المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدرس الخامس " الإيمان بالغيبات " مفرغ


مفكرة إسلامية
11-01-08, 12:44 AM
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- ورضي الله عن صحابته والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

بعون الله وتوفيقه نستأنف الدرس كالمعتاد في عرض بعض الأسئلة:

أولا: سنعرض سؤالا واحدا على الإخوة المشاهدين، وتردنا الأجوبة كالمعتاد.

هذا السؤال هو ما الأصل في أسماء الله وصفاته وأفعاله، وما الدليل الذي يحكم هذه القاعدة، أو أورد دليلا يحكم هذه القاعدة من كتاب الله -عز وجل-؟

أما الأسئلة الأخرى فأعرضها على الإخوة الطلاب الحاضرين، وأولها:

ذكرنا في الدرس الماضي في موضوع القدر، وذكرنا مراتب القدر التي لا يتم الإيمان بالقدر على الوجه الذي يرضي الله -عز وجل- إلا بها، كم هذه المراتب، وما هي؟ نعم تفضل.

مراتب القدر أربعة: العلم: أن الله علم الأمور، ثم الكتابة: إن الله كتبها في اللوح المحفوظ

كتب مقادير كل شيء

ثالثا: المشيئة: أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، رابعا: الخلق: أن الله خالق كل شيء.

أيضا أورد سؤالا آخر يتعلق بالإيمان باليوم الآخر، الإيمان باليوم الآخر يشمل أمورا تكون في الدنيا، ما هي؟

تشمل أشراط الساعة مثل: الإيمان بنزول عيسى -عليه السلام- والمسيح الدجال، وأشراط الساعة المذكورة

لماذا ألحقت باليوم الآخر؟

لأنها تتقدم هذه

لأنها مقدمات؛ ولذلك سميت أشراط الساعة، وهي آخر الدنيا.

بسم الله الرحمن الرحيم، يقول ضيفنا الكريم (عاشرا: الإيمان بما صح الدليل عليه من الغيبيات: كالعرش، والكرسي، والجنة، والنار، ونعيم القبر وعذابه، والصراط، والميزان، وغيرها دون تأويل شيء من ذلك)

نعم، هذه قاعدة الإيمان بالغيب، والإيمان بالغيب تدخل فيه أمور الإيمان الأخرى السابقة: الإيمان بالله، وملائكته؛ لأن الملائكة غيب، وكذلك اليوم الآخر، وسائر المغيبات، يعني بمعنى: أن أركان الإيمان الستة تضمنت أصولا عظيمة من أصول الغيب، لكن الإيمان بالغيب لا ينحصر في أركان الإيمان أو بعض أركان الإيمان، بل الغيب يشمل كل ما أخبر الله به، وأخبر به رسوله -صلى الله عليه وسلم- فيما صح عنه من أمور المغيبة، والأمور المغيبة على نوعين: منها أمور مغيبة تحدث في الدنيا من أمور مستقبلية أو حتى ماضية لكن انقطعت أخبارها عن الخلق، مثل ما جاء في قصص كثير من النبيين على الوجه السليم الصادق، لا على ما وري في التاريخ مما دخله من حكايات وكذب.

إذًا الجانب الأول هو الغيبيات التي غابت عنا في الدنيا من أخبار السالفين، وأيضا من الأخبار المستقبلية، ومنها أشراط الساعة.

النوع الثاني: الغيب الذي هو غائب عن الدنيا، أو لا يتعلق بحياة البشر وهو أيضا على صنفين:

الصنف الأول: ما يتعلق بالغيبيات الكونية الكبرى التي لا علاقة لها مباشرة بحياة الإنسان، مثلما يتعلق بأخبار السماوات، وأخبار والعرش، والكرسي، والأمور التي هي موجودة حاليا في الدنيا، لكنها أيضا فوق مدارك البشر، ولا تتعلق بحياة البشر المباشرة.

النوع الثاني: الغيبيات التي تتعلق باليوم الآخر، وأيضا هذه الأمور كلها تسمى الإيمان بالغيب؛ لأنها غائبة عن المدارك، بل حتى غائبة عن العقول تفصيلا، تفصيلاتها غائبة عن العقول وعن المدارك، كل المدارك: الحواس الخمس، وغير الحواس، لا تدركها حتى الوسائل العلمية الحديثة؛ ولذلك وساستعجل هذه المسألة؛ لأهميتها؛ لذلك ظن بعض الناس أن ما أدركته العلوم والكشوف العلمية الحديثة مما هو غائب عن البشر أنه نوع من الاطلاع على الغيب، وهذا خلاف القاعدة الشرعية، كل ما أدركه البشر، وما سيدركونه في مداركهم العلمية التجربية الحسية أو غير الحسية التي تنبنى على قطعيات، هذه أمور كلها مما لم يكن غيب في علم الله -عز وجل- لكنه غائب عن بعض البشر، لم يكن غائبا عن آخرين، غائب عمن سبقونا اكتشفه المعاصرون، وربما تحدث كشوف أخرى كثيرة جدا لا تخرق الإيمان بالغيب، بل هي نوع مما أطلع الله به عباده، لكن الغيب الخالص لا يمكن الاطلاع عليه؛ ولذلك جاءت هذه القاعدة: أن على المسلم أن يسلم ابتداء بأنه مؤمن ومصدق بكل ما صح به الدليل، والدليل نوعان :

أولا: القرآن، والقرآن كله صحيح.

وثانيا: ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فالذي يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- منها ما يصح، ومنها ما لا يصح، فما صح بأسانيد صحيحة صار من الدليل الذي يجب الإيمان بمدلوله.

وعلى هذا ما صح به الدليل هو القرآن، وما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بسند صحيح من جميع الغيبيات المذكورة في السابقة واللاحق في الدنيا والآخرة في الأرض وفي ملكوت السماوات، وما أخبر الله به مما فوق ذلك؛ لأن الله -عز وجل- أخبر من الغيبيات ما هو فوق السماوات: كالكرسي، والعرش، وهي مخلوقة؛ ولذلك جاء ضرب المثل بالعرش وهو أعظم المخلوقات التي جاء خبرها عن الله –تعالى- وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو محيط بالمخلوقات وهو عرش الرحمن، والله -عز وجل- أشار إلى العرش إشارات كثيرة: منها ما يتعلق بصفات الله -عز وجل- وهو قوله - سبحانه وتعالى -: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴿5﴾ ﴾[طه: 5]، واستواء الله يليق بجلاله، ينبغي أن لا يفسر بلوازم المحدثات، وأعنى بذلك أن كثيرين خاضوا في مسألة الاستواء بغير علم، واستواء الله على عرشه على ما يليق بجلاله، العرش مخلوق، الله -عز وجل- ليس بحاجة إلى مخلوق؛ فاستواء الله على مايليق بجلاله، العرش -والكرسي دون العرش-، والكرسي أيضا محيط بالسماوات وهذا بالنسبة للغيييات التي هي عوالم من عوالم الكون مخلوقات من مخلوقات الكون موجودة ليست تتعلق بالمستقبليات، هناك نوع آخر من الغيبيات كما أشرت في أول حديثي، وهو الغيبيات المستقبلية ومنها الجنة والنار، والجنة والنار لها حالتان:

الحالة الأولى: وجودهما الآن، فلا شك أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن، لكن ليس على الهيئة الكاملة التي يكون عليها يوم القيامة بعد أن ينقسم الناس إلى سعيد إلى الجنة -نسأل الله أن يجعلنا جميعا منهم- وإلى شقي إلى النار، قبل أن ينقسم الخلق فالجنة والنار موجودتان الآن وبعد الآن، وكذلك مما يمثل به على الغيبيات ما يتعلق بالحياة التي بين حياتين حياة الإنسان إذا مات -وتسمى الحياة البرزخية- وقبل أن يبعث، هذه تسمى الحياة البرزخية؛ لأن البرزخ الشيء الذي يكون بين شيئين: كالجسر، فالحياة البرزخية تتمثل بالقبر، والقبر أيضا وردت فيه غيبيات كثيرة، وأحوال عجيبة جدا، ومشاهد مروعة في القبر قبل القيامة، من ذلك نعيم القبر -نسأل الله أن يجعلنا من المنعمين وجميع المستمعين وجميع المسلمين نعيم القبر- فالنعيم هذا له أحوال ورد ذكرهها تفصيلا ثبتت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيجب الإيمان بها كما وردت دون عرضها على مقاييس البشر، ولا على مقررات العقول؛ لأن العقول لا تعقل إلا مدركاتها، وأحوال البرزخ خارجة عن مدركات العقول، فنعيم القبر جاءت فيه تفاصيل يجب الإيمان بها، وعذاب القبر نسأل الله العافية كذلك جاءت فيه تفاصيل، وكل ميت لا بد أن يخضع لإحدى هاتين الحالتين، اللهم إلا ما ورد في الشهداء، وهذا فيه خلاف، هل يعني هذا أنهم لا يعيشون حياة البرزخ؛ لأنهم في حوصل طير في الجنة، أو أنهم يعيشون حياة البرزخ، لكن لهم حال أعظم وأسعد من غيرهم، الله أعلم هذا أمر غيبي ما جاء فيه -فيما أعلم- ما يقطع به، إذًا البشر كلهم خاضعون لهذه الاعتبارات وهذه الغيبيات.

