما وقع عليه خلاف عند العلماء وقد ذكرها الشيخ في الرسالة مثال
وقد ذكرها الشيخ في الرسالة .
والعبرة بعموم اللفظ لا خصوص السبب ..
مثال : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) إلى قوله ( إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(النور: 6- الآية 9) هذه نزلت بسبب قذف هلال بن أمية لإمرأته لكن حكمها شامل له ولغيره .
ففي صحيح البخاري " (11)من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البينة أو حد في ظهرك ، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق فلينزلن الله ما يبرء ظهري من الحد ، فنزل جبريل ، وأنزل عليه : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ)(النور: الآية6) فقرأ حتى بلغ (إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(النور: الآية9)
والعبرة والذي يترجح بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
انتهى الدرس الثاني
الدرس الثالث
تعدد الروايات في أسباب النزول
يتعدد السبب والنازل واحد .. أو يتعدد النازل والسبب واحد وفيه تفصيلات ..
وهذا مبحث .. وهذه مراجع للمساعدة
مناهل العرفان للزرقاني
مباحث علوم القرآن لفتحي الصالح
علوم القرآن لـ مناع القطان .
هناك قاعدة في أصول التفسير في سبب النزول ..
أن كل حادثة وقعت قبل عصر الرسالة لا تعد سببا للنزول ..
وإنما أسباب النزول تكون في وقت التنزيل ..
:: وهذا باب مهم جدا والعلم به مفيد جدا للمفسر
كما قال شيخ الإسلام بن تيمية (( العلم بالسبب يورث العلم للمسبب ))
ذُكرت هذه القاعدة في كتاب مقدمة التفسير له ،
ولا شك أن الذي يعرف السبب يعرف هل وقعت الآية في السبب الخاص أو العام ..
:: من المؤلفين في أسباب النزول ::
1_ أسباب النزول للواحدي .
2_ لباب النقول لأسباب النزول للسيوطي .
3_ جامع النقول لأسباب النزول وشرح آياتها لأبن الخليفة عليوي من خريجي الأزهر .
4_ أسباب النزول عن الصحابة والمفسرين لعبد الفتاح القاضي .
5_ تفسير الوصول لمعرفة أسباب النزول مؤلفة خالد العبد ..
[ يتعين على من يريد تفسير القرآن أن يكون عنده إلمام بهذا النوع ]
:: المكي والمدني ::
ما هو المقصود بالمكي وما هو المقصود ب المدني ؟
المكي : هو ما نزل قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة
المدني : هو بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لمكة .
وهناك أقوال أخرى وهذا العلم له أهمية كبيرة ومعرفة المكي والمدني من المباحث المهمة التي يحتاج إليها المفسر لكتاب الله ومن نصب نفسه للفتية والإجتهاد والقضاء لكي يتوصل للحق والصواب .
ويُحسن بعد نزول القرآن أن يُذكر مكان النزول ..
ونزول القرآن إما في مكة وإما في المدينة أو ما بينهما أو حُمل من مكة إلى المدينة
او العكس وأيضا ما حُمل للحبشة ..
فائدة ..وقد ورد أن السور المكية هي أكثر من السور المدنية وعددها 82 سورة !!
أما السور المدنية قد ورد أنها 20 سورة ..
والمُختلف فيه 12 سورة ، وظني أن المختلف فيه قُسم بين المكي والمدني ..
..
ذكر السيوطي رحمه الله أن الناس في اصطلاحات المكي والمدني على ثلاث أشهرها : _
1_ أن المكي ما نزل قبل الهجرة والمدني ما نزل بعدها .
سواء نزل بمكة أو المدينة ، عام الفتح أو عام حجة الوداع ، أم بسفر من الأسفار ، هؤلاء نظروا باعتبار قبل الهجرة وبعدها .
2_ أن المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة ، والمدني ما نزل في المدينة وهؤلاء راعوا المكان .
3_ أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة ، والمدني ما وقع خطابا ً لأهل المدينة .
[ والقول الراجح هو الذي أورد له الشيخ ابن عثيمين رحمه الله دليل وعلى هذا فقوله تعالى :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة: الآية 3))) من القسم المدني وإن كانت قد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في جة الوداع بعرفة ]
وفي صحيح البخاري قال عمر رضي الله عنه : " قد عرفنا اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم نزلت وهو قائم بعرفة يوم جمعه " .
ودلت على أن هذا أقرب لأنها عُدت من المدني وقد نزلت في مكة ..
:: ضوابط المكي والمدني ::
كيف نعرف ونضبط المكي والمدني ؟
1_ الإسلوب المكي شدة الخطاب المكي لأن غالب المخاطبون مُعرضون ومستكبرون ، أما المدني الغالب على خطابة اللين والسهولة لأن الخطاب لمن هو يقبل وينقاد والغالب على المكي قصر الآيات وقوة المحاجة لأن غالب المخاطبين مُعاندون ومشاقون وهذا واضح من السور .
2_ وكل سورة ورد فيها كلمة ( كلا ) فهي مكية ، وقد وردت في القرآن 33 مرة في 15 سورة كلها في النصف الأخير .
ولم تأتي في القرآن في النصف الاعلى وحكه ذلك أن النصف الأخير نزل أكثره في مكة وأكثر أهلها جبابرة فتكررت على جه التهديد والتعنيف لهم والإنكار عليهم بخلاف الجزء الأول ، وما نزل لليهود لم يحتاج ايرادها لضعفهم ولذاتهم .
3_ وكل سورة أولها حرف من حروف المعجم فهي مكية ما سوى البقرة وآل عمران فهما مدنيتان .
4_ كل سورة فيها قصة آدم وابليس فهي مكية سور البقرة .
5_ وكل سورة فيها سجدة مكية سوى الحج .
6_ كل سورة فيها قصص الأنبياء الماضيين سوى البقرة .
:: ضوابط السور المدنية ::
1_ كل سورة ذكر فيها المنافقين وأحوالهم فهي مدنية سوى سورة العنكبوت فهي مكية إلا احدى عشر آية من صدرها فهي مدنية
2_ كل سورة ذُكر فيها الحدود والفرائض مدنية .
3_ كل سورة فيها الأذان بالجهاد أو الأمر به وأحكامه والصلح به والمعاهدات فهي مدنية سوى سورة الحج عند من يرى أنها مكية .
4_ كل سورة فيها ( يا أيها الناس )) وليس فيها (( يا أيها الذين آمنوا )) فهي مكية إلا سورة الحج
:: الميزات التي تميزت بها السور المكية والسور المدنية ::
من مميزات السور المكية :
1_ الدعوة إلى التوحيد ، عبادة الله وإثبات الرسالة وإثبات البعث والجزاء وذكر القيامة واهوالها والنار وعذابها والجنة ونعيمها ومجادلة المشركين والبراهين العقلية والآيات الكونية .
2_ ووضع الأسس العامة في التشريع والفضائل الأخلاقية التي يقوم عليها كيان المجتمع وفضح جرائم المشركين في سفك الدماء وأكل أموال اليتامى ظلما ً ووأد البنات وما كانوا عليه من سوء العادات .
3_ وكذلك قصص الأنبياء والأمم السابقة رجزا ً لهم حتى يعتبروا بمصير المكذبين قبلهم ، قصر الفواصل ومع قوة الألفاظ وإيجاز العبارة بما يصخ الآذان ويشتد قرعه على المسامع ، ويصعق القلوب ، وتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم للإنتصار عليهم .
:: من ميزات السور المدنية ::
1_ كل سورة فيها فريضة أو حج وذكر فيها المنافقين والحدود ومجادلة أهل الكتاب بيان العبادات والمعاملات والحدود والمواريث ونظام الأشرة وكشف سلوك المنافقين وإزاحة الستار عن خباياهم وطول المقاطع والآيات في أسلوب يقرر الشريعة ويوضح أهدافها ..
[ وتعرف المكي عن طريق معرفة الرواية أو بطريق الإجتهاد وهو ما ذكرناه بمعرفة المدني والمكي ]
:: الفوائد في المكي والمدني ::
1_ ظهور بلاغة القرآن في اعلى مراتبها .
2_ ظهور حكمة التشريع في أسمى غايتها حيث يتدرج شيئا فشيئا .
أي التدرج في الأحكام والاوامر والنواهي .
3_ تربية الدعاة إلى الله تعالى وتوجيههم بأن يسلكوا ما سلكه القرآن في الأسلوب والموضوع من حيث المخاطبين من حيث الاهم فالمهم وتستعمل الشدة في موضعها واللين في موضعها .
5_ الإستعانة بتفسير القرآن فإن معرفة مواقع النزول تساعد على فهم الآية وتفسيرها تفسيرا صحيحا .
5_ ظهور البلاغة وتذوق الأساليب والوقوف على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من خلال الآيات ..
..
يتبع إن شاء الله
..
فائدة ..
لو وردت آيتان مكية ومدنية يتحقق فيهما شروط النسخ يتحقق
فيهما شروط النسخ فإن المدنية ناسخة للمكية لتأخر المدينة عنها .
فإذا جاءت آيتان ولا ندري أيهما الناسخ وأيهما المنسوخ فبمعرفة المكي
والمدني يتبين لنا أيهما نسخت من الأخرى ..
:: ما الحكمة من نزول القرآن مفرقا ً ولم ينزل مجمعا ً ::
1_ تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يكون (بالأسوة أو السلوى أو البشرى ).
2_ أن يسهل على الناس حفظه وفهمه والعمل به حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا ً .
3_ تنشيط الهمم لقبول ما نزل من القرآن وتنفيذه
بحيث يتشوق الناس بلهف وشوق لنزول الآية .
(وكذلك في معاملتك مع الناس حيث تشوق الناس إلى شيء يستعدون إستعدادا نفسي
واستعداد ظاهري لهذا الشيء فالذي يعلم الناس يشوقهم قبل ذلك ) ..
4_ التدرج في التشريع حتى يصل لدرجات الكمال كما في آيات الخمر .
وجاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : "إنما نزل أول نزل من سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا تاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر قالوا لا ندع الخمر أبدا ً ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا "
فحري بالداعية ، بالمعلم ، بالواعظ ، أن يبدأ مع الآخرين في الترتيب يرغبهم في محاسن الإسلام ، ويرغبهم ويرقق قلوبهم في ما أعده الله لهم في الجنة من النعيم المقيم يخاطبهم بأسلوب لين حتى تتهيأ النفوس لقبول هذا الأمر فإذا النفوس تهيأت وتشوقت لهذا الأمر أنزل عليهم الحكم ..
5_ التعلم لا يكون جملة واحده بل بالتدرج .
وهذا لطالب العلم بل يؤخذ العلم مع الأيام والليالي .
وقالوا ( من رام العلم جملة ذهب عنه جملة ..
وقال تعالى : ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ))
وهو قادر على أن يخلقها بكلمة كن ولكن لكي يتعلم الناس عامة وطلاب العلم خاصة ( التأني والتدرج )
نظم شعري قرب الواحد والعشرين بيت لمن يريد أن يرجع إليها ..
مطلع البيت [ مكيها ست ثمانون اعتلت نظمت على وفق النزول لمن تلى ]
لمن لديه همه فليحفظ هذه المنظومة ..
