أين الجو الأسري ؟

الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
  
  فأسأل الله تعالى أن يحقق لك أمنيتك، وأن يزيل العوائق عن طريق سعادتك.
  
  إن طلب السعادة والاستقرار حاجة فطرية ملحة يجدها كل واحد في نفسه، ويسعى لتحقيقها.
  
  ولكن الله قد يبتلي بعض خلقه بفقدها، وبتسلط بعض من لا يرحم عليهم فيحول السعادة إلى شقاء، والاستقرار إلى عناء وشتات.
  
  ولكن هذا القدر لا يعني أن نقف أمامه مكتوفي الأيدي، وأن نرضخ له، ولكن ندفع القدر بالقدر.
  إني أجزم أنك تستطيعين فعل الكثير، وتحقيق السعادة لك ولأسرتك بشرط أن تكوني قادرة على اتخاذ القرار الصحيح، وعدم الرضوخ لتهديدات من ليس له عليك أي سلطان.
  
  إن من الضعف أن نظن أننا تحت رحمة شخص من الناس، ونستجيب لهذا الظن، ونحول تصرفاتنا لخدمة شخص لا يهمه أن يحقق السعادة لنا، ونحن من يمنحه هذه السعادة.
  
  ولكني أتساءل: لم هذا الشخص يتحول في البيت إلى هذه الشخصية المتسلطة؟
  
  أنا لا أملك الإجابة، ولا أود أن أفترض افتراضات قد تكون غير واقعية.
  لكن أود أن تحبثي عن أسباب ذلك، وحاولي معالجة هذه الأسباب، وقلب شخصية هذا الرجل في البيت رأسا على عقب.
  
  وحينما يكون تسلطه بدون أسباب مقنعة فإني أعتقد أن أعظم سبب هو سلبيتك أنت وأمك، ورضوخكم الدائم لطلباته، والخوف من الجهول الذي يهددكم به.
  
  وربما كان هذا المجهول أرحم من واقعه هو.
  
  وأيا كان الأمر فأنا أرى استخدام الحيلة معه في التخلص من سطوته وتسلطه، واحذري من الاقتراض لأجل تحقيق رغبته؛ لأنه سيتحول إلى مصاص للدماء، ولن يبالي بعد ذلك بك، ولا بالمال الذي تحملته في ذمتك.
  
  إنه لن يستطيع أن يصل إلى هذا القرض إلى عن طريق الضغط عليك بتهديدات معينه لكي توقعي على ما يريد من الأوراق.
  
  إن الصبر في هذه اللحظة وإن كان مرا وشاقا وعسيرا ولكنه سيكون سببا للسعادة التي تبحثين عنها لك ولأسرتك.
  
  من الممكن التظاهر أمامه بأنك لن تفعلي أي شيء إلا بإذنه، ولن تقومي بأي اقتراض إلا بعد مشورته.
  وحاولي أن تؤجلي الاقتراض إلى سنة، بعد أن يكون قد استقر أمرك، وارفضي كل طلب منه في الاقتراض بحجة أن هذا غير ممكن الآن، أو أنه لا بد من مضي مدة معينه، أو غير ذلك من الحيل، ثم تحركي أنت لتحقيق مصلحتك دون أن يشعر.
  
  من الخطأ أن نظن أن بشرا يمكن أن يكون مراقبا لجميع تصرفاتنا ويرى جميع أحوالنا.
  
  إن جهلنا وضعفنا هو الذي يجعلنا تحت رحمة الآخرين، ولكن حين نتسلح بالعلم وتقوى الله تعالى فنحن أقوياء، ولا يمكن لأحد أن يفرض رأيه علينا.
  
  وحتى لو افترضنا أنه يمكن لهذا الشخص أن يراقب جميع تصرفاتنا، فليكن ذلك، وأظهري له القوة في اتخاذ القرار، وأنه لا يملك أي شيء، وأن تهديده وبطشه سيذهب أدراج الرياح أمام عزيمتك وصبرك وتحملك.
  
  إني أخشى أن يكون تفكيرك في أمك هو العائق أمام هذا المشوار المهم,ولكني أعتقد أن الضرر الذي سيقع على أمك سيكون مؤقتًا حتى إذا استطعت أن تحققي رغبتك في امتلاك البيت فإن أمك ستكون لديها الحرية في الذهاب إلى المكان الذي ترتاح فيه.
  
  ولكن حين تضعفين من أجل دفع الأذى عن أمك ستظلين أنت وأسرتك تحت رحمته دائمة، وتتحولين إلى آلة لجلب المال له، وتحقيق رغباته وطلباته على حساب رغباتك وطلباتك.
  
  شيء من الصبر والتحمل والحكمة في التصرف، سيكون لها أثر جميل إن شاء الله على حياتك كلها.
  أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يحقق لك السعادة والاستقرار. 

: 17/12/2008
طباعة