ثم بعد ذلك ما بعد القبر وهو داخل في الإيمان باليوم الآخر، وفصلناه في الدرس الماضي، فلا نطيل فيه، وهو إجمالا البعث النفخة الأولى، والنفخة الثانية: الصعق والبعث والنشور والحساب، و الحساب يتخلله الصحف والميزان، ثم بعد ذلك الصراط والحوض -حوض النبي -صلى الله عليه وسلم- نسأل الله جميعا أن يجعلنا ممن يردونه، ونحو ذلك هذه أمثلة فقط.

كل ما ورد من غيبيات يجب الإيمان به، ثم مما ينبغي معرفته أن هناك قواعد للإيمان بالغيبيات: القاعدة الأولى: أن نعلم أنها حقائق وليست مجرد أمثلة أو تخييلات أو مجرد تصوير أو تمثيل، بل هي حقائق، وأن هذه الحقائق أيضا غائبة عن المدركات لا يمكن أن تقاس بغيرها من المدركات، ولا يقاس بها غيرها؛ ولذلك الذين استعملوا القياس هلكوا وهم صنف من الخراصين، الذين ذكرهم الله –تعالى- وتوعدهم ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11) ﴾[الذاريات:10]، بل القول في الغيبيات بغير ما ثبت به الدليل هو قول على الله بغير علم، والله -عز وجل- نهى عن ذلك وأرشدنا بقوله - سبحانه وتعالى -: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)﴾[الإسراء: 36]، بل أيضا يدخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم – لما تجادل بعض الصحابة في بعض الآيات التي تتعلق بالغيب والقدر قال: (أبهذا بعثتم؟ أبهذا أمرتم؟ تضربون آيات الله بعضها ببعض) قال: (فما علمتم منه؛ فاعملوا به، وما لم تعلموا؛ ردوه إلى عالمه، قولوا: الله أعلم) ولذلك ميز الله المؤمنين بالغيب، لماذا تميزوا؟ لأنهم سلموا تسليم المذعن لله، المسلم الموقن، والمصدق بخبر الله، وخبر رسوله -صلى الله عليه وسلم- تسليم المبصر، لا تسليم الأعمى؛ لأن الذي يسلم التسليم الأعمى هو الذي يقلد الآخرين من المخلوقين، أما الذي يسلم لله –تعالى- فهذا تسليمه مبصر، هذه البصيرة، لماذا أقول هذا؟ لأن بعض المفتونين، وبعض قليلي الإيمان، أو من عندهم شبهات: يظنون أن التسليم للغيبيات نوع من الحجر على العقل، وأنه نوع من التقليد والتسليم غير الرشيد، وهذا كله وهم، نعم، التسليم للمخلوقين فيما لاطاقة لهم به ولا علم لهم به نوع من التقليد الأعمى المذموم، لكن التسليم لله -عز وجل-، والتسليم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خبره هذا هو الإيمان بالغيب الذي امتدح الله المؤمنين به وميزهم عن غيرهم، المؤمنون بالغيب ميزوا عن غيرهم، ومن أعظم ما ميزوا به الإيمان بالغيب.

ثم بعد ذلك هذه الأمور يجب الإيمان بها دون تأويل ولا تحريف، ما معنى دون تأويل؟ يعني بمعنى لا نبحث لها عن معان تصرفها عن حقائقها، ما دمنا قلنا: أن مقتضى التصديق لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- أن نعلم أن كلام الله حق، وأن خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- حق، فمعنى ذلك أن هذه الغيبيات هي حق على حقيقتها على حسب علم الله -عز وجل- فيها، كيفياتهما مما لا يعلمها إلا الله فهي حق، إذا كانت حق؛ فإذًا هي لا تقبل التأويل؛ لأن التأويل هو صرف معاني الألفاظ والكلمات من معانيها وحقيقتها المباشرة إلى حقائق أخرى متوهمة أو متصورة أو يلجأ إليها عندما يصطدم الإنسان بحقائق الواقع، بينما أمور الغيب لا تصطدم بأمور الواقع، فلا نحتاج فيها إلى تأويل، إذًا لا تأول يعني لا تصرف معانيها إلى معان مظنونة محتملة كما يعمل أهل التأويل، ونضرب لهذا مثالا: الله -عز وجل- أخبر عن نفسه - سبحانه وتعالى –بأنه على العرش استوى، نحن نؤمن بهذا؛ لأنه حق على ما يليق بجلال الله -عز وجل- ولا نزيد على ما ورد في الشرع، فلا يجوز أن يتوهم شخص: أن الاستواء نظرا؛ لأنه متعلق بالعرش، والعرش مخلوق، إذًا لا بد أن نأوله بأن نقول: إن الاستواء هو الاستيلاء، هو الهيمنة، هو السلطان، نعم، هذه المعاني هي من لوازم الاستواء، فلا شك أن الله -عز وجل- مهيمن، ورب، ومالك - سبحانه وتعالى – لكن أيضا لا بد أن نؤمن أن الاستواء لله –تعالى- على عرشه حقيقة تليق بجلاله وكماله ليست كاستواء المخلوق.

ومن هنا نستبيح ونؤمن بالحق كما ورد، ونخلص من أوزار التأويل التي هي نوع من القول على الله بغير علم، التخرص الذي هو من لوازم التأويل: اللوازم الباطلة.

أيضا أريد أن أنبه لأمر مهم: هو أنه عندما نقول: بأن الغيبيات حق من حقائها لا يعني أنا لا نؤمن بلوازمها، بعض الناس يظن أن السلف، وأهل السنة إذا قالوا بحقائق صفات الله -عز وجل- وأسمائه كما يليق بجلال الله، وحقائق الغيبيات أنهم يجمدون على النص، ولا يؤمنون باللوازم والمعاني التي تدل على سياقات، والتي جاء إثباتها من خلال ورود النص، لا يؤمنون بهذا وذاك، يثبتون حقيقة الغيبيات وما يلزم ذلك من اللوازم الضرورية التي تلزم من الإيمان بهذه الأمور.

الحادي عشر (الإيمان بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم – وشفاعة الأنبياء والملائكة والصالحين وغيرهم يوم القيامة، كما جاء تفصيله في الأدلة الصحيحة)

هذا تفصيل بعد الإجمال، الشفاعة من الغيبيات، بعض الناس يظن أن الشفاعة من الحقائق الاجتهادية العلمية القائمة على البحث والنظر، لا، الشفاعة قضية غيبية جاء بها الخبر، ولها شروط جاءت عن الله –تعالى- وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم – والمقصود بالشفاعة: أن أناسا يوم القيامة بوساطة الغير، وهذا الأمر الذي هو الشفاعة مشروط بشروط أهمها: أن يأذن الله –تعالى- للشافع أيا كان حتى نبينا - صلى الله عليه وسلم – وهو أعظم الخلق وأزكاهم وأفضلهم لا يمكن أن يشفع إلا بعد أن يستأذن ربه -عز وجل- ثم يأذن له، وكذلك الباقين، إذًا الشفاعة هي الوساطة التي تكون يوم القيامة لبعض الخلق بشروطها: أول شرط لها: أن يأذن الله -عز وجل-، وثاني شرط: أن يكون المشفوع له ممن تقررت لهم الشفاعة، أي من المسلمين، فلا شفاعة لغير مسلم؛ لأن الله -عز وجل- ذكر عن غير المسلمين ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾[المدثر: 48]، وهذه قاعدة قطعية مجمع عليها قد يرد سورة واحدة جاء بها النص، وليست شفاعة كاملة، إنما شفاعة جزئية، وهي شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم – لعمه -وهو مشرك- أن يخفف عنه من عذاب جهنم، نعوذ بالله من جهنم، هذه الشفاعة الوحيدة التي كانت لمشرك، أم البقية فإن الله -عز وجل- شدد بالشفاعة بقاعدة يقينية، إذًا أن يكون المشفوع له ممن يستحقون الشفاعة بألا يكون من المشركين من الكافرين، بأن يكون في أصله مؤمن.

الشفاعة أنواع: أولها: شفاعات النبي - صلى الله عليه وسلم – وتجمع؛ لأن بابها واحد، بعض الناس يظن أنه إذا قلنا الإيمان بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم – يعني ذلك أنها واحدة، لا، شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم – تدخل فيها صور، أولها شفاعته للخلائق يوم القيامة أن يفصل الله بينهم القضاء، وهذا ورد فيه حديث طويل في الصحيح وعجيب، وهذا الحديث تضمن مشاهد من مشاهد يوم القيامة فعلا توقظ القلوب الحية؛ ولذلك أوصي إخواني جميعا أن يراجعوا مثل هذه الأحاديث التي امتلأت بالعبر والعظات، والتي توقظ القلب وتجعله قريبا من الله -عز وجل- يحبه ويتقيه ويخشاه.