:: ترتيب القرآن ::
نزول القرآن على أربع أنواع
1_ ترتيب الحروف في الكلمة
2_ ترتيب الكلمات مع بعضها .
# فالنوع الاول والثاني فهو ترتيب بالنص ويُحرم التغيير أو التبديل لأنه يُعتبر من الكلم عن مواضعه .
3_ترتيب الآيات مع بعضها .
# النوع الثالث : ثابت بالنص والإجماع .
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يُحدد مكان الآية من السورة .
4 ترتيب السور مع بعضها .
# النوع الرابع : فيه خلاف بين العلماء قيل اجتهادي وقيل توقيفي أي به نص من النبي صلى الله عليه وسلم .
والأقرب من هذه الأقوال [ أن بعضه توقيفي وبعضه اجتهادي ] وهذا كان رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فيما بعد .
بدليل أن بعض مصاحف الصحابة كانت تبدأ بغير سورة الفاتحة ولكن فرق بين الترتيب في المصحف ومُجرد القراءة ..
والشيخ ذكر دليل واحد ..
ولكن بعد لأن جمع عثمان رضي الله عنه القرآن رتبه فإن هذه السُنة أصبحت حُجة يجب الإتباع في ترتيب المصحف .
ولكن في القراءة يجوز للأنسان أن يقرأ سورة آل عمران قبل البقرة وهكذا أما في ترتيب المصحف فلا يجوز ذلك ولا يُعدل في الترتيب لأن الإجتهاد أصبح اتفاق بين الصحابة رضوان الله عليهم فكان بمثابة الأمر المجمع عليه وجوز العلماء في مسائل التعليم من آخر القرآن ..
انتهى الدرس الثالث
الدرس الرابع ..
بسم الله الرحمن الرحيم
** جمع القرآن **
جمع القرآن يُطلق بمعنيين
الأول .. جمعه ُ بمعنى حفظه ُ .
والثاني .. بمعنى كتابته .
وأما مراحل التي مر بها جمع القرآن فهي ثلاثة :
1_ المرحلة الأولى : بعهد النبي صلى الله عليه وسلم : وهذه المرحلة بمعنى حفظه وكتابته
وكان صلى الله عليه وسلم يترقب نزول الوحي ويتشوق لكي يحفظه ويفهمه ..
وكان الإعتماد في هذه المرحلة على الحفظ أكثر من الكتابة
لأن وسائل الكتابة لم تكن متوفرة فلذلك الصحابة
كانوا يعتمدون على الحفظ والمشافهه ..
وأما أدوات الكتابة كانت
( العُسب : جمع عسيب وهو جريد النخل ،
اللِخاف : جمع لخفه وهي الحجارة الدقاق .
وقال الخطابي صحائف الحجارة وهي حجارة ملساء ،
الرقاع : جمع رقعه وقد تكون من جلد أو ورق أو كاغد ،
الاكتاف : جمع كتف وهو كتف البعير أو الشاة وكان إذا جف كتبوا عليه .
الإقتاب : جمع قُتب وهي الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليُركب عليه .
•فائدة أخرى .. أن كثرة الحفاظ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن هناك عدد كبير من الذي يحفظون القرآن .
2_ المرحلة الثانية : في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في السنة الثانية عشرة من الهجرة بدأت حروب الردة وقد شارك الكثير من الصحابة وقتل الكثير من القراء والصحابة ،
فدخل عمر على أبي بكر رضي الله عنهما وأشار عليه بجمع القرآن وكتابته خشية الضياع ولكن أبي بكر نفر من هذه المقالة وظل عمر يراوده حتى شرح الله صدر أبي بكر لهذا الأمر ثم أرسل إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه لمكانته في القراءة والفهم والكتابة والعقل فنفر زيد من ذلك كما نفر أبي بكر حتى طابت نفسه للكتابة وبذل زيد رضي الله عنه في مهمته الشاقة المعتمدة على المحفوظ عند القراء والمكتوب عند الكتبة .
* فائدة أخرى .. أن القرآن جمع في عهد أبي بكر رضي الله عنه وكان مشتملا على الأحرف السبعة .
والعلم إن ارتقى صاحبه فإن الخلافات تقل
لأنه يُدرك ما يدركه غيره .. ولذلك فإن الخلافات بين العلماء كانت قليله لوجود العلم بينهم .
[ و الرقي بالعلم رقي لعلو ]
الأحرف السبعة لها مبحث في كتب أهل العلم [ ما المراد بالاحرف السبعة ] والسيوطي ذكرها في الاتقان وكذلك الشيخ مناع القطان اختصرها في 6 أقوال ..
وأولى الأقوال وأقواها .. بأن هذه الأحرف السبعة هي سبعة لغات من لغات العرب مثل : ( أقبل ، أقدم ، إلي ّ ، هلم ّ ) وهذه أقرب الأقوال .
وأضعف الأقوال فيها بأن الأحرف السبعة هي القراءات السبع .
وللبحث في هذا الموضوع ستجدنه في كتاب ( القراءات في علوم القرآن )
من الفوائد أيضا ً ..
ما الباعث لجمع أبي بكر رضي الله عنه وجمع عثمان رضي الله عنه ؟
** أما جمع أبي بكر رضي الله عنه حتى لا يضيع القرآن ولكثرة قتل واستشهاد الكثيرين من حفاظ القرآن .
** أما الباعث لجمع عثمان رضي الله عنه بسبب حصول الخلاف بين المسلمين فكان بعضهم يُكفر بعض ..
فائدة .. الاختلاف في القراءات ليس اختلاف جذري بل اختلاف في معنى الكلمة والامالة والمدود .
ما ميزات الجمع في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
1_ لم يكن مرتب بل كان متفرق .
2_ أن بعض الصحابة قد كتب المنسوخ تلاوة ولم يغيره .
ما ميزات الجمع في عهد أبي بكر ؟
1_ جمع القرآن بين دفتي كتاب ._
2_ جرّد من منسوخ التلاوة .
3_ اقتصر على ما اجمع على تواتره وهذه ميزة الجمع في عهد أبي بكر رضي الله عنه .
ما ميزات الجمع في عهد عثمان رضي الله عنهما .؟
1_ ترتيب السور كما هو الآن .
2_ الاقتصار في المصحف على حرف واحد وهو حرف قريش
3_ تجريد المصاحف على كل ما ليس قرآن .
4_تنظيم جمعه لوجود القراءات بالرسم أو بالتوزيع فإنه لم تكن حروفه منقوطه ولا مشكولة .
إذن في عهد أبي بكر رضي الله عنه جُمع القرآن في مصحف حتى لا يضيع منه شيء دون أن يحمل الناس على الاجتماع بنصحف واحد وذلك أنه لم يظهر أثر للإختلاف القراءة ..
أما الغرض لجمعه في عهد عُثمان رضي الله عنه فهو تقييد القرآن كله مجموعا في مًصحف واحد يحمل الناس على الاجتماع عليه لظهور الأثر المخيف لإختلاف القراءات أي قراءة الاحرف أي قراءتهم .
:.وقد ظهرت نتايج هذا الجمع بأن حصلت عليه المصلة العظيمة للمسلمين باجتماع الكلمة واجتماع الامة واتفاق الكلمة والالفة ودفعت به المفسدة العظمى :.
سؤال .. لماذا لم يُجمع القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
وهذه اجابات الشيخ
مناهل العرفان في المجلد الأول
وقد أورد هذا السؤال صفحة 241
وذكر قرابة أربعة أسباب ..
السبب الاول : انه لم يوجد من داعي لكتابته في الصحف أو المصاحف مثل ما يوجد على عهد أبي بكر حتى كتبه في صحف ولا مثل ما وجده على عهد عثمان حتى كتبه في مصاحف
فالمسلمون في وقت اذ بخير والقراء كثيرون والاسلام لم يستبحر عمرانه بعد والفتنه مأمونه
والتعويل لا يزال على الحفظ أكثر من الكتابة ..وأدروات اغير مأسورة
وعناية الرسول صلى الله عليه باستظهار القرآن تفوق الوصف وتوفي على الغاية حتى في طريقه أدءه على حروفه السبعه....
السبب الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بصدد ان ينزل عليه الوحي بنسخ ما شاء الله آيه او آياات..
الثالث .. أن القرأن لم ينزل مرة واحده بل منجما في مدى عشرين سنة او اكثر على الخلاف ..
الرابع : أن ترتيب آياته وسورة ليس على ترتيب نزوله وقد علم أن كان نزوله على حسب الاسباب أما ترتيبه كان لغير ذلك من الاعتبارات .
انتهى
الدرس الخامس ..
عناصر الدرس :
1_ معنى التفسير وأهميته
2_الواجب على المسلم في تفسير القرآن
3_ المرجع في تفسير القرآن
4_الاختلاف الوارد في التفسيربالمأثور
التفسير :
وهو من المباحث المهمة جدا في مبحث علوم القرآن ..
التفسير في اللغة بمعنى الإبانة والكشف وإظهار المعنى المعقول فهو يكشف ويبين .
وهناك معنى آخر الايضاح والبيان .،
ومنه قول الله تعالى : ((ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}. الفرقان. 33.))
أما التفسير في الإصطلاح الشرعي : بيان معاني احكام القرآن .
وذكر القطان في مباحثه تعريف أبي حيان أنه قال ( علم يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب )
وعرفه الزركشي في البرهان قال ( التفسير علم يُفهم به كتابه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه )
ننتقل إلى المعنى بين التأويل والتفسير ..
يعني إما يأتي بمعنى التفسير أو بمعنى ما يأول عليه الكلام
أويأتي بمعنى صرف اللفظ على المعنى الراجح على المعنى المرجوح ..
وأيضا الفرق بين الشرح والتفسير هما بمعنى واحد ..
ولكن القرآن يختص بالتفسير وغيره يختص بالشرح
ولكن لو قال شرح الآية لا بأس ولكن الأكثر أنه تفسير الآية
..
ما حكم تعلم التفسير ؟..
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله واجب لقوله تعالى : (((كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (ص:29)
فائدة ..ووجه الدلالة من الآية الأولى أن الله تعالى بين أن الحكمة من إنزال هذا القرآن المبارك ؛ أن يتدبر الناس آياته ، ويتعظوا بما فيها .
والتدبر هو التأمل في الألفاظ للوصول إلى معانيها ، فإذا لم يكن ذلك ، فاتت الحكمة من إنزال القرآن ، وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها .
ولأنه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه .
*****
ولقوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)
فائدة .. ووجه الدلالة من الآية الثانية أن الله تعالى وبخ أولئك الذين لا يتدبرون القرآن ، وأشار إلى أن ذلك من الإقفال على قلوبهم ، وعدم وصول الخير إليها .
والحكم ينقسم منه ما يكون عيني ومنه ما يكون كفائي
والواجب العيني هوالمتعين على كل أحد هو واجب عيني الذي لا يسوغ جهله
وفيجب على المسلم أن يتعلم ما يقيم به الاحكام المترتبه عليه ،
من تعلم الصلاة وتعلم الزكاة وتعلم الحج كلها واجبات عينية من التفسير
ومن غيرها .
وواجب كفائي ما زاد على ذلك فهو فرض كفاية فلا نوجب الناس ونطالبهم بأن يكونوا مفسرين القرآن .
