وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته :
إن من نعم الله على عبده المؤمن أن يجعل له بصيص أمل يبصر به النور في كل مصيبة تقع له، وهذا البصيص من الأمل إنما يكون في القلب أول ما يكون، ومنه تشع أنواره على الجوارح، حتى يكون نبراسا يضيء طريق الخير والهدى والسعادة والراحة.
وحين قرأت رسالتك هذه أحسست بانقباض في قلبي، من سوء خلق هذا الزوج، وعصبيته، واستخدامه الضرب كوسيلة للتفاهم، وتقتيره عليك في النفقة .
ولكن لما رأيت موقفه حين اكتشفت أمره، وأنه صار يبكي كالطفل حين رأى الجد منك في تركه والتحول عن داره التي تفوح منها رائحة الإدمان، قلت في نفسي: من هنا يمكن أن يكون حل المشكلة.
إن مشكلة الإدمان جد خطيرة، إنها تأتي على البيت من أركانه فتهدمه، وليتها تقتصر في آثارها على صاحبها، ولكنها تنال كل من في البيت، وتضربهم في مقتل.
ولعل أول مفتاح لحل هذه المشكلة هو شعور صاحبها بخطورتها، وإحساسه بقبحها، ورغبته في تركها والابتعاد عنها.
وإذا كان زوجك صادقا في قوله إنه ترك الإدمان، ثم رجع إليه؛ فإن هذا يعني بذل جهد مضاعف في حل المشكلة ومحاولته الخروج من هذه الدائرة المظلمة.
أول الحلول:
الأصدقاء: ما من شك أن زوجك هذا له شلة تجره إلى الإدمان جرا، وتسوقه إليه من عنقه، فأرجو أن تتمكني من التأثير عليه بتغييرهم، وربطه بأصدقاء صالحين مصلحين، وهنا يمكنك الاستعانة بإخوانك، أو إخوانه، أو أهلك أو أهله، أو من تثقين به من الأشخاص الذين لهم أثر عليه، ويمكن أن يتدخلوا من أجل تغيير هذه الصحبة الفاسدة.
ثانيًا: البيت.
إن بيت الزوجة يجب أن يكون المسكن الهادئ الذي يأوي إليه الزوج بعد طول عناء وعنت، وأن يجد فيه راحته وأنسه، وأن يحس بدافع قوي يدفعه للبقاء فيه، وملاعبة طفله، ومداعبة امرأته.
حاولي أن تجذبيه إلى البيت، وأن تشعريه بحاجتكم إليه، وأن تقدمي له كل ما يمكن أن يكون سببا في بقائه أطول وقت ممكن فيه، بعد انتهائه من عمله الأساسي.
ثالثاً: ملآ فراغه بأمور نافعة.
الإنسان مخلوق في هذه الحياة للعمل، ولا يمكن أن يبقى بدون عمل، فجوارحه لا بد أن تتحرك بحسب مقاصد قلبه وأحاسيسه التي يحملها فيه، وحين لا يعمل في الخير فلا بد أن ينشغل في الشر، ويجد فيه ما يزجي به وقته الزائد.
وهنا حاولي أن تقنعيه بالبحث عن عمل في وقت فراغه، يكون فيه انشغاله، وحصوله على دخل آخر زائد عن الدخل الأصلي الذي يأخذه من عمله.
وإن أمكن أن تبحثي معه عن عمل فهذا جيد.
رابعًا: العلاج.
حالات الإدمان في الغالب تحتاج إلى جلسات علاج، وإرادة قوية للتخلص من آثاره، وهنا لا بد من الارتباط بالمستشفى، أو أي جهة مسئولة عن علاج الإدمان، وتابعيه في علاجه، ولا تغفلي عنه، فقد يتظاهر بالعلاج وهو كاذب.
وهنا أذكرك بوسيلة الضغط عليه، وهي الخروج من المنزل، ومغادرته والذهاب إلى بيت الأهل، وطلب الطلاق، فهذه الأمور من الواضح أن لها تأثيرًا عليه.
وأخيرًا: أشعريه بحبك العميق له، وأنك تريدينه رجلا لا تسيطر عليه شهوة عابرة، أو نشوة طائشة، تكون فيها ذهاب حياته كلها.
حاولي التأثير على عواطفه بمنظر ابنه الصغير، وكيف أنه سيتأثر من جراء إدمانه، ذكريه بأن الإدمان قد يجر إلى هتك الأعراض، وبيع الشرف والعرض من أجل حبة تسكن نفسه الثائرة.
وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يشفي زوجك، ويعينه على نفسه، وأن يجمع بينكما بخير.