هذه الشفاعة شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم – العظمى والكبرى هي أعظم الشفاعات وذلك أن البشر يوم القيامة يحشرون طويلا في يوم عصيب: تدنوا منهم الشمس، ويرون جهنم تزفر أمامهم، ويشاهدون من المشاهد المروعة، لولا أن الله كتب عليهم ألا يموتوا لماتوا، ويكون الحشر طويلا طويلا جدا، ثم بعد ذلك يموج بعضهم في بعض يبحثون عن من يشفع لهم أمام الله -عز وجل-؛ لأن الباري - سبحانه وتعالى – يغضب هذا اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، فالبشر أمام الله - سبحانه وتعالى – لما استبانت لهم الحقيقة، ورأو أنهم فرطوا في دنياهم بأعمالهم، لم يكن لهم على الله -عز وجل- وجه بأن يقولوا أو يطلبوا؛ فراحوا يطلبون من أقرب ولاية إلى الله، فظنوا أن آدم ما دام أبو البشر فهو الذي أليق بالشفاعة، فذهبوا إليه، فاعتذر، فذهبوا إلى إبراهيم، فاعتذر، وذهبوا إلى موسى وعيسى ونوح قبل ذلك، ثم عند عيسى -عليه السلام- فقال اذهبوا إلى محمد - صلى الله عليه وسلم – فإنه عبد قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فوصف النبي - صلى الله عليه وسلم – بالعبودية؛ لنعلم أن العبودية عزة وليست ذلة، لكن عبودية للخلق فعلا إذلال، أما العبودية لله فهي تمام العز؛ ولذلك أعظم مقام شرف الله به نبيه - صلى الله عليه وسلم – هو عبوديته لله العبودية الكاملة.

النبي - صلى الله عليه وسلم – مما يدل على أن الشفاعة لا تكون إلا بإذن؛ ما نسي حق ربه -عز وجل- بل استشعر هيبة الله وعظمة الله، فراح يدعو طويلا يستأذن ربه -عز وجل- في أن يأذن له بالشفاعة يسجد تحت العرش، ويدعو طويلا، ويدعو الله بمحامد يلهمه الله إياها، حتى يقول له الله: يامحمد ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، وهذا هو والله المقام العظيم، والوسيلة التي وعد الله بها نبيه - صلى الله عليه وسلم – وهذا المقام المحمود، مع أنه قد يدخل فيه غيره أيضا، الشاهد أن هذه أعظم شفاعة، أن يشفع النبي - صلى الله عليه وسلم – للخلائق في أن يفصل الله بينهم القضاء، ثم تتوالى شفاعات للنبي - صلى الله عليه وسلم – شفاعاته لأهل الكبائر، شفاعاته لأهل الجنة أن تعظم درجاتهم فيها، شفاعاته لأناس استوت حسناتهم وسيئاتهم إلى آخره.

النبي - صلى الله عليه وسلم – له شفاعات حسب ما ثبت في النصوص، ثم يشفع النبيون، ثم تشفع الملائكة، ويشفع الصالحون والمؤمنون، وورد لبعض أفراد الناس والأحوال شفاعات: فالقرآن له شفاعة لأصحابه القراءة، والصيام له شفاعة، وكذلك الشهداء إن ثبت النص لهم شفاعة، أطفال المؤمنين لهم شفاعة الذين يموتون هم وأهلهم على الإسلام.

إذًا الشفاعات تكون لمن أذن الله لهم، ولا تكون إلا للمؤمنين الصالحين، كما جاء تفصيله في الأدلة الصحيحة؛ ولذلك لا يجب أن ندعي بشفاعة لم يرد بها الشرع لماذا؟ لأن الشفاعة هي إذن من الله -عز وجل- لا يمكن أن نفترضها من أنفسنا، أو أن نقول على الله فيه بغير علم، أو ندعي أن هناك لأحد من الخلق شفاعات لم تثبت، نعم الشفاعات المطلقة ثابتة بمعنى شفاعات النبيين، لكن كيف تكون شفاعات المؤمنين، لكن كيف تكون؟ الله أعلم، شفاعات الصالحين كيف تكون؟ الله أعلم، لا نفترض لها صورا ونحد لها حدودا الآن؛ لأنها غيبية وتحدث يوم القيامة، ثم إن هذه الشفاعات يجب ألا تفتح بابا للجوء إلى المخلوقين في الحياة الدنيا أحياء أو أمواتا؛ لأن الشفاعات إنما تكون يوم القيامة.

(الثاني عشر رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة في الجنة، وفي المحشر حق، ومن أنكرها، أو أولها فهو زائغ ضال، وهي لم تقع لأحد في الدني)

نعم، هذه أيضا من المقامات العظيمة والتي يتطلع لها المؤمن ويتشوق إليها، وهي أيضا من الأمور الغيبية التي يجب أن لا نزيد فيها على ما ورد في الشرع، وهي أعظم النعيم الذي وعد الله به عباده: رؤية المؤمنين لربهم في الجنة بأبصارهم، كما يليق بجلال الله، ونسأل الله أن يمتعنا جميعا بذلك.

رؤية المؤمنين لربهم أعظم النعيم ما يدانيها شيء؛ لأن الله -عز وجل- وصفها بذلك؛ ولأنها أيضا معلوم أمرها بالضرورة، يعني: لا يعقل أن يتصور إنسان أن هناك أعظم نعيم من التمتع برؤية الله -عز وجل-؛ ولذلك الله -عز وجل- وصفها بمثل هذه الأوصاف، قال - سبحانه وتعالى -: عن المؤمنين الذين يدخلون الجنة ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)﴾[ق: 35]، ما يشاءون فيها هل تحد بحد؟ ما تحد بحد، كل ما يمكن يتمناه المؤمن في الجنة من النعيم يكون ويحدث له؛ لأن الله وعد بذلك، لكن هناك ما هو أعظم ما لا يتطلع إليه قبل أن يعده الله به، وهو ما وعده الله به وهو الرؤية.

ثم بعد ذلك أيضا قال الله -عز وجل- ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾[يونس: 26]، وقال - سبحانه وتعالى – ممتنا على المؤمنين ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) ﴾يعني بهية مستبشرة ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) ﴾ [القيامة: 22:23]، بعد أن نضرت بأعماله الصالحة، ونجت وزكت، متعها الله بالنظر إلى وجهه الكريم، نسأل الله أن يجعلنا ممن يتمتعون بذلك.

فإذًا رؤية المؤمنين لربهم في الجنة من الحقائق التي تواترت بها النصوص، طبعا هي غيبية؛ ولذلك الذين استعملوا عقولهم في الخوض في هذه الأمور وقعوا في هلكة؛ لأنهم قالوا: يعقل، ما يعقل إلى آخره من أمور هم أصلا في عافية منها، وقاسوا رؤية الخالق -عز وجل- على رؤية المخلوقين، قالوا: لا يمكن هذا؛ لأنه يترتب على الرؤية كذا، ويلزم منها كذا، لوازم بعضها حق، ويثبت لله -عز وجل-؛ لأن مما قالوه: قالوا يلزم من إثبات الرؤية إثبات الجهة لله -عز وجل- سبحان الله- ماذا تقصدون بالجهة؟ هذا كلام مجمل، الجهة نحن لا نجعلها وصفا لله، ولا نقول بها حتى نفصل،إن قصدتم بالجهة العلو، نعم، المؤمنون يرون ربهم من فوقهم، كما هو نص حديث النبي - صلى الله عليه وسلم – فلماذا تنزعجون من الحق؟ ولماذا تقولون: هذا يلزم الجهة؟ العلو كمال، وكل عاقل يدرك بعقله وفطرته وبجميع المقاييس الحس والمشاهدة ومقاييس الفكر والعقل: أن العلو كمال، أليس كذلك؟ إذًا لماذا يتهيبون إثبات العلو لله -عز وجل-؛ ولذلك نفوا الرؤية زعمًا منهم أنها يلزم منها الجهة، وهربوا من إثبات العلو الثابت لله –عز وجل-.

إذًا الرؤية حق، لكن لا نتكلم فيها بأكثر مما ورد به النص، كيف تكون؟ هذه أمور لا يجوز أن نخوض فيها؛ لأنها تطلع إلى الغيب المحجوب الذي لا يعلمه إلا الله -عز وجل- خاصة فيما يتعلق بالله -عز وجل- بذاته وأسمائه وصفاته أفعاله، والرؤية هذه أمور متعلقة بالله يجب على المسلم أن يتهيب ويتورع أن يخوض فيها، أو حتى أن يفتح لنفسه باب الأسئلة والإشكالات، إن جاءته وساوس أو خواطر عارضة سيدفعها الإيمان بإذن الله، وإلا يسأل أهل العلم، لعل الله -عز وجل- أن يفتح عليه جوابا ينقذه من الوساوس، أما أن يبتدأ ابتداء بالتوهمات، فهذا من الخطأ.

قال: وفي المحشر الرؤية نوعان كلها يوم القيامة، الرؤية في الجنة ذكرتها، الرؤية الثانية: رؤية جاءت مجملة لم تفصلها النصوص، وتبقى كذا نؤمن بها إجمالا: وهي أن الناس يرون ربهم في المحشر، وثبت في النصوص كيف؟ -الله أعلم-، ولم يرد من التفصيل بالرؤية في المحشر، كما ورد من التفصيل في الرؤية في الجنة، ولذلك نقف على النصوص؛ لذلك يجب معرفته: أن الرؤية لا تكون إلا يوم القيامة، سواء في المحشر، أو في الجنة، وعلى هذا لا يجوز، ولا يمكن أن يرى ربه بعينه في الدنيا، ولذلك الله -عز وجل- لما قال له موسى يعني: طلب الرؤية، قال الله -عز وجل- لن تراني تأبيد الحياة، ولا يعني التأبيد إلى ما بعد الحياة، تأبيد الحياة الدنيا؛ لأن الله -عز وجل- لا يحكم سننه الكونية -ما بعد الدنيا- لا يحكمها شيء، هذه العبارات تحكم حياة الناس والزمان الذي نعيش فيه إلى قيام الساعة، لن تراني يعني: في الدنيا، وكذلك كل الخلق لا يمكن أن يرى أحد ربه بعيني رأسه، نعم، قد يقال النبي - صلى الله عليه وسلم – لما عرج به هل رأى ربه بعين رأسه؟ إن كان رأى فهذه خصوصية، فالنبي - صلى الله عليه وسلم – خصه الله -عز وجل- بأمور كثيرة لا تكون لغيره.