والشيخ رحمه الله قصد الواجب العيني الذي لا يصوغ جهله
إذن الحكم إما أن يكون عيني في الأشياء التي لا يعذر منها أو لا يصوغ بجهلها
وإما أن يكون كفائي فيما زاد عن ذلك ..
* طريقة السلف في تعلم القرآن :
وكان سلف الأمة على تلك الطريقة الواجبة ، يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ لأنهم بذلك إذا تعلموا استطاعوا أن يعملوا بكتابة الله عز وجل
ثم ذكر بعد ذلك أثر وقال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذي كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا .
:::
وقد أجمع العلماء أن التفسير من فروض الكفايات وأجل العلوم ..
قال الاصبهاني .. أشرف صناعة يتعاطاها الانسان تفسير القرآن بيان ذلك بأن شرف الصناعة إما بشرف موضوعها مثل الصياغة أشرف من الدباغه ..
لأن موضوع الصياغة الذهب والفضلة وهما أشرف من الدباغة الذي هو جلد الميتة
وإما بشرف غرضها مثل صناعة الطب أشرف من الكناسه ..
لأن غرض الطب إفادة الصحة وغرض الكناسه تنظيف المستراح
وأما لشدة الحاجة إليها كالفقة فالحاجة إليه أشد من الحاجة إلى الطب
فما من واقعه في الكون إلا وهي مفتقرة إلى الفقه
لأن به انتظام صلاح الأحوال الدنيا والدين بخلاف الطب فإنه يحتاج إليه بعض الناس في بعض الاوقات
إذا عرف ذلك فإن صناعة التفسير قد حازت من الجهات الثلاثه
أما من جهة الموضوع لأن موضوعه كلام الله تعالى الذي هو ينبوع كل حكمة ومعدن فضيله وفيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم لا يخلق على كثرة الرد ولا تقضى عجائبه
واما من جهة الغرض لأنه الغرض منه الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية التي لا تفنى
أما من جهة شدة الحاجة فلأن كل كمال ديني ودنيوي عاجل او آجل مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينيه وهي متوقفه على العلم بكتاب الله تعالى
انتهى كلامه رحمه الله
:: كلام الشارح ::
فهذا يدل على أفضل العلوم يشرف بشرف موضوعه
وعلوم التفسير موضوعها القرآن الكريم
والقرآن الكريم شريف وكذلك التفسير يشرف بشرف القرآن الكريم
والتفسير يدخل فيه كل العلوم الاخرى من علم العقيدة وعلم الفقه ..
..
::
أقسام التفسير ..::
أخرج بن جرير وغيره عن ابن عباس قال التفسير على أربعة أوجه ..
1_وجه تعرف العرب من كلامها
قال الزركشي في البرهان المجلد الرابع..قول ابن عباس هذا تقسيم صحيح فإما الذي تعرفه العرب فهو الذي يرجع فيه إلى لسانها وذلك اللغة والاعراب فأما اللغه فعلى المفسر معرفة معانيها ومسمياتها وأسماءها وأما الإعراب فما كان اختلافه محيلا للمعنى وجب على القارئ و المفسر تعلمها ليتوصل المفسر لمعرفة الحكم ويسلم القارئء من اللحن
2_وتفسير لا يعذر أحد من بجهالته
واما النوع الثاني ما لا يعذر أحد بجهله فهو ما تتبادر الافهام إلى معرفة معناه من النصوص
ودلائل التوحيد وكل لفظ أفاد معنى واحدا جليا يعلم أنه مراد الله تعالى فهذا القسم لا يلتبس تأويله
3_وتفسير تعلمه العلماء
وقال اما ما يعلمه العلماء يرجع على اجتهادهم فهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل وذلك استنباط الاحكام ووبيان المجمل وتخصيص العموم وكل لفظ احتمل معنين فصاعدا فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه ....
وعليهم اعتماد الدلائل والشواهد دون مجرد الرأي
فإن كان أحد المعنييين أظهر وجب الحمل عليه إلا أن يقوم دليل أن المراد خفي وإن استويا والاستعمال بهما حقيقة
لكن في أحدهما حقيقة لغوية أو عرفية والآخر شرعيه
4_ وتفسير لا يعلمه إلا الله
واما ما لا يعلمه إلا الله تعالى فهو ما يجرى مجرى الغيوب نحو الآي المتضمنه قيام الساعه وتفسير الروح والحروف المقطعه
شروط المفسر :
شرح الشيخ بن عثيمين رحمه الله ::
الواجب على المسلم في تفسير القرآن أن يشعر نفسه حين يفسر القرآن بأنه مترجم عن الله تعالى ، شاهد عليه بما أراد من كلامه فيكون معظما لهذه الشهادة خائفا من أن يقول على الله بلا علم ، فيقع فيما حرم الله ، فيخزى بذلك يوم القيامة ، قال الله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33) وقال تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) (الزمر:60)
أين الشاهد من الآية ؟
وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ
وهناك آداب على المفسر أن يطبقها ويتعلمها :
وقد ذكر السيوطي وذكر مناع القطان في مباحثه
مبحث في شروط لمفسر وآدابه ..
الشرط الاول : صحة الاعتقاد ..
الشرط الثاني .. التجرد عن الهوى .
الشرط الثالث .. أن يبدأ أولا بتفسير القرآن بالقرآن .. ( كيف يعني ؟ )
الشرط الرابع : أن يطلب التفسير من السنة
قول الشافعي : (كل ما حكم به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو ما فهمه من القرآن )
الشرط الخامس : فإن لم يجد التفسير من السنة رجع عند الصحابة
الشرط السادس فإن لم يجد التفسير لا في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة فقد رجع الكثير من الائمة لأقوال التابعين
السابع : العلم باللغه العربية وفروعها
الثامن : العلم بأصول العلم المتصلة بالقرآن كعلم القراءات .
.وعلم الاصول وأصول التفسير وبخاصة مع التعمق في أبوابه التي لا يتضح المعنى ولا يستقيد بدونها ..
التاسع دقة الفهم التي تمكن المفسر ..
آداب المفسر ...
1_أن يكون حسن النية
2_ وصحيح المقصد وحس الخلق والامتثال والعمل
3_وتحري الصدق والضبط بالنقل
4_والتواضع ولين الجانب ..
5_ والجهر بالحق أن يكون حسن السمت
والانأة والروية تقديم من هو أعلى منه
موجوده كلها في مباحث القطان ..
::. المرجع في التفسير .::
يعني بماذا يعتمد المفسر في تفسيره للقرآن
قال الشيخ رحمه الله ..
يرجع في تفسيرالقرآن إلى ما يأتي
أ- كلام الله تعالى : فيفسر القرآن بالقرآن ، لأن الله تعالى هو الذي أنزله ، وهو أعلم بما أراد به . ولذلك أمثلة منها :
فما جاء مجملا في موضع جاء مبينا تأتي الآية مطلقة او عامه ثم يأتي ما يقيدها أو يخصصها مثال على ذلك قصص القرآن
ويعتمد هذا ابن كثير وضياء القرآن وهذا من التفاسير المأثورة ..
مثال على تفسير القرآن بالقرآن
((أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ))
فسرته آية ((حرمت عليكم الميته ))
1-قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (يونس:62
فقد فسر أولياء الله بقوله في الآية التي تليها : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس:63)
فقال من هم اولياء الله ؟ فجاء الجواب في الاية .. الذين أمنوا ويتقون ..
2- قوله تعالى : (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ) (الطارق:2) فقد فسر الطارق بقوله في الآية الثانية : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (الطارق:3) .
3- قوله تعالى : (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) (النازعـات:30) فقد فسر دحاها بقوله في الآيتين بعدها : (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا) (النازعـات:31)(وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) (النازعـات:32).
فكثير ما تأتي آية فتأتي آية أخرى تفسرها ..
ب - كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيفسر القرآن بالسنة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله تعالى، فهو أعلم الناس بمراد الله تعالى كلامه .
ولأن الصحابة كانوا يرجعون لرسول الله إذا أشكل عليهم شيء
انتهى
الدر المنثور
28-07-08, 02:59 PM
بارك الله فيك ومض على هذا المجهود الرائع
الدرس السادس
ج- كلام الصحابة رضي الله عنهم لا سيما ذوو العلم منهم والعناية بالتفسير ، لأن القرآن نزل بلغتهم وفي عصرهم ،
ولأنهم بعد الأنبياء أصدق الناس في طلب الحق ،
وأسلمهم من الأهواء ، وأطهرهم من المخالفة التي تحول بين المرء
وبين التوفيق للصواب وذكر مثال ابن عباس .فإن لم يجد من كلام الصحابة الامر الرابع
د .كلام التابعين الذين اعتنوا بأخذ التفسير عن الصحابة
رضي الله عنهم ، لأن التابعين خير الناس بعد الصحابة ،
وأسلم من الأهواء ممن بعدهم . ولم تكن اللغة العربية تغيرت كثيرا في عصرهم ،
فكانوا أقرب إلى الصواب في فهم القرآن ممن بعدهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه (7) : * إذا أجمعوا – يعني التابعين – على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة ، هذا الامر الاول ، *فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن ، أو ألسنة ، أو عموم لغة العرب ، أو أقوال الصحابة في ذلك .
:: قول الشارح ::
هذه أربعة امور ذكرها إذا في حال اتفاق التابعين فهو حجة
وإن حصل بينهم اختلاف على قولين مثلا فهذا لا يكون بعضهم حجة على بعض يعني كل واحد له رايه واجتهاده
ولكن كيف نرجحه ؟
ذكر الشيخ بن تيميه الاقوال الاربعه أو هذه المرجحات الاربع :
أما 1القرآن او
2السنة او 3 أقوال الصحابة
أو 4عموم لغة العرب
إن اتفقوا كانوا حجة وإن اختلفوا يرجع فيه إلى المرجحات الاربع
وقال أيضا : من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك ، كان مخطئا في ذلك ، بل مبتدعا ، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤة ، ثم قال : فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم ، فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعا .
:: الشارح يسأل ::
ما هو الدليل وما هو المدلول .؟
الدليل : يُستنبط منه .
المدلول : المقصود به النص .
والمدلول أحدث ما لم يكن معروفا عند الصحابة
يعني استنبط شيئا لم يكن معروف فيكون أخطأ في اثنين ..
هـ - تفسير القرآن حسب السياق أي بكلمات اللغة العربية
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله استدل من الايات أن القرآن يفسر بلغة العرب .
فائدة . .لتعلموا أن جميع التعاريف في القرآن كل معانيها في اللغة
ليس في اصطلاح اللعلماء فيها شيء ولذلك دائما يستدلون مباشرة بآية ونادر جدا
( قاعدة ) فإن اختلف المعنى الشرعي واللغوي ،
أخذ بما يقتضيه الشرعي ، لأن القرآن نزل لبيان الشرع ، لا لبيان اللغة ،
إلا أن يكون هناك دليل يترجح به المعنى اللغوي فيؤخذ به .
إذا كان عندنا معنى كلمة من الكلمات فحصل فيها اختلاف
فيقدم بالمعنى الشرع الا بدليل يبين تقديم اللغوي ..