لكن الراجح أن نبينا محممد - صلى الله عليه وسلم – لم يرَ ربه بعين رأسه، إنما رآه رؤية قلبية فؤادية الله أعلم بها.

مفكرة إسلامية
11-01-08, 12:48 AM
هناك مسألة متفرعة عن هذا يقع فيها الإشكال، هل يمكن لأحد أن يرى ربه في المنام؟ أنا أطرح السؤال على الإخوة الحاضرين.

لا، لا يمكن صريح الآية تدل: إذا كان نفى على الحياة التي هي أوضح صورة، فمن باب أولى في المنام؛ لأن الشيطان ربما يشوش على الإنسان في منامه

نعم، جوابك له وجه، وبقي وجه آخر، هذا الجواب صحيح، إذا قصدنا بالرؤية الرؤية الحقيقة الرؤية العينية، الرؤية الحقيقية لا يمكن أن تكون لا في المنام، ولا في اليقظة في الدنيا، لكن رؤية أحلام هذه أحلام، يعني بمعنى: أن إنسان يرى شيئا يأتيه في المنام أنه رأى ربه، هذا حلم وليس بحقيقة، ثانيا: أن هذه أمثال تضرب؛ ولذلك الناس إذا بالغوا في أمر غير حقيقي، قالوا: هذا حلم، أليس كذلك يقصدون غير واقع، غير حقيقي؛ فلذلك إذا كان أحد ادعى أنه رأى في المنام شيئا ظن أنه الله، نقول: لن ترى الله على الحقيقة، إنما هي أمثال ضربت لك أحلام حتى ولا رؤية؛ لأن الرؤيا الصادقة لا تكون إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم – ولذلك قال النبي: (رأيت ربي البارحة) هذه خاصة به، أما ما يراه البقية من الناس فهي أمثال تضرب، والأحلام ليست حقيقة؛ ولذلك لا نستطيع أن نحجر على أحد إذا توهم في حلم من الليل أنه رأى شيئا ظن أنه ربه، هذه مسألة ليست حقيقة، فلا نتجادل فيها.

الثالث عشر (كرامات الأولياء الصالحين حق، وليس كل أمر خارق للعادة كرامة، بل قد يكون استدراجا، وقد يكون من تأثير الشياطين والمبطلين، والمعيار في ذلك موافقة الكتاب والسنة أو عدمه)

سبق الحديث عن هذا في الدرس الماضي عندما تحدثنا عن كرامات الأولياء والرؤى الصالحة والفراسة، وأجمل ما ذكرته هناك بإيجاز، هو أن كرامات الأولياء قد تكون من باب الرؤى، وقد تكون من باب الفراسة، وقد تكون خوارق أخرى، ومعنى ذلك: أن الله -عز وجل- قد يكرم بعض عباده بكرامات يتهيأ لهم أمور غير معتادة عند الناس، هذه الأمور أحيانا تكون معنوية وهو الغالب، وأحيانا تكون حسية أيضا، قد ينفتح على الإنسان من الأشياء المنغلقة التي عادة لا تحدث، قد تحدث له، هذا راجع إلى قدرة الله -عز وجل- لكن هذه الخوارق أيضا لا تكون كرامات إلا إذا كانت لمؤمن صادق صالح توافرت فيها شروط الكرامة بمعنى: لا تتعارض مع الكتاب والسنة، ولا تؤدي إلى بدعة، ولا تؤدي إلى محرم وفواحش الأمور، ورزائل الأخلاق لا تؤدي إلى الكذب، ولا إلى الظلم، ولا إلى الخيانة إلى آخره.

فالكرامة إذا كانت تسير في موكب الخير للشخص أو للأمة، قصدي الخارق للعادة إذا كان يحقق الخير الذي جاء به الإسلام، فهو كرامة لكن أيضا أحيانا قد يكون سبب للاستدراج، فلا يغتر المؤمن بذلك، ينبغي إذا رأى شيئا فيه قرائن الكرامة؛ فليحمد الله، ولكن لا يغتر إياه، والغرور هذه الأمور أحيانا تلتبس فيها عبث الشياطين، والجن بالكرامات، فتكون بعض الخوارق من باب الفتن، ويظنها صاحبها كرامة.

القاعدة الأخيرة

المؤمنون كلهم أولياء الرحمن، وكل مؤمن فيه من الولاية بقدر إيمانه

نعم، هذه قاعدة عظيمة، المسلمون المؤمنون كلهم لهم حقوق لماذا قلنا: المؤمنين؟ لأن المؤمن أخف من المسلم؛ لأن الإسلام أحيانا يكون مجرد الخضوع الظاهر للدين؛ فيدخل فيه المنافق، ونظرا لأن هذه أمور لا يعلمها إلا الله -عز وجل- فالذي يجمع الصالحين من المؤمنين المسلمين الوصف الذي يجمعهم هو الإيمان، فعلى هذا نقول: المؤمنون هم المسلمون الذين شهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتحقق فيهم ولو أدنى الإيمان، ومن هنا يخرج المنافق الخالص، لا أقصد الذي فيه خصلة من النفاق، من هنا يخرج المنافق الخالص، فتبقى القاعدة للمؤمنين من عنده أدنى ذرة من الإيمان، فيبقى له هذا الحق، وهو الولاية لله -عز وجل- فكل مؤمن فيه من الولاية لله -عز وجل- بقدر ما فيه من الإيمان والاستقامة، فمن زاد إيمانه واستقامته والتزامه لدين الله وشرعه؛ زادت ولايته لله، ومن نقصت نقصت، ومن اختلت اختلت، لكن لا يعدم المؤمن من وجود ولاية بقدر إيمانه، ولو قلت قد يقول قائل: هل الفساق والفجار وأهل البدع فيهم ولاية لله؟ نعم: إذا كان عندهم شيء من الإيمان الصادق لله -عز وجل- شيء من محبة الله، ومحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم – والتزام واجبات الإسلام وفرائضه، ففيهم من الولاية بقدر ما فيهم من هذا الخير، وإن كان عندهم فسق وفجور؛ لذلك يأتي العكس أن كل إنسان تنقص ولايته، كل مؤمن تنقص ولايته بقدر ما يرتكب من المخالفات، فإن نقص إيمانه نقصت ولايته إن عمل الفسق والفجور والمعاصي نقصت ولايته، ولكن لا تنعدم، وعلى هذا فكل مؤمن فيه من الولاية بقدر إيمانه، ومسألة الولاية هذه غير مسألة الولاء والبراء، مسألة الولاء والبراء نتيجة، مسألة الولاية أصل، لأن الولاية تلزم كل مؤمن الولاء والبراء سيأتي الكلام عنه، الولاء والبراء عبارة عن استثمار اعتقادي وسلوكي لهذا الإيمان عند المؤمن؛ ولذلك نأجل موضوع الولاء والبراء؛ لأنه لا يدخل في هذا الموضوع، وإن كان من لوازمه، فإذًا أعود وأقول؛ لأن هذه المسألة تكون خفية على كثير من المشاهدين، كل مؤمن ممن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وهو على أصل الإسلام، كل مؤمن من هؤلاء له من الولاية لله بقدر إيمانه، فمتى ما نقص الإيمان، أو سواء كان الإيمان علمي أو عملي أو اعتقادي نقصت الولاية، ومتى ما زاد زادت؛ ولذلك قد يكون المؤمن من خلص أولياء الله، إذا كان موفي قائما بالفرائض، قائما بالواجبات، آمر بالمعروف، ناهٍ عن المنكر، منته عن المحرمات، ملازم للاستقامة بقدر استطاعته، انظر الاستقامة مشروطة بالاستطاعة، إذا كان ملازما للاستقامة بقدر الاستطاعة فهو بإذن الله من أولياء الله، فالولاية الخالصة تحدث في مثلما وصف النبي - صلى الله عليه وسلم – وأختم الدرس بذلك فيما وصف النبي - صلى الله عليه وسلم – الأولياء بقوله عن الله -عز وجل- بقوله: (ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت بصره التي يبصر به، وسمعه الذي يسمع به، ويده التي يبطش به، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه) لكن هذا لمن يحصل؟ أصحاب الدرجة العالية، نعم، كل مسلم يستطيع أن يتطلع إلى هذا ويصل إليه، إذا بذل الأسباب؛ ولذلك يجب على المسلم دائما أن يسعى إلى مثل هذا المقام، وهو والله ليس بصعب بل يسير، بل هو طريق أمن وسعادة، وطريق هناء وطريق سهل جدا، لكن يحتاج إلى عزيمة وترويض للنفس، فمن عزم وروض نفسه واستقام على دين الله على ما شرعه الله وشرعه رسوله - صلى الله عليه وسلم – فبإذن الله يصل إلى هذه الولاية بسهولة، أسأل الله للجميع التوفيق و السداد.

أعيد السؤال الذي قلتم فيه: ما الأصل في أسماء الله وصفاته وأفعاله، وما الدليل الذي يحكم هذه القاعدة من كتاب الله -عز وجل-؟

أجاب: الأصل إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم – من غير تمثيل ولا تحريف ولا تكييف ولا تأويل، والدليل قوله تعالى ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11)﴾ [الشورى آية: 11] وأجاب آخر: الأصل ما أثبته الله لنفسه، وأثبته له نبيه -صلى الله عليه وسلم- من غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل، والدليل قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴿11﴾ ﴾[الشورى آية: 11]

الإجابات كلها متشابهة، ولعلنا نستغني بهذا، ويدل هذا على قوة متابعة، لكن هناك ملاحظة: على الجواب في استعمال كلمة تجسيم، نعم، الله -عز وجل- ينبغي ألا يوصف بالجسم المخلوق -تعالى الله-، لكن ينبغي في مثل ما سبق كما قلت في أول الدرس وأكرر هذا إذا أردنا أن نقرر الدين، نقرر العقيدة، أن نلتزم ألفاظ الشرع الله –تعالى- قال: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ فكلمة تجسيم لا شك أنها منفية إذا قصد بها الجسمية المعهودة عند البشر، لكن أحب أن أنبه أن كثيرا من المبطلين، وأهل الأهواء، وأهل الابتداع والافتراق الذين أولو صفات الله، أو نفوها، أو شكوا فيما ثبت لله زعموا: أن إثبات الأسماء والصفات تجسيم زعموا: أن إثبات ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسول - صلى الله عليه وسلم – تجسيم، حتى قالوا: بأن قوله -عز وجل- ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾[المائدة: 64]، تعالى الله، هذا كلام الله كيف تقولون تجسيم؟ إذًا كلمة تجسيم نظرا لأنها مصطلح أريد به عند بعض المبطلين نفي ما أثبته الله لنفسه، فإذًا ينبغي أن نتفاداها ونرجع إلى الكلمة الجامعة تشمل التجسيم وغيرها وهي التمثيل.

تلتبس عند بعض الناس خاصة في تقدم الطب في الوقت الحاضر أنهم يستطيعون تحديد نوعية جنس الجنين في بطن أمه في المراحل الأولى، وأن علم الأجنة من علم الغيب كيف يوفق بين هذا؟

الحقيقة ظهرت كشوف حقيقة في الطب وغيره تقدمت في كشف بعض الأمور المغيبة عن أجدادنا وعن البشرية السابقة فيما نعلم، والبشرية مرت ببعض الحضارات القديمة ربما تكون وصلت إلى مثل هذه الكشوف أو قريب منها، لكن حسب ما نعلم أنه الآن كشفت أشياء من الأمور التي كانت مغيبة عن السابقين لم تكن معروفة، فأولا: كل ما يكشف بالوسائل العلمية الثابتة فليس من الغيب، ولم يكن من الغيب من قبل، كان غائبا عن ناس ولم يكن من الغيب الخالص؛ لأن الغيب غيبان: غيب غائب عن بعض المخلوقات، ولم يغب عن البعض الآخر، فهذا ليس هو الغيب المقصود في الكتاب والسنة، والدليل على هذا أن هناك أمور مغيبة عنا نحن البشر، لكنها داخلة في مدركات الجن، وهناك أمور غائبة عن البشر وعن الجن، لكنها داخلة في مدركات الملائكة، فهي ليست غائبة عن صنف من المخلوقات لكن غائبة عن صنف آخر، فهذه قد لا تكون من الغيب الخالص، أيضا ما يتعلق بمثال واحد وهو كون الله - سبحانه وتعالى - يعلم ما في الأرحام هذا واضح، لكن هل جاء النفي القاطع بأن البشر لا يعلمون ما في الأرحام، ما جاء، فيجب أن تفسر النصوص على ضوء الحقائق العلمية، ولا يمكن أن تتنافى الحقائق العلمية مع نصوص الشرع أبدا، إنما أفهامنا هي التي قد تقصر أحيانا.

فعلى هذا ما أشار الله -عز وجل- إليه: أنه يعلم ما في الأرحام، فلا يعني: أن الله لا يطلع عباده إذا توافرت وسائل العلم على بعض ذلك، ومع ذلك تبقى نسبة من العلم مما في الأرحام لا يعلمها إلا الله، نسبة منها أن ما في الأرحام هذا مطلق لا يتعلق بأفراد النساء أو المسألة الفردية عند المرأة، ما في الأرحام أحيانا يدخل فيه الأمور التي تتعلق بالأرحام في المستقبل والله أعلم.

إذًا لا بد أن تبقى نسبة من الغيب محجوبة ولو ضئيلة، والعلماء المختصين يعترفون بذلك.

فعلى هذا الكشوف العلمية التي كشفت شيئا مما يظنه الناس في الغيب هو لم يكن من الغيب المحجوب الخالص، الغيب الخالص الذي يتعلق بملكوت السماوات والأرض، مالم يجعل الله للبشر عليه سبيلا، ما يتعلق بالعرش بالكرسي يتعلق باليوم الآخر، هذه أمور من الغيب الخالص، وهذا أمر لا يمكن أن يكشف إلا بما ورد به الدليل، إذًا أعود وأقول؛ لأن هذا السؤال مهم ما ينكشف للناس بالعلوم التجريبية، وبالعلوم الحديثة من الأمور التي يظن الناس أنها من الغيب، ليس هو من الغيب الآن، وأصبح جانب الغيب جانب آخر غير ما وصلوا إليه، ولا شك والله أعلم.

ممكن أجاوب على السؤال: إثبات ما أثبته الله لنفسه، وأثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم – من غير تأويل ولا تكييف، ونفي ما نفاه الله عن نفسه من، أو نفاه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم – من غير تمثيل ولا تعطيل، كما قال تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾[الشورى: 11]، مع الإيمان بمعاني النصوص ومادلت عليه، وأرجو التعليق على إجابتي

هل صحيح أن المسلم إذا كان في الجنة، ورأى أخيه في النار، فإن المسلم يطلب من الله أن يشفعه في هذا الذي في النار، فيشفع فيه؛ فيخرج من النار؛ لأنه هذا من زيادة النعيم؟

على أي حال هذا داخل في عموم ما ورد به النص من أن المؤمنين يشفعون شفاعة عامة وخاصة، يعني الرجل الصالح يشفع لمن شاء لأهل الكبائر الذين دخلوا النار، هذا معنى ثبوت الشفاعة، وفعلا هذا ثابت، لكن هل ثبت لأعيان أو كذا، هذا ما ورد به النص، ورد النص إجمالي أنه كما يشفع الأنبياء والملائكة، يشفع المؤمنون، نعم، يشفعون لمن في النار ممن استحقوا النار لذنوب تقتضي تطهيرهم ثم خروجهم منها، نعم هذا في الإجمال.

رؤية الناس لله - سبحانه وتعالى – في المحشر هل هي عامة أم للمؤمنين؟

على أي حال الرؤية وردت بنصوص مجملة، رؤية الناس في المحشر، والمتأمل للنصوص يجد أن الرؤية وردت على سياقات، السياق الأول: أن جميع البشرية يرون ربهم، جميع الثقلين، أو الناس أهل المحشر، كلهم مؤمنهم وكافرهم يرون ربهم رؤية لم تفسر، هل رؤية حقيقية، هل هي عينية -الله أعلم-.

ثم بعد ذلك يراه المؤمنون ويراه معهم المنافقون، وهذا نكاية بالمنافقين؛ لأنهم إذا رأو أن الله -عز وجل- أطمعهم في الرؤية ظنوا أنهم لا يزالون يخادعون يخادعون الله، فيكون هذا أشد للنكاية بهم، ثم في المحشر نفسه تكون الرؤية الأخيرة للمؤمنين فقط، ويحتجب الله عن الكافرين والمنافقين؛ لأنهم كما قال الله -عز وجل- : ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ﴾[المطففين: 15]، هذا هو الظاهر من سياقات النصوص.

يسأل عن الحديث (ما منكم إلا ويرى ربه ليس بينه وبينه ترجمان)

ما ورد عن الكلام بين الله والإنسان يكلمه كفاحا ليس بينه وبينه ترجمان، لكن هل يتضمن هذا الرؤية أو لا يتضمن، ليس هناك دليل يقيني، ورد فعلا أن الله –تعالى- يكلم كل واحد من عباده ويكلمه كفاح ليس بينه وبينه ترجمان، لكن هل يلزم من ذلك الرؤية، أو لا يلزم فيه دلائل على أنه تكون معها رؤية لكن ليست قطعية، تبقى المسألة محتملة ليست من الأمور اليقينية.