مثال
ما اختلف فيه المعنيان ، وقدم الشرعي : قوله تعالى في المنافقين : (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً )(التوبة: الآية 84) فالصلاة في اللغة الدعاء ،
وفي الشرع هنا الوقوف على الميت للدعاء له بصفة مخصوصة فيقدم المعنى الشرعي ،
لأنه المقصود للمتكلم المعهود للمخاطب ، وأما منع الدعاء لهم على وجه الإطلاق فمن دليل آخر .
ومثال ما اختلف فيه المعنيان ، وقدم فيه اللغوي بالدليل : قوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)(التوبة: الآية 103) فالمراد بالصلاة هنا الدعاء ،
وبدليل ما رواه مسلم (8) عن عبد الله بن أبي أوفي ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقة قوم ، صلى عليهم ، فأتاه أبي بصدقته فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفي " .
فهنا حملناها على اللغوي فقد .....
وأمثلة ما اتفق فيه المعنيان الشرعي واللغوي كثيرة : كالسماء والأرض والصدق والكذب والحجر والإنسان .
الاختلاف الوارد في التفسير بالمأثور
التفسيرالمأثور بمعنى المنقول .
الاختلاف الوارد في التفسير المأثور على ثلاثة أقسام :
الأول : اختلاف في اللفظ دون المعنى ، فهذا لا تأثير له في معنى الآية ، مثاله قوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (الإسراء :23) قال ابن عباس : قضي : أمر ، وقال مجاهد : وصي ، وقال الربيع بن انس : أوجب ، وهذه التفسيرات معناها واحد ، او متقارب فلا تأثير لهذا الاختلاف في معنى الآية .
الصحابة اختلفوا في معنى قضى ولكن كله تقدير لمعنى واحد ولا تأثير في المعنى وهذا اختلاف لفظي
الثاني : اختلاف في اللفظ والمعنى ، والآية تحتمل المعنيين لعدم التضاد بينهما ، فتحمل الآية عليهما ، وتفسر بهما ، ويكون الجمع بين هذا الاختلاف أن كل واحد من القولين ذكر على وجه التمثيل ، لما تعنيه الآية أو التنويع ، مثاله قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) (الأعراف:175) (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ (الأعراف:176) قال ابن مسعود : هو رجل من بني إسرائيل ، وعن ابن عباس أنه : رجل من أهل اليمن ، وقيل : رجل من أهل البلقاء.
وهذا اختلاف التنوع الاختلاف يحمل عليه
والجمع بين هذه الأقوال : أن تحمل الآية عليها كلها ، لأنها تحتملها من غير تضاد ، ويكون كل قول ذكر على وجه التمثيل .
ومثال آخر قوله تعالى (وَكَأْساً دِهَاقاً) (النبأ:34) قال ابن عباس : دهاقاً مملوءة ، وقال مجاهد : متتابعة ، وقال عكرمة : صافية . ولا منافاة بين هذه الأقوال ، والآية تحتملها فتحمل عليها جميعاً ويكون كل قول لنوع من المعنى .
: يقول الشارح ::
الصراط ما هو ؟ منهم من قال القرآن منهم من طريق الهداية ومنهم من قال الإسلام والايمان فهذه كلها قد يحتملها كلمة الصراط
((واعتصموا بحبل الله جميعا )) بها أقوال مختلفة لمعنى الاية
قيل أنه كتا ب الله وقيل أنه الجماعه ودين الله وهو الاسلام وعهد الله وقيل أنه لااخلاص وامر الله وطاعته
القسم الثالث : اختلاف اللفظ والمعنى ، والآية لا تحتمل المعنيين معا للتضاد بينهما ، فتحمل الآية على الأرجح منهما بدلاله السياق أو غيره .
هذا في اختلاف المعنى واللفظ .وهذا من بلاغة القرآن .
مثال ذلك : قوله تعالى : (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:173) قال ابن عباس : غير باغ في الميتة (أي طالب في الميته) ولا عاد في أكله أي ( أي متعدي في أكله أي أكل أكثر مما يحتاج إليه )، وقيل : غير خارج على الإمام ولا عاص بسفره والأرجح الأول لأنه لا دليل في الآية على الثاني ، ولأن المقصود بحل ما ذكر دفع الضرورة ، وهي واقعة في حال الخروج على الإمام ، وفي حال السفر المحرم وغير ذلك .
فإذن يقول الشارح لا يُجمع بين القولين .
ومثال آخر قوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)(البقرة: الآية 237) قال على بن أبي طالب رضي الله عنه في الذي بيده عقدة النكاح : هو الزوج ، وقال ابن عباس: هو الولي ، والراجح الأول لدلالة المعنى عليه ، ولأنه قد روي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
:: يقول الشارح ::
لأن ذكر عدت مرجحات لقول علي رضي الله عنه أنه هو الصحيح يعفون يقصد فيه المرأة إذا عفت المراة عفا الولي ...فيكون بالمقابل والزوج أقرب وذكر ابن كثير في الترجيح الذي بيده عقدة النكاح حقيقة هو الزوج فإنه بيده ..
انتهى يتبع الدرس السابع إن شاء الله
يتبع الدرس السادس
ترجمه القرآن
الترجمة لغة : تطلق على معانٍ ترجع إلى البيان والإيضاح . وفي الاصطلاح : التعبير عن الكلام بلغة أخرى . وترجمة القران : التعبير عن معناه بلغة أخرى
والترجمة نوعان :
أحدهما : ترجمة حرفية ، وذلك بأن يوضع ترجمة كل كلمة بازائها . ( أي تترجم كلمة كلمة ) ..
الترجمة الحرفية بالنسبة للقرآن الكريم مستحيلة عند كثير من أهل العلم ،
وذلك لأنه يشترط في هذا النوع من الترجمة شروط لا يمكن تحققها معها
أ- وجود مفردات في اللغة المترجم إليها بازاء حروف اللغة المترجم منها .
ب- وجود أدوات للمعاني في اللغة المترجم إليها مساوية أو مشابهة للأدوات في اللغة المترجم منها .
ج- تماثل اللغتين المترجم منها وإليها في ترتيب الكلمات حين تركيبها في الجمل والصفات والإضافات وقال بعض العلماء : إن الترجمة الحرفية يمكن تحققها في بعض آية ، أو نحوها، ولكنها وإن أمكن تحققها في نحو ذلك – محرمة لأنها لا يمكن أن تؤدي المعنى بكماله ، ولا أن تؤثر في النفوس تأثير القرآن العربي المبين ، ولا ضرورة تدعو إليها؛ للاستغناء عنها بالترجمة المعنوية .
وعلى هذا فالترجمة الحرفية إن أمكنت حسا في بعض الكلمات فهي ممنوعة شرعا ،
اللهم إلا أن يترجم كلمة خاصة بلغة من يخاطبه ليفهمها ، من غير أن يترجم التركيب كله فلا بأس
:
والترجمة المعنوية : أن يترجم معنى الآية كلها بقطع النظرعن معنى كل كلمة وترتيبها، وهي قريبة من معنى التفسير الإجمالي .
و الترجمة المعنوية للقرآن فهي جائزة في الأصل لأنه لا محذور فيها ، وقد تجب حين تكون وسيلة إلى إبلاغ القرآن والإسلام لغير الناطقين باللغة العربية ، لأن إبلاغ ذلك واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
لكن يشترط لجواز ذلك شروط :
الأول : أن لا تجعل بديلا عن القرآن بحيث يستغني بها عنه ،
وعلى هذا فلا بد أن يكتب القرآن باللغة العربية وإلى جانبه هذه الترجمة ، لتكون كالتفسير له .
الثاني : أن يكون المترجم عالما بمدلولات الألفاظ في اللغتين المترجم منها وإليها،
وما تقتضيه حسب السياق .
الثالث : أن يكون عالما بمعاني الألفاظ الشرعية في القرآن . ولا تقبل الترجمة للقرآن الكريم
إلا من مأمون عليها ، بحيث يكون مسلما مستقيما في دينه .
وأيضا أن يكون موثوقا عليه في عقيدته حتى لا يحرك شيء من القرآن إلى عقيدته ..
زهر الرمان
28-07-08, 05:13 PM
ماشاء الله بارك الله لك في مجهوداتك وزادك من فضله
( وفيكم بارك الله الدر المنثور:icony6: وأخيتي زهر الرمان ) :icony6:
::::
الدرس السابع
:: ابن عثيمين رحمه الله ::
::المشتهرون بالتفسير من الصحابة ::
:: تعليق الشارح ::
اشتهر بالتفسير جماعة من الصحابة ، ذكر السيوطي منهم : الخلفاء الأربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم ، إلا أن الرواية عن الثلاثة الأولين لم تكن كثيرة ، لانشغالهم بالخلافة ، وقلة الحاجة إلى النقل في ذلك لكثرة العالمين بالتفسير .
ومن المشتهرين بالتفسير من الصحابة أيضا : عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس ، فلنترجم لحياة على بن أبي طالب مع هذين رضي الله عنهم .
ثم جاء بعدهم من التابعين كمجاهد وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير وطاووس وزيد بن اسلم وابنه عبد الرحمن بن زيد ومالك بن أنس ومسلم الخرساني والضحاك بن مزاحم هؤلاء هم من جاءو بعد الصحابة ثم بعد ذلك الطبقة الثالثة فسيفيان بن عيينه ووكيع الجراح وغيرهم ..
من هذه الطبقات تكونت عندنا مدراس أطلقوا عليها مدارس التفسير فالصحابة رضوان الله عليهم لما تعلموا العلم نشروها بالافاق
والرسول صلى الله عليه وسلم قال " بلغوا عني ولو آية "
فالصحابة ... ويوصلونها لغيرهم وذلك فيه فوائد كثيرة .
::مدارس التفسير ::
أطلق عليها أهل التفسير في مكة اشتهر عبد الله بن عباس
وفي المدينة اشتهر أبي بن كعب والعراق عبد الله مسعود
وهناك مدارس أخرى مثل مدرسة التفسير المتنقله
والمتمثله في علي بن أبي طالب
ومدرسة التفسير في الشام ومصر وفي خراسان
وكلها مدراس وأستاذها أحد من الصحابة
وابن عباس كان في مكة ومن اشتهر تلاميدة
ومن أحب الرجوع إلى الاسانيد فليرجع إلى كتاب الاتقان ..
والتي تروى عن ابن عباس
وفيها الاحاديث الصحيحة والضعيف التي تروى عنه
ومدرسة المدينة استاذها زيد بن كعب و ....
ستقرأونها في كتب التفسير قال مجاهد قال عطاء
قال طاووس قال زيد بن أسلم
فإذا كان ( الطالب يعرف هذه الامتدادات أين جاءت
فستكون قراءته على معرفه وفهم )..
وأما محمد بن كعب القرضي وأما مدرسة التفسير
في العراق فأستاذها عبد الله بن مسعود
وغير ذلك من المدارس التي انتشرت في الاقطار
والمؤلف الشيخ رحمه الله تكلم من المشتهرين من الصحابة
فعلي بن أبي طالب لأن النقل عنه كثير في التفسير
وذكر ترجمة لعلي بن أبي طالب ثم عبد الله أبي مسعود رضي الله عنهم
لأنه ممن كان يفسر القرآن واشتهر عنه بذلك وعبد الله بن عباس أيضا رضي الله عنه ممن اشتهروا بالتفسير
ثم تكلم الشيخ عن 3 من 2 من التابعين وهم مجاهد وكذلك قتادة .