تسأل عن الموحد إذا ارتكب بعض الذنوب

الموحد إذا ارتكب بعض الذنوب، أو قدر الله له أن يعذب في النار فهو يخرج -بإذن الله عز وجل- بشفاعة الشافعين: أولا: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم – لأهل الكبائر ثم شفاعات المؤمنين وغيرها، أيضا إذا كان قصدها كما فهمت من السؤال: الذي يخرج من النار من الذين عذبوا هل يتمتعون بالرؤية نقول نعم، النصوص تدل على أن هذا لجميع أهل الجنة، الرؤية لجميع أهل الجنة المتقدم منهم والمتأخر حتى من طهر في النار، ثم دخل الجنة فيما بعد فهو، بإذن الله يشمله نعيم الرؤية.

المسلم الموحد إذا عمل بعض الذنوب -وسبحان الله- وضعه الله في نار جهنم على حسب ذنوبه؛ ليعاقبه، فهل الإنسان إذا أمر بأخذه ووضعه في ماء الحياة ودخل الجنة، فهل يرى الله - سبحانه وتعالى –مثل المؤمنين الذين دخلوا الجنة؟

الظاهر أنها عامة، لكنها للمؤمن خفيفة، وتكون لمن يستحق أشد من ذلك.

ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم – أن للقبر، ضمة فهل هذه الضمة لجميع المسلمين؟ السؤال الثاني: بالنسبة للصراط هل ورد أن الصراط أنه واسع، أم ورد أنه أدق من الشعرة؟

ما ثبت أن الصراط رفيع دقيق، أما السعة ليس عندي منها عد، وأظنه لم يرد ذلك، وأظنه لا يتنافى مع كونه كالشعرة، إذا كان الطول على متن جهنم هذا يعني أنه طويل، لكنه من حيث السمك فهو رفيع جدا، كحد السيف وكالشعرة.

هل تفسير قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾[آل عمران: 77]، بأن معناها لا يرحمهم، ولا يحسن إليهم، هل تعطيل وتأويل لصفة النظر التي أثبتها الله –تعالى- لنفسه، علما بأن هذا التفسير منتشر على هوامش مصاحف التجويد.

على أي حال هذا هو المقصود من السياق؛ لكنه لا ينبغي حصر المعنى عليه، ﴿ وَلَا يَنْظُرُ﴾ إليهم تشمل أن الله لا يبالي بهم، وأنه -عز وجل- يعاقبهم، لكن أيضا تشمل ما هو أوسع من ذلك؛ لأنهم قد يتمتعون برؤية ربهم -عز وجل- وبمعنى أن الله -عز وجل- لا يرعاهم الرعاية التي يستحقها غيرهم، من جميع وجوه الرعاية ليست محصورة فقط بنوع من الرعاية، وإلا فعلا هذا السياق بأن الله –تعالى- لا يعطيهم الرعاية التي تكون لغيرهم.

هل صحيح أن الشهيد يشفع لسبعين من أهله وجبت لهم النار، وحامل القرآن يشفع لعشرة وما الدليل؟

أما الشهيد فالراجح أن الدليل صحيح فيه، وعلى هذا فإن شاء الله فهذا ثابت بأنه يشفع لسبعين، أما ما يتعلق بالشق الثاني فلا أعلم له أصلا.

كيف يشفع الطفل المتوفى لأبيه؟

الشفاعة جاءت مجملة شفاعة الأطفال لأبيهم، وهم لما يمسكون بآبائهم يوم القيامة سيرحم الله الآباء، يمسكون بهم ويتشبسون فيرحم الله -عز وجل- الآباء والأمهات بأطفالهم، لكن بشرط أن يكون من المؤمنين، بمعنى أن الكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين، وردت مجملة ولا أعرف أنها فصلت في النصوص.

في عقيدة أهل الكتاب بعض الأمور الغيبية توافق الأمور الغيبية عندنا، كيف يوفق طالب العلم بين ذلك؟

إذا اعتقدوا بعض الحق الذي عندنا، لا يمنع هذا أن يكون حق عندهم؛ لأن الذي ورد أن كتب أهل الكتاب حرفت لكنها لا تخلو من شيء من الحق؛ ولذلك النبي - صلى الله عليه وسلم – ذكر أن روايات أهل الكتاب، روايات بني إسرائيل لا تصدق ولا تكذب، بمعنى إنه ثبت أنها كاذبة، فهو أمر مفروغ منه، وإن ثبت أنها صادقة لكنها ما لم يثبت هذا ولا ذاك تبقى خاضعة للنظر المنهجي، ما وافق الحق عندنا فهو حق، وإن قالوا به، وما لم يوافق الحق فيرد، فعلى هذا أقول نعم قد يكون بعض الأخبار والأصول والأمور التي يؤمن بها أهل الكتاب قد توافق الحق عندنا، فلا يعني ذلك أننا نكذب كل ما يقولون.

ما الدليل على رؤية الله في المحشر؟

ورد في صحيح مسلم وغيره أن الله -عز وجل- يتجلى للخلق فيقول: أنا ربكم، فيقولون: ليست ربنا، ثم بعد ذلك يتجلى مرة أخرى، فيقول: أنا ربكم، فيقول: نعم، فيقولون نعم في الصورة التي يعرفونه فيها، يعني ورد السياق أحاديث صحيحة في صحيح مسلم وغيره وسياق الحديث طويل، ورد على عدة وجوه، وعلى عدة ألفاظ، فهو ليس حديث محتمل إنما لم يرد في هذا الأحاديث دليل قطعي على الرؤية البصرية التامة بالعين الباصرة، كما يقولون في الجنة.

سؤال: ماذا يفعل من يأتيه شك في العقيدة، وأحيانا يأتيه أثناء الصلاة والقراءة، وهل هذا يفسد من إيمانه مع العلم بأنه لا ينقص من أفعاله الصالحة، ولكن تؤثر على نفسه بالحزن على نفسه، وظنه أنه منافق؟

على كل حال الحمد لله مادام الإنسان باكٍ على عمل الصالحات، فمعنى هذا أن الخواطر والهواجس لم تبلغ الحد الذي يطلبه الشيطان، وهذا الحال يدل على أن صاحبة الحال وأمثالها، لا يزالون إن شاء الله أن عندهم أصل إيمان، ويدفعون هذه الوساوس ويؤجرون عليها لكن أحب أن أوصي من يشعر بهذا الشعور بأمور أولها: أن يتفقه فيها على عالم أو طالب علم، أو من خلال الأشرطة والدروس المهيئة الآن عبر الوسائل، ويتعمق فيها من أجل أن يكون عنده يقين فيها بالدليل؛ فتزول أسباب هذه الوساوس.

الأمر الثاني: يجب أن يكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ويكثر تعلق قلبه بالله -عز وجل- بكثرة التسبيح والتهليل وعمل الصالحات، فلا يبقى للشيطان منفذ أن يورد في الخاطر هذه الأمور.

الأمر الآخر: إذا كان الأمر وصل إلى حد أن الإنسان ينزعج ويؤثر هذا على حياته، ويكدر صفو الحياة عليه، وهذا يوجد عند بعض الناس، فأخشى أن تكون هذه بوادر وسواس مرضي، فينبغي أن يعالج نفسه بالرقية والعلاج الطبيعي عند الأطباء النفسيين، يعني عندهم من الوسائل والتشخيص ووصف العلاج يخفف هذه الأمور، أو يلغيها، وأرجو أن لا يتساهل عندما يشعر بذلك، ولا أظن أن التداوي يتنافى مع الأخذ بالأسباب الشرعية، وهذا وهم يشعر به كثير ممن عندهم، مثل هذه الأوهام والوساوس والخواطر، ويظن أن هذا عيب أيضا، وهذا كله خطأ، فهذه امتحان من الله -عز وجل- وابتلاء ويؤجر عليها الإنسان لمدافعته لهذه الأمور يؤجر عليها؛ فينبغي أن يحتسب ويعلم أنه بذلك مأجور عند الله، ثم يتداوى؛ الرسول - صلى الله عليه وسلم – يقول (تداووا عباد الله) فيبذل مع الأسباب الشرعية من الرقية والأوراد والأذكار والتسبيح ومجالسة الصالحين والعلم الشرعي وما يصرف القلب عن هذه الأمور أيضا، يتداوى التداوي الطبيعي العلاج المادي فهو مطلوب؛ لأن الإنسان يجب أن يوفر ما يريحه في عبادة الله، ويصفي عليه ذهنه؛ لأن لا يشغله الشيطان بهذه الأوهام فيجب،أن تأخذ الأمور بهذا التدرج، إذا أمكن علاجها بالاسباب الذاتية والشرعية بها، ونعمت إذا ما أمكن فلا بد من مراجعة الطبيب.

سؤالي بخصوص الذين ارتكبوا المعاصي في الخمر وسماع الأغاني، هل هم محرومون في الجنة عند دخولها؛ لأن الله –تعالى- قال: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَ﴾[الأحقاف: 20]،

مرتكب المعاصي مصيره الجنة يعني: المسلم إذا ارتكب مهما ارتكب من الذنوب مالم تكن ردة أو شرك ما لم يخرج من الملة مهما ارتكب من الذنوب فإن مصيره الجنة لكن على التفصيل التالي:

المؤمن إذا مات على كبيرته يعني: مات وهو على كبيرته لم يتب، أما إذا تاب قبل موته فلا شك -إن شاء الله- أن الأصل أن الله تاب عليه فيما نعلم ظاهرا، والله أعلم بالسرائر، لكن إذا مات على كبيرة أو كبائر فسق فجور بدع غيرها إذا مات على هذا فهو يوم القيامة تحت مشيئة الله -إن شاء الله غفر له- وقد يكون ذلك بأسباب، وقد يكون بمحض مشيئة الله ورحمته وعطفه - سبحانه وتعالى – وإن شاء عذبه بمعنى أن يدخل النار لتطهيرهه من المعاصي، أما إذا دخل النار فإنه يخرج منها حتما؛ لأن مصيره إما بالشفاعة أو غيرها مصيره أن يطهر في النار، ثم يخرج منها إلى الجنة، وإذا دخل الجنة تمتع بما يتمتع به أهل الجنة من النعيم، نعم أهل الجنة قد يتفاوتون في النعيم، لكن نوع النعيم في الجملة لا يخص أحدا دون أحد.