:: القرآن محكم ومتشابه ::
القرآن جاء بأنه محكم وبأنه متشابه
و بأنه متشابه وبعضه محكم وكل من هذا الاعتبار عليه دليل الله سبحانه
وقال : ((كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)(هود: الآية 1)
وقوله (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ) (يونس:1)
التشابه العام الذي وصف به القرآن كله ،
مثل قوله تعالى : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (الزمر:23)
الإحكام الخاص ببعضه ، والتشابه الخاص ببعضه ،
مثل قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (آل عمران:7) .
:: تعليق الشارح ::
إذن الله وصف بأن القرآن بأنه محكم وأنه متشابه
وأن بعضه محكم وبعضه متشابه ..
ولذلك قسموا المحكم والمتشابه إلى 3 أقسام
النوع الاول في قوله : (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ )) أي محكم احكام عام أي ومعنى ذلك أنه متقن مجود في ألفاظه ومعانيه فهو في غاية الفصاحة والبلاغة أخباره كلها صدق نافعة ، ليس فيها كذب ، ولا تناقض ، .
النوع الثاني :التشابه العام : ومعنى هذا التشابه ، أن القرآن كله يشبه بعضه بعضا في الكمال والجودة والغايات الحميدة( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية 82)
النوع الثالث : الإحكام الخاص ببعضه ، والتشابه الخاص ببعضه (( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (آل عمران:7)
:: تعليق الشارح ::
والاحكام هنا اختلف وليس مثل في المعنى الثالث ليس كمثل المعنى الثاني ..
فيظن أن فيه تناقض فالعلماء نزلوا هذه المعاني على هذه الايات
وهنا نعرف المحكم والمتشابه ، ما معنى المحكم في النوع هذا ؟
.: الشيخ ذكر رحمه الله ومعنى هذا الإحكام أن يكون معنى الآية واضحا جليا ، لا خفاء فيه ، مثل قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات:13)،
وقوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21) وقوله : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)(البقرة: الآية 275) وقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ )(المائدة: الآية 3) وأمثال ذلك كثيرة .
هذه الآيات معناها واضح .. وبتعريف آخر للمحكم قالوا : المحكم ما لا يحتمل إلا وجها واحدا .
ومعنى هذا التشابه : أن يكون معنى الآية مشتبها خفيا بحيث يتوهم منه الواهم ما لا يليق بالله تعالى ، أو كتابه أو رسوله ، ويفهم منه العالم الراسخ في العلم خلاف ذلك .
مثاله :فيما يتعلق بالله تعالى ، أن يتوهم واهم من قوله تعالى : (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)(المائدة: الآية 64) أن لله يدين مماثلتين لأيدي المخلوقين .
ومثال آخر لأنواع التشابه فيما يتعلق بكتاب الله تعالى ، أن يتوهم واهم تناقض القرآن وتكذيب بعضه بعضا حين يقول : (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ )(النساء: الآية 79) ويقول في موضع آخر : ( وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)(النساء: الآية 78)
ومثالهفيما يتعلق برسول الله، أن يتوهم واهم من قوله تعالى (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (يونس:94) ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شاكا فيما أنزل إليه .
:: تعليق الشارح على ما سبق ::
هذه الامثله فيها تشابه في ظاهر الاية ..
.. معاني التشابه ومعاني الإحكام ..
المحكم : ما عرف المراد أراد الله منه .والمتشابه ما استأثر الله به .قول آخر ،
المحكم:ما لا يحتمل إلا وجها واحداوالمتشابه ما احتمل أوجه
المحكم : ما استغل بنفسه ولم يحتج إلى بيان والمتشابة ما لا يستغل لنفسه واحتاج إلى بيان برده إلى غيره
:::
موقف الراسخين في العلم
والزائغين من المتشابه
فالزائغون :يتخذون من هذه الآيات المشتبهات
وسيلة للطعن في كتاب الله ، وفتنة الناس عنه ، وتأويله لغير
ما أراد الله تعالى به ، فيَضِلُون ، ويُضِلُون \
وأما الراسخون في العلم :يؤمنون بأن ما جاء في كتاب اللهتعالى فهو حق وليس فيه اختلاف ولا تناقض لأنه من عند الله
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ
وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)(آل عمران: الآية 7)
وقال في الراسخين في العلم : ( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ
رَبِّنَا)(آل عمران: الآية 7)
فالزائغون يتخذون من هذه الآيات
المشتبهات وسيلة للطعن في كتاب الله ، وفتنة الناس عنه ،
وتأويله لغير ما أراد الله تعالى به ، فيَضِلُون ، ويُضِلُون وأما
الراسخون في العلم يؤمنون بأن ما جاء في كتاب الله تعالى
فهو حق وليس فيه اختلاف ولا تناقض لأنه من عند الله (وَلَوْ
كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء:
الآية82) وما جاء مشتبهاً ردوه إلى المحكم ليكون الجميع
محكماً.
هذه طريقتهم دائما يردون المتشابه إلى المحكم الايات التي
تحتمل أكثر من معنى يفسرونها إلى اليات التي لا تفسر إلا
معنى واحد ..
ويقولون في المثال الأول : إن لله تعالى يدين
حقيقيتين على ما يليق بجلاله وعظمته ، لا تماثلان أيدي
المخلوقين ، كما أن له ذات لا تماثل ذوات المخلوقين ، لأن الله
تعالى يقول : (ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(
الشورى: الآية 11) .
ويقولون في المثال الثاني : إن الحسنة والسيئة كلتاهما بتقدير
الله عز وجل ، لكن الحسنة سببها التفضل من الله تعالى على
عباده ، أما السيئة فسببها فعل العبد كما قال تعالى(وَمَا أَصَابَكُمْ
مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30)
فإضافة السيئة إلى العبد من إضافة الشيء إلى سببه ، لا من
إضافته إلى مُقَدِّرِهِ ، أما إضافة الحسنة والسيئة إلى الله تعالى
فمن باب إضافة الشيء إلى مُقَدِّرِهِ ، وبهذا يزول ما يوهم
الاختلاف بين الآيتين لإنفكاك الجهة .
ويقولون في المثال الثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم
يقع منه شك فيما أنزل إليه ، بل هو أعلم الناس به ، وأقواهم
يقينا كما قال الله تعالى في نفس السورة : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
)(يونس: الآية 104) المعنى إن كنت في شك منه فأنا على
يقين منه ، ولهذا لا أعبد الذين تعبدون من دون الله ، بل أكفر
بهم وأعبد الله .
ولا يلزم من قوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ)(يونس:
الآية 94) أن يكون الشك جائزا على الرسول صلى الله عليه
وسلم ، أو واقعا منه . ألا ترى قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كَانَ
لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (الزخرف:81) هل يلزم منه أن
يكون الولد جائزا على الله تعالى أو حاصلا ؟ كلا ، فهذا لم يكن
حاصلا، ولا جائزا على الله تعالى ، قال الله تعالى : ( وَمَا
يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) (مريم:92) (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم:93)
يقول الشارح ::
قال إن فرض أن يشك فلا يلزم النبي صلى الله عليه وسلم أن
يكون شاك وقد يكون المخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم
والمراد أمته
...
[/COLOR][/CENTER]
ولا يلزم من قوله تعالى : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)(البقرة:
الآية 147) أن يكون الامتراء واقعا من الرسول صلى الله
عليه وسلم ، لأن النهي عن الشيء قد يوجه إلى من لم يقع
منه ، ألا ترى قوله تعالى : (وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ
أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (
القصص:87) ومن المعلوم أنهم لم يصدون النبي صلى الله
عليه وسلم عن آيات الله ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم
يقع منه شرك.والغرض من توجيه النهي إلى من لا يقع منه :
التنديد بمن وقع منهم والتحذير من منهاجهم ، وبهذا يزول
الاشتباه ، وظن ما لا يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم .
:: قول الشارح ::
مثل يوم نقول إياك أعني واسمعي يا جارة وفي كثير من الايات
المخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم والمراد أمة محمد صلى
الله عليه وسلم لأن الشك ولأن الامتراء غير واقع من النبي صلى الله عليه وسلم
: انواع التشابه في القرآن ::
النوع الاول حقيقيوهو ما لا يمكن أن يعلمه
البشر كحقائق صفات الله عز وجل، وهذا النوع لا يسأل عن استكشافه لتعذر الوصول إليه .
النوع الثاني : نسبي وهو ما يكون مشتبها على بعض الناس
دون بعض ، فيكون معلوما للراسخين في العلم دون غيرهم ،
وأمثلة هذا النوع كثيرة منها قوله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ)(الشورى: الآية 11) حيث اشتبه على أهل التعطيل ،
ففهموا منه انتفاء الصفات عن الله تعالى ، وأدعوا أن ثبوتها
يستلزم المماثلة ، واعرضوا عن الآيات الكثيرة الدالة على
ثبوت الصفات له ، وأن إثبات أصل المعنى لا يستلزم المماثلة .
ومنها قوله تعالى ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً
فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93)
حيث اشبته على الوعيدية ، ففهموا منه أن قاتل
المؤمن عمدا مخلد في النار ، وطردوا ذلك في جميع أصحاب
الكبائر ، واعرضوا عن الآيات الدالة على أن كل ذنب دون
الشرك فهو تحت مشيئة الله تعالى .
مثال آخر ..
[CENTER]ومنها قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (
الحج:70) حيث اشتبه على الجبرية ، ففهموا منه أن العبد
مجبور على عمله ، وادعوا أنه ليس له إرادة ولا قدرة عليه ،
وأعرضوا عن الآيات الدالة على أن للعبد إرادة وقدرة ، وأن
فعل العبد نوعان : اختياري ، وغير اختياري .
:: الشارح ::
الجبرية فهموا من هذا الاية ان الانسان مجبور على كل ما
يعمل فليس له اختيار >>> كلام الشارح وتركوا أن العبد له
اختيار وأنه له ارادة وله فعل وإنما أخذوا بالجزء الاول وتركوا
الجزء الثاني
:: كلام الشيخ ابن عثيمين ::
[وأما والراسخون في العلم أصحاب العقول ، يعرفون
كيف يخرجون هذه الآيات المتشابهة إلى معنى يتلاءم مع
الآيات الأخرى ،فيبقى القرآن كله محكما لا اشتباه فيه .
[الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه
:: يقول الشارح ::
ربما يأتي سائل ويقول ما الحكمة من المحكم والمتشابه ولماذا
لا يكون كله محكم ليس به تشابه
فالجواب باختصار ..
الحكمة هو الامتحان والاختبار بين المؤمن الصادق الراسخ في العلم ومن
في قلبه زيغ
:: موهم التعارض في القرآن
::
الشارح ::
التعارض في القرآن أن تتقابل آيتان ، بحيث يمنع مدلول
إحداهما مدلول الأخرى ، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشئ
والأخرى نافية فيه .
:: تعليق الشارح ::
..يكون في الاية اثبات وفي الاية الاخرى نفي
وقال الشيخ بن عثيمين ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين
مدلولهما خبري ، لأنه يلزم كون إحداهما كذبا ، وهو مستحيل
في أخبار الله تعالى ،
المدلول الحكميبأن الاية تأمر بشيء وال قال الله تعالى : (
وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)(النساء: الآية 87) (وَمَنْ أَصْدَقُ
مِنَ اللَّهِ قِيلاً)(النساء: الآية 122) ) ولا يمكن أن يقع
التعارض بين آيتين مدلولهما حكمي ؛ لأن الأخيرة منهما
ناسخة للأولى قال الله تعالى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ
بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة: الآية 106) وإذا ثبت النسخ كان
حكم الأولى غير قائم ولا معارض للأخيرة .وإذا رأيت ما يوهم التعارض من ذلك ، فحاول الجمع بينهما ،
فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف ، وتكل الأمر إلى عالمه .
::تعليق الشارح ::
إذا رايت أيتين فيهما تعارض حاول تجمع بينهما
مثل أن تكون الاولى عامة والأخرى خاصة . .
:: الشيخ ابن عثيمينرحمه الله ::
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض ،
بينوا الجمع في ذلك . ومن أجمع ما رأيت في هذا الموضوع
كتاب " دفع إيهام الاضطراب عن أي الكتاب " للشيخ محمد
الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى .
فمن أمثلة ذلك قوله تعالى في القرآن : ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(البقرة:
الآية 2) وقوله فيه : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
هُدىً لِلنَّاس)(البقرة: الآية 185) فجعل هداية القرآن في الآية
الأولى خاصة بالمتقين ، وفي الثانية عامة للناس ، والجمع
بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع ، والهداية
في الثانية هداية التبيان والإرشاد .
ونظير هاتين الآيتين ، قوله تعالى في الرسول صلى الله عليه
وسلم : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (
القصص:56) وقوله فيه ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(
الشورى: الآية 52)
فكيف الجمع ؟
فالأولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين >> ( هداية
الارشاد )
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) (آل عمران: الآية 18) وقوله (وَمَا مِنْ
إِلَهٍ إِلَّا اللَّه)(آل عمران: الآية 62) وقوله :( فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ
إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (الشعراء:213) وقوله : ( فَمَا
أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا
جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)(هود: الآية 101) ففي
الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي
الأخريين إثبات الألوهية لغيره .
والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هي
الألوهية الحق ،وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة ؛ لقوله
تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ
الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج:62) .
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ)(
لأعراف: الآية 28) وقوله (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا
مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (
الإسراء :16) ففي الآية الأولى نفي أن يأمر الله تعالى
بالفحشاء ، وظاهر الثانية أن الله تعالى يأمر بما هو فسق .
:: تعليق الشارح ::
وهنا أمر كوني وامر شرعي ..
ومثله الارادة الكونية والارادة الشرعية
فهنا الجميع بين الآية عدل ..
:: تعليق الشارح ::
والجمع بينهما أن الأمر في الآية الأولى هو الأمر الشرعي ،
تنزل الواحده منهم على الارادة الشرعية
فما أراده الله كونا وقدرا هذه إرادة كونيهوما أراده الله تعالى (( يريد الله ليبين لكم )) هذه إراده شرعيه
وهي المحبة ولا تكون إلا لأهل الايمان ..
والارادة الكونية إرادة عـامة ..
يجمع على الارادة الكونية وعلى الارادة الشرعية ..
انتهى الدرس السابع
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثامن
:: القســم ::
انتهينا في الدرس الماضي من موهم التعارض واليوم
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
القسم : بفتح القاف والسين ، اليمين ، وهو : تأكيد الشيء بذكر مُعَظَّموهو بمعنى الحلف .
وأدواته ثلاث :
الواو والباء والتاء ، والله وبالله وتالله .
إما أن تأتي أداة القسم أو يأتي العامل
أي إما أن يؤتى بالفعل أقسم أو أحلف متعدي بالباء المقسم به ثم يأتي المقسم عليه وهو المسمى جواب القسم .
أمثلة ..
الواو – مثل قوله تعالى : ( فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقّ)(الذريات: الآية 23)
:: تعليق الشارح ::
~ تنبيه ~
العامل بمعنى القسم إما أقسم أحلف .
هنا أتى بأداة القسم الواو .
والمقسم به يأتي بعد أداة القسم ((رب السماء والارض))
والمقسم عليه او جواب القسم (( إنه لحق ))
والعامل محذوف .
وهو القسم .
والباء – مثل قوله تعالى (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) (القيامة:1)
ويجوز معها ذكر العامل كما في هذا المثال ، ويجوز حذفه كقوله تعالى عن إبليس :
(قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (صّ:82) ويجوز
أن يليها اسم ظاهر كما مثلنا ،
اداة القسم : الباء
المقسم به : (( فبعزتك ))والمقسم عليه (( لأغوينهم أجمعين ))
والتاء – مثل قوله تعالى : (تاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ)(النحل: الآية 56)
ويحذف معها العامل وجوبا ، ولا يليها إلا اسم الله ، أو رب مثل : ترب الكعبة لأحجن إن شاء الله .
يذكر معها ويحذف معها في مواضع .
والأصل ذكر المقسم به ، وهو كثير كما في المثل السابقة . وقد يحذف وحده مثل قولك :
أحلف عليك لتجتهدن .
هنا المقسم به محذوف .
أتى العامل وحذف المقسم به .
وقد يحذف مع العامل وهو كثير مثل قوله تعالى : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (التكاثر:8)
يعني ثم والله لتسألن يومئذ عن النعيم
وهذا من بلاغة القرآن .
والأصل ذكر المقسم عليه ، وهو كثير مثل قوله تعالى : (قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُن)(التغابن: الآية 7)
المقسم عليه : لتبعثن .
وقد يحذف جوازا مثل قوله تعالى : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) (ق:1) وتقديره ليهلكن .
أين المحذوف ؟
أداة القسم : الواو .
المقسم به : القرآن المجيد .
المحذوف هو جواب القسم .
وقد يحذف وجوبا إذا تقدمه ، أو اكتنفه ما يغني عنه ،
قاله ابن هشام في المغني ومثل له بنحو : زيد قائم والله ، وزيد والله قائم .
وللقسم فائدتان :
إحداهما : بيان عظمة المقسم به .
مثل (( والليل )) والعصر )) والضحى )) فله ما يقسم بما شاء
وهذا من عظمته .
والثانية : بيان أهمية المقسم عليه ، وإرادة توكيده ،
ولذا لا يحسن القسم إلا في الأحوال التالية :
الأولى : أن يكون المقسم عليه ذا أهمية .
الثانية : أن يكون المخاطب مترددا في شأنه .
الثالثة : أن يكون المخاطب منكرا له .
::
فائدة القسم .. ذكرها الشيخ مناع القطان
في كتابه مباحث علوم القرآن أن يكون مترددا في ثبوت الحكم وعدمه
أن يكون منكرا للحكم
فسمى ابتدائي وطلبي وانكاري
فإن كان الابتدائي يكون ذا أهمية
وإن كان طلبي يكون متردد
وإن كان منكرا له وهو القسم الثالث .
:: القصص::
تعريف القصص والقص لغة في اللغة : تتبع الاثر .وفي الاصطلاح : الإخبار عن قضية ذات مراحل ، يتبع بعضها بعضا .
يعني إخباره عن الامم الماضيه..
القصة على ثلاثة أقسام:
* قسم عن الأنبياء والرسل ، وما جرى لهم مع المؤمنين بهم والكافرين
* - وقسم عن أفراد وطوائف ، جرى لهم ما فيه عبرة ، فنقلة الله تعالى عنهم ،
كقصة مريم ، ولقمان ، والذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ،
وذي القرنين ، وقارون ، وأصحاب
الكهف ، وأصحاب الفيل ، وأصحاب الأخدود وغير ذلك .
*- وقسم عن حوادث وأقوام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ،كقصة غزوة بدر ، وأحد ، والأحزاب ، وبني قريظة ، وبني النضير ،
وزيد بن حارثة ، وأبي لهب ، وغير ذلك .
وللقصص في القرآن حكم كثيرة عظيمة منها :
1بيان حكمة الله تعالى فيما تضمنته هذه القصص
( أي فيها حكمه من الله تعالى )
2بيان عدله تعالى بعقوبة المكذبين ؛ لقوله تعالى عن المكذبين ( بيان عدالة الله )
3 بيان فضله تعالى بمثوبة المؤمنين ؛ لقوله تعالى
( بيان فضله تعالى )
4 تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عما أصابه من المكذبين له
5 ترغيب المؤمنين في الإيمان بالثبات عليه والازدياد منه ،
إذ علموا نجاة المؤمنين السابقين، وانتصار من أمروا بالجهاد ،
6 تحذير الكافرين من الاستمرار في كفرهم7- إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإن أخبار الأمم السابقةلا يعلمها إلا الله عز وجل
هذه من الفوائد والحكم في ذكر القصص ..
وهناك أثر عادة ان الدروس التلقينية والالقائية تورث الملل ولا تستطيع الناشئة
أن تستوعبها ولذا الاسلوب القصصي أجدى وأنفع وأكثر فائدة
وقد قال القطان ويستطيع المربي أن يصوغ القصة القرآن بالاسلاوب الذ ييلائم المتعلمين لكل فترة من مراحل لتعليم وهي خصبه ....فكل مرحلة من مراحل التعليم ...
:: تكرار القصص ::
من القصص القرآنية ما لا يأتي إلا مرة واحدة ،
مثل قصة لقمان ، وأصحاب الكهف ، ومنها ما يأتي متكررا حسب ما تدعو إليه الحاجة ،
وتقتضيه المصلحة ، ولا يكون هذا المتكرر على وجه
واحد ، بل يختلف في الطول والقصر واللين والشدة وذكر بعض جوانب القصة في موضع دون آخر .
مثل قصة موسى عليه السلام تتكرر كثيرا وفي كل موضع يختلف السياق وهذا من بلاغة القرآن
أن تتكرر بأساليب متنوعه .
ومن الحكمة في هذا التكرار ؟
1- بيان أهمية تلك القصة لأن تكرارها يدل على العناية بها .
2- توكيد تلك القصة لتثبت في قلوب الناس .
3- مراعاة الزمن وحال المخاطبين بها ،
ولهذا تجد الإيجاز والشدة غالبا فيما أتى من القصص في السور المكيةوالعكس فيما أتى في السور المدنية .
4- بيان بلاغة القرآن في ظهور هذه القصص على هذا الوجه وذاك الوجه على ما تقضيه الحال
5- ظهور صدق القرآن ، وأنه من عند الله تعالى ، حيث تأتي هذه القصص متنوعة بدون تناقص .
:: الإسرائيليات ::
الإسرائيليات : الأخبار المنقولة عن بني إسرائيل من اليهود وهو الأكثر ،
أو من النصارى .
وتنقسم هذه الأخبار إلى ثلاثة أنواع :
:: الأنواع مع تعليق الشارح ::
الأولى : توافق لما عندنا فنصدقهاوهذا ما أقره الإسلام ، وشهد بصده فهو حق .
2_ أما أن تخالف ما عندنا فنردها
وهذا ما أنكره الإسلام وشهد بكذبه فهو باطل .