فإذًا مصير مرتكب الكبائر من المؤمنين مصيرهم إلى الجنة في النهاية حتى وإن عذب بعضهم.

يسأل عن قوله تعالى: ﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ يقول: ألا يمكن حمل هذا على أن حجب ما في الأرحام كان قبل إرسال الملك؟

لا يلزم؛ لأنه الآن في الطب الحديث صار ممكن أن يحكم ببعض الأمور في الأرحام حتى قبل نفخ الروح؛ لأن نفخ الروح تكون على مراحل منها أن نفخ الروح بمعنى الحياة كاملة هذه تكون بعد أربعة أشهر، وفيه مبادل الروح وردت فيها نصوص أقرها الأطباء قبل ذلك في الأربعين أو الثمانين تكون هناك نوع من الحياة، والروح غير الكاملة فعلى هذا الروح مراحل.

ثم أيضا بعد ذلك يمكن، بل ثبت أنهم الآن يكتشفون أشياء كانت مغيبة عن السابقين حتى في أول النشأ والإنسان نطفة، لكن لا يعني ذلك كل ما في الأرحام يعني بمعنى أنه ما تبين للعلماء لم يصبح غيب مادامت توفرت أسباب البيان والكشف، فعلى هذا تبقى الغيب أيضا مرحلة استقلال.

يسأل عن الغريق هل يشفع لسبعين من أهل بيته

نعم، الغريق يدخل في عموم الشهيد الحريق والغريق والهدمى والغرقى وما ورد في النصوص، والمبطون الذي يصاب ببطنه فجأة وهكذا، ويدخل فيه فيما يظهر حالات كثيرة مما يسميه الناس بغير أسمائها ربما بعض أنواع الموت فجأة إلى آخره، بعض أنواعه ليس كله.

إذًا هؤلاء ثبت أنهم شهداء الحريق والغريق والهدمى إلى آخره، إذا ثبت أنهم شهداء فالراجح أنه يشملهم شهادة الشهيد، مع أن بعض أهل العلم قال: أن المقصود بالشهيد شهيد القتال شهيد المعركة، لكن ليس فيما أعلم على هذا دليل يخصص، فيبقى النص على عمومه والله أعلم.

يقول: قلتم أن الرؤية لا تكون بالعين المجردة، فهل هذا هو اعتقاد أهل السنة والجماعة وما المانع من ذلك؟

في الدنيا لا تكون؛ لأن الله عز وجل قال لنبيه موسى -عليه السلام- وهو من النبيين الذين يكرمهم الله -عز وجل- ويخرق لهم من الأمور مالم يخرق لغيرهم قال: ﴿ قَالَ لَنْ تَرَانِي ﴾[الأعراف: 143]، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم – ذكر ذلك في حديث صحيح بأنكم لن تروا ربك إلا يوم القيامة، لا يحضرني نص الحديث بالضبط، لكن النصوص توافرت على أنه لا أحد في الدنيا يرى ربه بعينه، ويستثنى من هذا إن ثبت أن النبي رأى ربه بعينه، فهذا أمر خارق، كما أن الإسراء خارق والمعراج خارق، وكون النبي - صلى الله عليه وسلم – وصل سدرة المنتهى، وهذه لم يصلها أحد بل وصل إلى مقام لم يصله جيريل -عليه السلام-, فإذًا النبي - صلى الله عليه وسلم – يكون له خصوصيات إن كان رأى ربه بعينه والراجح أنه رأى ربه بفؤاده، أما غيره فلا يمكن أن يرى في الدنيا؛ لأن هذا يتنافى مع قطعيات النصوص.

ما تفسير قول السيدة عائشة - رضي الله عنها- من أخبركم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية

واضح هذا؛ لأنه ورد عنها وعن غيرها بأنها تقصد الرؤية العينية تقصد رؤية العين الباصرة، وهذا مما جعل كثير من أئمة العلماء، وأئمة السلف يستدلون بمثل قول عائشة على أنه لم يرَ ربه بعينه؛ ولذلك أنكرت عندما سألها مسروق قالت: لقد قف شعر رأسي مما تقول تعظيما لله ولشأن الله - سبحانه وتعالى – وهذا مما يدل على تعظيم السلف لله - سبحانه وتعالى – إذا جاء أمر يتعلق أو يرد فيه احتمال ظن أو إساءة أدب مع الله فإنهم تقشعر جلودهم من خشية الله وخوفه؛ فلذلك قالت لمسروق لما سئلها: هل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم – ربه؟ قالت: لقد قف شعري مما تقول يعني اقشعر جلدها من خشية الله وتعظيمه، ظنا منها أنه يسأل عن رؤية العين الباصرة، وهذا معنى كلام عائشة لا تنفي الرؤية القلبية.

عندي سؤال بالنسبة: هناك شريط نزل في السوق بخصوص عذاب أهل البرزخ؛ لأنهم اكتشفوا في سيبيريا مكان أجهزة علمية أن هناك أصوات لنساء يصرخون ورجال، فلا أدري ما مدى صحة هذا، وهل تكون من العلم المعترف به بالأجهزة العلمية

في الحقيقة هذا من الخوض والتخطيط الذي لا ينبغي ألا نبالغ فيه، أولا: عالم الغيب لا علاقة له بعالم الشهادة، ولا يجوز أن نجد أو أن نلتمس وسائل علاقة لا علمية ولا عقلية ولا معرفية ولا حسية، بل هذا من أمور الدجل، يعني بمعنى: أنه لا يمكن أن تكون الوسائل العلمية والكشوف وسيلة إلى كشف الغيب، ولا حتى الاستدلال على الغيب، بعض الناس يفرح بمثل هذا ظنا منه أن هذا يثبت عذاب القبر للخلق لا عذاب القبر ونعيمه، إذا ما سلم به الإنسان لخبر الله وخبر رسوله - صلى الله عليه وسلم – فلن يستجيب للوسائل والكشوفات إلا قد يكون أفراد قلائل، وقد يكون هذا وجه يصيب ناس لكن ليس هو الحق، بمعنى: لا نقر به كوسيلة حقيقية مشروعة؛ لماذا؟ لأن أولا: عذاب القبر ونعيمه من النوع الذي لا يكون من مثل ما في الدنيا، لا يقاس وهو ما جاء النص يدل على أن القياس يستحيل، قياس أحول الموتى على أحوال الأحياء من وجوه كثيرة تدل عليها النصوص، مثلما وصف النبي - صلى الله عليه وسلم – نوع العذاب الذي في القبر، هذا لا يمكن أن يتأتى بالمقاييس المادية إطلاقا؛ لأن القبر كله متر في متر، أو متر في مترين، أو أقل من ذلك، ويحدث فيه مثلا للمؤمن يفسح له مد بصره، كم في المقبرة آلاف أحيانا، فإذا لا يجوز أن نقيس؛ لأنه بالمقاييس يحدث تشويش وخلل، فعلى هذا أشيع بأنه وجد ناس كشفت الأجهزة بأنهم يصرخون ويبكون في القبور فهذا أحد أمور: إما أن يكون من عبث الجن والشياطين بالخلق وهو الغالب، وإما أن يكون أصلا دجلا ما ثبت حقيقة لو تتبعنا هذه القضية يمكن نجدها من صنع أناس من الكذابين، ولا أستبعد هذا؛ ولذلك ينبغي للمسلمين أن يكون عندهم نوع من التحري والتثبت في مثل هذه الأحوال، الأمر الثالث: لو تصورنا تصور آخر أنه قد يكون فعلا من أمور الغيب، فليس هذا هو وسيلة للإيمان بالغيب لا نستطيع قطعا أن نقول: هذه حقيقة يبقى على أقل الأحوال أمر مشكوك فيه.

ومن هنا ليس هو وسيلة لكشف الغيب، ولا يجوز أن نثبت عذاب القبر ونعيمه بهذه الوسائل، بل هذا مصدر فتنة ونوع من الدجل والقول على الله بغير علم، فيجب أن نبتعد عن مثل هذه الوسائل هي وأشباهها، نحن نؤمن بالغيب بدون أن نلجأ لمثل هذه الأمور التي تكون فيها مدخل للشياطين، فيها مدخل للدجالين، فيها مدخل لضعفاء النفوس والذين يرتزقون بهذه الأمور والله أعلم.