مثاله ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها ، جاء الولد أحول ؛ فنزلت : (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ )(البقرة: الآية 223) (2)بين الرسول الله صلى الله أن هذا القول غير صحيح وبين لهم
3_ إما لا تخالف ولا توافق
.وهذاما لم يقره الإسلام ، ولم ينكره ، فيجب التوقف فيه
وهذا ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم : ” بلغوا عني ولو آية ”
إذن جائز ما لم يخشى محذور
مثل أن يتجه الناس إلى القصص ويتركوا الكتاب والسنة
لأن كل شيء يفضي إلى ترك الكتاب والسنة لا يجوز نشره .
وغالب ما يروى عنهم من ذلك ليس بذي فائدة في الدين
( كتعيين لون كلب أصحاب الكهف ونحوه) .
وأما سؤال أهل الكتاب عن شئ من أمور الدين ، فإنه حرام
:: والدليل ::
لما رواه الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ ؛ فإنهم لن يهدوكم ، وقد ضلوا ، فإنكم إما
أن تصدقوا بباطل ، أو تكذبوا بحق ، وإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني " (5).
موقف العلماء من الإسرائيليات
اختلفت موافق العلماء ، ولا سيما المفسرون من هذه الإسرائيليات على ثلاثة أنحاء :
أ- فمنهم من أكثر منها مقرونة بأسانيدها ، ورأي أنه بذكر أسانيدها خرج من عهدتها ،
( من ذكرها مقرونه بأسانيدها حتى يعرف الصحيح منها مثل ابن جرير الطبري )
2 ومنهم من أكثر منها ، وجردها من الأسانيد غالبا ،
أي حذف الاسانيد وأتى بالقصة
فكان حاطب ليل مثل البغوي الذي قال شيخ الإسلام ابن تيميه (7)
عن تفسيره : إنه مختصر من الثعلبي ، لكنه صانه عن الأحاديث
الموضوعية والآراء المبتدعة ،
وقال عن الثعلبي : إنه حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع .
(من جردها من الاسانيد )
ج- ومنهم من ذكر كثيرا منها، وتعقب البعض مما ذكره بالتضعيف أو الإنكار مثل ابن كثير .
د- ومنهم من بالغ في ردها ولم يذكر منها شيئا يجعله تفسيرا للقرآن كمحمد رشيد رضا .
وأكثر من يروي الإسرائليات هم أربعة ..
عبدا الله بن سلام وكعب الاحبار ووهب بن منبه وملك بن عزيز بن جريج .
.
انتهى الدرس
الثامن ..
وغدا درسي الضمير والالتفات .
أم رحمة
29-07-08, 01:01 AM
ومض
زادك الله علما ويقينا وفقها
أتحفتِنا بما قدمته لنا
رفعك الله درجات وزادك من لدنه بركات
الدرس التاسع
::الضمير والالتفات ::
ما هو الضمير ؟
الضمير لغة : من الضمور وهو الهزال لقلة حروفه أو من الإضمار وهو الإخفاء لكثرة استتاره .
الضمير اصطلاحا :ما كني به عن الظاهر اختصارا
وعند النحاة ما دل على مُتكلم كـ أنا ، أو مُخاطب كـ أنت ،أو كـ غائب كـ هو .
والشيخ عرفه بمعنى آخر
وقيل : ما دل على حضور ، أو غيبة لا من مادتهما.
أي لا نقول حضر أنه ضمير دلالة حضر على الحضور
فالدال على الحضور نوعان : .
أحدهما : ما وضع للمتكلم مثل : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّه)(غافر: الآية 44) .
الثاني : ما وضع للمخاطب مثل : (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ )(الفاتحة: الآية 7) .
وهذان لا يحتاجان إلى مرجع اكتفاء بدلاله الحضور عنه .
والدال على الغائب ، ما وضع للغائب . ولابد له من مرجع يعود عليه .
:: تعليق الشارح ::
إذن الضمير بمعنى أنه ما كني به عن الظاهر اختصارا
أو تقول
ما دل على مُتكلم كـ أنا ، أو مُخاطب كـ أنت ،أو غائب كـ هو .
:: جزئية مهمة جدا ً ::
والأصل في المرجع أن يكون 1 . سابقا على الضمير . لفظا ورتبه مطابقا له لفظا ومعنى مثل : (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ )(هود: الآية 45) .
:: تعليق الشارح ::
الاسم الظاهر يسبق الضمير بحيث يكنى به بعد ذكره (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ )فالاسم الظاهر
هنا سبق الضمير فكلمة (ربه) الهاء ضمير عائد إلى نوح عليه السلام
وقال أن يتقدم لفظا ورتبة
اللفظ المقصود به كلمة نوح أن تلفظ والرتبه أن يكون فاعل .
الاصل أن الاسم الظاهر يتقدم الضمير لفظا وفي الرتبة يكون متقدم عليه
كأن يكون الاسم الظاهر فاعل وما بعده مفعول به .
فالفاعل مقدم على غيره .
ثم قال لفظا ومعنى ، بأن يكون مفرد مذكر والضمير أيضا مفرد
نادى نوح : مذكر
ربه : الضمير هاء وأيضا مذكر .
وقد يكون مفهوما من مادة الفعل السابق مثل : ( اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى )(المائدة: الآية 8) .
:: تعليق الشارح ::
فالضمير كلمة هو عائدة إلـى اعْدِلُوا .. العدل أقرب للتقوى ..
::توضيح ::
الرتبة : المقصود بها الدرجة .
درجة الفاعل أعلى من درجة المفعول به
وقلنا أن الاصل أن الاسم الظاهر يتقدم الضمير في اللفظ وفي الرتبة
والمثال كان
(ونادى نوح ربه )
رتبة نوح في موضع الفاعل متقدمة على رتبة ربه المفعول به
الاصل أن الاسم الظاهر يتقدم الضمير
::::
2 وقد يتقدم الاسم في اللفظ دون الرتبة
وضرب مثالا و(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ ربُه)(البقرة: الآية 124)
2. أن يسبق لفظا لا رتبه يتقدم الاسم الظاهر الذي هو ابراهيم لكنه لا يتقدم رتبه لأنه في محل مفعول به .
لأن المبتلي الله والمبتلى إبراهيم عليه السلام .
وقد يتأخر إما لفظا أو رتبه .
فهنا في الرتبه الذي تقدم الضمير أي كتابة والطالب متأخر لأنه هو الفاعل .
وقد يسبقه رتبة لا لفظا (يعني يتأخر الاسم الظاهر ) لكنه يبقى على رتبته
مثل : (حمل كتابه الطالب ) .
فهنا تأخر الطالب في اللفظ ولكنه بقي في رتبته .
اللفظ أن يكون الاسم الظاهر ملفوظ في المقدمة والضمير متأخر عنه هذا بالنسبة للفظ
في الرتبة أن يكون الضمير هو الفاعل ويكون الضمير والمفعول به فيكون الاسم الفاعل هو المتقدم
أو يكون الإسم الظاهر متأخر والضمير متقدم فيكون متأخر لفظا
وقلنا أن الاصل أن الاسم الظاهر يتقدم الضمير في اللفظ وفي الرتبة
(وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ ) نوح تقدم لفظا وتأخر رتبه
3. وهناك لا يوجد تقديم أو تأخير فقط يُفهم من السياق
لقوله تعالى : ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد)(النساء: الآية 11) فالضمير يعود على الميت المفهوم من قوله : (مما ترك ) .
إذا تعددت الضمائر فمرجعها واحد ___ ( قاعدة )
وقد لا يطابق الضمير معنى مثل : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين(12)
ثم جعلناه نطفة)(المؤمنون 12،13) فالضمير يعود على الإنسان باعتبار اللفظ ،
لأن المجعول نطفة ليس الإنسان الأول .
:: تعليق الشارح ::
الهاء في كلمة جعلناه تعود على الإنسان لأنه أقرب مذكور
مفهوم السياق : (( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين )) الذي هو آدم عليه السلام ،
(( ثم جعلناه نطفة )) أي جعلنا الإنسان الذي هو سلالة آدم
جعلناه نطفة (باعتبار اللفظ ، لأن المجعول نطفة ليس الإنسان الأول ).
وإذا كان المرجع صالحا للمفرد والجمع جاز عود الضمير عليه بأحدهما مثل : ( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً)(الطلاق: الآية 11
:: تعليق الشارح ::
فكلمة يُدْخِلْهُ وكلمة خَالِدِينَ فِيهَا
مرة ذكر يُدْخِلْهُ بالمفرد ، ومرة خَالِدِينَ فيها بالجمع ،وبالمرة الثالثه أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً فهذه ثلاثة ضمائر وهي صالحة للمفرد والجمع .
يُدْخِلْهُ الضمير عائد إلى الله تعالى
خَالِدِينَ فِيهَا تعود إلى الجنة
قد أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً أقرب مذكور للضمير هو الله الله سبحانه وتعالى
( قاعدة ) فالضمير يعود إلى أقرب مذكور .
والأصل اتحاد مرجع الضمائر إذا تعددت مثل : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى(5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى(6)
وهو بالأفق الأعلي (7)ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى(8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى(9)
فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى(10)(النجم:5-10)
هنا عندنا عدة ضمائر .
هذه الضمائر حملت على جبريل عليه السلام
ولكن الآية الاخيرة ، (( فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى )) ،
أي أوحى الله تعالى إلى عبده جبريل ،
ومنهم لم يحمل كل الضمائر إلى جبريل وإنما فصل في بعضها .
فضمائر الرفع في هذه الآيات تعود إلى شديد القوى وهو جبريل .
( قاعدة ) الضمائر إذا كانت متعددة ترجع الى واحد إلا بدليل
:: يقول الشارح ::
هذه مهمة ولكن حتى للذي يفسر القرآن التثبت من الضمير
ولابد أن يكون عنده فهم لهذه الضمائر .
(والأصل عود الضمير على أقرب مذكور) هذه قاعدة
يعني لما يأتينا ضمير ننظر إلى ما قله من الاسماء فأقرب أول اسم يأتينا
أو أول في الرجوع الضمير يعود عليه
إلا في المتضايفين فيعود على المضاف ؛ لأنه المتحدث عنه
مثال أول : (وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيل)(الإسراء : الآية 2) .
جعلناه : أرجعناها إلى المتحدث.
كلمة الهاء لا تعود إلى الكتاب وإنما تعود إلى المتحدث
وهنا لم نرجعها إلى أقرب للمذكور خلاف للقاعدة
ومثال الثاني ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا )(إبراهيم: الآية 34) .
:: تعليق الشارح ::
هنا ما أرجعنا كلمة لا تحصوها إلى الله لأنها مؤنثة
ولكن أرجعت إلى نعمة ولم ترجع إلى أقرب مذكور ..
الإظهار في موقع الإضمار
الأصل أن يؤتى في مكان الضمير بالضمير لأنه
أبين للمعنى وأخصر للفظ ،
فهنا مرجع الضمير قرابة إلى عشرين اسم ظاهر بقوله تعالى ( أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما )(الأحزاب 135) عن عشرين كلمة المذكورة قبله ، وربما يؤتى مكان الضمير بالاسم الظاهر وهو ما يسمى ( الإظهار في موضع الإضمار ) .
وله فوائد كثيرة ، تظهر بحسب السياق منها :
الأصل أن يؤتى في مكان الضمير بالضمير ،
ولكن قد يخالف بأن يؤتى بالاسم الظاهر في مكان الضمير .
الأصل أن يؤتى في مكان الضمير بالضمير لماذا ؟
لأنه1_ أبين للمعنى 2_وأخصر للفظ ،
ولهذا ناب الضمير بقوله تعالى ( أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما )(الأحزاب 135) فكلمة له نابت عن عشرين كلمة المذكورة قبله ، وربما يؤتى مكان الضمير بالاسم الظاهر وهو ما يسمى ( الإظهار في موضع الإضمار ) .
وله فوائد كثيرة ، تظهر بحسب السياق منها :
مثال : ذهب محمد إلى منزل محمد وأخذ من كتب محمد
بدل أن يقول ذهب محمد إلى منزله وأخذ من كتبه
فيتبعها بضمائر ويتبعها بأسماء ظاهرة
لماذا الإظهار في موقع الإضمار .قال له فوائد
1- الحكم على مرجعه بما يقتضيه الاسم الظاهر .
يعني الاسم الظاهر له فائدة من ذكره وله حكم من هذا الذكر
2- بيان علة الحكم .
وهو أن العله ما دل عليه الاسم الظاهر
3- عموم الحكم لكل متصف بما يقتضيه الاسم الظاهر .
4_ تنبيه لأن السياق يقتضي الاضمار هو الأصل والإظهار ينبه القارئ
وهذا يسمى الاضهار في موضع الإضمار
مثال :
مثال ذلك قوله تعالى : ( من كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ)(البقرة: الآية 98) ولم يقل فإن الله عدو له ،
فأفاد هذا الإظهار :
1- الحكم بالكفر على من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل .
2- إن الله عدو لهم بكفرهم .
3- أن كل كافر فالله عدو له .
4_ أن يجري مجرى السياق .
مثال آخر : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) (الأعراف:170) ولم يقل أنا لا نضيع أجرهم ،
لم يقل أجرهم وإنما جعل الإضهار في موضع الإظمار
فأفاد ثلاثة أمور :
1- الحكم بالإصلاح للذين يمسكون الكتاب . ويقيمون الصلاة .
2- أن الله آجرهم لإصلاحهم .
3- أن كل مصلح وله أجر غير مضاع عند الله تعالى .
وقد يتعين الإظهار ، (يعني يكون الأظهار متعين لابد منه ) كما لو تقدم الضمير مرجعان ،
يصلح عوده إلى كل منهما ( إذا كان عندنا مرجعان للضمير لا واحد فهنا يتعين أن يظهر )
والمراد أحدهما مثل : اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانة ولاة أمورهم ، إذ لو قيل : وبطانتهم ، لأوهم أن يكون المراد بطانة المسلمين .
مثال عن ما سبق :
ذهب محمد وخالد إلى بيته .
هنا بيت من محمد أو خالد ؟
فقال هنا يتعين الضمير
ذهب محمد وخالد إلى بيت خالد فهنا يتعين الإظهار ليعلم بيت من
حتى لا يكون فيه جهل ببيت من ذهبوا إليه .
وهنا نفس المثال اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم (وقال )
وبطانة ولاة أمورهم ( ولم يقل وبطانتهم ) ، إذ لو قيل : وبطانتهم ،
لأوهم أن يكون المراد بطانة المسلمين
(اللهم أصلح للمسلمين ) هذا المرجع الاول
(وولاة امورهم) المرجع الثاني
( وبطانة ولاة أمورهم )
هذا أظهر في موضع الاضمار
لأنه لوقال وبطانتهم لفهم أنها بطانة المسلمين وليست بطانة ولاة الأمور
فتعين أن يذكر ولاة أمورهم حتى لا يلتبس الامر .
قاعدة ( إذا خيف الالتباس يحول الكلام إلى ما فيه التباس )
هذا كان الضمير المتصل .
::إذا ضبطت القواعد فهذا يعتبر مكسب من هذا الدرس ::
ضمير الفصل
يخالف ضمير الاتصال
ضمير الفصل : حرف بصيغة ضمير الرفع المنفصل يقع بين المبتدأ والخبر إذا كانا معرفتين
ويكون بضمير المتكلم كقوله تعالى : (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا )(طـه: الآية 14)
وقوله (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) (الصافات:165) نحن
وبضمير المخاطب كقوله تعالى : ( كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِم)(المائدة: الآية 117)
وبضمير الغائب كقوله تعالى : (وأولئك هم المفلحون) وله ثلاثة فوائد :
وله ثلاثة فوائد :
الأولى : التوكيد ، فإن قولك : زيد هو أخوك أوكد من قولك : زيد أخوك .
الثانية : الحصر ، وهو اختصاص ما قبله بما بعده ، فإن قولك المجتهد هو الناجح يفيد اختصاص المجتهد بالنجاح .
ثالثا : الفصل :أي التمييز بين كونه ما بعده خبرا ، أو تابعا ، فإن قولك : زيد الفاضل يحتمل أن تكون الفاضل صفة لزيد ، والخبر منتظر ، ويحتمل أن تكون الفاضل خبرا ،
وإذا قلت : زيد هو الفاضل ، تعين أن تكون الفاضل خبرا ، لوجود ضمير الفصل .
الالتفات
الالتفات : تحويل أسلوب الكلام من وجه إلى آخر ، وله صور منها :
وهو إما المتكلم : أنا ونحن .....
والمخاطب : أنت وأنتم ....
الغائب : مثل هو وهي وهم
فهنا سيأتي تغير الخطاب من أسلوب إلى أسلوب وهذا له صور .
سنكمل يوم الخميس إن شاء الله
والمعذرة إن كان أي خطأ .
وبالتوفيق
الدر المنثور
29-07-08, 11:30 PM
بارك الله فيك وفتح عليك ويسر لك امرك حبيبتى ومض
ومض..
هل هناك ماهو أعظم من الدعاء في ظهر الغيب؟
لا أملك غيره,وأراه عظيما
لم ولن اتردد في في إرسالها إليك
سائله الملوى قبولها
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس العاشر
والأخير ..
الالتفات : تحويل أسلوب الكلام من وجه إلى آخر ، وله صور
منها :
1_الالتفات من الغيبة إلى الخطاب
كقوله تعالى .. ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*مَالِكِ
يَوْمِ الدِّينِ* إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(الفاتحة) فحول الكلام من
الغيبة إلى الخطاب في قوله : إياك .
:: تعليق الشارح ::
وإلا الكلام تقديره الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك
يوم الدين نعبده ونستعين ولكن هنا صيره إلى إياك كأنه بهذا
صار حاضرا أمامك وهو حضور القلب .
2_الالتفات من الخطاب إلى الغيبة
( حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ )(يونس: الآية 22) فحول
الكلام من الخطاب إلى الغيبة بقوله وجرينا بهم .
:: تعليق الشارح ::
الكلام ( حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ ) ، لكنه حول
الخطاب أو حول الكلام من الخطاب إلى الغيبة .
( حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ ) هذا الخطاب متوجه لمن يقرأ
ولما حول الخطاب ( وَجَرَيْنَ بِهِمْ ) تحول الكلام الآن وصارت
الاوصاف لا تتوجه إلى المسلمين ولا إلى المخاطبين .
وقيل من الحكمة كراهة أن يتصف المخاطبون بما يأتي من
السياق ومثلوا له (( عبس وتولى * أن جاءه الاعمى * وما
يدريك لعله يزكى )
3- الالتفات من الغيبة إلى التكلم : كقوله تعالى (وَلَقَدْ أَخَذَ
اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً)(المائدة:
الآية 12) فحول الكلام من الغيبة إلى التكلم في قوله وبعثنا .
:: تعليق الشارح ::
(( وبعثنا )) وهذه إشارة إلى عظمة الله سبحانه وتعالى
وعظمة وسلطانه وأنه هو الذي يبعث الرسل .
فبالاولى قال ، ( وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَبَعَثْنَا .. ))
))
4- الالتفات من التكلم إلى الغيبة ، كقوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ
الْكَوْثَرَ(1)فَصَلِّ لِرَبِّكَ ) فحول الكلام من المتكلم إلى الغيبة
بقوله : لربك .
:: تعليق الشارح ::
(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(1) )) فصل لنا وإنما قال ((فصل لربك ))
وهذه اشارة أن الله منحك هذه من الربوبيه الخاصة بك .
:: فوائد الالتفات ::
يعني ما الفوائد من الالتفاتات التي تحصل :
1- حمل المخاطب على الانتباه لتغير وجه الأسلوب عليه .
:: تعليق الشارح ::
يعني إذا كان القارئ يقرأ ثم تغير اسلوبه هذا يجعل القارئ ينتبه
لما يقرأ ويتفكر لماذا تحول الاسلوب فهذا يجعل القارئ منتبه
لما يقرأ .
2- حمله على التفكير في المعنى ، لأن تغيير وجه الأسلوب ،
يؤدي إلى التفكير في السبب .
:: تعليق الشارح ::
يعني يقول لماذا تغير الاسلوب من الغيبة إلى الخطاب أو العكس
3- دفع السآمة والملل عنه ، لأن بقاء الأسلوب على وجه
واحد ، يؤدي إلى الممل غالبا .
،
وهذه الفوائد عامة للالتفات في جميع صوره أما الفوائد الخاصة
فتتعين في كل صورة ، حسب ما يقتضيه المقام .
:: تعليق الشارح ::
مثل لما قلنا . ((فصل لربك وانحر )) فيه اشاره لأختصاص
النبي صلى الله عليه وفي اشارة قبلها لتعظيم الله .
فكل التفات خاص له صور تختص له صور تختص مثل ما
تقدم ( عبس ) كراهية أن يخاطب الرسول صلى الله عليه
وسلم بالفضاضه .
كل واحده من الالتفاتات لها فائده تخص بها ولكن هذه الفوائد
الاربع للإلتفات بشكل عام .
وختم المؤلف رسالته بالالتفات . وكأنه يشعرنا أن نلتفت إلى
شيء آخر وهذا من براعة الاختتام وهو يؤتى به في نهاية
الكلام ليعلم أن المؤلف يتلفت فيه إلى غيره .
والله أعلم
،
وصلي الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
وتم و لله الحمد رب العالمين . .
انتهى ولله الحمد والمنه
وجزى الله خير الجزاء شيخنا الفاضل
ورفع الله قدره في الدارين
بارك الله فيك وفتح عليك ويسر لك امرك حبيبتى ومض
الدر المنثور
وجزاك ِ الله بالمثل أخيتي
وبارك فيك ِ دمتي بحفظ الرحمن ..
،
ومض..
هل هناك ماهو أعظم من الدعاء في ظهر الغيب؟
لا أملك غيره,وأراه عظيما
لم ولن اتردد في في إرسالها إليك
سائله الملوى قبولها
طيف ..
أخجلتيني يا غالية وأسأل الله الذي جمعنا في هذه الدنيا الفانية
أن يجمعنا ثانية في الجنة ، اللهم آمين
جزاااك ِ الله عني كل خير وأسأل الله لك التيسير في الاختبار ..
ودمُتي في حفظ الله ورعايته ..
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2024, Developed By uaedeserts.com