ذكرتم ياشيخ قاعدة من قواعد الإيمان بالغيبيات أنها لا تقاس بالمدرك المعروف هل وصف الحدائق الغناء بالجنة أو كما يذكر بالجنة جنان أو جنة ووصف النار الآخرة بأنها أضعاف أضعاف نار الدنيا هل هذا الوصف ينافي قاعدة الإيمان بالغيبيات؟ وهل الرؤية لله في الجنة رؤية بصرية كاملة لله عز وجل

لا، هو ما ورد نؤمن به بمعنى: أنه ورد أن الجنة فيها أنهار وأشجار وفيها أنوع الملذات التي وصفت لكنها مع اختلاف الصورة يعني اختلاف في النوع، واختلاف درجة النعيم بمعنى أن ما في الدنيا أمثال صغيرة يسيرة مما في الآخرة هذا شيء، الشيء الآخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم – لما أخبر بنعيم الجنة قال: (وفيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر) مجرد خاطر مما يدل على تشابه لفظي، تشابه في بعض المعاني لبعض نعيم الجنة مع ما في الدنيا أو بعض عذاب النار مع ما في الدنيا، وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم – مثلا للنار بأنها جزءا من سبعين جزءا من نار جهنم، هذه التجزئة ماذا تعني؟ هل تعني شدة الحرارة لا ندري هذا كلام مجمل؛ ولذلك أقول دائما مثل هذه المجملات لا نفسرها بتحكم؛ فلذلك أقول نعم هناك أشياء في الجنة وفي النار تشبه ما عند الناس وهناك أيضا ما لا يمكن أن يخطر ببال.

تسأل أيضا عن رؤية الله عزو جل هل هي رؤية بصرية؟

نعم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (إنكم سترون ربكم عيان) والصحابة -رضوان الله- عليهم لما ذكر الرؤية سألوه عن الرؤية العينية هل تكون؟ قال (نعم) ثم (إنكم سترون ربكم عيانا )ثم ضرب مثلا بوضوح الرؤية، ومصداقيتها قال:(كما ترون القمر ليلة البدر، وكما ترون الشمس ليس دونها سحاب) فإذًا ثبت فعلا بالنصوص القطعية أن الرؤية رؤية عينية، لكنها أمور تستجد للناس يوم القيامة، الله –عز وجل يقدرهم بعض الناس، يقول: كيف تكون هناك حاسة تدرك رؤية الله -عز وجل-؟ نقول: نعم، الله -عز وجل- هو الذي يخلقها لعباده، هو الذي يقدرهم عليها، لكن لا يحيطون به - سبحانه وتعالى – لأن بعض الذين أنكرو الرؤية توهموا أنها رؤية إحاطة، والله -عز وجل- ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ﴾[الأنعام: 103]،بمعنى لا تحيط به فحينما يرون ربهم يرون بالقدر الذي -عز وجل- يهيئه لهم فلا يعني أنهم يحيطون بالله رؤية، ولا يعني أننا نشبه الرؤيا بالرؤيا إلا من حيث الوضوح والنبي - صلى الله عليه وسلم – حين ضرب رؤية المؤمنين مثلا برؤية الشمس والقمر هذا من حيث الوضوح والجزم، لا من حيث تشبيه المرئي بالمرئي، فالله - سبحانه وتعالى - ليس كمثله شيء.

ما الفرق بين أن يكون الإنسان وليا لله كما قال تعالى: ﴿ إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ ﴾[الجمعة: 6]أو أن يكون الله ولي الإنسان ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾[البقرة: 257]، وأيهما المقصود في الأصل الله ولي الإنسان أم الإنسان ولي الله

هي متلازمة إن كان وليا لله -عز وجل- فالله وليه الله يتولى المؤمنين، وكذلك المؤمنون هم أولياء الله، فالولاية من الله -عز وجل- الحفظ والرعاية والإعانة والتسديد ومحبة الله لهؤلاء الخلق، والولاية للخلق هي عبوديتهم لله وخضوعهم له فهي من الطرفين، لكن لله على وجه الكمال وللمخلوق على قدر حقه ونقصه.

نتداول في المنتديات موضوع ارتطام نيزك عظيم على كوكب الأرض سنة 2016 سيهلك ثلث الأرض هل هذا من ادعاء علم الغيب علما بأن الخبر منذ سنوات كان محدد سنة 2013 وتأخر ثلاث سنوات، ويقول البعض لعله يوم القيامة أرجو نصيحة لهؤلاء؟

هذه الأمور هي توقعات فيجب ألا نتعلق بها، ولو حدثت فلا يمكن أن تتعارض، لا يمكن أن يحدث منها ما يلغي النصوص الشرعية من أنه في آخر الزمان ستحدث أحداث جسام وصفها كذا كذا، لكن يبقى هذا أمر محتمل، أما التوقعات التي تؤدي إلى الزعم بأنه يحدث حدث يخالف ما ورد في النصوص فهذا لا يمكن.

فإذًا هذه الأمور من التي لا تصدق ولا تكذب، وما عارض منها النصوص يرد وما لم يعارض يقال الله أعلم، لعل السائلة التي سئلت هي كانت تسأل أن الله تعالى يحرم على النار من كان قريب سهل لين، هذا المقصود به المؤمن اللين الجانب الخلوق مع الخلق المؤدب الحسن السيرة طيب القلب سليم الصدر فهذا لا شك أنه مطلوب وإن شاء الله يكون سبب سلامة له في الجنة إذا توافرت فيه الشروط الشرعية.

تسأل: عن الكرامات تقول: كيف أعرف أن الذي رأيته رؤيا أم حلم؟ وكيف أعرف أنه كرامة أم استداج فأنا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ورأيت أني أسلم عليه وأقبل رأسه فهل هذه رؤيا حق وكيف أعرف ذلك؟

أما رؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم – هي حق؛ لأن الشيطان لا يتمثل به كما ورد في الصحيح، لكن أحب أن أنبه إلى أمر أن يشترط أن يكون رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم – على حقيقته ما رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم – على صورة لا قدر الله يتمثل له خيال في صورة فاسق أو في صورة مبتدع أو بصورة من يعمل عملا مشينا هذا لا يمكن أن يكون.

إذًا إذا كانت الرائية أو الرائي رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم – على الحقيقة بوصفه أو رؤية مجملة يشعر فيها أنه رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحيث لو سألناه عن الصفة الدقيقة قبل ما يدركها لكن يشعر أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فهذا الرؤيا حق وليستبشر حقا وربما تكون منذرة أحيانا، فإذن هذا أمر يحدث ولا يوجد ما يمنع منه بل أعود وأقول لا يمكن أن يتمثل الشيطان بالرسول - صلى الله عليه وسلم – في الحلم فمن رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم – بوصفه الحقيقي فقد رآه وليستبشر بذلك خيرا.

يقول: أنكم قلتم أن الغريق يدخل في الشهادة مع أنه ورد في حديث الشهيد عبارة تخصص الشهيد

ومع ذلك لأنه ربما يكون هذا أخص التخصيص في الحديث لا يدل على عدم عموم الشهداء أو شمول شهادة الشهداء، الراجح فيما يبدو لي أن هذا خاص بشهيد المعركة، لكن ماعندنا دليل قاطع عليه حتى وإن ورد؛ لأن هذا أمثل أنواع الشهادة النبي - صلى الله عليه وسلم – كثيرا ما يضرب الأمثال بأمثل الأنواع بأمثل الأصناف ولا يعني عدم دخول الأصناف الأخرى فكأنه وصف الشهيد الذي تسيل دماؤه أو الذي هو شهيد المعركة ومادام ألحق بالشهداء أصنافا أخرى فربما يدخلون في ذلك الفضل وفضل الله واسع .

يسأل عن حديث (من مات وليس في رقبته بيعة مات ميتة جاهلية)

نعم، الإنسان المسلم إذا تحققت في بلاده بيعة لإمام ولو كان فاسقا أو فاجرا وبايعه أهل الحل والعقد سواء مختارين أو من باب الولاية بالوراثة أو بالعهد أو من باب الولاية بالقوة كل هذا ذكره أهل العلم، بل النبي - صلى الله عليه وسلم – أشار إليه بأنه هناك خلافة راشدة وهنا ملك عضوض، ومع ذلك لا بد من البيعة، فالإنسان المسم إذا وجدت في بلده بيعة معتبرة ولو على أدنى الشروط، لا، بعض الناس يجهل يظن أن البيعة لا تكون إلا لحاكم صالح تقي نقي، نعم، هذا نرجو أن يكون نتمناه، لكن لا يلزم، أحيانا تكون الولاية لمن ولاه الله تعالى ﴿ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ﴾[البقرة:247]، وكما تكونوا يولى عليكم وأحيانا تكون الولاية في ملك جبري، يعني يأتي في ملك جبر، يعني يأتي بقوة الحاكم ومع ذلك إذا بايعه أهل الحل والعقد فالبيعة لازمة لكل أفراد المسلمين في هذا البلد، ومن لم يلتزمها وقع في الوعيد، أم المسلم الذي في بلد ليس فيه ولاية إسلامية، فأمره إلى الله -عز وجل- فلا يكلفه الله ما لا يطيق، فليتمنى أن يحقق الله له هذه الأمنية، وليسعى إلى ذلك بالحكمة والأسلوب المناسب.

نسأل الله للجميع التوفيق والسداد.

اختكم فى الله
17-01-08, 01:50 PM
جزاك الله خيرا
بارك الله فيك

ام هند السلفية
29-01-08, 01:13 PM
جزاك الله خيرا
بارك الله فيك